آن الأوان لإصلاح قطاع الإنعاش الوطني بالأقاليم الجنوبية

أصبحت مدينة العيون اليوم من بين أهم المدن المغربية, نظرا لموقعها الاستراتيجي المتميز الذي يلعب دورا كبيرا على مستوى الربط بين الأقاليم الجنوبية وباقي المدن الشمالية ودول غرب إفريقيا, نظرا للمجهود الكبير الذي بذله الشعب المغربي للنهوض بكل المجالات الحيوية, خاصة تلك المرتبطة بحياة المواطنين اليومية, حيث تم في ظرف وجيز الإقلاع بمجموعة من القطاعات الأساسية كالتعليم والصحة وتوفير الماء الصالح للشرب وربط المدينة بالشبكة الوطنية للكهرباء, بالإضافة إلى فتح مجموعة من الأوراش الكبرى همت الصيد البحري و النقل الجوي والبري وتأهيل المدينة عمرانيا وحضاريا بالقضاء نهائيا على بيوت الصفيح, والأهم من هذا وذاك توفير الأمن والأمان للساكنة التي أصبح تعدادها يقارب 250 ألف نسمة ,ناهيك عن تقديم مجموعة من الخدمات الاجتماعية كدعم المحروقات و المواد الأساسية للمعيشة والنهوض بالقطاعات العمومية خاصة قطاع الإنعاش الوطني الذي يستقطب أكبر عدد من اليد العاملة ’بالإضافة إلى قطاع الفوسفاط والتعليم والتعاون الوطني لتحقيق مزيد من المكتسبات لفائدة الساكنة وتحسين وضعيتها الاجتماعية والاقتصادية بشكل عام , تستجيب لمتطلباتها وتعبئ قواها وتضمن مستقبلها. وطبعا فإن هذه الحاجيات لا يمكن تحقيقها إلا بالتنسيق والتعاون بين كل مكونات المجتمع المغربي كل من موقعه ولتقريب الرأي العام الوطني والمحلي قمنا بهذا التحقيق على أهم مؤسسة بالأقاليم الصحراوية, يتعلق الأمر بقطاع الإنعاش الوطن باعتباره أكبر مشغل لليد العاملة و محركا اقتصاديا بدون منازع حيث يشغل ما يقارب 13000 ثلاثة عشرة ألف عامل وعاملة يساهمون بشكل كبير في ضمان صيرورة العمل في مجموعة من المصالح والإدارات العمومية بتواجد عدد كبير من المستخدمين لسد الخصاص والقيام بمهام تختلف مع اختلاف مستوياتهم التعليمية, فيما بعضهم يقوم بمهام مهمة تفوق أحيانا مهام الموظفين الرسميين, لكن الأجر الذي يتقاضونه يبقى جد هزيل بالمقارنة مع الأهداف التي سطرتها الحكومة فيما يتعلق بالحد الأدنى للأجور والاعتراف بهم لدى المصالح المختصة بحكم الأقدمية والانضباط في العمل لهذه الفئة من المجتمع التي تتقاطر آخر كل شهر على المستودع الرئيسي « المكازا « وسط مدينة العيون لاستلام تعويضات الشهر المعروفة محليا بالكارتيا , مقابل الأشغال التي يقومون بها كمساعدين في عدة مجالات حيوية كالنظافة والأغراس والتعاون الوطني والتعليم والشباب والرياضة والصحة , ومنهم من يتوصل بها كمساعدات شهرية كالعائدين الى أرض الوطن وذوي الاحتياجات الخاصة والأرامل والمطلقات وكبار السن الفقراء من كل القبائل وتتفاوت المبالغ المسلمة من مجموعة الى أخرى حيث تتراوح مابين :1046.00درهم – 2091.90درهم و2458.90 ولتسليط مزيد من الضوء على هذا المجال اتصلنا بمجموعة من المواطنين التابعين لهذ ه المصلحة لأخذ آرائهم وملاحظاتهم حول ما يتوصلون به من تعويضات, لكن الخوف و التردد كان عائقا لعدم الإدلاء بأي تصريح , حيث قال أحدهم «أنا اسمي مكتوب بقلم الرصاص ويمكن التشطيب عليه في أية لحظة , وإذا أدليت لك بتصريح سيصبح في خبر كان « باستثناء بعض المواطنين الذين تميزوا بالشجاعة من بينهم السيد النامو سيدي اخليل 57 سنة الذي قال لا يمكن لي إلا أن أبارك الإنعاش الوطني الذي التحقت به في سنة 1993 بعد أن كنت أشتغل في طلاء السيارات, لكن حالتي الصحية « الحساسية « أرغمتني على ترك هذه المهنة اليوم أعمل كحارس بإحدى المقاطعات الحضرية وفي نفس الوقت أنقل الوثائق الإدارية من هذه المصلحة إلى أماكن أخرى , فيما يخص التعويض أكد بأنه يتوصل ب» 2100 درهم كان ينفقها بالكامل في مصاريف الأسرة اليوم الحمد لله الأبناء كبروا واشتغل منهم ثلاثة وأجمع أجرتي ريثما أفوز بقرعة الحج وهذا ما أتمناه» .
عائد إلى ارض الوطن لا يريد ذكر اسمه «لقد غادرت مدينة العيون سنة 1976 والتحقت بمفردي بمخيمات لحمادة ,لكني اليوم أعود ومعي 5 خمسة أطفال وأمهم ولوعدت مبكرا لحصلت على عمل مهم . وماذا تعمل الآن ؟ لاشي . كيف ؟ أتوصل ب2100 درهم آخر كل شهر إسوة بباقي العائدين . وهل تكفيك؟ لا ولكني أساعد نفسي في العمل كوسيط « سمسار « في تجارة السيارات المستعملة بسوق دفنت الكائن بشارع طنطان ( يقصد جمال الدين الأفغاني ).
(أم العيد أهل الوالي) 62 سنة أرملة وأم لسبعة أبناء تزوج منهم أربعة : تقول بأنها تتوصل بتعويض زوجها الذي توفي منذ 11 سنة حيث كان يشتغل قيد حياته بالإنعاش الوطني ولم تكن له أية قوانين خاصة بالشغل, كالتغطية الصحية, التقاعد ,العطل السنوية . (الحسين عسو29 سنة) أشتغل الآن مكان والدي الذي أصبح شيخا ولم يعد قادرا على العمل في مجال البناء,يقول لقد جئت من ضواحي بني ملال بعد أن أدرك والدي بأني « غادي نحرك « يقصد الهجرة السرية في اتجاه أوروبا اليوم الحمد لله لم أعد أفكر في هذا الأمر, خاصة لما رأيت بعض أقاربي قد عادوا بسبب الأزمة هناك . هل أنت راض عن التعويض الذي تتوصل به ؟ نعم لأني أعمل في الفترة المسائية في توزيع بعض السلع بدراجتي النارية على المحلات التجارية وأقتني لهم عدة بضائع أخرى كل حسب طلباتهم.» على العموم يبقى قطاع الإنعاش من أهم القطاعات الحيوية بالأقاليم الصحراوية وبإقليم العيون بشكل خاص, بغض النظر عن الاختلال الذي يشوبه حسب ما يتداوله الرأي العام المحلي, والذي يشير إلى بعض الفئات الميسورة التي تستفيد من هذا القطاع بإحدى الطرق الملتوية أو موظفين يحولونها إلى أسماء زوجاتهم وأقاربهم أ و استفادة بعض حاملي الفكر الانفصالي بالضفة الأخرى لأن ذلك يحتاج إلى لجنة نزيهة ومواطنة و مختصة لتدقق فيما يتداوله الرأي العام المحلي , والحد من كل التلاعب والممارسات غير القانونية بالاعتماد على مقاربة شمولية تنطلق من معالجة الاختلال الحقيقي الذي يواجهه قطاع الإنعاش الوطني بتحسين وضعية هذه الشريحة من المجتمع بالمساواة بين كل العمال في التعويض وضمان الحد الأدنى للأجر وإلحاق الشباب بالتكوين المهني وتمتيعهم بكامل حقوقهم كالتأمين الصحي والتسجيل في صندوق الضمان الاجتماعي وتحسين ظروف الموظفين الذين يعانون كثيرا أثناء دفع رواتب العمال بالتفويج, لما يقارب 10 أيام في مكاتب ضيقة لا تتوفر فيها شروط العمل حيث تتم عملية استقبال طوابير طويلة من المواطنات والمواطنين الذين يعانون بدورهم من الازدحام و البرد وحرارة الشمس .


الكاتب : مبارك العمري

  

بتاريخ : 30/08/2017