خلق نشر مجلة مختصة في مادة زيت الزيتون عبر العالم لقصاصة خبرية استقت مضامينها من تحقيق كشفت عنه أولا صحيفة بلجيكية جدلا واسعا في المغرب، ويتمحور الخبر المذكور حول اكتشاف أن 20 زجاجة من زيت الزيتون التي تم اقتناؤها من أصل 32 من متاجر كبرى في هولندا لم تستوف المعايير المطلوب توفرها، مما أثار مخاوف من وجود تزييف أو تضلل تسويقي، خاصة بعد تأكيد نتائج الاختبارات أن بعض القنينات كانت أقل جودة على مستوى التصنيف، في حين أن عددا منها كان دون المطلوب، وواحدة غير صالحة للاستهلاك البشري.
اللافت للانتباه أنه على مواقع التواصل الاجتماعي في المغرب تم نسب الموضوع إلى شركة مختصة في صناعة وتصدير زيت الزيتون وهي شركة واد سوس، وتم ربط هذا المستجد بواقعة حدثت تفاصيلها في 2024، وهو الأمر الذي دفع الشركة إلى الخروج عن صمتها وإصدار بلاغ تعتبر فيه أنها تتعرض لحملة تشهير ممنهجة، وبأن ما يتم نشره هو مجرد معلومات وأخبار زائفة لا تمت للحقيقة بصلة، وقد حاولت «الاتحاد الاشتراكي» الاتصال بمسؤولي هذه الشركة من أجل توضيح أكبر لتفاصيل الموضوع، لكن الجهة المكلّفة باستقبال المكالمات سلمتنا رقما آخر خاص بالإدارة، الذي حاولنا الاتصال من خلاله لكن الهاتف ظل يرن دون جواب.
وعلاقة بنفس الموضوع، أوضحت مصادر من المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية «أونسا» بأن ما تم تداوله على نطاق واسع من أخبار تفيد بإرجاع شحنة من زيت الزيتون المغربي من بلجيكا هو خبر غير صحيح، مشيرة إلى أن التحقيقات التي قامت بها السلطات البلجيكية المختصة لا تؤكد بأن المنتوج المتحدث عنه مصدره المغرب، مبرزة بأن عملية السحب التي شملت قنينات من زيت الزيتون والتي قامت بها الوكالة الفدرالية لسلامة السلاسل الغذائية ببلجيكا تمت في 2024 وكانت بسبب غياب البيانات الإلزامية المتعلقة بالعنونة ورقم الحصة وتاريخ الصلاحية. هذه الواقعة أعادت إلى الأذهان سيناريوهات سابقة تابعها المستهلك المغربي بكل اهتمام وقلق، ويتعلق الأمر بإرجاع منتجات فلاحية من عدد من الدول بسبب استعمال مبيدات سامة وتضمنها لمواد قد تكون مسرطنة، مما كان يطرح سؤالا عريضا عن مآلها بعد العودة، إلى جانب الأخبار التي يتقاسمها المواطنون بين الفينة والأخرى المتعلقة بحجز قنينات مائية أو مواد استهلاكية فاسدة ومنتهية الصلاحية، وخاصة خلال شهر رمضان الأبرك.
وتعليقا على هذا الموضوع، أكد وديع مديح رئيس الجامعة الوطنية لجمعيات المستهلك، في تصريح لـ «الاتحاد الاشتراكي» أن قلق المستهلكين المغاربة بخصوص السلامة الصحية للمنتوجات التي تعرض في الأسواق المغربية، المحلية منها والمستوردة، يطرح سؤالا جوهريا ومهما حول ما إذا كانت آليات المراقبة الحالية كافية لضمان الأمن الصحي للمغاربة، مشيرا إلى أن الجهود التي تبذلها المصالح المختصة، وعلى رأسها المكتب الوطني للسلامة الصحية، تعتبر جد ضعيفة والواقع يكشف باستمرار بعض مظاهر القصور في منظومة الرقابة، حيث لا يزال المواطن والمستهلك المغربي يواجه حالات متكررة وعديدة لعرض مواد منتهية الصلاحية مجهولة المصدر، وأخرى مخزنة في ظروف غير سليمة، في الوقت الذي يكتفي فيه هذا المكتب، وفقا لوديع، بالخروج بتصاريح أو بإعلانات صحافية بعد وقوع المشاكل المذكورة في غياب إجراءات استباقية.
وأوضح مديح أن القلق المتفشي في أوساط المغاربة بخصوص مصير المواد والمنتجات التي تسحب من بعض الدول الأجنبية بين الفينة والأخرى يبقى مشروعا، داعيا إلى بذل جهد كبير في منظومة التواصل من خلال إصدار الإنذارات القبلية والنشرات التوعوية لتعزيز ثقة المستهلك في أجهزة المراقبة، التي يجب توفير الإمكانيات البشرية والتقنية لها للقيام بمهامها الرقابية القبلية، معتبرا أن عدد الأطر التي تقوم بهذه العملية في «أونسا» يبقى غير كاف بالمقارنة مع حجم المرافق والمؤسسات والأماكن التي تتطلب زيارات ميدانية متكررة للمراقبة، إلى جانب تعزيز المراقبة على مستوى المعابر الحدودية.
ونبّه رئيس الجامعة الوطنية لجمعيات المستهلك في تصريحه للجريدة إلى معضلة أخرى تتمثل في عدم تعامل هذه المؤسسة مع الشكايات التي ترسلها الجامعة لها، معتبرا أن هناك منتجات تستهلك في بلادنا والتي تمر من مسالك موازية بعيدا عن أعين الرقابة، داعيا في هذا الإطار إلى إعمال المزيد من الصرامة في المراقبة الميدانية، والشفافية في نشر النتائج والتحاليل والتقارير، والتفاعل الفوري مع جميع المشاكل سواء المستوردة أو المحلية منها، منبها كذلك إلى ما يتداوله عدد من المواطنين من تخوفات ترتبط باستعمال المضافات الغذائية والكيميائية ومبيدات الحشرات في الفلاحة، إضافة إلى المنتجات التي تصنع بدون معرفة مصدرها والتي تباع في الأسواق المحلّية بدون مصدر وهوية .
واخختم مديح تصريحه لـ «الاتحاد الاشتراكي» بالتأكيد على أن حملات المراقبة الموسمية مهما كانت أهميتها فهي لا يمكنها أن تعوض المراقبة الدائمة، مشيرا إلى ضرورة العمل على الإصلاح العميق لمنظومة الرقابة غير المتجانسة التي يغيب عنها التنسيق فيما بين مكوناتها، مبرزا في هذا الإطار مطلب الجامعة المتمثل في إحداث جهاز يراقب جميع المنتجات الاستهلاكية مهما كانت طبيعتها والخدمات التي تهم المستهلكين كما هو معمول به في فرنسا نموذجا، من خلال المديرية العامة للمنافسة والاستهلاك، حتى يتسنّى تجاوز عدد من الإشكالات التي تعرقل عملية الرقابة وتتيح تداول منتجات ضارة بالأمن الصحي وبسلامة المواطنين.
اتهامات لجودة زيت زيتون مغربي تعيد طرح إشكالات مواجهة الغش والمراقبة في الأسواق .. الموضوع يحيل على حالات منع سابق لولوج مواد غذائية إلى دول أجنبية
الكاتب : وحيد مبارك
بتاريخ : 13/11/2025

