أفغانستان ما بين الاحتلال السوفياتي والأمريكي .. عصي على التدجين.. ويبقي أكبر منتج للمخدرات في العالم

أضاف تقرير صادر عن مكتب المنظمة لمكافحة المخدرات والجريمة أن هذه المادة تزرع بشكل كبير في نحو 17 ولاية أفغانية. وقدر المدير التنفيذي للمكتب أنطونيو ماريا كوستا إنتاج أفغانستان من هذه المادة المخدرة بما بين 1500 و3500 طن سنويا.
وتنتج أفغانستان 145 كيلوغراما من الحشيش في الهكتار الواحد ويتفوق الحشيش على الأفيون من حيث العائد المادي، حيث يدر الهكتار الواحد من الحشيش 3900 دولار مقابل 3600 دولار للأفيون إضافة إلى تواضع تكلفة زراعة هذا المخدر ومعالجته

 

قالت منظمة الأمم المتحدة إن أفغانستان التي تعد المنتج الرئيسي للأفيون في العالم، أصبحت تتصدر كذلك قائمة أكبر منتجي الحشيش.
وأضاف تقرير صادر عن مكتب المنظمة لمكافحة المخدرات والجريمة أن هذه المادة تزرع بشكل كبير في نحو 17 ولاية أفغانية. وقدر المدير التنفيذي للمكتب أنطونيو ماريا كوستا إنتاج أفغانستان من هذه المادة المخدرة بما بين 1500 و3500 طن سنويا.
وتنتج أفغانستان 145 كيلوغراما من الحشيش في الهكتار الواحد ويتفوق الحشيش على الأفيون من حيث العائد المادي، حيث يدر الهكتار الواحد من الحشيش 3900 دولار مقابل 3600 دولار للأفيون إضافة إلى تواضع تكلفة زراعة هذا المخدر ومعالجته.  لكن المزارعين الأفغان ما زالوا يفضلون زراعة الأفيون على زراعة الحشيش رغم مردوديته العالية.
وعزا المسؤول الأممي تنامي هذه الزراعة في أفغانستان إلى انعدام الأمن وغياب التنمية في الولايات التي تسود فيها هذه الزراعة.  يذكر أن أفغانستان تشهد حاليا تصاعدا للصراع بين حركة طالبان وبين القوات الغربية بقيادة الولايات المتحدة التي غزت أفغانستان منذ أواخر عام 2001.
في هذا البلد المثخن بالحشيش وبحروب لا اول لها ولا آخر بدأت حركة «طالبان» الأفغانية مجددًا في رفع مستوى عملياتها الإرهابية داخل أفغانستان. إذ لم تعد تقتصر على استهداف قوات الشرطة والجيش، وإنما تجاوزت ذلك لتشمل البعثات الدبلوماسية والمصالح الأجنبية. لكن اللافت في هذا السياق، هو أن ذلك قد لا يعود إلى تزايد قدرات الحركة بقدر ما يعود إلى تراجع نفوذها واستمرار حالات الانشقاق داخلها.
وبمعنى أدق، فإن الضعف الشديد الذي بدت عليه الحركة في الفترة الأخيرة نتيجة الضربات القوية التي تعرضت لها من أكثر من جهة، دفعها، في الغالب، إلى تصعيد تلك العمليات، دون أن يكون لذلك تأثير كبير على توازنات القوى داخل أفغانستان، التي تواجه أزمة أمنية مزمنة لم تنجح السياسات التي تتبناها القوى الإقليمية والدولية المعنية بها في احتواء تداعياتها حتى الآن.

هجمات متعددة
تحاول «طالبان»، على ما يبدو، التعامل مع التحديات العديدة التي تواجهها في المرحلة الحالية من خلال تبني سياسة تصعيدية، وهو ما انعكس في الهجوم الانتحاري الأخير الذي سارعت إلى إعلان مسئوليتها عنه، في 27 يناير الجاري، واستهدف، عبر تفجير سيارة إسعاف، إحدى نقاط التفتيش التابعة للشرطة في القسم الدبلوماسي من العاصمة كابل الذي يضم مؤسسات أمنية ودبلوماسية عديدة، مثل المبنى القديم لوزارة الداخلية والمجلس الأعلى للسلام وبعض المكاتب التابعة للاتحاد الأوروبي، وهو ما أسفر عن مقتل 104 أشخاص وإصابة ما يقرب من 200 آخرين، وذلك بعد أسبوع واحد من الهجوم الذي نفذه 6 من عناصرها على أحد الفنادق في العاصمة وأدى إلى مقتل 22 شخصًا.
دوافع مختلفة:
اتجاه «طالبان» إلى تصعيد حدة عملياتها الإرهابية في الفترة الحالية ربما يمكن تفسيره في ضوء اعتبارات عديدة يتمثل أبرزها في:

1 – ضغوط متزايدة: كان لافتًا أن حرص «طالبان» على تنفيذ هجمات إرهابية نوعية خلال الفترة الأخيرة تزامن مع الإجراءات التي اتخذتها الولايات المتحدة الأمريكية ضد الحركة، والتي تهدف إلى تقويضها وإضعافها، من خلال قطع الدعم عنها، خاصة من قبل بعض الأطراف في باكستان، حسب ما تشير إليه بعض التقارير، وذلك في إطار الاستراتيجية الجديدة التي أعلنت عنها واشنطن للتعامل مع التطورات الأمنية في أفغانستان.
وقد عكست التصريحات الأخيرة التي أدلى بها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في تعقيبه على الهجوم الإرهابي الذي شنته الحركة قبل يومين، ودعا فيها كل الدول إلى القيام بـ»عمل حاسم» ضد حركة «طالبان»، مدى الاهتمام الأمريكي بمحاربة التنظيمات الإرهابية في أفغانستان، بعد أن تسببت حالة عدم الاستقرار التي تواجهها في استمرار تهديدات الحركة واتجاه بعض التنظيمات الأخرى، على غرار «داعش»، إلى محاولة تأسيس بؤر إرهابية جديدة تابعة لها، عقب تراجع نشاطها بشكل كبير في المناطق التي سيطرت عليها خلال الأعوام الأخيرة.
ووفقًا لتقديرات أمريكية مختلفة، فإن كمية القنابل التي قامت الولايات المتحدة بإلقائها على مواقع التنظيمات الإرهابية في أفغانستان خلال عام 2017 تجاوزت الحملات العسكرية التي شنتها في الأعوام الماضية بنسبة 300%.
وكانت المبعوثة الأمريكية الخاصة إلى أفغانستان وباكستان اليس ويلز قد أكدت، في 9 نوفمبر 2017، على أن هزيمة «طالبان» هى الطريق الوحيد لتدمير «داعش» في أفغانستان، في إشارة إلى رفض المبادرات التي طرحتها بعض الأطراف وتقوم على الوصول إلى تفاهمات مع «طالبان» من أجل القضاء على «داعش»، في ظل التنافس القائم بينهما.
ويبدو أن ذلك لا ينفصل عن التوتر الذي تصاعد بين الولايات المتحدة وباكستان، بعد الاتهامات الأمريكية للأخيرة بـ»التساهل» في التعامل مع «طالبان» والميليشيات الحليفة بها، وهو ما أشار إليه أيضًا الرئيس ترامب بتأكيده على ضرورة اتخاذ إجراءات حاسمة ضد «طالبان ومن يدعمها».
ومن هنا، رجحت اتجاهات عديدة أن تكون «طالبان» قد تعمدت استهداف فندق «إنتركونتيننتال» في كابول تحديدًا، بسبب وجود بعض الأجانب فيه، ولا سيما الأمريكيين، حيث أسفر الهجوم عن مقتل 22 شخصًا منهم 14 أجنبيًا كان من بينهم 4 أمريكيين، بما يوحي بأنها كانت تحاول الرد على الضغوط المتزايدة التي تفرضها السياسات الأمريكية ضدها.

2 – سباق إرهابي: تأثر نفوذ «طالبان» بشكل كبير خلال الفترة الماضية، بسبب اتجاه تنظيم «داعش» إلى توسيع نطاق نشاطه داخل أفغانستان في العامين الأخيرين، حيث تمكن من استقطاب عدد غير قليل من قياداتها وكوادرها، لا سيما في الفترة التي تصاعد فيها نفوذه في المناطق الرئيسية التي ظهر فيها داخل كل من العراق وسوريا.
ومن هنا، مثّل الصراع سمة رئيسية في العلاقة بين الحركة والتنظيم، انعكست في التهديدات المتبادلة التي وجهها كل منهما إلى الآخر. واللافت في هذا السياق، هو أن الإجراءات التي اتخذتها واشنطن في الفترة الماضية ساهمت، طبقًا لرؤية اتجاهات عديدة، في تأجيج هذا الصراع.
وقد أشارت تقارير أمريكية مختلفة إلى أنه رغم الاهتمام الأمريكي الملحوظ بشن ضربات قوية ضد «طالبان» و»داعش» في أفغانستان، إلا أن ذلك لم يؤد إلى تراجعهما عن محاولات السيطرة على مزيد من المناطق التي تديرها الحكومة الأفغانية، في إطار سعى كل منهما إلى تصدر خريطة التنظيمات الإرهابية في أفغانستان، باعتبار أن ذلك يمثل الآلية الرئيسية التي يمكن من خلالها تكريس النفوذ والحصول على مصادر متعددة للتمويل وضم عناصر إرهابية جديدة.

3 – تأثيرات مضادة: يرتبط تصاعد حدة عدم الاستقرار في بعض الدول بنجاح التنظيمات الإرهابية في تعزيز قدراتها. لكن في بعض الأحيان، يمكن أن يفرض تراجع تلك القدرات تداعيات عكسية، وهو ما يبد واضحًا في حالة «طالبان». إذ أن الأخيرة فشلت في استعادة زمام المبادرة من جديد والعودة إلى السيطرة على مساحات واسعة من المناطق التي فقدتها بفعل الضربات العسكرية التي تعرضت لها في الأعوام الأخيرة، وهو ما دفعها إلى محاولة الاستعاضة عن ذلك بتنفيذ عمليات إرهابية نوعية، ضد القوات الحكومية والبعثات الدبلوماسية والمصالح الأجنبية.
وعلى ضوء ذلك، يمكن القول في النهاية إن تصعيد حدة العمليات الإرهابية في أفغانستان سوف يبقى احتمالاً مرجحًا خلال المرحلة القادمة، في ظل التنافس المستمر بين التنظيمات الإرهابية وسعيها إلى الرد على الإجراءات التي تتخذها القوى الإقليمية والدولية المعنية بالملف الأفغاني.
وسبق للاتحاد السوفياتي المنحل ان احتل البلد ولم يستطع بسط سلطته خارج كابول. وظل حوالي 80% من مناطق البلاد خارج السيطرة الفعلية لسلطة الحكومة. وتم توسيع المهمة الأولى المتمثلة بحماية المدن والمنشآت لتشمل محاربة قوات المجاهدين المعارضة للشيوعية، ولذلك تم توظيف جنود الاحتياط السوفييت بشكل أساسي.
أشارت التقارير العسكرية الأولى إلى الصعوبات التي واجهت السوفيات أثناء القتال في المناطق الجبلية. فالجيش السوفياتي لم يكن معتادا على ذلك الشكل من القتال. لم يحظ بتدريب لمواجهة حرب غير نظامية وحرب عصابات، وكانت آلياتهم العسكرية وخاصة السيارات المصفحة والدبابات غير كفؤة في كثير من الأحيان، وعرضة للهجمات في البيئة الجبلية. وتم استخدام المدفعية الثقيلة بشكل مكثف أثناء قتال قوات الثوار.
استخدم السوفييت المروحيات (من ضمنها ميل Mi-23 ) كقوة الهجوم الجوي الرئيسية، مدعومة بقاذفات القنابل المقاتلة وقاذفات القنابل، القوات الأرضية والقوات الخاصة. وفي بعض المناطق استخدم السوفييت أسلوب الأرض المحروقة مدمرين القرى، البيوت، المحاصيل والماشية، إلخ.
ارتفع صوت الاستنكار الدولي بسبب القتل المزعوم للمدنيين في أي منطقة كان يشك بوجود المجاهدين فيها. كانت العمليات للقبض على تشكيلات الثوار. كانت تمنى بالفشل عادة، وكان من الضروري تكرارها في ذات المنطقة أكثر من مرة، وذلك لأن الثوار كان بإمكانهم العودة إلى مخابئهم في الجبال وإلى قراهم بينما يعود السوفييت لقواعدهم.
كان فشل السوفييت في الخروج من المأزق العسكري، والحصول على الدعم والنصرة من شريحة عريضة من الأفغان، أو إعادة بناء الجيش الأفغاني، اضطرهم لزيادة التدخل المباشر لقواتهم لقتال الثوار. ووجد الجنود السوفييت أنفسهم يحاربون المدنيين بسبب التكتيك المراوغ للثوار.
نشرت المجلة الفصلية (Cairo Review)، الصادرة عن الجامعة الأمريكية بالقاهرة مقالًا بعنوان “ما بدى خطًأ”، حيث حلل الكاتب أسباب فشل الغزو الأمريكي لأفغانستان.
وذكر الكاتب الصحفى “إدوارد جيرارديت، أمريكى- أوروبي الأصل، أن الغزو الأمريكي لأفغانستان أثبت فشله بعكس ما توقع الخبراء من الدبلوماسيين والصحفيين والمحللين في الوقت الذي قررت فيه أمريكا شن حربٍ على الإرهاب في أكتوبر 2001 بأفغانستان متجاهلة التاريخ وحقائق أساسية مهمة.
وقال إن أمريكا أظهرت غطرستها عندما قررت وضع استراتيجية طويلة الأمد على أن تكون خطة متواضعة، وفى نفس الوقت عالية الذكاء معتقدة أنها سوف تقلل من الصراع المستمر منذ 22 عامًا عندما تدخلت أمريكا وقوات التحالف.
ولذلك تكلف هذا التدخل العسكري 13 عامًا من الموارد والأرواح في مقابل نتائج بسيطة جدًا لحل مشاكل أفغانستان.
ويقول الكاتب إن نجاح أفغانستان في حل مشكلاتها، سوف يتوقف على الجيش والشرطة الأفغانية والميليشيات وكذلك قدرة الدولة على تحسين وضع الاقتصاد بها وازدهاره، مستندة إلى نظام سياسي واسع النطاق وموثوق به، موضحًا أنه بحسب ما ذكره البنك الدولى فإن أفغانستان لن تقدر على الاستمرار كدولة بدون مساعدات أجنبية حتى عام 2024، وذلك فقط إذا تحقق السلام والأمن خلال تلك الفترة.
وتساءل الكاتب عن المستقبل السياسي لأفغانستان الذي يراه تساؤلًا مفتوحًا بنسبة كبيرة، موضحًا أنه في غشت2014 انسحبت قوات المساعدة الدولية لإرساء الأمن في أفغانستان وأبقت 40 ألفًا على أرضها تاركة الدولة مستمرة في حربها.
ولذلك، فاليوم 70% من الدولة يعتبر منطقة أمنية خطيرة على الأجانب والمنظمات الدولية وخاصة عمال الإغاثة وكذلك المواطنين أنفسهم، ما يستدعى ضرورة وجود حل سياسي.
ويعتقد الكاتب أن التوقعات غير واعدة خاصة بعد تزوير التصويت وعقد اتفاقات سرية في الانتخابات الرئاسية لعام 2014.
وذكر الكاتب تحت العنوان الجانبى “الأفغان العرب” سبب جوهري لفشل الغرب وهو رفض التعلم من الدروس التاريخية.
فكانت هناك أسبابٌ واضحة لفشل بريطانيا في محاولاتها أن تحكم أفغانستان أثناء الحرب الأنجلو- أفغانية.
ويخلص إلى أن ذلك يمكنه التأثير على السياسة الخارجية لكابول بينما لايستطيع أن يتحكم في الأفغان بالداخل.
واستطرد قائلا إن الدرس الأساسى الذي تعلمته على لسان عقيد بريطانى بقوات الناتو عام 2002 هو “لا تحتلوا أفغانستان أبدًا ” لأن أي أجنبى أيًا كانت جنسيته لن يستطيع أن يحكم هذه البلد وشعبها.
ولم يختلف الموقف كثيرًا في 2014، فالجنود والبوليس والموظفون المدنيون في حاجة لأن يلعبوا كل الأدوار كواقع حتمى للحفاظ على الحياة، ويبدو أن كل فرد لديه أحد أفراد أسرته في طالبان بينما آخر يعمل في الحكومة، وهناك العديد من الأفغان من حزب طالبان وشبكة حقانى في كابول والحكومات الإقليمية، وهناك آفغان كثيرون أيضا ينتزعون مايستطيعون من النظام ولكنهم مستعدون للمغادرة إذا ماساءت الأمور، والعديد منهم جنرالات أفغان لديهم من قبل أماكن يهربون إليها في دبى وأبو ظبى وأماكن أخرى..


بتاريخ : 03/02/2018