إدريس لشكر، الكاتب الأول للحزب، يحل ضيفا على حلقات رمضان التي تنظمها مؤسسة الفقيه التطواني : رئيس الحكومة يشتغل ضدا على  ميثاق الأغلبية وعطل اجتماعاتها

 

أكد إدريس لشكر، الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، أن الحزب سيدخل غمار هذه الاستحقاقات القادمة  تحت شعار «من أجل تناوب جديد ذي أفق اجتماعي وديمقراطي» ، بناء على أطروحة خرج بها المجلس الوطني الأخير، هذه الأطروحة التي هي نتاج تراكم فكري وسياسي وعملي، المبلورة في برنامج انتخابي يسعى بالأساس في الأفق الاجتماعي ضمان العيش الكريم الممثل في ضمان التعليم والصحة والسكن… وفي الأفق الديمقراطي ضمان الحريات والحقوق ودولة الحق والقانون والمؤسسات.
وأوضح الكاتب الأول حين حل ضيفا على مؤسسة الفقيه التطواني ضمن حلقات رمضان أول أمس الاربعاء، على أن البرنامج الانتخابي للحزب يرتكز على مرجعيات أساسية وهي أولا المرجعية الملكية من الخطب الملكية السامية ومبادرة جلالة الملك، التي تهم عدد من القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية الحيوية بالبلاد وثانيا المرجعية الاشتراكية باعتبارنا حزبا ديمقراطيا اجتماعيا وثالثا مقررات مؤتمراتنا الوطنية والمؤتمر الوطني العاشر والارضية التي تحملت عليها المسؤولية للكتابة الأولى ومقرات المجلس الوطني والارضية المقدمة حول الجائحة وزكاها الاتحاديات والاتحاديون، بالإضافة إلى مذكرة الحزب حول الإصلاح والعدالة الضريبية.
وأشار الأستاذ لشكر، بنفس المناسبة، إلى أن المنهجية المتبعة في إعداد البرنامج الانتخابي، هي منهجية لا تنبني على القطائع ولا تعتبر أن كل ما  كان من قبل خراب، بل إن الأرضية الأساس في البرنامج تقوم على التراكم منذ الاستقلال وتعتبر ان كل ما قامت به الحكومات السابقة وكل أبناء الوطن الذي تحملوا مسؤوليات بالرغم من الاختلاف معهم في فترات معينة أو التوافق،  فكل هؤلاء كانت لهم بصمة في تاريخ المغرب.
وفي ذات السياق، شدد ذ. لشكر على أن البرنامج الانتخابي للحزب يروم إقرار منظومة شاملة للحماية الاجتماعية وتفعيل نموذج تنموي واقتصادي جديد، ويكرس البعد الديمقراطي والحداثي، مذكرا في هذا الإطار أن ما جاء به جلالة الملك بخصوص الحماية الاجتماعية يعتبر ثورة اجتماعية حقيقية غير مسبوقة،  وأقر على أنه لم يرد  في برنامج الحزب مثل هذا السقف الزمني بالرغم من تواجدها الدائم كمطالب.
وذكر الكاتب الأول، أمام الصحافيين الذين حاوره في هذا اللقاء الصحفي، أنه اضطر في الحملة الانتخابية أن يسجل البرنامج الانتخابي لدى منظمة حقوق المؤلف،  لدحض مقولة «كل اولاد عبد الواحد واحد» التي يحلو للبعض ترديدها اليوم، ويتناسى أو يجهل أن أب السوسيولوجية والقيادي الاتحادي الراحل محمد كسوس هو من كان يرددها لإبراز أن الاتحاد الاشتراكي حزب لا يشبه كل الأحزاب، مبرزا في هذا الصدد  على أن الاتحاد الاشتراكي الحزب المغربي الوحيد الذي تمكنه مرجعيته الاشتراكية والاجتماعية من التواجد داخل الأممية الاشتراكية ثم التحالف الدولي  الاجتماعي.
ولم يخف قائد الاتحاد الاشتراكي سعادته واعتزازه بأن يرى عددا من شعارات الحزب خاصة في المجال الاجتماعي  تتحقق ويتبناها الجميع، في الوقت الذي كان فيه الاتجاه الليبرالي هو السائد، مبرزا سروره اليوم بأن الجميع شعر بالحاجة للدولة الاجتماعية الراعية والقائدة لمشاريع النمو، مذكرا في هذا الإطار بدور الصحة العمومية في زمن الجائحة والتعليم العمومي كذلك بالمقارنة لهذه القطاعات مع القطاع الخاص التي ساد فيها الارتباك بسبب كورونا.
حقيقة البلوكاج
البعدي والقبلي

وفي إطار تفاعل الكاتب الأول مع أسئلة الصحفيين خلال هذا اللقاء، أوضح على أن ما سمي بالبلوكاج القبلي والبعدي،  قبل تشكيل هذه الحكومة لم يكن نتيجة مؤامرة، كما يدعي البعض، بل كان نتيجة سوء تدبير لشخص عينه جلالة الملك لتشكيل الحكومة، مؤكدا أنه من يعتبر قضية القاسم الانتخابي مؤامرة قبلية، فهذا تأويل غير سليم وغير صحيح للوقائع، بحيث من كان يترأس المشاورات السياسية مع الأحزاب السياسية هو رئيس الحكومة ومن فوض لوزير الداخلية بعقد هذه الاجتماعات التشاورية حول القوانين الانتخابية هو رئيس الحكومة، كما تم الحوار حول ذلك كأحزاب للأغلبية، وكأحزاب ممثلة في البرلمان، ثم حاورت وزارة الداخلية كل حزب على حدة بهذا الخصوص.
واعتبر الكاتب الأول للحزب أن طريقة اقتسام المقاعد في الانتخابات السابقة، ريع سياسي لصالح بعض الأحزاب السياسية، وهذا جهرنا به منذ زمان ونبهنا لحظتها إلى القطبية المصطنعة التي جاءت نتيجة هذا الواقع بسبب طريقة احتساب المقاعد، فما تم اليوم وصادق عليه المجلس الحكومي والمجلس الوزاري وصادق عليه أيضا البرلمان بخصوص القوانين الانتخابية وأقرته المحكمة الدستورية بأنه ليس فيه ما يخالف الدستور، فيه نوع من العدالة والإنصاف في اقتسام المقاعد  على أساس المسجلين في الدوائر الانتخابية.
وذكر ذ لشكر على أن الاتحاد الاشتراكي قدم عدة اقتراحات لأهم القوانين الانتخابية تتعلق بإقرار النزاهة، ومحاربة العزوف، التمثيلية النسائية في البرلمان، موضحا على أن قضية القاسم الانتخابي توافق عليها جزء من أحزاب الأغلبية والمعارضة وليس هناك تكثل او تحالف بهذا الخصوص وحزب وحيد يرى ضرورة أن تبقى دار لقمان على حالها.
وشدد  ذ. لشكر على أن صناديق الاقتراع هي الوحيدة التي  ستحكم على تواجد أو تقدم هذا الحزب أو ذلك، مبرزا على أن الاتحاد الاشتراكي امتداد للقوات الشعبية واستمرار لحركة التحرير الشعبية والمتواحد في الفضاءات المجتمعية والنخب السياسية ، «ولا ننتظر من أحد بأن يمن علينا أويزايد علينا بقضية القاسم الانتخابي التي حسمت فيها المؤسسات الدستورية للبلاد»، وشدد على أن البلاد في حاجة إلى وسطاء حقيقيين في المجتمع.
ترشيحات الاستحقاقات المقبلة وموقع الحزب فيها

أكد الكاتب الأول أن الترشيحات المتعلقة بالانتخابات التشريعية القادمة المتعلقة بحزب الوردة 50 في المائة منها تمت بالتوافق و30 في المائة هناك تنافس بين الإخوان.
أما بخصوص ترشيحه في الانتخابات التشريعية، فأكد أن هذا «القرار يبقى قرار الحزب والتنظيم إذا طالبوني بذلك، مع العلم أني قضيت أربع ولايات بالبرلمان».
وأكد الكاتب الأول في معرض رده على سؤال حول مرتبة الحزب في الاستحقاقات القادمة، أن ما يطمح إليه هو أن يكون حزب الاتحاد الأول ونعمل على قيادة تحالف حكومي ونقود أغلبية 2021 وذلك ماجعلنا نرفع شعار « تناوب جديد بأفق اجتماعي ديمقراطي»،  موضحا في هذا الباب على أن خمسة أحزاب تقف في خط واحد  وبعد أن تمت المصادقة على القوانين الانتخابية وظهرت تواريخ الاستحقاقات القادمة  وبعد صدور المراسيم ستنطلق المنافسة وكل من قدم عرضا سياسيا متميزا سينال المراد من ذلك.
التحالف بعد النتائج الانتخابية

وذكر الكاتب الأول، خلال نفس اللقاء، أن الاتحاد الاشتراكي سيعقد مؤتمره الوطني الحادي عشر  للحزب بعد الانتخابات القادمة وتشكيل الحكومة، وقانون الحزب يحدد مدة تحمل المسؤولية في الكتابة الأولى في ولايتين، مشيرا إلى أن» تشكيل الحكومة سنركز فيه على منطلقات شعارنا المركزي الذي رفعناه  «تناوب جديد أساسه اجتماعي ديمقراطي» ، وسنرى فيمن هم اقرب لتوجه دولة حداثية ديمقراطية متضامنة وكذلك مع من نقترب معهم في المرجعيات، مع العلم أننا معتزون بتاريخنا اليساري والوطني ويهمنا كثيرا الاشتغال مع الحداثيين الديمقراطيين، باعتبار أن كل المكتسبات والمطالب المحققة كانت وراءها هذه الأحزاب السياسية الوطنية والديمقراطية».
استغلال النفوذ والإحسان في الانتخابات

شدد الكاتب الأول على أن الإحسان والأعمال الخيرية من الضروري أن تصبح تحت إشراف السلطة العمومية وامتداداتها خاصة وأن البعض يستغلها في الانتخابات من أجل استمالة الأصوات وكرشوة انتخابية تستغل بؤس وهشاشة بعض الأسر على المستوى الاجتماعي.
وأكد أن كل استغلال سياسوي للعمل الخيري والإحسان لابد أن تواجهه الحكومة بالصرامة اللازمة واتخاذ القرارات المسؤولة والرادعة لذلك، مثمنا في هذا الباب ما تقوم به مؤسسة محمد الخامس للتضامن من مجهودات ملموسة بهذا الخصوص.
ودعا ذ لشكر إلى العمل على إيقاف كل أشكال استغلال النفوذ خاصة أن البلاد مقبلة على انتخابات، ثم منع استغلال كل وسائل الدولة في العمل الحزبي والانتخابي، كما طالب بتوقف كل الشكايات الكيدية فضلا عن إيقاف التدشينات الوزارية.
تعطيل الأغلبية، والتعددية حاجة ماسة بالمغرب

أكد الكاتب الأول للحزب أن رئيس الحكومة الحالي يشتغل ضدا على ميثاق الأغلبية، وعمل على تجميد اجتماعات الأغلبية التي كان من الأفيد انعقادها للتداول في عدد من القضايا الحيوية للبلاد، مشيرا إلى أن «حزب الاتحاد الاشتراكي يحضر في الائتلاف الحكومي فقط من خلال الوزير الاتحادي لوزارة العدل في غياب أي تنسيق يذكرمع الأغلبية وسبق أن نددت بهذا وانضمت كل الأحزاب لذلك».
وأشار ذ لشكر إلى أن قضية ما سمي «البلوكاج»  كتجربة سياسية عمقت من وعيه وجعلته ينتبه إلى ما قاله الملك الراحل الحسن الثاني في أحد خطبه «أن الملكية التي تأسست على التعددية هي الضامنة لاستقرار البلاد»، مؤكدا على أن البلاد، على مدى العقود القادمة، محتاجة للاستمرار في تعددية متوارثة لأنها هي الضامنة للاستقرار  وعدم الغلو والغرور والتجبر.
قضية الأساتذة المتعاقدين

في رد على سؤال يتعلق بالأساتذة المتعاقدين، أوضح الكاتب الأول أن هذه الفئة كسائر الفئات من حقها أن تكون لها مطالب مشروعة،  ومن الضروري تحقيقها عبر  إيجاد صيغة وحل لذلك، معتبرا في نفس الآن  أن الأمر غير منطقي أن يتواجد في التعليم العمومي صنفان من الأساتذة  داعيا إلى بذل مجهود لإيجاد حل حتى يتمتع هؤلاء الأساتذة بكل حقوقهم في التقاعد والترقية والحركية …  وان لا تبقى وضعيتهم الإدارية هشة.
وأوضح ذ لشكر على أنه يجد المطالب لهذه الفئة مشروعة ومن الضروري إيجاد صيغة لكي لا يشعر رجل التعليم ب»حكرة» معينة، بحيث نجد هذا في وضعية نظامية له كافة الحقوق والآخر  في وضعية أخرى تحرمه من بعض الحقوق.
فتح النقاش
في قضية الإرث

في معرض رده على أحد أسئلة الصحفيين، أشار  الكاتب الأول إلى أن قضية الاجتهاد في الفقه الإسلامي قضية مطلوبة ومعمول بها في تاريخنا الإسلامي وهناك إشراقات كثيرة في هذا المجال،  وأشار إلى أنه آن الأوان من أجل فتح نقاش من أجل مراجعة عدد القضايا المرتبطة بالأحوال الشخصية ومن ضمنها الإرث، مسجلا أنه ليس من الأولين الذي دعا لمثل هذا النقاش المتعلق بالأحوال الشخصبة ومدونة الاسرة بل سبقه في ذلك الزعيم علال الفاسي والملك الراحل الحسن الثاني والملك محمد السادس في تعديل مدونة الأسرة.
القضية الوطنية الأولى ودول الساحل والصحراء

أكد الكاتب الأول أن القضية الوطنية الأولى محط إجماع كل المغاربة، لنا أن نفخر اليوم بعدد من المكتسبات التي حققناها اليوم بفضل السياسة الخارجية الي يقودها جلالة الملك أولها العودة للاتحاد الإفريقي وكشف جميع المغالطات والمناورات اليائسة من خصوم وحدتنا الترابية ثم اعتراف عدد من الدول المغربية بالصحراء ودعم مشروع الحكم الذاتي كحل سياسي ومتوافق عليه، النصر الذي حققه المغرب في قضية معبر   الكركارات والذي كشف النية المبيتة للبوليساريو، ثم الاعتراف الأمريكي بالسيادة الكاملة للمغرب على أقاليمه الجنوبية وفتح عدد من الدول الإفريقية والعربية لقنصليات بالداخلة والعيون.
وأكد ذ. لشكر أن المغرب مطالب اليوم بالاستثمار السياسي لكل هذه النجاحات السياسية والديبلوماسية وتعزيز هذه المكتسبات، داعيا في هذا الإطار إلى أن كل اتفاقية شراكة سياسية أو اقتصادية أو عمل لجان عليا مشتركة بين المغرب ودول أخرى من الضروري الدفع باحترام هذه المعطيات السياسية والواقعية المتعلقة بأقاليمنا الجنوبية وقضية وحدتنا الترابية.
ولم تفته الفرصة إلى الإشارة لما وقع في بلاد التشاد التي عرفت اغتيال الرئيس إدريس ديبي، كأحد بلدان دول الساحل والصحراء التي يمكن اعتبارها بؤرة مرشحة لتزايد تجارة المخدرات وشبكات التهريب والجريمة المنظمة والإرهاب، وللبوليساريو سوابق في التورط في بعض من هذه العمليات، لذلك كان المغرب دائما حريصا على أن تكون المنطقة محط اهتمام دائم وتعاون  دولي وبشكل جدي من أجل وضع حد لكل ما من شأنه أن يضر باستقرار وأمن المنطقة بكاملها.


الكاتب :   مكتب الرباط: عبد الحق الريحاني

  

بتاريخ : 23/04/2021