مالم يُعَرْ ما يستحقه من مشاريع تنهض به
غنى المطرب أحمد اسماعيل في الزمن الجميل القصيدة الخالدة (يا مراكش يا وريدة بين النخيل** وبهاك يسطع نور بوجهك الجميل ** حسن بهاك مالو مثيل. ولو قُدر لهذا الفنان أن يستفيق من قبره اليوم، وينظر بعينيه المآل الذي صارت إليه الطبيعة بمراكش واوريكا، لامتعض ورجع على وجه السرعة إلى قبره متحسرا. فأين هي المروج الخضراء، وأين هي البساتين الغناء والسواقي التي تروي الخضراوات والفواكه من تفاح وبرتقال وأعناب..وأين هو الزيتون والنخيل الأخضر ..الباسق المثمر، والنباتات البرية الطبية من زعتر وزعيترة وبابونج ومريوت وشيح ومخينزة وحب ارشاد وفليو..؟؟ فقد اقتلع كثير من ذلك من جذوره، وجُعل مكانه ردم كبير تجلبه شاحنات من مكان بعيد لتجعل أرض الفلاحة صلبة صالحة لوضع طوبة اسمنت فوق طوبة.. قرب طوبة، ليتحول المجال إلى مشهد اسمنتي مذهل.. إلى مكان تشبه ملامحه غابة اسمنت، بها نخيل فاقد لخضرته وجماله .
وفي أغاني الفنان الأمازيغي الحسين الباز، ذِكْر لأوريكا التي فتحت أبوابها على مصراعيها لمراكشيين، باعوا دُورهم أو رياضاتهم أوهربوا من غلاء المعيشة أو حنوا لأوريكا التاريخ والجغرافية، أوريكا الخمسينات والستينات والسبعينات، التابعة لإقليم الحوز، فقد كانت زيارتها على الدراجات الهوائية والنارية مشدود إلى خلفها(بورت باكاج) بإحكام، ما يلزم من قِربة ماء وشاي وسكرونعناع وأواني، من وحصير ومقراش وبراد وفحم و»تقيوتات».. وآلة عود وطعريجة وقراقش. وكان التنزه بها.. حيث الدفء والهدوء والاسترخاء.. ، يضيف عمرا إلى عمر. ويرجع المتنزهون وقد صفت دواخلهم، وتجددت دماؤهم، وانشرحت صدورهم، ففي كل خرجة أسبوعية يستلهمون دفقة حرارية من الشباب وطاقة نفسية موجبة لمجابهة متاعب الأيام .
ولمن لايعرف أوريكا، فهي منطقة تقع بجبال الأطلس الكبير، تبعد عن مراكش بستين كيلومترا. و»أوريكا» ، اسم دلع أو إشهاري، أطلقه بعض المستثمرين الأجانب، الذين كانوا يبحثون في المغرب عن منتجع نضر يسمو أكثر بالمشاعر والخيال ويروح عن النفوس. وكما حدث للعالم اليوناني أرخميدس في القرن الثالث قبل الميلاد، عندما اهتدى في لحظة أشبه بالوحي لفكرة تساعد في نجاح تجربة له، فصاح «أوريكا..أوريكا، أي وجدتها، حدث للمستثمرين الأجانب الذين يبحثون في بلاد الله عن مناطق آمنة هادئة خلابة تدرعلى مشروعاتهم أموالا طائلة نفس الشيئ، إذ لما اكتشفوا منطقة «إوريكن»، صاح لسان حالهم «أوريكا أوريكا..ومن وقتها لم يعد أحد يذكر الإسم الحقيقي للمنطقة، فبنوا على تربتها الخصبة فنادق فاخرة بمحاذاة الطريق وبدواوير، بتصميم هندسي رائع تجلى في حدائق تتوفر على زهور ونباتات وفرش تقليدية وديكورات ملهمة ومواقف خاصة وفِناءات مشتركة ومسابح في الهواء الطلق وقاعات ومطاعم مكيفة وشرفات تطل على الجبل.. هكذا استحالت منطقة أوريكا منتجعا يستقطب الأجانب من كل صوب وحدب، بفضل أقلام معلومة وإعلانات وإشهارات في مواقع سياحية ووسائل إعلام خاص وأجنبي.. ولعل الرسالة، هي أن لمنطقة أوريكا استعدادا لأن تكون رائدة في السياحة ليس فحسب على المستوى الوطني، ولكن أيضا على المستوى العالمي، والمرسل إليه الجهات المسؤولة العاجزة عن نماء وتطوير «أوريكا». فالناظر في أمر المنطقة إذن، يجد أن الحديث يتعين أن يكون عن أوريكا نافعة استغلها الأجانب أحسن استغلال، وأوريكا لم يُعَرها اهتمام ولا رعاية، وهي بذلك تدخل في إطار المغرب غير النافع.
عندما تخرج من مراكش في اتجاه اوريكا، سواء كنت في سيارتك، أوركبت من «سيدي ميمون» سيارة كبيرة (ترانزيت يكتظ الناس داخلها أو يصعدون سطحها، تترنح يمنة ويسرة بإيقاع بطيئ)، وتقطع «»باب الجديد»، و»زرابا» ، تجد نفسك في خلاء وحجارة، ودور في طور البناء، ثم تمخر وسيلة نقلك الطريق، فترى بازارات عتيقة تعرض حجارة من الجبال تتخذ واجهة للمنازل، ومواعين وديكورات خزفية وزرابي تقليدية تعرض مهارة وإتقان نساء أوريكا الأمازيغيات، وكذا بعض محلات البقالة والعطارة..وتُمعن وسيلة نقلك في الطريق، فتشهد رجلا أو فتى يقود قطيعا من الغنم في أرض تحت شمس حارقة بها قليل من العشب وسواقي يمر بها خيط من الماء..إن لم نقل جافة وتغمرها أزبال المنازل.
وتقطع خمسة وثلاثين كيلومترا تقريبا لتجد نفسك في منطقة تدعى «العقرب»، نسبة لشخص ذي شهرة معروف في المنطقة بهذا اللقب، وليس لأن هناك عقارب أو حشرات. ومنطقة «العقرب»، حيث دوارالحاجب ودوار بوتبيرة..ودواوير أخرى، تعاني شح الماء طيلة فصول السنة، بسبب جمعية، يشتكي الناس-باستمرار- من تدبيرها لهذه المادة الحيوية، ينضاف إلى معاناة المنطقة ضعف التيار الكهربائي(130فولط) لا أكثر، فهو يكاد يشبه ضوء الشمع، وينقطع بشكل متكرر، وما يحرق الأعصاب أن الفاتورة مرتفعة، وينحو البعض-بطرق ملتوية- إلى اقتناء، عدادات الكهرباء القابلة للتعبئة، المنتشرة في دواوير دون أخرى، لأن الإضاءة عن طريق الباتريات متعبة، أو الطاقة الشمسية مكلفة جدا. وهذا الواقع المرير، هو ما دفع ببعض الساكنة الأوريكية إلى بيع منازلها وأراضيها بثمن بسيط، أغرى سياحا قادمين من المدن الكبرى مثل البيضاء والرباط ومراكش ووجدة…ولأن المنطقة تفتقد إلى مخطط للتهيئة العمرانية، فقد سارع المشترون لبناء المنازل.ولكنهم فوجئوا ذات ظهيرة، بجرافات ومعاول المجلس البلدي تهدم ما بني في الليل أوعلى وجه السرعة على مرأى أو مسمع من أعوان السلطة.
وتوقّف البناء، وبتوقفه، تجمد كل رواج، علما بأن البناء يشكل دينامو كل حركة في المنطقة، ولكنه موقَّف-بسياسة رشيدة- إلى أجل غير مسمى، ويعيش الآن أصحاب ال»كلسات» أو المحلات الكبرى التي تبيع الحديد والإسمنت والأسلاك والحديد والرمل والزليج والجبص والصباغة وأغراض البناء.. ، يرتبط بهم طبعا (طالب معاشو) ، أو أصحاب «الكارووات» أو «الهوندات» أو «البيكوات» أو الشاحنات..التي لا تتململ من مكانها، واقعا يدعو إلى الألم والشفقة، بسبب عدم تدبير هذا الشأن المحلي تدبيرا حسنا وموفَّقا، وإلى اليوم ينشون الذباب، ويستعظمون يوما زاحفا كالقدر لا يكون لديهم فيه قدرة على دفع أي ضريبة.
وغير بعيد عن «العقرب»، تجد «اثنين اوريكا»، المحطة الأخيرة،التي يصل إليها أيضا راكبو الحافلة الخط 25 من «سيدي مومن»، وهي منطقة يتوسطها سوق شعبي تقليدي تحضره كلَّ اثنين دواويرُ إقليم الحوز، تتناثر به خيام كبيرة مهترئة، يبيع فيها أصحابها مستلزمات المعيش اليومي، والشواء تتصاعد أدخنته في أرجائه، وتحاط بالسوق، دورعصرية وتقليدية، وقُبالته معاصرُ زيت الزيتون أو «زيت العود»، تتفاوت في الثمن والجودة. وأعجب ما أعجب له، أن أثمان السلع في البيضاء ومراكش والرباط، أي المدن الكبرى، حيث فرصُ العمل متوافرة، لاتختلف عن الأثمان في أوريكا، رغم أنها لا تشهد انتعاشة في أي مجال، ما جعل بعض أبنائها يشدون الرحال إلى المدن الكبرى،لجلب/لإرسال مايكفي من المال، لخلق مشاريع تنهض بالمنطقة، من ورشات وحوانيت النجارة والحدادة والميكانيك والخياطة والبقالة .. كما بالضد المقالب-شد بعضهم الرحال نحو «محرقة سوريا» التي وصفها البعض، بخطبهم وصكوكهم ووعودهم وأعوانهم وباستراتيجية نفسية محكمة، ببوابة الجنة التي لايلجها إلا مجاهد لا حظّ ولا حضورَ ولا حيلةَ له في دنياه، وفي وجهه، غُلّقت الأبواب.
وتُسْلمنا منطقة اثنين أوريكا إلى «والماس»، حيث مزيدٌ من المنتوجات المحلية بأياد أمازيغية، من زرابي وحنابل بحرف تيفناغ وأواني منزلية وقطع نقدية فضية ومنحوتات وتحف ومعمار سكن تقليدي، ومسجد صغير عتيق، وسواح من الداخل والخارج يركنون سياراتهم بمحطة مبلطة غير مسوّرة، ويجولون مشيا على الأقدام بين شجرات الكاليبتوس والصفصاف الخضراء الباسقات التي يتضوع منها الأوكسجين الصافي، وبعض الأحصنة القصيرة يعتاش من ركوبهاعجوز رقيق الحال، وشباب يطوفون وبأيديهم سلاسل فضية وعقيق أمازيغي ومحفظات صغيرة تُسعف السائق وتسابيح ملونة ..ووادي، وقد توسطه جسر خشبي، وعلى ضفافه بعض المقاهي التقليدية، و»دور الضيافة»و «بيوت تقليدية «للمبيت.
ومنطقة والماس هاته، يتوهم كثير من السياح المغاربة، أن الاغتراف من مائها بنَهَم، صحيٌ للغاية. والواقع أن منطقة والماس، التي تتوفر على ماء معدني غازي طبيعي، لا تقع سوى في المجال الترابي لمدينة الخميسات.أما «والماس»،التي نحن بصدد الحديث عنها، فتابعة لجماعة ستي فاضمة،التي تبعد عن مراكش بستين كلمترا، والتي ينطق البعض اسمها «ِسيتي فاضمة» وسيتي هي المدينة بالانجليزية، ولكن الاسم الحقيقي هو «اسْتي» أي السيدة، و»ازْدي» أي السيد، واستي فاضمة، يُروى أنها ولية أمازيغية صالحة من أولياء الله. وتتمتع هذه الجماعة القروية التي تستهوي عشاق السياحة الطبيعية بكونها قريبة من مراكش الحمراء عروس الجنوب، ذات المآثر التاريخية الأثيرة والأماكن الرائعة، وتتمتع بهضاب وجبال.. وقصعة كسكس بسبع خضاروطواجين لذيذة تحوي لحم ضأن فتِي وبطاطس وجزر طازجة وفلفل حلو وحار ومرق شهي وفواكه وحتى بعض المشروبات الغازية،أما الزبد والحليب واللبن والعسل، فيقدم قِرى للضيف ويحرم بيعه ، لأن في ذلك اعتقادا بزوال بركته، ينضاف إلى ذلك مشهد تلك القرى البسيطة وملامح ولباس ودواجن الساكنة، ومشهد بسيط يرصع السياحة أيضا لرجل يعرض جَملين وحصانا للركوب وأخذ صورة بثمن بخس، والشلالات السبعة، والأشجار الوارفة، والوادي الذي تتوسطه كراسي بعض المقاهي، وجسر خشبي يترنح السائح فوقه ذات اليمين وذات الشمال، ومياه تتلوى تحته كالثعابين، خريرُها يشنِّف الأسماع، وهواء نقي ينعش الروح..
وبقدر ما تُسعد هذه الطبيعة السياح على اختلافهم، لايستفيد منها أبناء المنطقة:فلامخطط، ولا مشاريعَ، لا على المدى القريب أو المتوسط أو البعيد، ولذلك انتصب شباب المنطقة، الذين آلوا على أنفسهم ألا يغادروا أوريكا مهما كانت ظروفها عصيبة، فانضوى معظمهم في جمعيات سوسيو ثقافية واجتماعية، تربو على العشرين،لانتشال أوريكا من الإقصاء والتهميش للنهوض بالإنسانِ الأوريكي، بمجتمعٍ في تزايد مضطرد، يفتقر لأبسط مظاهر العيش الكريم، مقدمين إسهامات محلية جديرة بالالتفاتة، كلٌّ في مجاله، مؤمنين بما جاء في خطاب جلالة الملك،من أن أي مواطن ، كيفما كان ، ينبغي أن توفر له نفس الحظوظ ، لخدمة بلاده ، وأن يستفيد على قدم المساواة مع جميع المغاربة ، من خيراتها ، ومن فرص النمو والارتقاء في منأى عن التفاوتات الصارخة ، والتصرفات المحبطة ، ومظاهر الريع ، وإهدار الوقت والطاقات ..
ولقد ارتفعت أصوات الأهالي، من خلال أصوات الجمعيات الشبيبية المناضلة والغيورة ونظمت احتجاجاتهم هنا وهناك أمام المسؤولين، لكن عبثا ، كما رفعت مطالبهم إلى مواقع التواصل الاجتماعي والسياحي على كثرتها وتنوعها ووقعها، وعلى رأسها:
إخراج وثيقة تصميم التهيئة إلى الوجود .
ومازال لم يُعرف لماذا وإلى متى تظل اوريكا من غير تصميم للتهيئة على غرار أيت أورير وتحناوت؟فالساكنة في تكاثر مستمر، والبناء متوقف نهارا لكنه يتحرك ليلا، إذ قد يشرع في بناء منزل ابتداء من الحادية عشرة ليلا،ويصبح قبل السابعة صباحا معدا للسكنى، ولا من رأى ولا من احتج.
تأهيل الشبكة الطرقية
فهي لم تؤهّل بعدُ، ولم يعطها الأهمية اللائقة بها نظرا لحركة السيرالمتصاعدة. وحتى الأرصفة تغيب بسبب البناء العشوائي الذي لم يترك المسافة القانونية بين منزلين متقابلين، ما يجعل المارة يمرون وسطها ووسائل النقل خلفهم تتحرك بتوؤدة.وبخصوص الطريق الرئيسية التي تقطع من دوار لآخر، فضيقة جدا، وكثير منها غير معبد أو مزفت، والأتربة التي تكتسحها تمسي عصيدا شتاء، ما يجعل عجلات السيارات عرضة للانزلاق وبالتالي إمكانية حدوث حادثة.
تطوير خدمة النظافة
وتفتقر اوريكا لحاويات أو شاحنة أزبال أو أعوان نظافة، في كثير من دواويرها، ما يدفع الساكنة لأن تلقي أزبال المنازل هنا وهناك كغذاء للماشية.
الصرف الصحي
وماانفك كثير من الدواوير يعاني من غياب قنوات الصرف الصحي، رغم الهبَّة القوية التي شهدتها في الآونة الأخيرة، لكن المشكل، ليس في حل مشكل شبكة المجاري، ولكن في الانتباه إلى أن الساكنة ليس لها تحسيس بأهمية الصرف الصحي، أولنقل إن الساكنة، مافتئت تحافظ على «الخطارات» ببيوتها كمراحيض لاتكلف ماء ، ثم أين هو الماء؟أليس في قبضة مجموعة من الناس محسوبين على رؤوس الأصابع وليس بعد في تصرف وكالة توزيع الماء والكهرباء التي مقرها تاحناوت؟
غياب الإنارة
حين يحل المساء، تنقطع الحركة لغياب أو ضعف الإنارة الشديد في الشارع أو الأزقة.أما في البيوت، فالتيار الكهربائي منحصر في 130 فولط، وينقطع بشكل متكرر. والفاتورة في ارتفاع متنام، واشكي وابكي ما يحلو لك، فلا مخاطب ولا جواب شاف ولا وعد بمراجعة استهلاك.وكل غياب للإنارة من شأنه أن يهدد الناس في نفوسهم وممتلكاتهم.
غياب علامات التشوير
لايعقل أن لا تتوفر محطة للبنزين على طول الطريق الرابطة بين مراكش واوريكا ومحلات صيانة السيارات .فوقوع عُطل في السيارة،خاصة بمنعطفات صعبة، قد يخنق الطريق التي هي أساسا ضيقة، ويعطّل مصالح الناس، أو وصولهم إلى بيوتهم لاسيما إذا حل المساء، والحال أن أعمدة الإنارة مفتقدة.
محطات إنذار يابانية تنبّه إلى قدوم سيول جارفة
احتار المسؤولون في وزارة السياحة والمتعاقبون على الشأن المحلي بأوريكا في أمر الوادي، فلم يستطيعوا كبح جماحه وانتفاضاته من حين لآخر رغم وجود محطات يابانية ، ركّبت بجانبه لرصد سيوله كلما هطلت أمطارغزيرة.فبعد كل إنذارات، لايملك المسؤولون إلا أن يتحركوا تحرك من ليس لديه أي إمكانيات لتوقيف انجراف التربة والمزروعات والأشجار والحجارة الكبيرة والبنية التحتية، وهذا الانجراف الوافد من الجبال والذي تعززه الأمطار الرعدية المسترسلة،يقطع أوصال الدواوير، بل ويحطمها ويعزل الناس عن بيوتهم، ويهشّم رؤوس من يكون في الوادي يستجمون أو بجنباته يستلذون بأكلة، ولم يتنبهوا.وتحتفظ لنا الوثائق المؤرخة في 1995 و2014 و2018 بمشاهد مؤلمة لمصطافين من الداخل أو الخارج وقد هطلت الصخور فجأة على أدمغتهم وجرفت سياراتهم وأتلفت المقاهي والمطاعم، وكلنا يتذكر منسوب المياه الذي غمر منطقة والماس في اتجاه ستي فاضمة بجبال اوريكا، أوقطع الطريق بين منطقة والماس ومنطقة أغبالو لساعات طويلة، لكن طبعا بفضل سواعد شباب أوريكا يُغاث الناس العالقون أو المنجرفون أو الذين تهدمت دورهم، بنقلهم إلى مكان أبعد من الخطر، أكان مدرسة أو صومعة.. بأدوات بسيطة وشيم عالية…ولقد نشرت وكالة «الأسوشايتد بريس» الأمريكية على موقع يوتيوب مقطع فيديو يوثق لكارثة اوريكا1995 والتي أتت على 230 شخصا وخسائر كبيرة في الممتلكات، كما وثقت جريدة الاتحاد الاشتراكي لهذه السنة وسنتي 2014 و2018
خاتمة
غني عن البيان أن منطقة أوريكا جزء لا يتجزأ من نسيج السياحة في المغرب ككل. وعليه، فالمؤسسات القائمة وفي مقدمتها الحكومة، منوط بها القيام بتحركات تحد من هيجان وعبث الوادي بالأرواح والممتلكات، وبالتالي ضرب السياحة في الصميم، فهل سمع أحد أن منطقة سياحية في العالم يجول بها الرعب والموت مثل أوريكا؟فالناس يفدون لأنهم يحبون الحياة وقضاء أوقات ممتعة ببيئة تخلب العقول وتروح عن النفوس، لا ليغامروا بأرواحهم وممتلكاتهم.
وبخصوص إنماء المنطقة، فيتعين أن لا تُترك إلا بين يدي طاقات وكفاءات تدير المنطقة برؤية علمية ومسؤولية،تعرف ما لها وماعليها، قادرة على تمثل النموذج التنموي المنشود، على تحريك وتفعيل المشاريع الاستثمارية والخدمات التي تبشر بفرص الشغل،قاطعة مع التباطؤ والتلكؤ والعبث وهدر الوقت وعدم اتخاذ المبادرات الايجابية التي تخدم اوريكا، الإنسان والمجال.