استبشر المغاربة خيرا مع الإعلان عن انطلاق الوكالة المغربية للدم ومشتقاته قبل أشهر، أملا في تحسين خدمات نقل وتحاقن الدم وضمان الأمن الصحي الوطني. غير أن المؤشرات الأخيرة كشفت عن تراجع مقلق في المخزون الاحتياطي للدم، خصوصا في عدد من الأقاليم الكبرى، وعلى رأسها مكناس والمناطق التابعة لها.
فحسب معطيات رسمية، سجل المخزون في مدينة مكناس خلال شهري يوليوز وغشت الجاري مستويات خطيرة، إذ لم يتجاوز في بعض الأيام 40 كيسا، ليتراجع يوم الأربعاء 6 غشت 2025 إلى 18 كيسا فقط من جميع الفصائل، وذلك إلى حدود التاسعة ليلا.
في بلاغ صحفي صادر بتاريخ 6 غشت، حاولت الوكالة الرد على تقارير إعلامية تحدثت عن هذا النقص الحاد، مرجعة الوضع إلى عوامل موسمية. غير أن تساؤلات عدة لا تزال مطروحة حول الأسباب الحقيقية وراء هذا التراجع: هل يعود الأمر إلى ضعف ثقافة التبرع بالدم لدى الساكنة، أم إلى اختلالات في التدبير والتنظيم خلال هذه المرحلة الانتقالية بين المركز الجهوي لتحاقن الدم سابقا والوكالة الجديدة؟
مصادر صحية لفتت الانتباه إلى أن تركيز الوكالة، منذ انطلاقتها، انصب بشكل كبير على ملفات إدارية وتنظيمية ومالية، حيث جرى في ظرف 20 يوما فقط (من 14 يوليوز إلى 5 غشت 2025) فتح أظرفة لصفقات دولية تتجاوز قيمتها الإجمالية 6 مليارات و700 مليون سنتيم. وتشمل هذه الصفقات اقتناء معدات تقنية وطبية، وأجهزة للتحاليل المخبرية les automates de sérologie، إضافة إلى مستلزمات طبية وكيميائية وكواشف، ومعدات معلوماتية (étiquettes)، فضلا عن صفقة دولية (رقم 03/2025) لشراء مستلزمات مخبرية مقسمة إلى 9 حصص، بلغت قيمتها وحدها أكثر من مليار و267 مليون سنتيم.
وبينما تتواصل هذه الصفقات بالملايير، يواصل مخزون الدم في مكناس نزوله إلى أدنى المستويات خلال صيف هذا العام، ما يطرح بإلحاح سؤال الأولويات، ويستدعي تدخلا عاجلا لضمان الأمن الصحي للمواطنين.