أصبحت أكثر المنتخبات فوزا بكأس أوروبا ..إسبانيا تحرق المراحل وتستعيد عرشها الأوروبي بفضل لويس الهادئ

كان من المفترض أن تشكل كأس أوروبا 2024 مرحلة مرور لإسبانيا في طريق إعادة البناء، بعدما غابت عن التتويج منذ 12 عاما، لكن المدرب لويس دي لا فوينتي نجح بتشكيلة جسد روحية التجديد فيها لامين جمال ونيكو وليامس، من غزو القارة العجوز ومنح البلاد لقبها الرابع القياسي بالفوز في النهائي على إنكلترا 2 – 1.
وعندما اعتقد كثيرون أن إسبانيا، التي سيطرت على الساحتين القارية والعالمية بين 2008 و2012، باتت من الماضي، جاء الجيل الجديد ليعيد البريق والجمالية إلى «لا روخا»، لكن بمزيد من اللعب المباشر والمواهب الشابة.
وهيمنت إسبانيا على عالم الكرة المستديرة بين عامي 2008 و2012، فأحرزت لقب كأس أوروبا مرتين 2008 في النمسا وسويسرا و2012 في بولندا وأوكرانيا ومونديال جنوب إفريقيا 2010.
لكن الكرة الإسبانية واجهت منذ حينها أزمة ثقة، فغابت عن منصات التتويج خلال 11 عاما، قبل أن تتصالح مجددا مع الانتصارات بفوز المنتخب بلقب مسابقة دوري الأمم الأوروبية العام الماضي.
ويبدو أنها تعلمت من دروس الأعوام الأخيرة وفق ما أظهرت منذ مباراتها الأولى في نهائيات ألمانيا 2024 وحتى إحرازها اللقب الأحد في برلين.
لكن هذه الدروس التي تعلمها المنتخب لا تعني أنه تخلى كليا عن أسلوب اللعب المعروف بـ»تيكي تاكا» والمستوحى من نادي برشلونة، أيام المدرب الهولندي الراحل يوهان كرويف ومن بعده جوزيب غوارديولا، بل قام بتحديثه.
وبعد الفوز في الجولة الثانية من دور المجموعات على إيطاليا 1 – 0 في مباراة لا تعكس نتيجتها بتاتا المجريات والفرص التي سنحت لرجال دي لا فوينتي، كتبت صحيفة «ماركا» الإسبانية «وداعا لمباريات الألف تمريرة (في إشارة إلى ارتكاز تيكي تاكا على التمرير القصير)، وأهلا وسهلا بكرة القدم المذهلة للامين (جمال) ونيكو (وليامس) والضغط الذي يحاصر الخصوم».
وتابعت «إذا كان علينا في يوم من الأيام، كما حدث ضد كرواتيا (3 – 0 في المباراة الأولى)، أن نمتلك الكرة بشكل أقل من الخصم، فهذا لا يهم.
الفكرة واضحة: خطف الكرة والخروج بسرعة بشكل عمودي»، أي مباشرة نحو المرمى عوضا عن الإمعان في التمريرات القصيرة.
وبقيادة المدافع السابق لأتلتيك بلباو، الذي كان مجهولا لدى عامة الناس بعدما قضى سنوات عدة على رأس فرق الشباب، وجد «لا روخا» لونا وفضيلة أساسية: التكيف مع الخصم ونوعية لاعبيه.
فقد استلم دي لا فوينتي، الملقب بـ «لويس الهادئ» خلافا لسلفه البُركاني المزاج لويس إنريكي، منتخبا في حالة يرثى لها أوصلته لدرجة الخسارة في دور المجموعات لمونديال قطر أمام اليابان 1 – 2، قبل الخروج من ثمن النهائي على يد المغرب بركلات الترجيح بعد مباراة كاريكاتورية استحوذ خلالها على الكرة بنسبة 77 بالمئة، لكن بتسديدة واحدة على المرمى.
لكن تحت إشرافه، أعاد المنتخب اكتشاف نفسه مع اعتماد مقاربة دمج العناصر الجديدة تدريجيا، مما أعطى وجها آخر للفريق وجعله أحد المرشحين للقب القاري، وذلك بقيادة اليافعين جمال (احتفل السبت بعيد ميلاده السابع عشر) ونيكو وليامس (احتفل الجمعة بعيد ميلاده الثاني والعشرين).
ومن دون أي عقد وحسابات، دخل الجناحان السريعان في الأجواء ومنحا المنتخب مزيدا من العمق والديناميكية لدرجة أنهما فرضا نفسيهما المحور الذي ارتكز عليه رفاقهما باستمرار من أجل إحداث الفارق.
وتسبب جناحا برشلونة وبلباو بالدوار للمدافعين خلال هذه النهائيات، التي كان فيها المنتخب الإسباني النقطة المضيئة الوحيدة بين الكبار على صعيد الأداء والإمتاع.
وكانت إسبانيا في مستوى مختلف تماما عن المنتخبات الكبرى الأخرى في هذه النهائيات، رغم قرعة صعبة شهدت فوزها على كرواتيا التي بلغت الدور قبل النهائي لكأس العالم 2022، وإيطاليا حاملة اللقب، وألمانيا المضيفة، وفرنسا وصيفة بطلة العالم، التي كانت من أبرز المنتخبات المرشحة للقب، وصولا إلى تخطي «الأسود الثلاثة» في نهائي برلين الذي جعل من جمال أصغر لاعب يتوج باللقب.


بتاريخ : 16/07/2024