اختتام أشغال النسخة 12 من المؤتمر الدولي «الحوارات الأطلسية» بمراكش : إبراز الأهمية المتزايدة لمنطقة المحيط الأطلسي ودعم لمبادرة جلالة الملك

 

اختتمت يوم السبت 16 دجنبر النسخة الثانية عشرة من مؤتمر الحوارات الأطلسية التي نظمها تحت الرعاية السامية لجلالة الملك، بمدينة مراكش مركز الدراسات من أجل الجنوب، بمشاركة شخصيات سياسية و فكرية و أكاديمية رفيعة المستوى.
وتميزت هذه الدورة المنظمة تحت الرعاية السامية لجلالة الملك محمد السادس، تحت شعار «نحو أطلسي أكثر حزما وتأثيرا»، بمداخلات لعدة رؤساء دول وحكومات سابقين، وثلة من الوزراء والدبلوماسيين، وكبار المسؤولين، وباحثين وخبراء، سلطوا الضوء على الأهمية المتزايدة لمنطقة المحيط الأطلسي في السياق العالمي الحالي، وسبل تعزيز التعاون الأطلسي، وخاصة بالنسبة لدول جنوب الأطلسي.
وفي كلمة بالمناسبة، أكد الرئيس التنفيذي لمركز السياسات من أجل الجنوب الجديد، كريم العيناوي، أن الهدف من «الحوارات الأطلسية» التي عرفت مشاركة ما يقارب 500 مشارك هو «نقل الاهتمام من الشمال إلى الجنوب».
وأوضح العيناوي، أن هذه الدورة تأتي استنادا لخطاب جلالة الملك محمد السادس بمناسبة الذكرى الـ 48 للمسيرة الخضراء والذي «رسم تصورا لمكانة المغرب في المحيط الأطلسي وعلاقته بكل البلدان الإفريقية الأطلسية، وأيضا مع بلدان الساحل».
واعتبر الرئيس التنفيذي لمركز السياسات من أجل الجنوب الجديد، أن النقاشات التي ميزت هذا المؤتمر تعكس طبيعة المملكة باعتبارها «بلدا منفتحا، ومستقرا، وعقلانيا، وذي مصداقية في التزاماته».
وتميزت الجلسة الختامية لمؤتمر «الحوارات الأطلسية» بجلسة خصصت لـ «القادة الشباب»، حيث شارك 43 من القادة الشباب من 26 دولة الذين التحقوا بشبكة المشاركين السابقين التي تضم حاليا 380 عضوا في ندوات وورشات عمل تدريبية على القيادة في الفترة الممتدة بين 11 و13 دجنبر الجاري، وذلك قبل مشاركتهم الفعلية في أشغال المؤتمر.
وأبرزت أشغال هذا المؤتمر الهام أن فكرة وجود أطلسي أكثر حزما هي السبب الجذري لعدد من الاتجاهات الاقتصادية والسياسية والأمنية التي لديها القدرة على التأثير بشكل كبير على العالم. مؤكدة أن هناك حاجة إلى فهم أعمق للمعنى والآثار المحتملة لهذا التصور الجديد لحوض الأطلسي، لأنه يمثل تحولا في ديناميكيات المنطقة، بما يتطلبه ذلك من استكشاف وجهات نظر مختلفة من أفريقيا وأوروبا والأمريكتين.
وتوقفت أشغال هذا المؤتمر عند ما شهدته السنوات الأخيرة من زيادة ملحوظة في تواتر وشدة الأزمات المختلفة، بما في ذلك قضايا مثل تغير المناخ، وجائحة كوفيد-19، والإفراط في المديونية في عدد من البلدان، والصراعات الجيوسياسية. حيث أبرز المشاركون أن هذا التصعيد يؤكد الحاجة الماسة إلى المعالجة العاجلة لبعض التحديات العالمية الأكثر إلحاحا. مسجلين أن الاستجابات الدولية حتى الآن كانت قاصرة، ولم يتم استيعاب الدروس المستفادة من تجارب الماضي بالقدر الكافي.
واشار المشاركون إلى الدعوات المتكررة من المجتمع الدولي لإجراء إصلاحات واسعة النطاق للبنية المالية العالمية، موضحين أن هذا التكيف يحظى بأهمية بالغة للتصدي بفعالية للتحديات العالمية المعاصرة، والتعامل مع الأزمات المتعددة الأبعاد، واستعادة القدرة على تحمل الديون، والدفع في نهاية المطاف إلى تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
و قدم المشاركون تحليلات لتموقع الجنوب العالمي في خضم التقاطب الدولي و ازدياد التوترات الجيوسياسية، مما يكشف النفوذ المتزايد للجنوب وتطلعه إلى إعادة تشكيل النظام الدولي، مما يتحدى نظام ما بعد الحرب العالمية الثانية. و تساءل المشاركون حول ما إذا كان الوقت قد حان لنظام دولي أكثر توازنا. ملاحظين أنه في حين ارتفعت البراعة الاقتصادية للجنوب، فإن التعقيدات الجيوسياسية تفرض تحديات في ظل سعي القوى الناشئة إلى تأكيد وجودها، ومساعي الغرب للحفاظ على الوضع الراهن.
واعتبر المشاركون أن الإحباط الناجم عن نقص تمثيل الجنوب العالمي في الهيئات الدولية، مثل صندوق النقد الدولي، يغذي الدعوة إلى تشكيل جبهة موحدة، إلا أن اختلاف المصالح الاستراتيجية المتنوعة بين دول الجنوب العالمي، يؤثر على ذلك.
وكان المراقب الدائم لجامعة الدول العربية لدى الأمم المتحدة، ماجد عبد الفتاح عبد العزيز، قد أكد أن الجامعة تدعم مبادرة جلالة الملك محمد السادس الرامية إلى تحويل الواجهة الأطلسية إلى فضاء للتواصل الإنساني والتكامل الاقتصادي.
وقال عبد الفتاح عبد العزيز، في تصريح للصحافة، إنه «في ظل تضارب المصالح الذي يشهده العالم اليوم، فإنه يمكن من خلال تحالفاتنا الذاتية أن نحقق مصالحنا الإقليمية وندافع عن حقوقنا ونعزز مواقفنا في الساحة الدولية، وهذا هو أساس المبادرة التي أطلقها جلالة الملك، والتي تدعمها جامعة الدول العربية».
وأبرز أن «المغرب سيكون في واجهة التعاون والتعامل مع المحور الأطلسي، نظرا لموقعه الجغرافي والاستراتيجي المتميز»، معتبرا أن باقي الدول مدعوة، كذلك، للاضطلاع بأدوارها من أجل «تعزيز قدرتنا ووضعنا في موقع قوة».
ومضى المراقب الدائم لجامعة الدول العربية لدى الأمم المتحدة قائلا «إننا دول لها من الإمكانيات ما يمكنها من تحقيق كل أمانيها وأماني شعوبها».
وكانت نسخة عام 2023 من تقرير التيارات الأطلسية، وهو التقرير السنوي عن شؤون الأطلسي الذي يصدره مركز سياسات الجنوب الجديد منذ عام 2014، قد اشار إلى ديناميكية سلسلة من المحاور الأفقية والرأسية والقطرية والعرضية للتعاون والمشاركة عبر المحيط الأطلسي، التي تمثل مؤشرات واضحة على أن حوض الأطلسي أقل تهميشا مما قد يتصوره المرء.
ويؤكد المنظمون أن الفضاء الأطلسي يقف باعتباره عالماً ديناميكياً يشكله التاريخ المشترك، والروابط الثقافية، والترابط الاقتصادي المتبادل، والمصالح الجيوسياسية. وكانت هذه العلاقات، التي تمتد عبر القارات، محورية ولكنها مليئة بالتحديات، وشهدت تحولات كبيرة في السنوات الأخيرة. حيث ينصب تركيز الحوارات الأطلسية على كشف تعقيدات هذا المشهد المتطور، وفهم التصورات الجديدة لحوض الأطلسي، وتسليط الضوء على وجهات نظر متنوعة من أفريقيا وأوروبا والأمريكتين.
وتهدف الحوارات الأطلسية إلى تهيئة بيئة مواتية لتيسير المناقشات الملموسة التي تؤدي إلى نتائج قابلة للتنفيذ، من أجل تعزيز «خريطة ذهنية» جديدة حول القضايا والشراكات والإمكانات الأطلسية.
وحققت «الحوارات الأطلسية» التي تم إطلاقها في عام 2012، إنجازًا بارزًا منذ أن استمرت لأكثر من عقد من الزمن. كانت الرؤية الأولية هي التأكيد على الأهمية المتزايدة لأفريقيا وأمريكا اللاتينية كجهات فاعلة في منطقة جنوب المحيط الأطلسي من خلال تحويل العقليات والخرائط الذهنية . و تناولت العديد من الإصدارات التي تلت ذلك القضايا الاستراتيجية الرئيسية مع أكثر من 400 مشارك كل عام من أفريقيا وأمريكا اللاتينية وأوروبا وأمريكا الشمالية، والرؤساء والوزراء السابقين، وممثلي المؤسسات الكبرى، والمديرين التنفيذيين، والخبراء والصحفيين المتمرسين من أفريقيا وأوروبا والولايات المتحدة.


الكاتب : مراكش: عبد الصمد الكباص

  

بتاريخ : 18/12/2023