«لم يعد مسموحا أن ترتبط صورة المرأة القروية، بالأمية وزواج القاصرات والحرمان من حقوقها في التعليم والصحة، والعيش وسط التهميش والإقصاء والعمل الشاق في السهول والجبال و بين الحقول والبيت و تربية الأبناء… «…إنها إحدى خلاصات «اعتراف» تضمنه عرض لرئيس الحكومة، بمناسبة الجلسة العمومية الشهرية المخصصة لتقديم الأجوبة عن الأسئلة المتعلقة بالسياسة العامة، يوم 4 يناير 2022 بمجلس المستشارين، حول موضوع «مخطط الجيل الأخضر ورهانات التنمية القروية والعدالة المجالية»، وهو «الاعتراف» الذي يجعل المنشغل بـ «أحوال المجتمع»، يتساءل – من جديد -: ماذا بعد الإقرار ب» سوداوية « الأوضاع التي تئن تحت «سياطها» القاسية النساء القرويات في أكثر من جماعة ترابية على امتداد الجهات الـ 12؟
تساؤل مرده إلى مآل «برامج « سالفة قيل إنها تروم «إنصاف» المرأة القروية وجعلها تحظى بـ «العناية التنموية» المستحقة، لكن مرت السنوات وتوارى مطلقو هذه «الخطط» عن الأنظار «الرسمية»، دون أن تترجم «أهدافها» على أرض الواقع، ليزداد وضع «كادحات الوسط القروي « ترديا وشقاء؟
وضع سبق لمنظمة الأمم المتحدة، بمناسبة «اليوم العالمي للمرأة القروية»، الذي يحتفى به في 15 أكتوبر من كل سنة، أن دقت ناقوس التنبيه بشأن «مخاطر استمرار تمظهراته»، مؤكدة في بيان لها على «أن تحسين ظروف عيش المرأة القروية أضحى ضروريا لمواجهة الفقر»، لافتة إلى أن «النساء القرويات ينتجن أغذية ذات جودة للجميع»، لكنهن، رغم ذلك، «يواجهن تمييزا كبيرا في ما يتعلق بملكية الأراضي والثروة الحيوانية، والمساواة في الأجور، والمشاركة في صنع القرار على مستوى التعاونيات الفلاحية، والولوج إلى الموارد والقروض والأسواق».
وفي السياق ذاته، يستحضر المتتبع، «الرسائل» القوية التي يؤشر عليها خبر اعتماد «الجمعية العامة للأمم المتحدة، بالإجماع ، لقرار اعتبار العاشر من ماي من كل سنة، يوما عالميا لشجرة الأركان»، و«الذي حظي بدعم واسع من قبل 113 دولة عضو في الأمم المتحدة»، معترفا «بالمساهمة الكبيرة لقطاع شجرة الأركان في تنفيذ الأهداف الـ 17 لأجندة 2030، وتحقيق التنمية المستدامة ضمن أبعادها الثلاثة: الاقتصادية والاجتماعية والبيئية»، حيث شدد القرار الأممي، على أهمية «التمكين الاقتصادي والإدماج المالي للسكان المحليين، وخاصة النساء القرويات»، مشيرا إلى أن «التعاونيات والأشكال الأخرى للمنظمات الفلاحية، التي يدعمها المجتمع، والتي تعمل في قطاع الأركان، تخلق فرص عمل على المستوى المحلي ويمكنها أن تساهم، بشكل كبير، في تحقيق الأمن الغذائي والقضاء على الفقر، وبالتالي تحقيق أهداف التنمية المستدامة».
وبخصوص مسألة «التمكين الاقتصادي والسوسيولوجي» للساكنة القروية عموما، أوضحت مخرجات «النموذج التنموي الجديد» أن «المشاكل التي يعبر عنها سكان القرى تتعلق أساسا بالتعليم والصحة وفك العزلة وتحرير طاقات المرأة القروية والشغل وتحسين الدخل والوصول لخدمات عمومية ذات جودة وتقليل الفوارق المجالية»، مع التأكيد على «أن النموذج الجديد للتنمية ، يركز، في أساسياته، على العالم القروي في تنوعه وبكل تعقيداته ومكوناته».
انطلاق مما سلف، يتضح أن موضوع «تعزيز الإدماج الفعال للمرأة القوية في النسيج الاجتماعي والاقتصادي» المبشر به في عرض المسؤول الحكومي، المشار إليه أعلاه، سبق أن تم التشديد على استعجاليته في أكثر من مناسبة، دون أن تتم ترجمته الناجعة واقعيا، لتبقى «الهشاشة» العنوان الأبرز ليوميات «النساء القرويات»، في غالبية الجماعات الترابية، خاصة المنتميات منهن للمناطق الجبلية والنائية، علما بأنهن يلعبن دورا حاسما في ما يخص الحفاظ على مقومات «التوازن الأسري»، والحيلولة دون السقوط في مخالب التفكك وتداعياته المدمرة، ومن ثم يظل حلم «تجويد المستوى المعيشي» لـ «المرأة القروية» رهينا بـ «التنفيذ الميداني» لمختلف «البرامج والخطط» ذات الصلة، والحرص على تفادي المزيد من هدر «الزمن التنموي».
أحوالهن تشكل عنوانا لـ «هشاشة مزمنة» بجماعات ترابية عديدة .. التمكين الاقتصادي – الاجتماعي للنساء القرويات رهين بالتنزيل الناجع لـ «خطط تنموية عادلة»

الكاتب : حميد بنواحمان
بتاريخ : 31/01/2022