اتحدوا يا كتاب المغرب ! 

 

بادرة طيبة سعى لتنظيمها الملحق الثقافي لجريدة  «الاتحاد الإشتراكي « خدمة لمنظمــــة   اتحاد كتاب المغرب كمنظمة ثقافية نهضت على جهود ثلة من الرموز الثقافية المغربية، مشهود لهم بالحضور الوازن والمؤثر ثقافيا وسياسيا واعتباريا، والكل يتألم على مصير الاتحاد برمزيته التاريخية ورصيده الثقافي الخصب وحضوره الثر والفعال في المشهد الثقافي والعربي والأممي،  ومواقفه الشجاعة تجاه قضايا حساسة خلال محطات تاريخية والتزامه غير المشروط بالقضايا الإنسانية المتعلقة بالحرية وحقوق الإنسان ومناصرته الدائمة للقضية الأم القضية الفلسطينية، حيث ظل اتحاد كتاب المغرب محافظا على استقلاليته ومبادراته واختياراته، بيد أن رياحا عاتية ألمت بسفينته وأثرت على إيقاع أدائه وحضوره،مما جعله ينكمش ويتجمد وتتسلقه عوامل الهدم والبوار، وقد تشرذم طرائق قددا، وقد آن الآوان بعد سنوات عجاف أن يتم العمل على إعادة تنظيم بيت الاتحاد  ورأب الصدع لكي تلتم  جميع أركان البيت، حتى تكون على قلب رجل واحد ، فقد يؤدي التصدع الذي طاله إلى القسمة وتقويض المنظمة العتيدة من الداخل وبئس من يخرب بيته بيده .
راكم اتحاد كتاب المغرب خلال ما ينيف عن ستة عقود، أعمالا وأنشطة أكسبته مكانة رفيعة  ومرموقة بين الاتحادات والروابط الأدبية، ترى من سعى به إلى وهدة الانحدار وجعله في وضعية مرتبكة ك»زوجة المنحوس لاهي مطلقة ولا هي عروس» !
فبعد تفجير المؤتمرالتاسع عشر بطنجة وفشل مؤتمر العيون، تتم الدعوة ـ راهنئذـ لعقد مؤتمر ااستثنائي بمدينة الرباط للحسم في انتخاب الرئيس والمكتب التنفيذي وباقي الهايكل التنظيمية، حتى يتم إخراج اتحاد كتاب المغرب من عنق الزجاجة ومن النفق المظلم الذي يتخبط فيه ولعل بصيص ضوء يبدو في الأفق المنتظر .
إن مادب بين أعضاء المكتب من توتر واحتداد خلاف يعزى لماهو نرجسي وشخصي، والاتحاد كمنظمة عريقة من الأوجب أن تبنى على ماهو مؤسساتي صرف لا على ماهو مزاجي. فالأشخاس عابرون والمؤسسة تبقى قائمة واتحاد كتاب المغرب برصيده الرمزي المائز ومكانته الإعتبارية كجمعية ذات نفع عام أول الأولويات أن يتم تفعيل  هذه الصفة، لا أن تبقى مجرد حبر على ورق، فهناك متغيرات يعرفها العالم وقمين بمؤسسة اتحاد كتاب امغرب أن تكون في مستـــــوى  مواكبة اللحظة ، بل إن غياب اتحاد كتاب المغرب أو بالأحرى ركوده دفع خصوم المغرب إلى التسابق للبحث عن موقع قدم في اتحاد كتاب العرب حيث طلبت دويلة مايسمى بالجمهورية الصحروية العربية الانتساب إلى اتحاد الكتاب العرب، وهذا تسرب خطير جدا يمس في الصميم قضيتنا الكبرى الصحراء المغربية ، وقد تتبع هذه الخطوة خطوات أكبر لأن الطبيعة تأبى الفراغ ، إلى متى يبقى كرسي المغرب فارغا في اتحاد كتاب العرب حتى ينتهز من يتربصون بنا الدوائر، الفرصة ؟
لقد باتت الحاجة ماسة لأن يلعب اتحاد كتاب المغرب أدوارا جديدة موكولة إليه ولاسيما في مسلك الدبلوماسية الثقافية ، وذلك من خلال « دار الفكر « وهي حلم جميل قد تحقق بعد مرور حقبة مديدة من الزمن ، فمن وظائف الدار المرتقبة أن تكون صلة وصل بين الأدباء داخل المغرب وخارجها ومن أحد أبرز أدوارها ممارسة الدبلوماسية الثقافية ومن شأنها أن تعزز وتؤازر الدبلوماسية السياسية ناهيك عن دور الثقافة في التقارب بين الشعوب والتعريف بقضاياها والمرافعة عليها، وفي مقدمتها قضية الصحراء المغربية محل اجماع وطني ، ودور اتحاد كتاب المغرب أن يكون له تصور ورؤية في الشأن الوطني ويتملك القدرة على مخاطبة الدولة ويمارس وظيفته بحكمة واقتدار لا أن يتوارى ويتراجع عن أدواره ومسؤولياته  الجسام تجاه الوطن وبخاصة في مرحلة دقيقة يعيشها وسهام الخصوم والأعداء تترصده من كل صوب .
لقد بات من الضروري والمؤكد استعادة اتحاد كتاب المغرب لمكانته ـ بعد تآكل ـ أملته ظروف ملتبسة وقاهرة وإن كانت مجرد مزايدات شخصية ويا ليتها كانت صراعات قائمة التنازع على ماهو فكري أو جمالي ، فعجز أعضاء اتحد كتاب المغرب عن تدبير الاختلاف أزمة ثقافية حقا ، فالمثقفون نتاج حكمة ومعرفة وما العمل إذا فسد الملح !
إن على المنظمة أن توظف خبراتها من أجل الترافع الثقافي وتطور أساليب العمل بمفاهيم وطرق اشتغال حديثة وفي صدارتها التعامل الرقمي، لغة العصر السائدة بامتياز ، لقد باتت الضرورة ملحة لأن يكون لاتحاد كتاب المغرب موقع إلكتروني هام يلتم حوله حملة القلم بمختلف تلاوين عطاءاتهم الفكرية والجمالية ، فهناك أدباء شباب شبوا عن الطوق بحساسية أدبية جديدة وعلى الاتحاد دور احتضانهم حتى يضخوا دماء جديدة في مفاصل الاتحاد ، ولابد من تلمس أساليب مبتكرة للعمل والتواصل في الهندسة والصناعة الثقافية .
المسألة الثقافية ـ يساندها الدستور الحالي ـ لاسيما والثقافة مطلب ضروري لتمنيع الكيان الوطني ولاتنمية جهوية دون تصريف لغة الديمقراطية والديمقراطية في حدها الأقصى تكريس وترجمة فعلية وإجرائية للذات الجماعية، وطنيا ورسميا وشعبيا ، الأمر الذي يجعل من الثقافة إسمنتا حضاريا لصرح البناء .
إن منظمة اتحاد  كتاب المغرب مؤهلة لأن تكون مخاطبة للدولة ومنخرطة في سياسات الدولة وبخاصة الثقافية لا أن تبقى مركونة على الهامش !
لا مراء بأن الثقافة عامل هام في تحقيق مرامي الجهوية  الموسعة ومقاصدها التنموية ، فالهوية الجهوية تعضدها الثقافة وذلك بتماه التقطيع المبني على ماهو ترابي بما هو ثقافي لأن التقطيع الثقافي هو الذي يعطي للتقطيع الترابي معناه ومغزاه .
إن غياب اتحاد كتاب المغرب عن ساحة الفعل خسارة كبرى ، ناهزت ـ الآن ـ عقدا من الزمن  أو يزيد  وكل الخوف أن تبقى أدواره معطلة ، فتنبت في الحواشي الزوائد والطحالب ، فالحاجة  ماسة لعودة اتحاد كتاب المغرب لقلاعه وحصونه حتى يقوم بدوره ومسؤولياته التاريخية .
لكل نقمة نعمة ، فما جرى من أوضاع محبطة وصفت اتحاد كتاب المغرب بالموت السريري ، ونادت بالإسراع بدفنه، وإكرام الميت سرعة دفنه ، ولعلها ـ وإن طال زمن الغياب  واستطال ـ مجرد عثرة أو سقطة في تاريخه المجيد والطويل ، ولكل جواد كبوة ، وكل هذه الأعطاب سترفد  ـ لا محالة ـ الاتحاد بأمصال تدعمه وتقويه إنه « الاتحاد « ياكتاب المغرب اتحدوا !


الكاتب : مصطفى لكليتي

  

بتاريخ : 07/03/2023