وزارة الصحة والحماية الاجتماعية تقدم عرضا حكوميا جديدا لمحاولة ثني النقابات عن تنفيذ احتجاجاتها

اعتُبر هو الآخر غير منصف للجميع ويكرّس للتمييز ولا يتيح تحقيق السلم الاجتماعي في القطاع

 

مباشرة بعد تعبير النقابات الصحية عن غضبها الجماعي من العرض الحكومي الذي تم وصفه بالهزيل، الذي تقدمت به وزارة الصحة والحماية الاجتماعية خلال جلسة الثلاثاء الأخيرة، التي جاءت ضمن جلسات الحوار الاجتماعي القطاعي، وإعلانها عن خوض مجموعة من الأشكال الاحتجاجية المختلفة، التي توزعت ما بين إضرابات ووقفات ووضع للشارات، سارعت الوزارة إلى دعوة الإطارات النقابية لاجتماع جديد جرت أطواره أمس الجمعة، والذي قدمت خلاله عرضا ثانيا بهدف ثني النقابات عن تنفيذ الاحتجاجات التي سطرتها وسبق أن أعلنت عنها.
وتوجه عدد من مسؤولي النقابات الصحية المختلفة أمس الجمعة، للقاء وفد وزارة الصحة والحماية الاجتماعية للاطلاع رسميا على تفاصيل العرض الجديد، بعيدا عما تداوله قبل ذلك، ولمعرفة ما إذا كان يراعي الملاحظات التي تم تسجيلها، ويستحضر مواقف ممثلي الشغيلة الصحية، الذين كانوا ينتظرون وضوحا أكبر ونضجا أعمق في التعاطي مع مطالب مهنيي الصحة، من أجل تحقيق العدالة الأجرية وضمان كرامتهم وتمتيعهم بكافة حقوقهم، المادية منها والمعنوية، وصون صفتهم الوظيفية بعد دخول المجموعات الصحية الترابية حيز التنفيذ، للمساهمة الجماعية في تجاوز كل التحديات التي تعترض سبيل تجويد المنظومة الصحية، وللعمل على إنجاح الورش الصحي الكبير المفتوح، خاصة بعد دخول قرار تعميم التغطية الصحية حيّز التنفيذ.
الاجتماع الذي تم بمقر وزارة الصحة والحماية الاجتماعية، والذي عرف مقاطعة الجامعة الوطنية للصحة التابعة لنقابة الاتحاد المغربي للشغل، رفضا لما تداوله من تفاصيل قبل يوم من ذلك، شهد مشاركة نقابية مختلفة عن السابق، على مستوى الشكل، في رسالة احتجاجية ضمنية، خاصة وأن تفاصيل العرض الحكومي الجديد، تم تسريبها ولقيت هي الأخرى انتقادا كبيرا، لأن الخطوة لم تحترم أدبيات وأخلاقيات الحوار والعلاقة المفروضة بين الإدارة والفرقاء الاجتماعيين، فضلا عن كون الزيادة التي تم التحدث عنها جاءت غير منصفة لفئة الممرضين وللإداريين والتقنيين ومكرّسة للتمييز مرة أخرى، حيث وصفها بعض الفاعلين، بأن الغاية منها ليس توحيد الجهود وإنما تكريس المزيد من التفرقة والشرخ بين مهنيي الصحة.
وقدمت الوزارة عرضا يتمثل في الزيادة في أجور الممرضين تقدّر بـ 1500 درهم، على أن تشمل الزيادة أجور الإداريين 1200 درهم، فضلا عن بعض «الاجتهادات» التي تخص التعويض عن الحراسة والبرامج الصحية وغيرها، في حين لم تقدم الحكومة أي جديد يخص الأطباء. وعرف المقترح الحكومي تضاربا يوم تسريبه، بين من يدعو للقبول به كخطوة أولى في أفق تصعيد نضالي جديد يتلو هذه المرحلة، وبين من يرفضه جملة وتفصيلا ويعتبره مقزّما لفئات المعنيين به، ولا يأخذ بعين الاعتبار السنوات الاعتبارية وغيرها من التفاصيل الأخرى، ويشدد على مواصلة الاحتجاجات، خاصة في ظل عدم الوضوح التام المتعلق بوضعية مهنيي الصحة في عهد المجموعات الصحية الترابية.
هذا، ومن المنتظر استئناف جلسات حوار جديدة الأسبوع المقبل، من أجل محاولة استكمال النقاش المرتبط بكل النقاط والقضايا الخلافية المطروحة، سعيا وراء توقيع اتفاق يعيد السلم الاجتماعي لقطاع الصحة العمومي، وهو الأمر الذي تبين كل المؤشرات على أنه لا تزال تعتريه العديد من الصعوبات، التي قد تحول دون تحقيق هذا الأمر، إذا ما استمر اللبس والغموض وتواصل تدبير الإشكاليات المطروحة بمنظور تجزيئي.


الكاتب : وحيد مبارك

  

بتاريخ : 20/01/2024