رغم اجتماع دام اكثر من 16 ساعة لم يتمكن وزراء المالية الاوربيون من التوصل الى أي اتفاق بعد ليلة طويلة من المباحثات، من أجل خطة لإنعاش الاقتصاد و الخروج من تبعات فيروس كورنا المستجد، الذي تسبب في تراجع اقتصادي كبير لم تشهده اوربا مند نهاية الحرب الكبرى.
وذلك رغم اجواء التفاؤل التي سبقت اجتماع دول الاتحاد الأوروبي وكانت مختلف التقارير حول الموضوع تؤشر على الاقتراب من اتفاق حول خطة للإنقاذ اقتصادي للدول الأوروبية الأكثر تضررا من تفشي الفيروس ل، لكن الخلافات كانت جد كبيرة بين بلدان الجنوب الاوربي خاصة اسابنا وإيطاليا، مدعومة من فرنسا و ودول الشمال هولندا والنمسا مدعمتان من طرف المانيا حول اقتسام الديون، والذي تشترطه دول الشمال بتطبيق اصلاحات ، وهي الشروط التي يرفضا الجنوب المتهم بالانفاق اكثر من امكانياته مقابل بلدان الشمال التي تحقق فائضا في ميزانها الاقتصادي.
لكن وزراء مالية دول التكتل الـ27 خلال إجتماع عبر الفيديو البارحة اتفقوا على استخدام أموال صندوق خطة إنقاذ لمنطقة اليورو بقيمة 410 مليارات يورو? وذلك من خلال استعمال آلية الاستقرار المالي الأوروبية التي تم وضعها في عام 2012 خلال أزمة الديون في منطقة اليورو، بهدف مساعدة الدول التي تفقد القدرة على الاقتراض من الأسواق العالمية? خاصة ايطاليا التي كانت مشاكل اقتصادية بسبب ارتفاع ديونها وهو الوضع التي تفاقم مع انتشار جائحة كورونا التي تسببت في عدد كبير من الضحايا بايطاليا كما كان لها وقع جد سيئ على الاقتصاد الايطالي.
وتشهد اوربا انقسامات عميقة بين البلدان الشمالية الغنية والبلدان الجنوبية التي ترزح تحت ديون ثقيلة، وهو ما جعل عمل وزراء المالية صعبا في الاتفاق حول إصدار سندات «كورونا بوند» لتشارك الديون بين دول الاتحاد لمجابهة الأزمة.
وهناك مجموعة من الدول بينها ايطاليا وفرنسا واسبانيا تطالب المانيا والنمسا وهولندا بأدوات لتشارك الديون بهدف تخفيف الضرر الاقتصادي للجائحة? وهو الام الذي يرفضه السياسيون المحافظون الذي لا يرغبون في ان تقع جميع الديون السيادية على كاهل دافعي الضراب في بلدانهم ودفع ثمن اسراف بلدان الجنوب في ميزانياتها.
وأكدت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل الاثنين الماضي موقف حكومتها من تفعيل آلية الاستقرار الأوروبي الانقاذية لتمويل الدول التي تحتاج الى مساعدة، دون ان تتطرق الى مسألة الاقتراض المشترك? التي تعتبر هي المشكل الاساسي الذي يقم بلدان الاتحاد بين الشمال بزعامة المانيا والجنوب بزعامة فرنسا.
وأشادت ميركل بخطة البنك المركزي الأوروبي للتحفيز الاقتصادي والبالغة قيمتها 750 مليار يورو، من أجل تجنب أي كارثة اقتصادية?لكن فرنسا مصر ة على أن الدمار الاقتصادي الذي ألحقه مرض كوفيد19 يتطلب طريقة تفكير جديدة في أوروبا، وهي تريد من الدول الأعضاء مساعدة بعضها البعض بطرق غير مسبوقة? وفي هذا الاطار قال وزير المال الفرنسي برونو لومير للقناة الفرنسية الثانية ?ليس هناك بالنسبة لأوروبا شيء أسوأ من أن تتمكن بعض الدول من التعافي بسرعة لأنها غنية بينما دول أخرى ستنهض ببطء فقط لأنها لا تملك تحمل التكلفة??وأضاف ?نحتاج جميعا الى التعافي بنفس السرعة لضمان التماسك والتضامن والوحدة في منطقة اليورو.
لكن فان تصور ووجهة نظر المانيا وحلفائها في اجتماع الثلاثاء، ليس لهم نفس التصور ويربطون اية تضامن حول مسألة الديون بضرورة الاصلاح الاقتصادي وهي شروط ترفضها روما على الخصوص، مع ان الوزراء سيوافقون ايضا على مواصلة النقاش حول أفكار مثل سندات «كورونا بوند» لكن بعد الجولة الاولى التي كانت ماراطونية ودامت 16 ساعة بدون أي اتفاق، فانه هناك تخوفات بعدم وصول الجولة الثانية لاي حل، في حين هناك من يرى ان جولة ثانية ضرورية لحجم الازمة ولحجم الدعم المالي المطلوب لتجاوزها، خاصة ان هذا الدعم يتطلب تضامنا وتضحية الية كبيرة من المانيا وشركائها في الشمال تجاه ايطاليا وبلدان الجنوب وه الاكثر تضررا.
وكان رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين ورئيسة البنك الأوروبي المركزي كريستين لاغارد ورئيس مجموعة اليورو ماريو سنتينو عقدوا الاثنين الماضي اجتماعا تحضيريا عبر الفيديو.
وكتب ميشال على تويتر ندعو جميع الأعضاء في منطقة اليورو الى دراسة كل الأدوات الممكنة بطريقة بناءة.
ومهما كان الاتفاق الذي سيتوصل اليه الوزراء، فهو سينتقل الى قادة التكتل الذين من المتوقع أن يجتمعوا في وقت لاحق من هذا الشهر.
في التفاصيل .. اعلاميا
وقالت وكالات الأنباء ، منها فرانس بريس أنهم لم ينجحوا في التوصل إلى اتفاق بعد ليلة طويلة من المباحثات حول خطة إنعاش بعد تفشي فيروس كورونا المستجد، إذ لا تزال دول الشمال معارضة لدول الجنوب التي تدعو إلى جهد مالي غير مسبوق في صيغة ديون مشتركة.
وأعلن رئيس مجموعة اليورو ماريو تشينتينو في تغريدة على «تويتر»، بعد 16 ساعة من المناقشات، اقتربنا من التوصل إلى اتفاق، لكننا لم نصل بعد علقت اجتماع مجموعة اليورو، الذي سيستأنف يومه الخميس .
وأضاف يبقى هدفي هو ذاته شبكة أمان أوروبية قوية لمواجهة تداعيات كوفيد19 ?لحماية العمال والشركات والدول? والشروع في خطة إنعاش واسعة.
وقال الوزير الفرنسي برونو لومير من جهته على «تويتر»، أدعو مع وزير المال الألماني. أولاف شولتز جميع الدول الأوروبية إلى مواجهة التحديات الاستثنائية للتوصل إلى اتفاق طموح.
وكان الاجتماع قد استمر طوال الليل وتخللته مباحثات على شكل مجموعات صغيرة في مسعى للخروج من المأزق.
ويعد الاجتماع اختبارا حاسما لوحدة الدول ال27 بعد فشل قمة رؤساء الدول والحكومات التي خصصت للأزمة في 26 مارس.
ويرتكز أول رد اقتصادي أوروبي على ثلاثة محاور يبدو أنها كانت تحظى مبدئيا بموافقة الوزراء? قروض بقيمة 240 مليار يورو من صندوق خطة إنقاذ منطقة اليورو وصندوق ضمان للشركات ودعم البطالة الجزئية?
لكن إيطاليا الدولة الأكثر تضررا من الوباء 17127 وفاة ودول أخرى في منطقة اليورو تطالب أيضا بإنشاء أداة تسمح للدول ال19 التي تبنت العملة الموحدة باللجوء إلى الاقتراض المشترك، على شكل سندات «كورونابوند»
ومن بين هذه الدول، إسبانيا وفرنسا واليونان ومالطا ولوكسمبورغ وإيرلندا، بحسب مصادر متطابقة.
وتطرق رئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي مساء الإثنين مجددا الى مسألة «سندات كورونا» التي يفضل أن يسميها السندات الأوروبية للإنعاش والنهوضاللازمة لتمويل الجهود الاستثنائية التي يفترض أن تبذلها أوروبا لاعادة بناء نسيجها الاقتصادي والاجتماعي.
وكانت إيطاليا التي واجهت معارضة دول شمال أوروبا ?في مقدمتها ألمانيا وهولندا? أفشلت مع مدريد القمة المخصصة للأزمة في نهاية مارس.
لكن توحيد الديون خط أحمر بالنسبة إلى ألمانيا وهولندا، إذ يرفض البلدان أن يكون هناك قرض مشترك مع الدول التي لها ديون مرتفعة كإيطاليا وإسبانيا، باعتبار أنها متساهلة في إدارة ميزانيتها.
وتشاطرها الرأي كل من الدنمارك والنمسا والسويد ودول البلطيق، بحسب مصدر أوروبي.
واعتبر وزير المال الهولندي فوبكي هوكسترا الأربعاء أن سندات كورونا ستخلق مشاكل أكثر من الحلول.
وقبل بدء الاجتماع، دعا رئيس مجموعة اليورو ماريو تشينتينو الوزراء إلى ?قطع تعهد واضح لصالح خطة إنعاش منسقة على نطاق واسع? بعد الوباء من دون الذهاب إلى حد التحدث عن فكرة دين مشترك.
وأعرب وزير المال الألماني أولاف شولتز عن استعداده لقطع تعهد ?لفترة ما بعد الأزمة?، مشيرا إلى ?تضامن في إعادة الإعمار.
وتأمل فرنسا في التوصل إلى تسوية من خلال اقتراح صندوق إنعاش أو تضامن? قادر على تسديد مشترك لديون الدول الأعضاء لكن للخدمات العامة الأساسية كالصحة أو القطاعات المهددة حصريا.
ويرى لومير أنه من الضروري «ذكر» هذا ?الخيار? الثلاثاء في مقترحات الوزراء، وإن تم تفصيلها في مرحلة لاحقة.
وبدلا من مناقشة دين مشترك فرضي، تفضل دول شمال أوروبا حاليا التركيز على الأدوات الموجودة للتصدي للصدمة الاقتصادية، خصوصا آلية الاستقرار الأوروبي المزودة ب410 مليارات يورو.
وتم إنشاء صندوق آلية الاستقرار الأوروبي في عام 2012 خلال أزمة الديون في منطقة اليورو لمساعدة الدول التي تفقد القدرة على الاقتراض من الأسواق العالمية.
ويمنح الصندوق القروض إلى دولة تواجه صعوبة تصل إلى 2 بالمئة من ناتجها المحلي الإجمالي، لقاء مقابل محدد أكثر من المعتاد.
وترى روما أن هذا الصندوق ?غير مناسب بتاتا.
ومن المتوقع أن يقوم بنك الاستثمار الأوروبي بإنشاء صندوق ضمان أوروبي، لكن يجب التباحث حول حجمه.
وهو يقترح، من جهته، منحه 25 مليار يورو، من خلال كفالة تقدمها الدول الأعضاء، من أجل تخصيص نحو 200 مليار يورو إضافية للشركات.
كما من المنتظر أن يصادق الوزراء على خطة المفوضية الأوروبية الهادفة إلى إنشاء أداة لضمان منح نحو 100 مليار يورو للخطط الوطنية للبطالة الجزئية التي تفاقمت جراء الوباء.
وفي مرحلة لاحقة يجب رفع المقترحات إلى رؤساء دول وحكومات الاتحاد الاوروبي.
ما وراء كورونا
وكان رئيس مجموعة اليورو «يوروغروب»، ماريو سينتينو، قد دعا إلى إجابة اقتصادية ?جريئة? من طرف الاتحاد وذلك بالاتفاق حول إجابة اقتصادية «جريئة» على جائحة وباء فيروس كورونا المستجد?
وقال رئيس هذا التجمع غير الرسمي الذي يضم وزراء مالية منطقة اليورو، في شريط فيديو نشره على حساب تويتر الخاص به، ?نحن في حاجة إلى خطة أوروبية وازنة من شأنها حماية أولئك الذين يعانون على نحو أكبر جراء تبعات هذه الأزمة.
كما دعا سينتينو وزراء المالية الأوروبيين، إلى الالتزام بشكل واضح من أجل خطة إنعاش منسقة، غايتها تخفيف التداعيات الاقتصادية المترتبة عن جائحة فيروس كورونا المستجد
وتابع إن الأمر لا يتعلق بالنجاة من فيروس كورونا الأمر يتعلق بجعل اقتصاداتنا تنهض من جديد، مؤكدا على أهمية الاستعداد لمواجهة الركود الذي بدأت بوادره تلوح في الأفق بأوروبا نتيجة هذه الأزمة الصحية.
واستعرض رئيس «اليوروغروب»، من جهة أخرى، التدابير الثلاثة الأخرى التي تقترب البلدان الأعضاء إلى اتخاذ قرار بشأنها. 240 مليار يورو من القروض للآلية الأوروبية للاستقرار، 200 مليار تمت تعبئتها بفضل البنك الأوروبي للاستثمار في صندوق ضمان مخصص للمقاولات، وما يصل إلى 100 مليارا مخصصة لدعم البطالة الجزئية.