أملنا أن يتم تفعيل مقتضى ربط المسؤولية بالمحاسبة، في إطار المفهوم الجديد للسلطة

 

أطلق ملك البلاد في بداية عهده، المفهوم الجديد للسلطة والذي أطر المرحلة بكاملها، أي أثار كانت لهذا التوجه الجديد في السلطة؟

جميل جدا أن نقف اليوم، بمناسبة الذكرى الخامسة والعشرين لتربع صاحب الجلالة الملك محمد السادس حفظه الله، على عرش أسلافه الميامين، وهي مرحلة تتسم بالإبداع والابتكار، عنوانها البارز التنوع والتطور على مستوى مختلف المجالات.
المفهوم الجديد للسلطة، له ارتباط مباشر بتصور جلالته، حول منظومة حقوق الإنسان ببلادنا، والتي يمكنها إجمالها في ثلاثةمراحل كبرى، أولها لما أعلن يوم 07 يناير 2004 عن تشكيل هيئة الإنصاف والمصالحة، بناء على توصيات المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، بهدف ضمان تصالح المغربيين مع أنفسهم ومع تاريخهم، وتفريغ طاقتهم وتكاثفهم لبناء مجتمع عصري ديمقراطي فهو أفضل حمايةٍ من العودة إلى الوراء، وثانيها في 09 مارس 2011، في خطاب تاريخي حول الجهوية الموسعة، والإعلان عن تكوين لجنة خاصة لمراجعة الدستور، من أجل إطار إصلاح دستوري شامل، يهدف إلى تحديث وتأهيل هياكل الدولة، والذي تم من خلاله التأكيد على خيار بناء دولة ديمقراطية يسودها الحق والقانون، ومواصلة إقامة مؤسسات دولة حديثة، مرتكزاتها المشاركة والتعددية والحكامة الجيدة، وإرساء دعائم مجتمع متضامن، يتمتع فيه الجميع بالأمن والحرية والكرامة والمساواة، وتكافؤ الفرص، والعدالة الاجتماعية، ومقومات العيش الكريم، وتكريس حقوق الإنسان، والتشبث بها كما هي متعارف عليها عالميا، ثم المحطة الثالثة ترتبط بشكل مباشر بإطلاق ورش الحماية الاجتماعية، والتأكيد على أن الحقوق السياسية والمدنية لن تأخذ أبعادها الملموسة، في الواقع المعيش للمواطن، إلا بتكاملها مع الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، وهو الورش الذي دخل في سرعته القصوى بعد 12 أكتوبر 2018، لما أكد جلالة الملك على إعادة النظر في النموذج التنموي الوطني، وبلورة منظور جديد، يستجيب لحاجيات المواطنين، وقادر على الحد من الفوارق والتفاوتات، وعلى تحقيق العدالة الاجتماعية والمجالية ومواكبة التطورات الوطنية والعالمية.
فجميع الخطب الملكية، منذ توليه العرش إلى اليوم، تمتاز برؤية إبداعية وتصور حقوقي، الهدف منهما تحقيق العدالة الاجتماعية والتقدم، والتحرر والعيش الكريم، في إطار التماسك الاجتماعي وحماية الوسط الطبيعي واحترام حقوق وتطلعات أجيال المستقبل.
وفي خضم هذا المسار التاريخي، انبثق منذ خطاب 12 أكتوبر 1999، الحديث عن المفهوم الجديد للسلطة،وهو الخطاب السامي الذي وجهه جلالة الملك إلى المسؤولين عن الجهات والولايات والعملات والأقاليم من رجال الإدارة وممثلي المواطنين، وذكر بمناسبة عرضه له، أن ما يرتبط به مبني على رعاية المصالح العمومية والشؤون المحلية وتدبير الشأن المحلي والمحا فظة على السلم الاجتماعي. مضيفا أنها مسؤولية لا يمكن النهوض بها داخل المكاتب الإدارية التي يجب أن تكون مفتوحة في وجه المواطنين ولكن تتطلب احتكاكا مباشرا بهم و ملامسة ميدانية لمشاكلهم في عين المكان وإشراكهم في إيجاد الحلول المناسبة والملائمة.
وفي هذا الصدد، كان الربط واضحا بين المفهوم الجدي للسلطة، التركيز على ميادين تحظى بالأهمية والأولوية مثل حماية البيئة والعمل الاجتماعي وتسخير جميع الوسائل لإدماج الفئات المحرومة في المجتمع وضمان كرامتها، ثم بدأ العمل فورا على إعداد مشروع إصلاح لقانون يهدف إلى تكييف النظام الجماعي مع مستجدات الحياة المحلية في ضوء توصيات المناظرة الوطنية السابعة.

أين وصلت عناصر المفهوم الجديد، اللامركزية، واللاتمركز، الجهوية المتقدمة في التطبيق الميداني؟

منذ انطلاق العمل على إعداد مشروع إصلاح لقانون يهدف إلى تكييف النظام الجماعي مع مستجدات الحياة المحلية في ضوء توصيات المناظرة الوطنية السابعةللجماعات المحلية التي نظمت، بالدار البيضاء، أيام 19، 20 و21 أكتوبر 1998، وفي ضوء التوجيهات التي تضمنها الخطاب السامي الذي وجهه جلالة الملك إلى المسؤولين عن الجهات والولايات والعملات والأقاليم من رجال الإدارة وممثلي المواطنين، والمشار إليه سابقا، عملت حكومة التناوب بقيادة أخينا الراحل عبد الرحمان اليوسفي، وضع تصور جديد، ترجم في القانون رقم 78.00 المتعلق بالميثاق الجماعي، الصادر في 03 أكتوبر 2002، والقانون رقم 79.00 المتعلق بتنظيم العمالات والأقاليم، الصادر بنفس اليوم، ثم في مرحلة موالية صدر مرسوم 02 يوليوز 2004 بتحديد كيفيات ممارسة سلطة الحلول، وبعده القانون رقم 45.08 المتعلق بالتنظيم المالي للجماعات المحلية ومجموعاتها بتاريخ 18 فبراير 2009.
وقد أصبحت الجماعات وحدات ترابية داخلة في حكم القانون العام تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي، ويدبر شؤونها مجلس منتخب يدبر شؤونها وفق نظام المحدد في القانون سالف الذكر، مع الإشارة أنه مع كل انتخابات جديدة، كانت تقع تغيرات على القوانين المنظمة لها.
وبالنسبة للجهوية، وتماشيا مع الإصلاح المؤسساتي والإداري الذي شهده المغرب مع مطلع القرن الحالي، قرر جلالة الملك في خطاب 06 نونبر 2008 بمناسبة الذكرة 33 للمسيرة الخضراء، فتح صفحة جديدة في نهج الإصلاحات المتواصلة الشاملة التي نقودها، بإطلاق مسار جهوية متقدمة ومندرجة، ليشرف بعد ذلك على تنصيب اللجنة الاستشارية للجهوية، بتاريخ 03 يناير 2010 مؤكدا أن الجهوية الموسعة المنشودة، ليست مجرد إجراء تقني أو إداري، بل توجها حاسما لتطوير وتحديث هياكل الدولة، والنهوض بالتنمية المندمجة، والتي عملت على وضع تقرير حول الجهوية المتقدمة .
وبعد صدور دستور 29 يوليوز 2011، ارتقت الجهة من جماعة محلية إلى جماعة ترابية، وتزايد عدد فصول الدستور المؤطرة لها من 3 فصول في دستوري 09 أكتوبر 1992 ودستور 07 أكتوبر 1996، إلى 12 فصل ضمن الباب التاسع المتعلق بالجهات والجماعات الترابية الأخرى، إضافة إلى التنصيص في الفقرة الأخيرة من الفصل الأول على أن التنظيم الترابي للمملكة تنظيم لامركزي، يقوم على الجهوية المتقدمة.
وتفعيلا لما نص عليه الفصل 146 من الدستور، عمل المشرع على إصدار القانون التنظيمي رقم 111.14 المتعلق بالجهات، بتاريخ 07 يوليوز 2015، أخذا بالتوجه الفرنكوفوني، من خلال تمكين الجهات من اختصاصات حصرية، بمفاهيم ودلالات واسعة، لإيلائها المكانة التشارك مع الدولة في تنزيل السياسات العمومية، من حيث المجالات المعنية.
وتكتسي الجهوية أهمية خاصة، تختلف من دولة إلى أخرى، حسب تفعليها ومكانتها في وضع السياسات الترابية، حيث يعتبر مؤشر استقلاليتها، في اتخاذ القرار والقدرة على التنفيذ، معيارا هاما في البناء الديمقراطي، ومن هذا المنطلق، وبعد مرور الولاية الأولى لمجالس الجهات في سياق دستور 29 يوليوز 2011، وأزيد من سنة من الولاية الثانية، التي من المفترض أن يحترم فيها القانون التنظيمي والنصوص التنظيمية، جملة وتفصيلا، وبالتالي أن تكون المجالس المنتخبة في 08 شتنبر 2021 تتوفر على برنامج التنمية الجهوية الخاص بولايتها، تماشيا مع تصور المشرع.
وتفعيلا لمبدأ ارتكاز التنظيم الجهوي والترابي على مبادئ التدبير الحر، وعلى التعاون والتضامن؛ وتأمين مشاركة السكان المعنيين في تدبير شؤونهم، والرفع من مساهمتهم في التنمية البشرية المندمجة والمستدامة، ساهم أخانا محمد بنعبد القادر لما كان وزيرا منتدبا لدى رئيس الحكومة المكلف بإصلاح الإدارة وبالوظيفة العمومية، في العمل على إصدار مرسوم 26 ديسمبر 2018 بمثابة ميثاق وطني للاتمركز الإداري، وهو يشكل ميثاقا وطنيا مرجعيا للاتمركز الإداري لمصالح الدولة، ويحدد أهداف ومبادئ اللاتمركز الإداري، وآليات تفعيله، والقواعد العامة للتنظيم الإداري للمصالح اللاممركزة للدولة، وقواعد توزيع الاختصاص بين الإدارات المركزية وهذه المصالح، والقواعد المنظمة للعلاقات القائمة بينها من جهة، وبين ولاة الجهات وعمال العمالات والأقاليم من جهة أخرى.
وقد كان هذا، تفعيلا لتوجيهات جلاله الملك في الحسيمة يوم 29 يوليوز 2018، بوضعه ضمن الأولويات، ثلاثة أوراش أساسية، أولها إصدار ميثاق اللاتمركز الإداري، داخل أجل لا يتعدى نهاية شهر أكتوبر 2018، بما يتيح للمسؤولين المحليين، اتخاذ القرارات، وتنفيذ برامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية، في انسجام وتكامل مع الجهوية المتقدمة.
إنها رؤية ملكية ترتكز على 25 سنة من الإبداع والابتكار، بهدف إرساء مجموعة من الإصلاحات والتدابير الاقتصادية والاجتماعية، الرامية إلى تحسين ظروف العيش المشترك بين جميع المغاربة، والحد من الفوارق الاجتماعية والمجالية.

ما هي في  نظرك أهم التحولات التي لمست تدبير  التراب الوطني من زاوية التنمية، الجهة الشرقة نموذجا؟

الأمر يتعلق بطموح كبير، يترجم تصور دقيق ومحكم للجلالة الملك، عمل مختلف المتدخلين في وضع وتنفيذ السياسات العمومية على بلورته ضمن وسائل تنفيذها، من بينها النص القانوني، باعتباره آلية أساسية لتنفيذ السياسات العمومية المتعلقة بالإصلاح المؤسساتي والإداري الذي تشهده البلاد، لاسيما الإعلان عن كون ورش الجهوية المتقدمة سيستجيب لمتطلبات التنمية الاقتصادية الاجتماعية والثقافية والبيئية لجميع المناطق، وإعطاء تصور واضح للمنتظم الدولي حول صدقية مقترح الحكم الذاتي في المناطق الجنوبية من المغرب، والارتكاز على مجموعة من المبادئ المؤطرة لعمل الجهوية، منها ما تضمنه الدستور ومنها ما نص عليه القانون التنظيمي لأول مرة، باعتباره آلية حقيقية لضبط العلاقة بين الجهات والدولة.
هذا التصور الرامي إلى إرساء جهوية متقدمة، لا ولن يتم إلا عبر التنزيل الفعلي والصحيح والديمقراطي لمضامين الدستور والقانون التنظيمي.
وعليه، انطلاقا من مساهمتي في عملية التشريع بصفة نائب برلماني خلال الولاية التشريعية التاسعة، وفي عملية التنفيذ بصفة نائب رئيس مجلس للجهة، خلال الولاية الأولى الممتدة من 05 شتنبر 2015 إلى 08 شتنبر 2021، كان العمل يرتكز على ترجمة المبادئ الأساسية المؤطرة لاختصاصات مجالس الجهات وتنفيذها ارتباطا بخصوصية كل جهة على حدة، في سياق صدارة الجهات في الجماعات الترابية، في سياق تصور وضعه جلالة الملك لجهة الشرق في خطابه التاريخي يوم 18 مارس 2003 من وجدة، بعد قيامه بتشخيص حقيقي للإمكانات الهامة والمؤهلات البشرية المتميزة بالإرادة القوية والجدية في العمل، التي تزجر بها جهة الشرق، قرر جلالته آنذاك اتخاذ مبادرة ملكية لتنمية الجهة مرتكزة على محاور أربعة تهدف إلى تحفيز الاستثمار والمقاولات الصغرى والمتوسطة للشباب وتزويد الجهة بالتجهيزات الأساسية وإعطاء الأولوية لمشاريع اقتصادية هامة فضلا عن النهوض بالتربية والتأهيل وتفعيل التضامن معتمدين آليات للتمويل والمتابعة والتقييم في التفعيل الملموس لمبادرتنا.
هذه التوجيهات الملكية السامية، وكل مضامين هذا الخطاب، تعتبر خريطة طريق على مستوى جهة الشرق، للعمل على تحقيق تنمية مستدامة ومندمجة، يتم استحضارها في مختلف الأوراش، منها الوثائق المرجعية للجماعات الترابية، من برامج التنمية، والتصميم الجهوي للإعداد التراب.

كانت لمفهوم السلطة الجديد علاقة بالدفاع عن الجهوية ومن بعدها الحكم الذاتي، ما هي القيمة المضافة لهذا المفهوم في تطوير  الأداء الديبلوماسي؟

لقد تطرقت سابقا إلى هذا الموضوع، بقولي أن ورش الجهوية مكن من إعطاء تصور واضح للمنتظم الدولي حول صدقية مقترح الحكم الذاتي في المناطق الجنوبية من المغرب، والارتكاز على مجموعة من المبادئ المؤطرة لعمل الجهوية ككل. خاصة أنها تشكل تقطيعا ترابيا عادلا اعتبارا لمعايير اقتصادية وطبيعية وجغرافية واجتماعية وثقافية، وكل جهة لها ما يكفي من الإمكانيات والخصوصيات تجعلها قادرة على الإنتاج والتنافسية والإبداع، في إطار التنمية والاندماج والتضامن، وذلك عبر تبني تدابير عملية تتمحور حول نظام للجهوية يأخذ بعين الاعتبار الخصوصيات الثقافية لكل منطقة، وتبني منطق المحلية بهدف تعزيز الاندماج، والتأثير الاجتماعي لمختلف السياسات القطاعيةعلى الساكنة المحلية.
ومن مرتكزات هذا الورش، سواء تعلق الأمر بالجهات المعنية بالحكم الذاتي أو غيرها، أنه يرتبط كذلك بالنمو المتوازن بين الجهات، وتقليص الفوارق، في أفقالتأسيس لدينامية جديدة للإصلاح المؤسساتي القائم على التكامل بين مختلف مكوناته، ومراعاة التناسق والتوازن في الصلاحيات والإمكانيات، مع تفادي تداخل الاختصاصات أو تضاربها، والذي يترجم من خلال تحقيق حكامة ترابية قائمة على التناسق والتفاعل بين الجهات والمراكز، وعدم حصرها في القواعد القانونية لوحدها، بل الأخذ بعين الاعتبار المعطى السوسيو ـ ثقافي في مسار تطبيق الإصلاحات القانونية.
لكن للآسف، على مستوى التطبيق، مازال منسوب الثقة متواضعا في قدرة المجالس الجهوية على الاطلاع بشكل ناجع بالأدوار الدستورية والتنموية المنوطة بها، وهو ما يلقي بظلاله على المسافة التي تفصل بين نمط الجهوية في المشروع وبين الجهوية المتقدمة المطلوبة.
إنه نموذج مغربي ـ مغربي، بخصوصياته الثقافية والتاريخية من جهة، وموارده وإمكانياته المالية من جهة ثانية، لكن هشاشة معظم النخب والهيئات السياسية من جهة، وانغلاق السلطة التنفيذية واستمرارها في احتكار ومركزة القرار، حالت دون تحقيق الأهداف المنشودة.
وعليه، يتعين تسريع وتيرة ممارسة الجهة للاختصاصات الذاتية، وانخراط كل الأطراف في عملية تنزيلها وفق خصوصيات كل جهة والإمكانيات المالية والبشرية المتاحة، والتوجه نحو تدقيق الاختصاصات المنقولة، بين كل جهة والقطاعات الحكومية المعنية.

إلى أي حد ساهم المفهوم الجديد للسلطة في تفعيل  ربط المسؤولية بالمحاسبة، وفي تحديد مسؤوليات كل أطراف العملية التدبيرية، من منتخبين وسلطات وصية كمثال؟

جدير بالذكر أم مسار التطور الذي عرفته منظومة الجماعات الترابية بصفة عامة، خلال 25 سنة من حكم جلالة الملك، جعل منها أحد مستويات التنظيم الترابي للمملكة، خاضعة للقانون العام، تتمتع بالشخصية الاعتبارية والاستقلال الإداري والمالي، وتم تمكينها من مجموعة من المبادئ، منها مبدأ التدبير الحر، الذي يخولها التداول بكيفية ديمقراطية، وسلطة تنفيذ مداولاتها ومقرراتها، وكذا مبدأ التضامن والتعاون من أجل بلوغ أهدافها، بالإضافة إلى مبدأ التفريع.
وفي نفس السياق، خضع مفهوم الوصاية للتطور، إذ بعد دستور 2011، وتبعا لأحكام الفصل 145 منه، يمثل ولاة الجهات وعمال الأقاليم والعمالات، السلطة المركزية في الجماعات الترابية. ويعملون باسم الحكومة، على تأمين تطبيق القانون، وتنفيذ النصوص التنظيمية للحكومة ومقرراتها، كما يمارسون المراقبة الإدارية، ويساعدون رؤساء الجماعات الترابية، وخاصة رؤساء المجالس الجهوية، على تنفيذ المخططات والبرامج التنموية، ويقومون، تحت سلطة الوزراء المعنيين، بتنسيق أنشطة المصالح اللاممركزة للإدارة المركزية، ويسهرون على حسن سيرها.
إذن فالمفهوم الجديد، هو المراقبة الإدارية، التي تجرى على شرعية قرارات رئيس المجلس ومقررات مجلس الجماعة، وهي مراقبة بعدية في العديد من المقتضيات.
كما أن العلاقة بين سطلة المراقبة، والجماعات الترابية ترتكز على المساعدة، واعتبارا لكون القضاء هو من يتولى حماية حقوق الأشخاص والجماعات وحرياتهم وأمنهم القضائي، وتطبيق القانون، فقد عهد إليه بالعديد من الاختصاصات لرقابة شرعية القرارات الإدارية، والبت في بعض الأمور منها عزل الرؤساء والأعضاء.
ومن منطلق أن النظام الدستوري للمملكة يقوم على أساس فصل السلط، وتوازنها وتعاونها، والديمقراطية المواطنة والتشاركية، وعلى مبادئ الحكامة الجيدة، وربط المسؤولية بالمحاسبة، فأملنا أن يتم تفعيل هذا المقتضى الأخير، في إطار المفهوم الجديد للسلطة، من خلال أجرأة مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، على أن تشمل كل الفاعلين منتخبين وإداريين معينين، وليس المنتخبين لوحدهم، لاسيما أن هذه الفئة الأخيرة، تخضع لرقابة شعبية من خلال صناديق الاقتراع، في حين فئة المعينين لا رقابة عليها خارج هيئات الرقابة.

سعيد بعزيز
عضو المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية
رئيس لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس النواب


الكاتب : الاتحاد الاشتراكي

  

بتاريخ : 30/07/2024