إسدال الستار عن الدورة 13 لمهرجان السينما بالجديدة والإعلان عن نتائج المسابقة

 

في اليوم الثاني من أشغال المهرجان، أي يوم الخميس 12 دجنبر 2024، على الساعة التاسعة صباحا استمرت أشغال الورشات بمؤسسة التفتح للتربية والتكوين بالجديدة، إلى غاية السادسة مساء، وفي عشية نفس اليوم تم عرض ما تبقى من الأفلام القصيرة المشاركة في المسابقة بمسرح الحي البرتغالي الذي عرضت به الأفلام التالية: خريف العمر لبلال الطويل، علاش؟ للنور الدين علوي، غياب لفيصل الحليمي، غياب لسليمان طلحي ويوما ما لرشيد زكي.
أما يوم الجمعة 13 دجنبر 2024مساء، أي يوم الاختتام، على الساعة الرابعة بالمركب الثقافي للمكتب الشريف للفوسفاط، نظمت ندوة فكرية تحت عنوان «الأبعاد السيكولوجية في السينما المغربية شارك في المخرج سعد الشرايبي والناقدين نور الدين بوخصيبي ومبارك حسني وسيرها الفنان والإعلامي شفيق الزكاري، خضوعا لأرضية الموضوع هيأها الناقد نور الدين بوخصيبي.
وفي تقديم هذه الندوة استهلها المسير شفيق الزكاري، بمدخل تحت عنوان «تفاوت البعد السيكولوجي في السينما» جاء فيها ما يلي: «يتخذ البعد السيكولوجي بعدا وجوديا في السينما بصفة عامة، كما يتخذ هذا البعد حضورا على مستوى الكينونة في عدة محطات بالنسبة للأفلام التليفزيونية والأشرطة السينمائية الطويلة والأفلام القصيرة التي تتخذ في غالبيتها هذا البعد السيكولوجي الذي يتخذ من الحالات النفسية محورا لمواضيعها نظرا للاختزال الزمني والسردي معا، مما يجعل من هذه الحالات النفسية متباينة ومتفاوتة حسب طبيعة الأدوار المنوطة للمثلين، فإما أن تكون مقرونة بنصوص سينوغرافية واضحة المعالم، أو تكون صامتة يجعل منها الممثل مدخلا للتعبير بالإشارات بالملامح أو الإحالات الجسدية برمزية تستجيب لدواخل المتلقي، ومن هنا يحتل الجانب السيكولوجي في الأفلام بعدا تعبيريا تختلط فيه الأحاسيس بالأفعال الوضعية.
إن التفاصيل الدقيقة التي يتم توظيفها في المشاهد الفيلمية، هي التي تضع الإنتاجات الإبداعية في صلب التعبيرات التي يصعب القبض عليها، وهي التي تؤكد على قدرة السيناريست والممثل والمخرج معا للإفصاح عن قدرتهم على مستوى التواصل من حيث الإنصات للذات من الداخل، وتفجير الطاقة المولدة للأفكار، فتكتمل الرؤيا للوصول للمغزى الأعمق الذي يتضمن المعنى المجازي والضمني والرمزي للصورة. فإذا كان العنصر السيكولوجي ثابت وغير متحول في التشكيل مثلا، عند اقتناص اللحظة من طرف الفنان وتأطيرها، فإن هذا العنصر غير ثابت ومتحول في الصورة المتحركة خاصة في المسرح والسينما.
إذن في إطار هذه الندوة، سنحاول الوقوف على خصوصيات هذا المحور المطروح من خلال مداخلات الساتذة الحاضرين معنا، من مختلف زوايا اختصاصاتهم، كل حسب مرجعيته وتكوينه وممارسته».
بعدها تناول الكلمة المخرج سعد الشرايبي، ليتحدث عن هذا البعد السيكولوجي في السينما المغربية من زوايا مختلفة، مع طرح أسئلة تتعلق بالسينما البديلة التي تحدث عنها في ندوة سابقة الناقد تباتو، واعتبر بأن هذا الموضوع هو ورش كبير يحتاج لدراسات متعددة، كما أشار إلى أن السينما في بدايتها تناولت العنصر السيكولوجي مصحوبة بأسئلة متشعبة، حيث تناول حسب تعبيره هذا الموضوع من زاوية كاتب سيناريو وليس من وجهة نظر فكرية، كما أشار إلى أن بعض المخرجين المغاربة لا يضعون نصب أعينهم الوضعية السيكولوجية ، كما أن هناك طرف آخر من المخرجين لا ينتبه إلى هذه السيكولوجية، ثم تحدث عن الشق الثاني من أسئلته حول تأثير هذا المحتوى السيكولوجي على المتلقي، وهل هناك حالات تبعث على التحسيس بدون تفكير والعكس صحيح في تناول هذا الموضوع في السينما المغربية، باعتبار أن التأثير السيكولوجي غالبا ما يبعث على التفكير النقدي، وختاما من خلال سؤاله الأخير، تحدث عن أهمية الصورة ومساهمتها منذ الخمسينيات في السينما العالمية وفي كيفية العلاج بهذه الصورة.
أما نور الدين بوخصيبي الذي وضع أرضية هذا الموضوع، فقد جعل من مداخلته مدخلا تأسس على ثلاثة أسئلة، وهي: إلى أي حد يمكن الحديث عن الفيلم السيكولوجي في السينما المغربية؟ وما هي التيمات السيكولوجية التي اشتغلت عليها السينما المغربية؟ وهل هناك حضور للبعد الفلسفي والسيكولوجي في السينما المغربية؟
وانطلاقا من هذه الأسئلة تحدث عن مميزات الأفلام السيكولوجية وإبراز الحالات النفسية من خلال أمثلة من السينما المغربية. ثم بعد ذلك، تحدث عن عنصر الصمت في السينما المغربية كمكون أساسي للتعبير عن الأحاسيس.
أما الناقد مبارك حسني، فقد اقتصر على ثلاث نماذج من السينما المغربية ودور العامل السيكولوجي من خلالها.
وعشية يوم اختتام مهرجان الجامعة الوطنية للسينما المغربية بمسرح الحي البرتغالي، ومن تقديم الإعلامية هناء العيدي، استهلت هذه الأمسية بوصلة غنائية للفنان عزي خرشي، وبعده مباشرة تم تكريم السينفيلي عبد الحق بوزيد، وتقديم فيديو عن مسيرته المهنية في مجال التوثيق بالصورة لجميع المحطات التاريخية للجامعة السينمائية، كما قدمت الشاعرة والسينيفيلية أمينة الصيبري شهادة في حق المكرم باعتباره موثق لأرشيف الجامعة السينمائية منذ سنة 1977، مشيرة إلى أنه من يملك الوثيقة يملك الذاكرة. بعد هذه الشهادة سلم المخرج ادريس اشويكة للمكرم درع الاعتراف بمجهوداته ولوحة شخصية من إنجاز الفنان مصطفى مفيد من المحمدية سلمته إياها الممثلة زهور السليماني.
ثم في الأخير، أعلن عن تسليم الجوائز للمتبارين ضمن المسابقة الرسمية باسم المخرج الراحل محمد الركاب للأندية السينمائية من طرف لجنة التحكيم التي ترأسها الشاعر والأديب والإعلامي عبد الحميد اجماهري والتي تضمنت في عضويتها الممثلة سناء بحاج والموضبة مريم الشاذلي والسينيفيلي محمد جريد فجاءت النتائج على الشكل التالي:
1 جائزة التنويه «علاش لا؟ للمخرد نور الدين علوي.
2 جائزة التشخيص لفيلم «الشامبري» لمروان بلعربي.
3 جائزة السيناريو «حقيقة..» للخضر الحمداوي.
4 جائزة الإخراج «شامبري» لفداء اسباعي.
5 ثم جائزة الراحل محمد الركاب الكبرى كانت من نصيب المخرج رشيد زكي عن فيلمه «يوما ما».
وفي ليلة نفس اليوم، وفي إطار أنشطة الجامعة السينمائية التي نظمتها الجامعة الوطنية للأندية السينمائية بالجديدة، عرف اليوم الأخير جلسة حوارية ثقافية مفيدة وممتعة في فقرة لقاء منتصف الليل، تناولت بعد مراحل مشوار المخرج المكرم إدريس شويكة. وذلك على اعتبار أنه مخرج من رواد جواسم منذ البداية، ودوره كعضو تحرير مجلتها ذات زمن ثمانيني من القرن الماضي، «دراسات سينمائية». وقد قدم في حقه شهادة عميقة ومليئة بالبوح الجميل، أستاذ العلوم السياسية المعروف والناقد السينمائي محمد كلاوي، والذي كان أيضا عضوا في هيئة تحرير ذات المجلة. اللقاء سيره الكاتب والناقد مبارك حسني.
وقد ساهم حضور نوعي في أثناء النقاش من أسئلتهما وتعقيباتهم. خاصة من طرف رئيس لجنة تحكيم مسابقة محمد الركاب للأفلام القصيرة، الشاعر والإعلامي والمحلل السياسي عبد الحميد اجماهري. والحق أن اللقاء أتم بسمو عالٍ في المضمون وبما أتاحه من جو معرفي ثقافي وفني خالص.


الكاتب : شفيق الزكاري

  

بتاريخ : 16/12/2024