إمليل تنتصر للحياة و المراكشيون يخرجون في وقفات للتنديد بالإرهاب

عادت الحياة إلى إيقاعها الطبيعي بمنطقة إمليل، بعد الأجواء الاستثنائية التي عمتها خلال الأيام الماضية، إثر الجريمة الإرهابية التي استهدفت سائحتين بريئتين من النرويج و الدنمارك. و توالت وفود هواة تسلق الجبال إلى المنطقة في طريقهم إلى قمة توبقال، موجهين ضربة في الصميم إلى مرامي الإرهابيين، ومعبرين عن ثقتهم الكاملة في المغرب كبلد آمن.
وعرفت إمليل يوم السبت الماضي وصول عدد من الفعاليات العلمية والبيئية والثقافية المشاركة في الاحتفال باليوم العالمي للجبل، الذي كان مبرمجا بالمنطقة، وتميز بعقد ندوات وورشات حول الأهمية الإيكولوجية للجبل. و استغل المشاركون هذه المناسبة للتعبير عن تضامنهم مع أسر الضحيتين، و شجبهم لهذا العمل الجبان الذي لن يزيد المغاربة إلا إصرارا على قيمهم الأصيلة التي تقوم على الانفتاح واحترام الآخر والتفاعل الإيجابي معه، من أجل مشروع كوني للسلم يعمه الإيخاء و الحب وليس الضغينة والحقد والكراهية.
وتميزت هذه التظاهرة بحضور وفد رسمي يتقدمه والي جهة مراكش و رئيس الجهة وعامل إقليم الحوز ومدير المكتب الوطني للسياحة وعمدة مراكش وعدد من رؤساء المؤسسات المنتخبة و مسؤولون أمنيون.
و توالت بمراكش الوقفات التضامنية بمراكش مع ضحيتي الاعتداء الإرهابي بإمليل، الذي استهدف في جريمة شنعاء سائحتين اسكندنافيتين من هواة تسلق الجبال.
في هذا الإطار، وبدعوة من الهيئات الديمقراطية بالمدينة، شارك عدد من أبرز الفعاليات السياسية والحقوقية والنقابية والجمعوية في الوقفة التي شهدها مساء الجمعة الأخيرة شارع محمد الخامس قرب البريد المركزي.
وردد المشاركون شعارات مستنكرة للجريمة و للفكر الذي يسندها، مطالبين بمزيد من اليقظة تُجاه الأفكار المتطرفة التي تسعى إلى استخدام الدين لغاية زرع الحقد والتعصب الأعمى ومعاداة الحياة، و استعداء الآخر ونبذ المختلف واستهداف الحرية والقيم الكونية.
و تضمنت الشعارات مطالبة المحتجين الحكومة من أجل الانتباه إلى مضامين البرامج التعليمية و تنقيحها من كل الأفكار التي تستعمل كمقدمة لتسهيل تمرير القناعات المتطرفة.
وعرفت الوقفة التضامنية مشاركة مكثفة لمناضلات ومناضلي حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، الذي استهدفت يد الإرهاب الغادرة أحد رموزه وهو الشهيد عمر بن جلون الذي تخلد ذكرى اغتياله هذا الشهر.
وأصدرت الكتابة الإقليمية للحزب بمراكش، في هذا السياق بيانا جاء فيه:» على إثر العملية الإرهابية الجبانة التي قامت بها عصابة من المجرمين الظلاميين بمنطقة إمليل بإقليم الحوز يوم الإثنين المنصرم، والتي راح ضحيتها سائحتان اسكندينافيتان، فإن الكتابة الإقليمية للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بمراكش، تعلن إدانتها الصارخة لهذا العمل الإجرامي، الذي يعد انتهاكا خطيرا لأقدس حق من حقوق الإنسان ألا وهو الحق في الحياة»
و اعتبرت الكتابة الإقليمية للحزب هذا العمل الإرهابي مندرجا في إطار توجيه ضربة لسكان منطقة إمليل وإقليم الحوز، من خلال التأثير السلبي على السياحة في المنطقة، والتي تعتبر مصدرا أساسيا لموارد الساكنة، ومستهدفا النيل من صورة بلادنا كبلد للتسامح والتعايش والاستقرار.
و نوه البيان بالرد السريع والتلقائي للرأي العام الوطني، ممثلا في بيانات الاستنكار والوقفات الاحتجاجية من طرف الأحزاب الوطنية والبرلمان والحكومة وجمعيات المجتمع المدني والإعلام وكافة المواطنات والمواطنين.
وعبرت الكتابة الإقليمية للحزب بمراكش عن ارتياحها للإجراءات الأمنية السريعة التي قامت بها السلطات الأمنية والقضائية فور حدوث الفاجعة، حيث أدت إلى وضع اليد على المشتبه بتورطهم في هذه الجريمة النكراء ، مع تنويهها بالدور، الذي لعبه بعض المواطنين لمساعدة قوات الأمن في إلقاء القبض على المشتبه بهم.
وطالبت السلطة القضائية بفتح تحقيق نزيه وشفاف ومستقل، للكشف عن الحقيقة الكاملة حول هذا العمل الإجرامي وتقديم الجناة إلى العدالة.
و دعت الكتابة الإقليمية للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بمراكش كل مناضلات ومناضلي الحزب وكل المواطنات والمواطنين إلى المشاركة في كل المبادرات الايجابية والمسؤولة، للتعبير عن الإدانة الكاملة تجاه كل عمل إرهابي، يستهدف أمن بلادنا والذي سبق أن استهدف الشهيد المناضل الاتحادي الفذ عمر بنجلون سنة 1975 واستهدف كذلك أرواح العشرات من الأبرياء في العمليات الإرهابية التي وقعت في كل من الدارالبيضاء سنة 2003 وفي مراكش سنة 2011. كما تعبر عن استعداد كل مناضلات ومناضلي الحزب بالإقليم للانخراط في أي عمل وحدوي مسؤول من أجل التصدي إلى كل مظاهر العنف والتطرف والفكر الظلامي الرجعي الذي يتستر وراء الدين الإسلامي الحنيف ويستغل الأوضاع الاجتماعية لضحاياه من أجل استعمالهم كحطب لزرع الحقد والكراهية و القيام بالعمليات الإرهابية. ودعت الكتابة الإقليمية أيضا كل القوى الوطنية و الديمقراطية إلى توحيد المبادرات و كل الجهود الرامية إلى تحصين المكتسبات الديمقراطية والحقوقية في بلادنا.
و من جهته،عبر مجلس جهة مراكش أسفي في بيان له عن استنكاره الشديد لهذه الجريمة النكراء والغريبة عن قيم وسلوكيات المغاربة المتشبعين بالتعايش السلمي مع الآخر، مقدما تعازيه الحارة ومواساته البالغة لعائلة الضحيتين، ولدولتي النرويج والدنمارك حكومة وشعباً، كما عبر عن تضامنه المطلق مع أسر الضحيتين، مؤكدا أن هذه الجريمة غريبة عن قيم المغاربة وثقافتهم.
و دعا مجلس جهة مراكش أسفي كذلك جميع الفاعلين بالجهة، للوقوف في وجه مثل هذه الأفعال الإجرامية التي تسيء للمغرب، والتصدي لكل المحاولات اليائسة التي من شأنها المساس بسمعة بلدنا.
ونظم المرشدون السياحيون وقفة تضامنية مع ضحايا هذا الاعتداء يوم السبت الماضي بساحة جامع الفنا، عبروا فيها عن تنديدهم الشديد لهذا الفعل الشنيع، مؤكدين على رفضهم الأفكار المريضة التي تشحن عقول المتطرفين بالحقد والكراهية ، منوهين بأن المغاربة سيظلون شعب التسامح المتشبع بقيم التعايش والضيافة و الانفتاح.


الكاتب : عبد الصمد الكباص

  

بتاريخ : 24/12/2018