اعتبروه بأنه يحمل تراجعات خطيرة تمس جوهر المهنة .. العدول يطالبون رئيس الحكومة بسحب مشروع القانون 16.22 المتعلق بتنظيم التوثيق العدلي

أعلن عدول المغرب رفضهم القاطع لمشروع القانون رقم 16.22 المتعلق بتنظيم مهنة التوثيق العدلي، وطالبوا رئيس الحكومة بسحبه الفوري ووقف جميع المساطر التشريعية الرامية إلى تمريره بصيغته الحالية، لما يحمله من تراجعات خطيرة تمس جوهر المهنة وتقوض أسس الأمن التعاقدي والتوثيقي بالمملكة.
الرافضون لهذا المشروع أعلنوا عن قراراهم الواضح والصريح خلال أشغال الندوة العلمية الوطنية التي انعقدت يوم الأربعاء 17 دجنبر بالمركب الاجتماعي للمحامين بمدينة فاس، التي نظمتها تنسيقية المجالس الجهوية للعدول والهيئات والإطارات المهنية الموازية، بمشاركة نخبة من الأساتذة الجامعيين والخبراء القانونيين والمهنيين، والتي خُصصت لتدارس مشروع القانون 16.22، والوقوف على مضامينه وانعكاساته القانونية والمهنية والمؤسساتية.
اللقاء الذي تحوّل بحسب المعنيين إلى محطة ترافعية قوية، عبّر خلاله العدول عن رفضهم الجماعي لمشروع وصفوه بأنه «لا يحظى بالشرعية المهنية»، وأكدوا على أنه لا يرقى في صيغته الحالية إلى مستوى إصلاح تشريعي حقيقي، بل يشكل انتكاسة تشريعية واضحة وتراجعا عن مكتسبات راكمتها مهنة التوثيق العدلي عبر عقود، معتبرين أن مضامينه تمس باستقلالية العدل وتفرغ الوثيقة العدلية من قيمتها القانونية والرمزية كضامن للأمن التعاقدي وحماية حقوق المتعاقدين.
وسجل البيان الختامي للندوة بقلق بالغ غياب المقاربة التشاركية الحقيقية في إعداد المشروع، وعدم الالتزام بمخرجات الحوار السابق مع وزارة العدل، في خرق صريح لمبادئ الحكامة الجيدة وروح الدستور. واعتبر العدول أن تجاهل رأي الجسم المهني وإرادته يُفقد أي نص تشريعي شرعيته المهنية، ويحول القانون من أداة للإصلاح إلى مصدر للاحتقان والاضطراب المؤسساتي. كما نبّه المشاركون إلى أن تمرير المشروع سيؤدي إلى إرباك منظومة التوثيق العدلي وإضعاف الثقة في الوثيقة العدلية، مع ما يترتب عن ذلك من آثار سلبية مباشرة على مناخ الاستثمار والاقتصاد الوطني، في وقت تحتاج فيه البلاد إلى تعزيز الأمن القانوني والتعاقدي كرافعة للتنمية.
وعلاقة بالموضوع، أكد سعيد الصروخ، رئيس المجلس الجهوي لعدول استئنافية طنجة ومنسق المجالس الجهوية للعدول، أن «العدول بالمملكة يخوضون اليوم محطة ترافعية واضحة الرسالة والأهداف، موضحا أن مشروع القانون 16.22 لا يستجيب لا للمقتضيات الدينية، ولا للأحكام والمقاصد الشرعية، ولا لمتطلبات إصلاح منظومة العدالة»، مضيفا بالقول «أن المشروع يتجاهل مضامين محاضر الحوار الموقعة مع وزارة العدل، والتي يعتبرها العدول الحد الأدنى الذي لا يمكن القبول بأقل منه، وبأنه «لا يتضمن الحد الأدنى من شروط العصرنة وتحديث المهنة، بل يُبقي على نمط تقليدي في الأداء، من خلال استمرار خطاب القاضي، وعدم رسمية الوثيقة، والثنائية في التلقي، إلى جانب فرض شروط إضافية تمس بتوازن الحقوق والالتزامات، وتحرم المهنة من تكافؤ الفرص والقدرة على المنافسة المشروعة مع باقي المهن القانونية».
وعلى مستوى التوصيات، دعا عدول المغرب إلى سحب مشروع القانون 16.22 وإعادة فتح ورش إصلاح تشريعي حقيقي، قائم على مقاربة تشاركية مسؤولة، يضمن استقلالية العدل وحمايته القانونية والمهنية، ويعزز مكانة الوثيقة العدلية، كما طالبوا بتحديث اختصاصات المهنة بما يواكب التحولات الاقتصادية والرقمية والمشروع التنموي للبلاد، وتوفير الضمانات المهنية والقانونية والاجتماعية اللازمة للممارسة المهنية، وعلى رأسها حق الإيداع.


الكاتب : عادل الدكالي

  

بتاريخ : 22/12/2025