اكتشافات أثرية في المغرب تعيد كتابة تاريخ الحياة وترسم خارطة جديدة لتطور البشر 08- حفريات المغرب: مفاتيح لفك أسرار الحدود بين العصور الجيولوجية

يعد المغرب واحدا من أغنى دول العالم بالمستحاثات، حيث تُخزّن أرضه تاريخا جيولوجيا يمتد لمئات الملايين من السنين، توثق تطور الحياة على كوكب الأرض.
فمن أعماق بحار العصر القديم إلى سهول العصر الطباشيري، ومن آثار الكائنات الدقيقة إلى حفريات الديناصورات، يقدم المغرب نافذة فريدة لاستكشاف العصور السحيقة.
تتميز التكوينات الجيولوجية المغربية بثرائها في أنواع مختلفة من الأحافير، بدءا من التريلوبيتات والأسماك المتحجرة التي تعود إلى العصر الأردوفيشي، وصولا إلى الزواحف البحرية والديناصورات الضخمة من العصر الطباشيري.
وقد كشف العلماء في مواقع مثل طاطا وأرفود وسفوح الأطلس عن حفريات لديناصورات نادرة، مثل “سبينوصور المغرب”، وهو أحد أكبر الديناصورات المفترسة المعروفة.
لكن الاكتشاف الأكثر إثارة كان في جبل إيغود، حيث تم العثور على أقدم بقايا للإنسان العاقل، مما أعاد رسم خارطة تطور البشر.
وتعد الصحراء المغربية مصدرا رئيسيا لمستحاثات بحرية فريدة، مثل الأمونيتات والأسماك المتحجرة، التي تحكي قصة المحيطات القديمة التي غمرت المنطقة.
وبينما يسهم المغرب بشكل بارز في الأبحاث الحفرية العالمية، تواجه هذه الثروة الطبيعية تحديات كبرى، مثل تهريب المستحاثات وغياب قوانين صارمة لحمايتها. ورغم ذلك، فإن استمرار الاكتشافات العلمية في البلاد يجعل من المغرب مختبرا طبيعيًا مفتوحا، يروي فصولا جديدة من قصة الحياة على الأرض.

 

 

في قلب المغرب، حيث تمتد الصخور العتيقة والطبقات الرسوبية التي تشكلت عبر مئات الملايين من السنين، تكمن كنوز علمية تحمل في طياتها أسرارا عن تاريخ الأرض وتطور الحياة.
هذه الكنوز ، هي أدوات قوية لفهم الحدود بين العصور الجيولوجية، تلك الفواصل الزمنية التي تفصل بين فتراتٍ مختلفةٍ من تاريخ كوكبنا. المغرب، بفضل تنوعه الجيولوجي الفريد وثرائه الأحفوري، أصبح واحدا من أهم المواقع العالمية لفهم هذه الحدود وكيفية تحديدها.
تعتبر الحفريات، وخاصة تلك التي تم اكتشافها في المغرب، بمثابة ساعات زمنيةٍ طبيعيةٍ تساعد العلماء على تحديد الفترات الانتقالية بين العصور الجيولوجية.
كل حفرية تحمل في طياتها معلومات عن البيئة التي عاشت فيها، وعن الظروف المناخية والجيولوجية التي سادت في تلك الفترة. على سبيل المثال، حفريات التريلوبيتات، التي تم اكتشافها في الطبقات الصخرية المغربية، تعود إلى العصر الكامبري، وهي تساعد العلماء على فهم بداية الحياة المعقدة على الأرض وكيفية تطورها خلال هذا العصر .
أحد الأمثلة البارزة على دور حفريات المغرب في تحديد الحدود بين العصور الجيولوجية هو اكتشاف حفريات الديناصورات والزواحف البحرية العملاقة، مثل السبينوصور، التي تعود إلى العصر الطباشيري. هذه الحفريات، التي تم اكتشافها في مناطق مثل “كمكم” و”حمادة”، توفر أدلة قوية على الظروف البيئية التي سادت في نهاية العصر الطباشيري، وكيف أدت التغيرات المناخية والجيولوجية إلى انقراض الديناصورات وبداية عصر جديد من الحياة على الأرض
بالإضافة إلى ذلك، فإن حفريات الأسماك والزواحف البحرية التي تم اكتشافها في طبقات الفوسفاط المغربية تعود إلى الفترة الانتقالية بين العصر الطباشيري والعصر الباليوجيني.
هذه الحفريات، التي تشمل أسماك القرش والشفنين والموساصورات، توفر معلومات قيمة عن كيفية تأثر الحياة البحرية بالتغيرات الجيولوجية الكبرى، مثل الاصطدامات النيزكية والتغيرات المناخية الحادة التي أدت إلى انقراض جماعي .
المغرب، بفضل موقعه الجغرافي الفريد وتاريخه الجيولوجي المعقد، يقدم نافذة نادرة على هذه الفترات الانتقالية. الطبقات الصخرية في المغرب، التي تشكلت عبر ملايين السنين، تحتفظ بسجل غني من الحفريات التي تعكس التغيرات الكبرى في البيئة والمناخ. على سبيل المثال، حفريات الثدييات البدائية، مثل “أجنابيا أوديسوس”، التي تم اكتشافها في المغرب، تعود إلى نهاية العصر الطباشيري وبداية العصر الباليوجيني، وهي تساعد العلماء على فهم كيفية تطور الثدييات بعد انقراض الديناصورات .
أهمية حفريات المغرب لا تقتصر فقط على تحديد الحدود بين العصور الجيولوجية، بل تمتد إلى فهم العمليات الجيولوجية الكبرى التي شكلت كوكبنا. على سبيل المثال، حفريات الزواحف البحرية العملاقة، مثل البليزوصورات والتماسيح القديمة، التي تم اكتشافها في المغرب، توفر أدلة على كيفية تشكل المحيطات القديمة وكيفية تفاعل الكائنات الحية مع التغيرات في مستويات سطح البحر والمناخ .


الكاتب : جلال كندالي

  

بتاريخ : 10/03/2025