استحضارا لما تنص عليه القوانين ذات الصلة

واقع «الصحة المدرسية» بالمؤسسات التعليمية تحت «مجهر» التساؤلات؟

 

تعتبر الصحة المصدر الداعم لوظيفة الفرد في المجتمع، بحسب منظمة الصحة العالمية؛ إذ وصفتها بحالة التوازن والكمال البدني والعقلي والنفسي للشخص والحالة العامة للجسم والعقل، وسعادة الفرد نفسيا وقدرته الجسدية والعاطفية والعقلية والاجتماعية على التكيف مع وسطه وبيئته المحيطة به… ونظرا لكون كل فرد تقريبا يمر من مرحلة التمدرس، أيا كانت السنوات التي يقضيها بالمؤسسة التعليمية، فإن صحته تلزم مراعاتها انطلاقا من أول يوم يلجها فيه، وهو ما يحتم لزوما تواجد ما يصطلح عليه بـ» الصحة المدرسية « التي تشمل البنية التحتية والتجهيزات الأساسية والأنشطة الموازية والموارد البشرية المؤهلة وحلقات التحسيس والتكوين، لأن أهداف الصحة المدرسية تتنوع ما بين التعرف على المؤشرات الصحية لصحة كافة التلاميذ وحفظها وتعزيزها، وتعريف التلاميذ وأسرهم والعاملين في المجال التربوي بالمشكلات الصحية في السن المدرسية وتحسين البيئة الصحية والكشف المبكر عن بعض الأمراض والأوبئة من خلال أعراضها الأولية واتخاذ الإجراءات الكفيلة بضمان العزل الطبي للتلاميذ المصابين بناء على جدول رسمي يحدد مدة العزل المحددة من طرف ذوي الاختصاص، والقيام بالعلاجات الوقائية التي تمس السمع والبصر والجلد، وتقديم الدعم النفسي للمصابين بأمراض نفسية وحالات اكتئاب نتيجة مجموعة من العوامل منها المرتبط بالتمدرس كالتحصيل الدراسي أو الحمولة الوافدة من الأسرة ومن خارج المؤسسة التربوية، وذلك بمساعدة استنتاجات وملاحظات خلايا اليقظة المشكلة على صعيد المؤسسة التعليمية، وربط الجانب الصحي بضرورة الممارسة الرياضية المنتظمة وبشروطها الأساسية التي تتفادى بها الوقوع العفوي في شرك الإضرار بالصحة الجسدية للتلاميذ، دون إغفال الاهتمام الصحي بعدد من مرافق المؤسسة، مثل مرافق النظافة وساحة الاستراحة واللعب وسلامة مجمل فضاءات المؤسسة من الحشرات الضارة والزواحف السامة مع إيلاء اهتمام أكبر لمؤسسات الوسط القروي وشبه الحضري، وتفعيل أدوار مصالح ومكاتب الصحة المدرسية بالأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين ومختلف المديريات الإقليمية التابعة لها اعتمادا على ما خصصته الوزارة لهذه الغاية من اعتمادات وموارد بشرية وتجهيزات في السنوات الأخيرة.
على مستوى البنية التحتية يتحتم وجود مصحة قائمة وفق شروط ومعايير المنظومة الصحية داخل كل مؤسسة من مؤسسات التربية والتكوين، لتكون مثلها مثل الإدارة وباقي قاعات التدريس والتنشيط التربوي والإطعام المدرسي والخزانة المدرسية وغيرها، تتضمن تجهيزات أساسية كسرير الفحص والعلاجات والإسعافات الأولية، وصيدلية لتخزين الأدوية بمختلف أنواعها التي يتطلبها نوع التدخلات الأولية قبيل الإحالة على المستوصف أو المستشفى بالنسبة للتي تحتاج تدخلا من هذا المستوى ، ومجهزة بوسائل وأدوات طبية من قبيل مقاييس قياس درجة الحرارة أو ضغط الدم ومجهر ووسائل اختبار الفضلات السائلة والصلبة واختبار نسب داء السكري وقياس البصر والسمع، ويعمل بها أطر لهم تكوين خاص في المجالات المرتبطة بالقياس والاختبار والإسعافات الأولية على أن يقوموا بعملهم اليومي ووفق برنامج عمل مسطر على مدار أيام الأسبوع الدراسي، مع القيام بدروس في التربية الصحية وبحلقات تحسيس للتلاميذ وآبائهم وأمهاتهم وأولياء أمورهم، إضافة إلى توسيع مدى الحلقات لتشمل المحيط المدرسي بمكوناته المتداخلة في الشأن التربوي، وتنظيم أبواب مفتوحة لا سيما ضمن الأسابيع الصحية وفعاليات الأنشطة الموازية ذات الارتباط بالموضوع، حيث يستوجب الأمر القيام بفحوصات منتظمة تدون بكل دقة ضمن الدفتر الصحي للتلميذ، والمراقبة الصحية اليومية لوجبات الإطعام المدرسي، تفاديا لكل ما من شأنه أن يشكل تسمما غذائيا أو إضرارا بالصحة.


الكاتب : عبد الكريم جبراوي

  

بتاريخ : 31/12/2019