بعد توليه مسؤولية الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، أدلى الراحل الكبير السي عبد الرحمن اليوسفي بأول حوار صحافي لجريدتي الحزب “الاتحاد الاشتراكي” و”ليبراسيون”. وهو الحوار الذي استعرض فيه لماذا حرص على أن يكون أول حوار له بعد توليه المسؤولية مع صحافة الحزب، فضلا عن حديثه عن السياق الوطني والدولي والحزبي- وتحديدا وصية رفيق دربه الفقيد عبد الرحيم بوعبيد- الذي جعله يقبل تحمل المسؤولية.
وتحدث اليوسفي عن أسياب مشاركة الحزب في الانتخابات الجماعية، وأن ذلك اختيارا يرتبط باستراتيجيته الأساسية. مضيفا أن “التصويت في بلادنا معركة حقيقية ينبغي خلالها مقاومة ضغوط وتلاعبات بعض رجال الإدارة”. كما تحدث عن الكتلة الديمقراطية، وتأثيرها الإيجابي على الرأي العام، فضلا عن قضية الصحراء المغربية وبناء المغرب العربي وحقوق الإنسان..
عبد الرحمان اليوسفي، منذ تحملكم مسؤولية الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية لم تدلوا أبدا بأي استجواب للصحافة، ومن ثم فإن الاستجواب الحالي هو أول استجواب تعطونه منذ تحملكم المسؤولية. ونحن في “الاتحاد الاشتراكي” و”ليبراسيون” جد سعداء وجد متأثرين لذلك، فإلى ماذا يمكن أن تعزو هذا الصمت؟
– بالفعل لقد تم الاتصال بي من طرف العديد من زملائكم الصحفيين المغاربة والأجانب من أجل إجراء لقاءات معهم، ولكنني طلبت منهم تأجيل ذلك إلى وقت لاحق فقد اعتبرت أنه ينبغي علي أن أتحاور قبل ذلك، وبشكل كاف، مع الأجهزة الحزبية حول قضايا الساعة الأساسية. كما أنني من جهة أخرى، كنت حريصا، بدون أي تعصب، على أن يكون أول حوار صحفي لي مع ممثلي صحافة الحزب. وبطبيعة الحال، فإن هذا الموقف لم يمنعني من الإدلاء ببعض التصريحات المقتضبة كرد فعل على بعض قضايا الساعة الكبرى بطلب من وسائل الإعلام.
الأخ عبد الرحمان اليوسفي أنتم توجدون على رأس الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، فأي تأثير كان لمسؤوليتكم الجديدة على نمط عيشكم وتفكيركم خصوصا وانكم خلفتم السي عبد الرحيم بوعبيد في قيادة أهم حزب للمعارضة في المغرب؟
-إنني لن أنسى أبدا المعاناة المزدوجة التي أحسست بها بعد وفاة أخي العزيز المرحوم عبد الرحيم بوعبيد.. معاناة الألم المتولد عن فقدان صديق ورفيق حياة كاملة، والمعاناة الناتجة عن الإحساس بخطورة المسؤولية التي تفرضها خلافته . وبالإضافة إلى ذلك، فإنني كنت قد خرجت للتو من تجربة صحية خطيرة. وكنت أستعد لتقليص أنشطتي بشكل جوهري من خلال التحرر من المهام التي كنت أمارسها داخل المجموعة الدولية للمنظمات غير الحكومية. و الشيء الذي مكنني من تجاوز هذه المعوقات بصورة جزئية، هو أولا التأثير القوي للوصية السياسية لعبد الرحيم ، كون بلادنا تدخل في مرحلة دقيقة وحاسمة وعلى الخصوص تصميم مجموع المناضلين على مواجهة التحديات المفروضة علينا..
لقد أظهرت النتائج الرسمية للاستفتاء الدستوري في 4 شتنبر الماضي ، وكذلك الطريقة التي جرت بها الحملة الاستفتائية عجز الأجهزة الإدارية عن التوافق مع قواعد التعبير والاختيار الحر للمواطنين. فلماذا اختار الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية في ظل هذه الشروط المشاركة في الانتخابات الجماعية؟.
إن مشاركة الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية في الانتخابات الجماعية ليست اختيارا ظرفيا، بل هي اختيار يرتبط بالاستراتيجية الأساسية لحزبنا، التي تبناها مؤتمرنا الاستثنائي في سنة 1975، والتي قررنا بموجبها خوض المعركة من أجل دمقرطة بلادنا بمختلف الأشكال، وخاصة عن طريق المشاركة في كل الاستشارات الانتخابية.
إن الأجهزة الإدارية تتصدى لنا بكل قواها لأنها واعية بحقيقة وخطورة الرهانات، ثم إن هذا الصراع المستمر من أجل دمقرطة دولتنا ومجتمعنا، هو الذي هيمن على تاريخ بلادنا منذ استقلالها، بل إنه مبرر وجود حزبنا وهدف المهمة التي يقوم بها داخل المعارضة منذ تأسيسه إلى اليوم.
إن النتائج الرسمية المؤسفة للاستفتاء الدستوري لرابع شتنبر الماضي، ليست شيئا جديدا ولا مفاجئا على الإطلاق. إنها تندرج في إطار استمرارية سلوك الأجهزة الإدارية منذ الاستفتاء الدستوري لسنة 1962 ، ولا ينبغي بأي حال أن تؤثر على عزيمة مناضلينا ومواطنينا وتصميمهم على الانخراط في معركة الانتخابات الجماعية بإرادة قوية على مواجهة كل محاولة للتزوير أو التزييف أو الضغط.
إن الصدمة التي تعرض لها الرأي العام بعد إعلان النتائج الرسمية للاستفتاء، وامتناع المسؤولين عن القيام بتصفية الجو السياسي، كلها عناصر وجهت في رأينا، ضربة للحماس الشعبي إزاء الاستشارات الانتخابية. إذن، في هذا اليوم الذي تفتتح فيه الحملة الانتخابية بأي حجج وأي مبررات، يعتزم الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بعث ذلك الحماس لدى المواطنين.
– بعث الحماس لدى المواطنين، ربما كان يعني مطالبة الحزب والمواطنين أنفسهم بشيء أكبر من طاقتهم. فالرأي العام المكتوي بالعديد من التجارب المخيبة للآمال، وبخاصة التجربة الأخيرة، ليس متحمسا على الإطلاق وربما محكوما في أحسن الأحوال بمبررات التعقل والضرورة السياسية. وبالفعل، فإن رجال ونساء بلادنا بعد ستة عشر عاما من التجربة الجماعية، يدركون تماما أهمية الدور الذي تلعبه الجماعة، سواء كانت جماعة حضرية أو قروية، في تلبية حاجياتهم الأساسية وقد أتيحت لهم فرصة تقدير طبيعة ونوعية الخدمات المقدمة، والإنجازات المحققة من طرف المجالس الجماعية تحت قيادة رؤسائها، وهم واعون بكل تأكيد بضرورة القيام بمراقبة فعالة للتسيير ممتلكات وأموال مدنهم وقراهم والشباب على الخصوص الذي يشكل تقريبا نصف الهيئة الناخبة يتطلع للمساهمة في حل المشاكل التي تهمه مباشرة . ونحن نعتقد أن هذه المحاولة المتبصرة المعززة بالرغبة في ممارسة الحق في المشاركة في إدارة الشؤون العامة، ستشجع بكل تأكيد مواطنينا على القيام بواجبهم الانتخابي.
وإذا أصرت الأجهزة الإدارية على تحريف الاختبار الحر الناخبين وتكريس مشاورات التزييف كيف سيكون موقفكم؟.
إننا واعون تماما بأن التصويت في بلادنا ليس مجرد إجراء شكلي يقوم به المواطن بكل ثقة واطمئنان. التصويت في بلادنا معركة حقيقية ينبغي خلالها مقاومة ضغوط وتلاعبات بعض رجال الإدارة، وضغوط وتلاعبات ممثلي جماعات المصالح المعادية لمصالح الشعب. التصويت عندنا يتطلب اليقظة والمقاومة والحضور الدائم والفعالية.
وحزبنا بتعاون مع حلفائه في المعارضة، يعتزم مقاومة كل المناورات التي قد تهدف إلى تزوير إرادة الناخبين بكل الوسائل.
وسيكون على هيئاتنا المقررة، غداة التصويت، أن تقيم سير العمليات الانتخابية وتستخلص منها الخلاصات التي تفرض نفسها.
لنعد إذن إلى دخول الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية في المعركة الانتخابية. إنه يعكس حسب ما يبدو لنا إرادة حزب القوات الشعبية في تطبيق استراتيجية مقاومة فعالة ضد القوى التي تريد إفراغ الديمقراطية من أي محتوى. كيف ستعملون على تطبيق هذه الاستراتيجية الجديدة؟
-وسيلتنا الأولى هي تطوير إخبار المواطن الناخب من أجل حمايته من تلاعبات أعداء الديمقراطية.
وقد طلبنا من اللجنة الوطنية المكلفة بالسهر على مراقبة العمليات الانتخابية، تهييء وبث وصلات وبرامج تنشيطية من طرف اللجنة الفرعية المكلفة بالإعلام من أجل إخبار الناخب بما ينبغي عليه وما لا ينبغي عليه أن يفعله، وبما لا ينبغي أن يدفع إلى القيام به.
الوسيلة الثانية التي ينبغي أن نهيئها ونطورها لكي تكون فعالة بما فيه الكفاية، هي التي تتعلق بتطبيق مبدأ رجل واحد، صوت واحد، أي أنه لا ينبغي أن يصوت أي أحد أكثر من مرة، إذ من المعروف أن اللوائح الانتخابية الجديدة تتميز بالعديد من الخروقات شأنها في ذلك شأن اللوائح القديمة،
بالنظر إلى الظروف التي تم فيها وضعها. فالتسجيل لم يكن دائما شخصيا، ويحترم الشكليات المنصوص عليها في القانون. كما أن التوزيع المبكر للبطائق الانتخابية، خلق جوا من التشكك غير الصحي. لقد أصبح من الثابت أن التسجيلات المزدوجة كانت عديدة، وأن هناك بطاقات انتخابية فائضة، وأن إمكانيات التزوير موجودة، ولذلك فإن المراقبة الصارمة لهوية الناخب هي أكثر من ضرورية وينبغي اتخاذ إجراءات متشددة لكي لا يتمكن أي ناخب من التصويت أكثر من مرة، ومن هنا أهمية استعمال مداد لا يمكن محوه فعلا من أجل تلطيخ أصبع كل ناخب أدلى بصوته. ولكن العنصر الحاسم بامتياز يبقى هو تشكيل مكتب التصويت، وعمله ومراقبته من طرف ممثلي المرشحين خلال كل مراحل الانتخاب: التصويت، الفرز، إحصاء الأصوات، إعلان النتائج، تحرير المحاضر.
ومع كل ذلك فإن السلاح الأهم، يبقى هو التعبئة النشطة والفعالة للمناضلين والمواطنين الناخبين، خلال أسبوعي الحملة الانتخابية، وخصوصا خلال النهار الطويل والليلة التي لا تقل طولا، ليوم 16 أكتوبر القادم.
دخول الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية في المعركة الانتخابية، يتموضع كذلك في مستوى آخر، هو مستوى الاقتراحات التي سيقدمها مرشحو الحزب ويدافعون عنها، فما هي إذن هذه المقترحات؟
– سيقوم مرشحونا بعرض حصيلة التجربة الجماعية خلال السنوات التسع الأخيرة أمام الناخبين حسبما إذا كانوا مسؤولين عن التسيير، أو مجرد أقلية في المجالس. كما أنهم سيقدمون البرنامج الذي يعتزمون تطبيقه مع فريقهم، وبتعاون مع حلفائنا خلال السنوات الست القادمة. وعلى الرغم من أن هذه الحصائل والبرامج تختلف باختلاف الجماعات المعنية، فإنها ستندرج مع ذلك في إطار المقترحات العامة التي أشرفت على إعدادها الهيئات الوطنية لحزبنا، والتي تتمفصل حول الأهداف الثلاثة التالية:
1 – وضع حد لحالة التدهور والتخلف التي تعاني منها جماعات حضرية وقروية بسبب سوء التسيير، ومواصلة تنفيذ الجهود والمشاريع التي بدأتها المجالس التي وضعت نفسها فعلا في خدمة السكان.
2 – تحسين وتطوير الخدمات الجماعية، من أجل تلبية أفضل لحاجيات المواطنين
3 – إعادة الاعتبار للجماعة، كمؤسسة دستورية وشعبية من خلال صيانة استقلال وحرية واختصاصات الجماعة، من أجل حمايتها من كل الممارسات الهيمينة أيا كان مصدرها، وأيا كان شكلها.
ومن أجل تفصيل المقترحات، أحيلكم على البرنامج الجماعي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية الذي تم إعداده تحت شعار “من أجل الاختيار الديمقراطي في تسيير الشؤون المحلية”.
هكذا، إذن، سيخوض الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية الحملة الانتخابية كقوة اقتراح… فما هي الخصائص العامة للرجال والنساء الذين سيدافعون عن برنامجكم أمام الناخبين؟
– أولا إننا متأسفون لكون لوائحنا تضم عددا ضئيلا من النساء، لأن عدد النساء المنخرطات في العمل السياسي لايزال محدودا. لقد كنا مستعدين لتقديم سيدات متعاطفات أو مهتمات فقط بالعمل الجماعي،ولكن العديد من النساء اللواتي تم الاتصال بهن لهذه الغاية، اعتذرن وهذا شيء يمكن تفهمه تماما. فمهمة المستشار الجماعي تتطلب وقتا مهما، والمرأة المغربية تواجه أعباء متزايدة.
فمرشحونا إذن هم بالأساس مناضلون ومتعاطفون، وهم على العموم أشخاص نشطون ومرتبطون بالميدان، وبعضهم يتوفر على تجربة جماعية، والبعض الآخر سيقدم كفاءات وخبرات جديدة. وأي واحد من هؤلاء المرشحين لم يتم إنزاله أو فرضه من طرف قيادة الحزب. كلهم تم اختيارهم بطريقة ديمقراطية من طرف الهيئات المحلية حسب معايير ومساطر تم تحديدها من قبل.
والجديد الأكبر لهذه الانتخابات، يتمثل في كون المرشحين المقدمين من طرف أحزاب المعارضة سوف لن يكونوا خصوما كما كان الحال في الانتخابات السابقة. إننا نأمل أن يكونوا مجرد متنافسين يوسعون دائرة الاختيار أمام مجموع ناخبينا.
لقد اعتبر الرأي العام إنشاء الكتلة الديمقراطية خطوة هامة في العمل الوحدوي للقوى الوطنية الديمقراطية، وعنصرا حاسما في المعركة من أجل إقامة دولة القانون.إلى أين وصلت الكتلة الديمقراطية اليوم، وماهي آفاقها المستقبلية على ضوء اختلاف مواقف مكوناتها بخصوص الدستور المراجع، والانتخابات؟
– الكتلة الديمقراطية هي بالفعل تكريس للعمل الوحدوي الذي شرع فيه منذ عدة سنوات من طرف حزب الاستقلال والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، وقد كان لإقامتها تأثير إيجابي على الرأي العام في بلادنا، كما أثارت بعض التساؤلات لدى الحاكمين. وحسب ما ينص عليه ميثاقها التأسيسي، فإن الكتلة الديمقراطية هي إطار عام ومفتوح من أجل تنسيق مواقف أعضائها، وتوحيد جهودهم في معركتهم المشتركة من أجل تحقيق الأهداف التي رسموها، فبفضل هذا الإطار، إذن، تم تحقيق تنسيق متقدم نسبيا، بين مواقف أعضاء الكتلة الديمقراطية، سواء على مستوى المشاركة في الاستفتاء أو في الانتخابات الجماعية.
والكتلة الديمقراطية تواصل عقد اجتماعاتها التشاورية بانتظام في أفق تطبيق الأهداف المسطرة في ميثاقها.
يبدو أن المسلسل الأممي الهادف إلى تنظيم استفتاء في الصحراء يوجد الآن في حالة توقف. انطلاقا من التطورات الأخيرة (التحاق عدد من زعماء البوليزاريو بالمغرب، التقرير الأخير للأمين العام للأمم المتحدة ،الوضعية في الجزائر) كيف تنظرون إلى مستقبل القضية؟
– المستقبل لا يمكن إلا أن يؤكد ويعزز مغربية أقاليمنا الصحراوية. لقد وافق المغرب على مخطط الأمم المتحدة الذي ينص على تنظيم الاستشارة لسكان هذه الأقاليم، الشيء الوحيد غير المعروف هو ما إذا كان الاستفتاء الأممي سيجري قبل أو بعد الانهيار النهائي للبوليزاريو.
يواجه بناء اتحاد المغرب العربي حاليا صعوبات كبرى. فبعد الحماس الذي رافق مرحلة التأسيس، أصبحت بعض حالات الحصر (البلوكاج) هي الظاهرة المهيمنة. كيف يمكن بناء المغرب العربي، وجعل اتحاد المغرب العربي حقيقة ملموسة؟
– إن بناء اتحاد المغرب العربي يعتبر ضرورة لتنمية البلدان الأعضاء، وتعزيز استقلالها. لقد تم وضع الفكرة المغاربية من طرف حركات التحرير في المغرب العربي، وتم تبنيها من طرف المنظمات الشعبية المغاربية إلى أن تم وضع معاهدة مراكش. ومنذ ذلك الحين ونحن نرى مشهدا محزنا وغير مفهوم. إن المشاركة الشعبية عن طريق انتخاب, برلمان مغاربي بالاقتراع العام المباشر، هي وحدها التي يمكن أن تزرع الحياة من جديد في هياكل اتحاد المغرب العربي. وفي انتظار هذه المراجعة المؤسساتية، فإن إشراك المنظمات المغاربية غير الحكومية في أشغال المجلس الاستشاري المغاربي سيقدم لاتحاد المغرب العربي، القدرة الإبداعية والخبرة اللازمة.
الأخ عبد الرحمان ، أنتم معروفون بالتزامكم بالدفاع عن حقوق الإنسان، سواء على المستوى العالمي أو على المستويين العربي والإفريقي. ماهي الوضعية التي تتمتع أو لا تتمتع بها حقوق الإنسان في المغرب، وفي العالم العربي وإفريقيا؟
– لقد دخلت حقوق الإنسان إلى القاموس السياسي والقانوني والصحفي بالمغرب والعالم العربي وإفريقيا. وتطورها لايزال في بدايته. فهي لا تدرس بما فيه الكفاية، ولا يتم نشرها بشكل واسع. كما أن الصكوك الدولية التي تعترف بها لم يتم التصديق عليها كلها، وتلك التي تم التصديق عليها لا تنعكس تماما في التشريعات القائمة. أما حمايتها فإنها غير ممكنة على المستوى الوطني إلا إذا وجد قضاء مستقل فعلا. والحماية الدولية وخصوصا الجهوية أساسية من أجل مراقبة تطبيق المعاهدات الدولية والجهوية. وإذا كانت إفريقيا قد تمكنت من التوفر على معاهدة لحقوق الإنسان والشعوب، وكذلك على لجنة تسهر على تطبيقها محدودة الفعالية لحد الآن، فينبغي أن نلاحظ أن العالم العربي لا يتوفر لا على معاهدة لحقوق الإنسان، ولا على لجنة من شأنها أن تسهر على تطوير وحماية حقوق الإنسان.
هناك سؤال أخير إذا سمحتم، إنكم توجدون في طليعة معركة حاسمة من أجل مستقبل البلاد في هذه المرحلة الدقيقة. فهل أنتم متفائلون بالمستقبل، ولماذا؟
– عندما أسمع الحديث عن التفاؤل والتشاؤم تحضرني دائما هذه الجملة لكاتب فرنسي شهير التي أسردها من الذاكرة:
“أن تكون متشائما في التفكير، متفائلا في العمل” هذا هو معنى أن تكون أوربيا.
إنني أتمنى أن نأخذ المثال من الأوربيين بتطبيق هذا المبدأ الذي يبدو أنه أحد أسرار نجاحهم.