أمريكا تأمل أن يقود انتهاء العملية العسكرية برفح إلى فتح فرص جديدة للدبلوماسية

«وول ستريت جورنال»: حوالي 50 أسيرا إسرائيليا فقط ما زالوا على قيد الحياة

في قبضة حماس

كشف تقرير لصحيفة «واشنطن بوست»، أنه لا نهاية تلوح في الأفق حول انتهاء الحرب في غزة٬ ونقل عن جيش الاحتلال الإسرائيلي قوله إن المقاتلين المنفردين والمجموعات المسلحة الصغيرة٬ ما زالت تطلق الصواريخ على الأراضي المحتلة وتستهدف قوات الاحتلال، في مناطق القطاع التي أعلن الاحتلال أنها خاضعة بالفعل لسيطرته.
ونقل التقرير عن مسؤول عسكري إسرائيلي مطلع على العمليات البرية تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته لمناقشة المسائل الأمنية، قوله إن «قتال العصابات لا ينتهي أبداً». وأضاف أن «الجيش أيضا تعلم دروسه ومن ذلك عدم الحاجة إلى الاستيلاء على كل مبنى وكل شارع في المدينة».
ووفقا للعميد المتقاعد والمدير العام السابق لوزارة الشؤون الإستراتيجية٬ ليوسي كوبرفاسر، فإن ما سيأتي بعد الانتهاء من عملية رفح٬ هو عبارة عن حملة غارات مستهدفة ذات وتيرة أبطأ لمنع المقاومة من إعادة تجميع صفوفها. وسيتم تنفيذها من قبل عدد أقل من القوات الإسرائيلية.
وقال كوبرفاسر: «إنهم يقتربون أكثر فأكثر من إنهاء العمليات الكبرى، ثم ننتقل إلى المرحلة الثالثة».
فقد كانت حالة رفح حرجة لكنها ليست نهاية الحرب.
وتحدث اثنان من المسؤولين الأمريكيين في التقرير، بشرط عدم الكشف عن هويتهما٬ أنهما يراقبان الوضع في رفح عن كثب ويأملان أن يؤدي اقتراب انتهاء العملية إلى فتح فرص جديدة للدبلوماسية.
وأكد المسؤول أنه قبل شن عملية رفح بالقرب من الحدود المصرية، فإن الإسرائيليين يتصلون بنظرائهم المصريين على الجانب الآخر، مما يمنحهم فرصة للتحرك بحرية على طول الحدود.
المسؤول إن القتال ضد حماس كان أكثر كثافة في رفح منه في مناطق أخرى، بما في ذلك مدينة غزة.
وأضاف أن وحدات حماس في أقصى الجنوب كان أمامها أشهر للاستعداد٬ وتعلمت دروسا من تكتيكات الجيش الإسرائيلي المستخدمة في أماكن أخرى.

أسرى إسرائيليون

من جهتها، نقلت صحيفة «“وول ستريت جورنال» عن مسؤول أمريكي قوله، إن عدد الأسرى الذين ما زالوا على قيد الحياة أقل من التقديرات الرسمية في دولة الاحتلال.
وبحسب الصحيفة، فإن المصادر التي يعتمد تقييمها جزئيا أيضا على المعلومات الاستخبارية التي بحوزة الاحتلال، قالت إنه من المحتمل أن يكون هناك حوالي 50 أسيرا ما زالوا على قيد الحياة من بين 120 في الأسر، أي أن حوالي 70 منهم ماتوا بالفعل. وذلك مقارنة بالبيانات الرسمية التي نشرتها إسرائيل، والتي تفيد بوفاة 43 مختطفا في الأسر.
وأضافت الصحيفة، أن «إسرائيل أعلنت حتى الآن أن 41 أسيرا ليسوا على قيد الحياة، وإذا كان الرقم 66 هو العدد الدقيق، فهذا يزيد بـ 25 على ذلك الإعلان الرسمي».
وتابعت بأن «حماس كانت أبلغت سابقا الوسطاء الذي يتولون الدفع نحو التوصل إلى اتفاق حول وقف اطلاق النار وتبادل الأسرى، أنها لا تعرف عدد المحتجزين داخل غزة الذين ما زالوا على قيد الحياة».
وفي أبريل الماضي، نقلت صحيفة «ديلي ميل» البريطانية، عن مصدر لم تكشف عن هويته، أن هناك خشية إسرائيلية ببقاء 40 أسيرا فقط على قيد الحياة، وذلك استنادا لمعلومات استخباراتية جمعها جهاز الشاباك الإسرائيلي.
وقد أكدت الصحيفة أن الأوساط الإسرائيلية تقدّر بوجود 40 أسيرا حيا في غزة من بين 133، فيما ينفي الشاباك هذه التقديرات، ويدعي أنّ «المعلومات في غزة أصبحت الآن أكثر سهولة مما كانت عليه قبل 7 أكتوبر».
ووفق «ديلي ميل»، فإنّ «تل أبيب» قلقة بشأن أن أقل من ثلث أسراها الذين تم اختطافهم في السابع من أكتوبر، ظلوا على قيد الحياة في قطاع غزة، رغم نفي الشاباك هذه التقديرات.
واستدركت: «هذا الرقم لا يتوافق مع رأي الشاباك، ويُعبر عن رأي المصدر فقط»، لكن الصحيفة نوهت إلى أن هذه التقديرات تأتي بعد أقل من أسبوعين على تصريح مسؤولين أمريكيين بأنهم يقدرون أن معظم الأسرى الإسرائيليين لم يعودوا على قيد الحياة.
وقتل الاحتلال عشرات الأسرى خلال العدوان المتواصل على قطاع غزة، كان آخرهم اثنين قتلا في غارة لجيش الاحتلال على مدينة رفح، جنوب القطاع منتصف الشهر الجاري.
وأواخر ماي الماضي، قتل ثلاثة في مخيم النصيرات في أثناء عملية استعادة أربعة أسرى أحياء.
ويضغط أهالي هؤلاء الأسرى منذ أشهر على رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، من أجل التوصل لصفقة مع حماس تعيد أبناءهم إليهم.
كما صعدوا من احتجاجاتهم في الفترة الأخيرة، لاسيما بعدما كشف الرئيس الأمريكي جو بايدن عن مقترح جديد للهدنة بين الطرفين قبل أكثر من أسبوعين.

خطة حماس

إلى ذلك، نقلت قناة «i24 News» عن مصادر مطلعة قولها، إن حركة حماس أوقفت كتيبتين من القتال الفعلي مع جيش الاحتلال وحافظت على طاقتهما، حيث ستكونان قوة محورية في استعادة قدرات الحركة العسكرية والسيطرة على الأوضاع بعد انتهاء الحرب.
وقالت المصادر، إن هذه المعلومات التي كشف عنها في برنامج «منتصف النهار» تتضمن قيام حماس بالاحتفاظ بكتيبة في دير البلح وأخرى في خانيونس، وقد صدرت لهما تعليمات بعدم المشاركة قدر الإمكان في القتال للحفاظ على قدراتهما، على أن تكونا قوة احتياطية للسيطرة الأمنية المستقبلية على قطاع غزة.
وبين أن حماس نقلت خلال الهجوم على خانيونس، الكتيبة الموجودة هناك إلى رفح؛ لتجنب الأذى في أثناء القتال، ثم عاد عناصرها إلى شمال المدينة بعد انتهاء المناورة في خانيونس وبدء العملية في رفح.
كما أوضح البرنامج، أنه من الصعب على القوات الإسرائيلية التعرف على عناصر تلك الكتائب.
وختم قائلا: «بالنظر إلى هذه المعلومات، يبدو أن اليوم التالي قد لا يكون اليوم التالي على الإطلاق، بل مجرد فصل ثان لحرب السيوف الحديدية المستمرة»,
في ذات الوقت، ذكر موقع «يهود برس» أن حركة المقاومة الإسلامية تخطط للحرب القادمة ضد الاحتلال.
وأضاف في تقرير له، أن الحركة في الواقع خططت للحرب القادمة بالفعل، حتى قبل «طوفان الأقصى» في 7 أكتوبر.
وأمس الأربعاء، أقر جيش الاحتلال الإسرائيلي باستحالة تحقيق الهدف الرئيسي من عدوانه الوحشي على قطاع غزة، وهو تدمير حركة المقاومة الإسلامية «حماس»، مشددا على أن حماس فكرة لا يمكن تدميرها.
وقال المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي، دانيال هاغاري، إن «الحديث عن تدمير حماس هو بمثابة ذر للرماد في أعين الجمهور، وذلك لأنها مغروسة في قلوب الناس».
وأضاف في لقاء أجرته معه القناة «13» العبرية، منتقدا قيادات الاحتلال السياسية التي تدعو للقضاء على حركة المقاومة، أن «حماس فكرة، ولا يمكنك تدمير فكرة، يجب على المستوى السياسي أن يجد بديلا لها وإلا فستبقى».
وشدد هاغاري على أن الاحتلال «يدفع ثمناً باهظاً في الحرب، لكننا لا يمكن أن نبقى صامتين»، مشيرا إلى أنه «لا يمكن إعادة كل الأسرى بالوسائل العسكرية».

الفشل «أكثر وضوحا»

وبدت مخاوف الاحتلال واضحة في تصاعد الانتقادات للعملية العسكرية التي تسير إلى ما لا نهاية، بالتزامن مع نقمة دولية واسعة تجاه المجازر التي يرتكبها الاحتلال ضد المدنيين.
وتقول الكاتبة سيما كدمون في صحيفة «يديعوت أحرنوت»، ‏»لا يوجد أحد لا يعلم أننا خسرنا هذه الحرب بالفعل في 7 أكتوبر، وكل يوم يمرّ منذ ذلك الحين فقط يجعل هذا الفشل أكثر وضوحا».
وتحدثت كدمون عن التحويلات سواء السياسية أو العسكرية في الداخل والخارج منذ السابع من أكتوبر قائلة، «كيف يمكن أن تكون هناك حرب بدأت لأسباب مبرّرة، ثم تحوّلت في غضون أشهر قليلة إلى نزاع مثير للفرقة والانقسام بإسرائيل؟ حرب نجحت في تحويلنا إلى مجذومين في أعين الولايات المتحدة وأوروبا أيضا؟ كيف أنه ورغم الدعم القانوني المتين والنظام القانوني المحترم، انتهى بنا الأمر في محكمة العدل الدولية في لاهاي؟».
وتابعت، «كيف لم نتمكن، بعد ثمانية أشهر من القتال، من القضاء على منظمة إرهابية على الرغم من خطابات رئيس الوزراء ووزير الدفاع البليغة؟ وكيف -وهذا هو الأهم- لم نتمكّن من إعادة المختطفين إلى منازلهم؟».
ومع هذا الفشل تنحصر الحلول أمام حكومة نتنياهو أكثر فأكثر، فهي بين فكي كماشة، صلابة المقاومة من جهة، وتداعيات الحرب خارجيا وداخليا من جهة، أخرى.
وعن الحلول تقول «معاريف» في تقريرها، «إنه يتعين على إسرائيل الآن اتخاذ خطوات جذرية، إما بالتوصل إلى اتفاق شامل لوقف إطلاق النار مقابل إعادة جميع المختطفين، أو باتخاذ قرار باحتلال كامل لقطاع غزة وإقامة حكومة عسكرية مؤقتة هناك بالتعاون مع المجتمع الدولي».
وبين صفقة شاملة مع المقاومة قد تطيح بحكومة الاحتلال، وخيار المضي قدما بالحرب ينكفئ نتنياهو في زاوية بين نارين وبات التهديد لا يتعلق بمستقبله السياسي فحسب بل بدولة الاحتلال ككل.

إسقاط السلطة

عبّرت أوساط أمنية إسرائيلية، عن خشيتها من إسقاط السلطة الفلسطينية واشتعال الضفة الغربية، نتيجة خطة وزير المالية بحكومة الاحتلال بتسلئيل سموتريتش.
وقالت صحيفة «معاريف» العبرية في مقال لـ»آفي أشكنازي»: «جهاز الأمن يخشى من أن تؤدي خطة سموتريتش لإسقاط السلطة، ما سيؤدي إلى تدهور يصل حتى إشعال الضفة»، مضيفة أنه «في مثل هذا الوضع، من شأن الجيش الإسرائيلي أن يوقف المناورة في قطاع غزة، وينقل القوات فورا إلى الضفة».
وتابعت بقولها: «في الجيش يخشون حتى من أنهم سيصعب عليهم في مثل هذه الحالة، أن يخوضوا قتالا في جبهتين في الضفة وعلى الحدود الشمالية»، منوهة إلى أن «جهاز الأمن يقول؛ إن السلطة بالفعل تعمل في الساحة الدولية ضد إسرائيل، وتوقع بها الكثير جدا من الأضرار».
واستدركت: لكن تجاه الداخل لا تشجع الإرهاب، وتعمل على منعه، ويوجد بيننا وبينهم تنسيق أمني في كل ما يتعلق بإحباط العمليات»، بحسب ما ذكره مصدر عسكري للصحيفة.
وأوضحت أن سموتريتش أعد خطة حكومية لمعاقبة السلطة الفلسطينية، تتضمن وقف أموال الضرائب التي تجبيها إسرائيل عن السلطة، وإلغاء التداول البنكي بين البنوك الإسرائيلية والبنوك الفلسطينية، وغيرها من الإجراءات الاقتصادية التي تؤدي إلى عجز السلطة عن تسديد التزاماتها المالية.
وأكدت الصحيفة أن الجيش والشاباك والموساد يعارضون إجراءات سموتريتش، وعرضوا على رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الجيش يوآف غالانت ثلاثة سيناريوهات في حالة المصادقة على خطة وزير المالية.
وبيّنت أن السيناريو الأول في الحالة السهلة يتوقف التنسيق الأمني بين إسرائيل والسلطة، وفي السيناريو الثاني هناك تخوف من أعمال وأحداث أمنية في الضفة.
وتابعت: «السيناريو الثالث وهو الأخطر، ويتمثل في سعي محافل من حركة حماس بإشعال الضفة الغربية بعشرات العمليات والمظاهرات العنيفة والإضراب التجاري وإخراج الجماهير للشارع».
وشددت على أنه وفق هذه السيناريوهات، سيكون الجيش ملزما بتعزيز قواته في الضفة الغربية وعند خطوط التماس، ما سيؤثر على حربه المتواصلة على قطاع غزة، وسيعمل حينها إلى نقل بعض قواته من غزة إلى الضفة.
وختمت الصحيفة: «في الجيش وجهاز الأمن يقولون؛ إنه تم النجاح لثمانية أشهر في منع دخول الضفة إلى قتال بمستويات عالية ضد إسرائيل، لكن إجراءات العقاب من سموتريتش من شأنها أن تدهور كل الشرق الأوسط إلى جولات قتال قاسية».


الكاتب : وكالات

  

بتاريخ : 25/06/2024