ابنة حي لارميطاج.. لطيفة أيت بعلا.. الشوكة التي أدمت حلق البوليساريو

لها قدرة كبيرة على «اصطياد العذوبة من ملح البحر» كما يقال، لأنها تعلَّمت أن الاستحالة تسقط إذا كانت في حرب مفتوحة مع إرادة من فولاذ. إنها الناشطة الجمعوية الذائعة الصيت لطيفة أيت باعلا التي تحولت، قبل حوالي سنتين، إلى شوكة في حلق الانفصاليين بشريطها «البوليساريو.. هوية الجبهة»، مع المخرج حسن البوهروتي، إذ تمكنت، عبر شهادات ووثائق نادرة، من فضح «المقولات المزورة» لزعماء تندوف. كما استطاعت باقتدار كبير أن تحاضر حول الصحراء المغربية في اللجنة الرابعة للأمم المتحدة بنيويورك، وأن تفضح ممارسات قيادة البوليساريو من قبيل «الاتجار في البشر» و«سرقة الإعانات الدولية».إن لطيفة أيت باعلا، ابنة حي لارميطاج، مغربية حتى النخاع، وتحلم دائما بمولد ضحكة تبزغ من الصحراء. فهي صحراوية، سليلة «تيكنا» من قبائل «آيت بعلا». وهذا جزء لا يتجزأ من هويتها التي لا تذكره إلا لماما، لأنها في المقام الأول مغربية تفتخر بالهوية المتعددة للمغاربة، لأنها مصدر غنى ثقافي وحضاري. غادرت لطيفة المغرب في سن الرابعة، بين حقائب والدها في يناير 1970. وتكاد لا تتذكر من هذه الفترة أي شيء. فوالدها كان يشتغل في ميناء الدار البيضاء، ثم قرر مغادرة المغرب نحو فرنسا عندما قرر رب عمله الفرنسي أيضا مغادرة البلاد. كانوا ثلاثة أطفال، أصغرهم كان عمره لا يتعدى شهرين. ومنذ ذلك الحين نمت الأسرة إلى أن وصلت إلى خمس بنات وخمسة أولاد. وكانوا سيصيرون 11 لولا أن توفيت ماريا رحمها الله، في سن 6 أشهر. في البيت، كانت عائلة لطيفة مثل شركة صغيرة، كان لكل واحد دور يقوم به. وكان رأسمال والدها هو قدرته على العمل، وعلى الإقناع. وهذا ما نجح والدها في تمريره إلى كل أطفال الأسرة: تقديس قيمة العمل والمسؤولية. استقر الوالدان، أولا في «هوت سافوا» بفرنسا، حيث أنهيا بناء منزل العائلة قبل 30 عاما، وكانا هما يملكان مسكنا بذاك الحي وهو المسكن الذي مازالت تتردد عليه لطيفة من وقت لآخر للترويح عن النفس. خاصة وأن المنطقة الجبلية التي تحيط بها تشتهر بكثبان الثلج التي تصلح لممارسة رياضة التزلج. لقد «كان لدينا دائما علاقات جيدة جدا مع الجيران. وكان الاحترام المتبادل دائما وأدمجت بشكل كامل»، تقول لطيفة. وكان الوالدان يوليان اهتماما بالغا لتمدرس الأبناء، حيث شجعاهم على إنهاء دراساتهم الجامعية. وهو ما نجح فيه أغلبهم، بل استطاعوا الحصول على منح دراسية، فيما يبلي البلاء الحسن أولئك الذين لم يستطيعوا الاستمرار في الجامعة، ومنهم أخ يشتغل الآن رئيس مقاولة. أما لطيفة، فقد اختارت الدراسات القانونية التي تنسجم مع شخصيتها، لأنها كانت مفتونة بشيء اسمه العدالة، كما تقول عن نفسها. حصلت لطيفة على إجازة في القانون الخاص، وعلى ماستر في قانون الأعمال، شعبة القانون الدولي من جامعة غرونوبل، كما حصلت على دبلوم الدراسات العليا في القانون الأوربي من جامعة جنيف، وعلى دبلوم الدراسات المعمقة في دراسات النوع (جنيف). كما كانت مستشارة سياسية لدى الوزير رئيس جهة العاصمة بروكسل، ومستشارة لدى برلمان بروكسل، ومستشارة المجموعة الفرنسية لدى البرلمان، ومستشارة لدى مجلس النواب البلجيكي، وفي البرلمان الأوروبي. وهي منخرطة بالكامل في الحياة السياسية الأوروبية والبلجيكية (رشحت للبرلمان الأوروبي في عام 2004 و 2014). وتتوفر لطيفة على خبرة طويلة في مجال إنشاء مجموعات الضغط «اللوبيات»، لا سيما وأنها قدمت خبراتها لـ«اللوبي النسائي الأوروبي»، ولمنتدى مهاجري الاتحاد الأوروبي أو للجنة الكاثوليكية الدولية للهجرة. إنها ليست فقط على دراية بعمل المؤسسات الأوروبية، ولكنها تتوفر على خبرة كبيرة حول عمل الأمم المتحدة (بما في ذلك المشاركة في أعمال لجنة حقوق الإنسان ومجلس حقوق الإنسان واللجنة الرابعة في نيويورك). فبالإضافة إلى النضال من أجل تعزيز حقوق المرأة (دراسة الحواجز القانونية لإدماج المرأة المهاجرة في سوق العمل في أوروبا)؛ اندماج المهاجرين في أوروبا (دراسة عن «50 عاما من سياسات الهجرة الدولية»).