قالت زوجة الأسير الفلسطيني مروان البرغوثي، فدوى البرغوثي، في مقابلة أجراها معها مراسل صحيفة «أوبزيرفر» في القدس بيتر بيومنت، إنها وابنتها ربى زارتا السجين مروان برغوثي، منظم إضراب مئات من السجناء، قبل شهرين أو ثلاثة أشهر من دعوته للإضراب في سجن هداريم.
وينقل التقريرعن فدوى، قولها إن ابنته قالت له: «أتمنى ألا تفعل هذا الأمر، ولا نراك كثيرا، ولا يراك إخوتي، وسنقلق عليك، ولن نكون قادرين على زيارتك»، فرد قائلا: «أعلم أن هذا الأمر سيكون مؤلما للعائلة».
ويعلق بيومنت قائلا إنه بعد أسبوعين من إضراب ألف سجين فلسطيني، فإن إضرابا عاما شل الحياة في فلسطين كلها؛ تضامنا مع المضربين عن الطعام، مشيرا إلى أن الإضراب عن الطعام يجري على خلفية التوتر المتزايد مع قرب الذكرى الخمسين على احتلال إسرائيل المناطق الفلسطينية، بالإضافة إلى الخلاف بين الفصيلين الرئيسين، وهما حركتا فتح وحماس.
وتشير الصحيفة إلى أن البرغوثي (57 عاما) الذي بدأ الإضراب، تم نقله من سجنه إلى سجن انفرادي قرب حيفا، حيث يقضي حكما بالمؤبد صدر عام 2004؛ لدوره في الانتفاضة الثانية في الفترة ما بين 2000 إلى 2005، لافتة إلى أن داعمي البرغوثي يؤكدون أن الإضراب مرتبط بحقوق السجناء، ولا علاقة له بطموحاته السياسية.
ويعلق الكاتب قائلا إن «السؤال حول موقع البرغوثي وما يمثله بات جزءا من النقاش السائد، فهو في نظر المعلقين والمتطرفين من وزراء الحكومة الإسرائيلية (قاتل)، ويجب على حد رأيهم إعدامه، وفي المقابل يراه الكثير من الفلسطينيين بطلا، ويقارنونه بنلسون مانديلا، ويجدونه رمزا لم يتشوه بالفساد والكولسات التي طبعت فترة حكم الرئيس محمود عباس».
ويضيف بيومنت أن «فدوى ليست لديها معلومات عن زوجها سوى ما يصلها من سجناء آخرين مروا به أو شاهدوه، حيث تقول تقارير إن الإضراب بدأ يؤثر على المشاركين فيه، الذين لا يتناولون سوى الماء والملح، رغم أن أيا منهم عانى حتى الآن من مشكلات صحية خطيرة».
ويورد التقرير نقلا عن فدوى البرغوثي، قولها: «الأيام المقبلة ستكون صعبة»، وأضافت: «المرة الأخيرة التي التقتيه فيها كانت قبل أسبوعن من بدء الإضراب، ولم يزره أحد منذ بدء الإضراب، وكل المعلومات المتوفرة لدي غير رسمية، وبعض السجناء يعانون والوضع يزداد سوءا».
وتقول فدوى إن السجناء وضعوا قبل ثمانية أشهر قائمة من المطالب، كلها متعلقة بظروف السجن، بما في ذلك السماح بالزيارة والاتصالات الهاتفية والتعليم والكشف الصحي، وتضيف: «أرسلوا رسائل للقيادة الفلسطينية قالوا فيها إن الإضراب سيبدأ في 16 نيسان/ أبريل، إذا لم تستجب إسرائيل للمطالب، وأخبروا السلطة بأنها تستطيع منعه من خلال الضغط على إسرائيل».
وتقول الصحيفة: «حتى لو افترضنا أن هناك اتصالات سرية، يبدو أنه لم تكن هناك أي مفاوضات، وبدلا من ذلك زادت إسرائيل الضغوط على المضربين، وعزلتهم عن العالم الخارجي، حيث يقول الداعمون للمعتقلين إن سلطات السجن صادرت أجهزة الراديو، ومنعتهم من مقابلة محاميهم».
وينقل الكاتب عن مسؤول شؤون الأسرى في السلطة الوطنية عيسى قراقع، قوله إن بعض السجناء نقلوا إلى زنازين انفرادية، فيما نقل آخرون إلى عنابر خاصة، وأضاف: «أقاموا أقسام احتجاز جماعية خاصة، وضع فيها المضربون عن الطعام بملابسهم التي يرتدونها وفرشات وفراشي أسنان، وتمت مصادرة متعلقاتهم الشخصية كلها».
ويلفت التقرير إلى أن ما يثير قلق قراقع وفدوى هو تصريحات المسؤولين الصداميين في الحكومة الإسرائيلية، بمن فيهم مسؤول الأمن إسرائيل كاتس، الذي طالب بإعدام البرغوثي، وقال: «عندما يقوم قاتل حقير، مثل البرغوثي، بالاحتجاج داخل السجن لتحسين ظروفه، فيما لا يزال أقارب من قتلهم يعانون، فإن هناك حلا واحدا: الحكم بإعدام الإرهابيين كلهم».
وتفيد الصحيفة بأن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وصف البرغوثي بعميد الإرهاب، في الوقت الذي طالب فيه وزير الدفاع أفيغدور ليبرمان بتبني حل رئيسة الوزراء البريطانية السابقة مارغريت تاتشر، مع المضربين عن الطعام من سجناء الجيش الإيرلندي الحر، وهو تركهم يموتون جوعا.
ويبين بيومنت أن قراقع اعتبر تصريحات المسؤولين الإسرائيليين «تحريضا واستفزازا»، وقال إن «هذه التصريحات، التي رافقتها إجراءات ضد المضربين عن الطعام، تفاقم من الوضع، وهذا الإضراب لم يأت من فراغ، حيث جاء نتيجة الفشل في مناقشة القضايا مع سلطات السجن الإسرائيلية، فإسرائيل هي التي أوصلت الوضع إلى هذا المستوى».
ويذهب التقرير إلى أن «إضراب السجناء خلق معضلة للسلطات الإسرائيلية والسلطة الوطنية، فاللغة المتعنتة التي صدرت عن المسؤولين الإسرائيليين أدت إلى زيادة التوتر، وبالنسبة لعباس، الداعم لمطالب السجناء، فإن توقيت الإضراب خلق له معضلة؛ لأنه جاء قبل رحلته المقررة بعد أيام إلى واشنطن، فهو أمام موازنة صعبة، من ناحية تقديم الدعم للمضربين، وإصدار الأوامر لقواته الأمنية بمنع المتظاهرين من الاشتباك مع الجنود الإسرائيليين على الحواجز، وهذا يؤكد وجهة النظر القائلة إن البرغوثي لديه قدرة محدودة للسيطرة على الوضع، ومن هنا فكون البرغوثي في داخل السجن وخارجه في المقدمة لم يثر دهشة المراقبين».
ويتذكر الكاتب مقابلة مع الوزير الإسرائيلي والمفاوض السابق يوسي بيلين، الذي عرف البرغوثي أثناء مفاوضات أوسلو، وقال: «لست معجبا به، لكنه داهية، وقطة شوارع، وفلسطيني يفتخر بنفسه وبحركته، وتعاملت معه بصفته شريكا، وكان شخصا ملتزما بالحل السياسي، وهو سياسي ورجل دولة، ومثل بقية السياسيين الذين تورطوا في العنف، فإنه ينبغي علينا البحث عن طرق للتعامل معه ضمن إطار سياسي؛ لأنه سيقود أتباعه إلى اتفاق».
ويعلق بيومنت قائلا إن «هذا (الدهاء) واضح في توقيت الإضراب ليتزامن مع نصف قرن من الاحتلال الإسرائيلي، ومن المطالب لتحسين أوضاع السجناء، وهي ليست تعجيزية ويمكن تحقيقها».
وتقول الصحيفة إن «السؤال فيما إن كان البرغوثي، وبتأثيره وجاذبيته، قادرا على القيادة، حتى لو كان حبيس زنزانة انفرادية، فاستمرار الإضراب لا يبشر بالخير لإسرائيل، خاصة أن المسؤولين الامنيين واعون بإمكانية وفاة المضربين بشكل سيزيد من مستوى العنف، ورغم سماح المحكمة لسلطات السجن بإطعام السجناء بشل إجباري، إلا أنه موضوع مثير للجدل مع الجمعية الطبية الإسرائيلية».
وتختم «أوبزيرفر» تقريرها بالإشارة إلى أن فدوى بدأت في مكتبها في رام الله بالبكاء وهي تفكر بما سيؤدي له الإضراب، وقالت: «ما سيزيد من صعوبة الوضع هو شعوري بأن العائلات الأخرى تريد أن تستمد القوة مني، وعلي إخفاء مشاعري»، وأضافت: «كنت ألوم مروان على غيابه، وكان يقول عليك الصبر فهو كفاح من أجل حياة أفضل لأبنائنا، ومضى على هذا الكلام 30 عاما».
أوبزيرفر: هل يستطيع البرغوثي القيادة من سجنه الانفرادي؟
بتاريخ : 05/05/2017