آخر مسمار في نعش المشروع الجزائري العابر للصحراء . .واشنطن تبدي اهتمامها بأنبوب الغاز المغربي – النيجيري

 

أبدت الولايات المتحدة اهتماما بالانخراط في مشروع أنبوب الغاز المغربي النيجيري وفق ما أعلنه وزير المالية النيجيري والي أدون على هامش الاجتماعات الربيعية لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي المنعقدة بواشنطن في أبريل 2025. وأكد المسؤول النيجيري أن واشنطن تعتبر هذا المشروع فرصة لتعزيز الاستثمارات الأمريكية بالقارة الإفريقية ودعم جهود الإصلاح الاقتصادي الجارية بنيجيريا.
ويأتي الاهتمام الأمريكي بالمشروع في سياق إقليمي متغير تزامن مع تعثر مشروع أنبوب الغاز العابر للصحراء الذي كانت الجزائر تراهن عليه لنقل الغاز النيجيري نحو أوروبا عبر أراضيها. وتعرض المشروع الجزائري لانتكاسة حادة بعد اندلاع نزاع دبلوماسي خطير بين الجزائر وجارتها مالي، إضافة إلى توتر علاقاتها مع بوركينا فاسو والنيجر، وهي الدول التي كان الأنبوب يفترض أن يمر عبرها. وأدى تدهور العلاقات السياسية إلى تقويض فرص تنفيذ المشروع الذي ظل منذ عقود حبيس التصريحات الرسمية دون أن يبلغ مرحلة الإنجاز.
ويسجل مشروع أنبوب الغاز المغربي النيجيري الذي أطلق في دجنبر 2016 خلال زيارة العاهل المغربي الملك محمد السادس إلى أبوجا تقدما متواصلا على عدة مستويات. ويمتد الأنبوب، البالغة كلفته التقديرية 25 مليار دولار، على مسافة تزيد عن 5600 كيلومتر، رابطا نيجيريا بعدد من دول غرب إفريقيا منها بنين والطوغو وغانا والكوت ديفوار وليبيريا وسيراليون وغينيا وغينيا بيساو وصولا إلى السنغال فالمغرب، مع إمكانية ربطه مستقبلا بالشبكة الأوروبية عبر إسبانيا.
المكتب الوطني للهيدروكاربورات والمعادن بالمغرب أكد في تصريحات رسمية أن المشروع دخل مراحل متقدمة من الدراسات التقنية والمالية، وأنه من المرتقب الشروع في تنفيذ الأشغال بعد استكمال الدراسات التفصيلية. وقدمت أمينة بنخضرة المديرة العامة للمكتب في مارس الماضي عرضا مفصلا حول المشروع في مركز التفكير الأمريكي «أتلانتيك كاونسل»، حيث أكدت أن دخول الأنبوب حيز الخدمة مبرمج مبدئيا ابتداء من سنة 2029.
وتعزز الاهتمام الأمريكي بالمشروع خلال لقاءات جمعت وزير المالية النيجيري ومحافظ البنك المركزي النيجيري بممثلين عن وزارة الخارجية الأمريكية ومؤسسات مالية دولية، حيث شددت واشنطن على أهمية دعم الاستثمارات الطاقية التي تضمن الأمن الطاقي الإقليمي وتعزز النمو الاقتصادي المستدام. وأشار والي أدون إلى أن الجانبين اتفقا على مواصلة الحوار لتحديد مجالات التعاون الممكنة، خاصة فيما يتعلق بتمويل جزء من البنية التحتية الخاصة بالأنبوب.
وتشمل الاتفاقيات الممهدة لإنجاز المشروع توقيع مذكرات تفاهم بين الشركة الوطنية النيجيرية للبترول (NNPC Limited) والمكتب الوطني للهيدروكاربورات والمعادن بالمغرب، بدعم من المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا «سيدياو»، إضافة إلى مساهمة شركات إقليمية أخرى مثل شركة SMH من طنزانيا وشركة بيتروسن من السنغال. ويهدف المشروع إلى ضمان نقل الغاز الطبيعي لدول غرب إفريقيا مع تصديره نحو السوق الأوروبية في مرحلة لاحقة.
في المقابل يواجه مشروع أنبوب الغاز العابر للصحراء، الذي كان يفترض أن يربط نيجيريا بالجزائر عبر النيجر، صعوبات متزايدة مرتبطة بالوضع الأمني الهش في منطقة الساحل وتصاعد النزاعات الإقليمية. كما أن خروج النيجر وبوركينا فاسو ومالي من المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا بعد أزمات سياسية متتالية ساهم في إضعاف الإطار القانوني والسياسي الذي كان يفترض أن يؤمن مرور الأنبوب عبر هذه البلدان.
الفرق بين المشروعين بات أكثر وضوحا خلال الأشهر الأخيرة، فبينما يحظى مشروع المغرب بدعم إقليمي ودولي متزايد ويقدم نفسه كآلية للتكامل الاقتصادي والتنمية المشتركة، تحول مشروع الجزائر إلى ملف مجمد بفعل المعطيات الجيوسياسية المستجدة، ما يجعل فرص تحققه ميدانيا شبه منعدمة.
خبراء الطاقة يعتبرون أن انخراط الولايات المتحدة في مشروع أنبوب الغاز المغربي النيجيري، إن تأكد رسميا خلال الشهور المقبلة، سيمنح المشروع دفعة قوية من حيث التمويل وتأمين التكنولوجيا والخبرة، كما سيعزز موقعه كخيار استراتيجي لنقل الغاز الإفريقي إلى أوروبا في سياق السعي الدولي لتنويع مصادر الطاقة بعيدا عن روسيا.
من جهته يواصل المغرب تعبئة الشركاء الإقليميين والدوليين حول هذا المشروع، معتبرا أنه لا يقتصر على نقل الغاز بل يشكل رافعة تنموية لفائدة أكثر من 400 مليون نسمة يقطنون البلدان الواقعة على مسار الأنبوب. وينتظر أن تعرف الفترة المقبلة الإعلان عن تفاصيل إضافية تتعلق بتركيبة التحالف المالي المكلف بتمويل المشروع، في ظل المؤشرات الإيجابية التي حملتها اجتماعات واشنطن الأخيرة.


الكاتب : عماد عادل 

  

بتاريخ : 29/04/2025