أكدوا على أنه يقصيهم من مهام أساسية ظلوا يمارسونها لعقود .. «العدول» يرون في مشروع قانون جديد تفكيكا وإضعافا للمهنة وتجريدا لها من صلاحياتها

اجتمع ممثلو المجالس الجهوية للعدول بالمملكة، إلى جانب الجمعية المغربية للعدول والجمعيات المهنية الممثلة للنساء العدولات، في لقاء تواصلي وندوة صحفية موسعة بالرباط نهاية الأسبوع الفارط، من أجل مناقشة مشروع القانون 16.22 المنظم لمهنة العدول، حيث شكّل هذا اللقاء محطة عبّر خلالها العدول، عن رفضهم المطلق للمشروع، معتبرين أنه لا يهدف إلى إصلاح المهنة بل يسير بها نحو ما وصفوه بـ «الإعدام المهني» عبر تقليص اختصاصاتها وإفراغها من جوهرها التاريخي.
وأكد المتدخلون أن المشروع جاء بصياغة زجرية غير مسبوقة في أي قانون مهني، معتمدا على لغة عقابية تُستخدم عادة في القوانين الجنائية، من قبيل «يمنع» و»يتعين» و»يجب»، في غياب أي حقوق موازية أو ضمانات مهنية أساسية. وأجمع الحاضرون على أن النص التشريعي المعروض لا يوفر إطارا عصريا ولا يحمل أي رؤية إصلاحية، بل يُقصي العدول من مهام أساسية ظلوا يمارسونها لعقود، خاصة في ما يتعلق بالوكالات والمعاملات التوثيقية، وهو ما اعتبروه استهدافا مباشرا للمهنة ومحاولة لتجريدها من دورها داخل منظومة العدالة.
وشدد المشاركون على أن المشروع لم يأخذ بعين الاعتبار خلاصات جلسات الحوار السابقة ومحاضرها الرسمية، ولم يدمج أيّا من المطالب الجوهرية التي ناضل العدول لتحقيقها لأكثر من عشرين سنة. وأبرزت الهيئات المهنية أن النص المعروض يعمّق التمييز بين مهن التوثيق ويخرق مبدأ المساواة بين المواطنين في اختيار الجهة التوثيقية التي يرغبون في اللجوء إليها، مما يجعله نصّا يفتقر للعدالة ولا يعكس المصلحة العامة.
وفي مداخلته، أكد سعيد الصروخ، رئيس المجلس الجهوي لعدول استئنافية طنجة ومنسق تنسيقية المجالس الجهوية، أن المشروع الحالي لا يمكن إلا اعتباره «ضربة موجهة نحو قلب المهنة»، وأنه إذا قُدّر لهذا النص أن يمرّ، فسيكون بمثابة إعلان رسمي عن بدء تفكيك مهنة العدول وإضعافها تدريجيا. وأضاف المتحدث بأن العدول سيواجهون هذا المسار بكل قوة، لأن الدفاع عن المهنة هو دفاع عن المواطن وعن الأمن التعاقدي للمملكة.
من جانبه، شدد ادريس الطرالي، رئيس المجلس الجهوي لعدول استئنافية بني ملال وعضو المكتب التنفيذي للهيئة الوطنية للعدول، على أن المشروع جاء فارغا من أي مضمون تنظيمي، ولم يلتزم حتى بالحد الأدنى مما تم التوافق عليه مع الوزارة الوصية. واعتبر المتحدث أن المشروع يقدم تصورا يفتقد للإنصاف ويجرّد المهنة من صلاحياتها، ويضع العدول أمام منظومة تشريعية خانقة لا تمت بصلة للإصلاح أو تحديث القطاع.
وأجمع الحاضرون على أن المواطن سيكون أول المتضررين من تمرير هذا المشروع، لأنه سيؤدي إلى تقليص خياراته في الاستفادة من الخدمات التوثيقية، وسيضرب الثقة في منظومة التوثيق ككل، ويهدد الأمن القانوني للمعاملات. وأوضح المتدخلون أن العدول ليسوا ضد الإصلاح ولا ضد الارتقاء بالمنظومة التوثيقية، بل ضد مقاربة تُقصيهم وتحولهم إلى حلقة هامشية بعد أن كانوا ركيزة أساسية في بناء الأمن التعاقدي.
وفي ختام الاجتماع، دعا العدول الوزارة الوصية إلى سحب المشروع فورا وفتح حوار مهني حقيقي ومسؤول، مؤكدين أن وحدة الصف المهني اليوم تعبّر عن قناعة راسخة بأن ما يجري هو محاولة واضحة لإعدام مهنة العدل بالمغرب، وأنهم سيواصلون الدفاع عن مهنتهم وحقوقهم ومكانتهم داخل منظومة العدالة بكل الوسائل المشروعة.


الكاتب : عادل الدكالي

  

بتاريخ : 02/12/2025