الاتحاد الاشتراكي تنفرد بنشر ما جاء في أوراق تحقيق محمد مبديع

اختلالات بعشرات الملايير وملفات تقنية ناقصة وتفضيل شركات على أخرى دون موجب قانوني

أو عندما توقف العقل واستعملت أشغال وهمية للاستحواذ على المال العام

 

أدخلت غرفة المشورة بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء ملف محمد مبديع، القيادي بحزب الحركة الشعبية، إلى المداولة، من أجل البتّ في الاستئناف الذي قدمه الوكيل العام بخصوص قرار الإحالة الذي توصل التحقيق إلى تخطيط تهمه. وأحاله على الوكيل العام للملك من أجل الإدلاء بملتمساته الكتابية.
وأفادت مصادر جريدة الاتحاد الاشتراكي أن غرفة المشورة أدخلت الملف إلى المداولة من أجل البتّ في الملف خلال هذا الأسبوع ٠
وينتظر أن تبتّ الغرفة المذكورة في الملتمس الرافض لإسقاط قاضي التحقيق إحدى المتابعات التي سطرتها النيابة العامة في حق مبديع، المتعلقة بالتزوير في وثيقة عرفية؛ الأمر الذي دفع الوكيل العام للملك إلى استئناف القرار، من أجل الإبقاء عليها ضمن التهم المنسوبة إلى مبديع، ويرتقب أن تصدر غرفة المشورة قرارها القاضي بإبقاء تهمة التزوير أو القولب تأييد قرار قاضي التحقيق، ومن تم إحالة الملف على الجلسة.
وعرفت جلسات التحقيق التفصيلي مع رئيس جماعة الفقيه بن صالح لولايات متتالية النبش في اختلالات شابت تدبيره للشأن العام بهذه المدينة، ناهيك عن التحقيق في تهم تتعلق بتبديد أموال عمومية واستغلال النفوذ والارتشاء والتزوير في وثائق عرفية وتجارية ورسمية.
وجرى وفق المصادر نفسها، التحقيق في الصفقات العمومية التي أشرف عليها مبديع وصفقات تهيئة المجال الحضري، باعتباره رئيسا للجماعة آمرا للصرف.
يشار إلى أن متابعة محمد مبديع، رئيس جماعة الفقيه بنصالح، جاءت بناء على شكاية قدمها الفرع الجهوي للجمعية المغربية لحماية المال العام جهة الدار البيضاء ــ سطات ضده، تحدثت عن “تبديد أموال عمومية والاغتناء غير المشروع وخرق قانون الصفقات العمومية، وتلاعبات في الصفقات، والنفخ في قيمة الفواتير، وأداء مستحقات مقابل أشغال لم تنجز، وتوجيه بعض الصفقات نحو شركات ومكاتب دراسات معينة”.
وأضافت ذات المصادر أن الوكيل العام للملك بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء قدم استئنافه على قرار الإحالة الذي أعده قاضي التحقيق في ملف محمد مبديع، رئيس جماعة الفقيه بن صالح لولايات متتالية والوزير السابق، في آخر يوم من أجل الاستئناف ٠
وأكدت مصادر الجريدة أن النيابة العامة استأنفت أمام غرفة المشورة بالمحكمة المذكورة قرار الإحالة، بعدما تبين لها عدم تضمينه بعض التهم المنسوبة إلى القيادي بحزب الحركة الشعبية.
وعرفت جلسات التحقيق التفصيلي مع محمد مبديع النبش في اختلالات شابت تدبيره للشأن العام بمدينة الفقيه بن صالح، ناهيك عن التحقيق في تهم تتعلق بتبديد أموال عمومية واستغلال النفوذ والارتشاء والتزوير في وثائق عرفية وتجارية ورسمية.
وأنهى قاضي التحقيق بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء النظر في ملف الوزير السابق القيادي بحزب الحركة الشعبية محمد مبديع.
وأكدت مصادر الجريدة أن قاضي التحقيق أحال ملف مبديع على الوكيل العام للملك بمحكمة الاستئناف قصد تقديم ملتمساته، وينتظر أن تتم إحالة البرلماني باسم حزب الحركة الشعبية على هيئة الحكم بعد تلقي ملتمسات النيابة العامة النهائية
وقد همت التحقيقات القضائية التي يخضع لها محمد مبديع، الوزير السابق، والرئيس السابق للمجلس الجماعي للفقيه بنصالح المتابع في حالة اعتقال، مجموعة من الملفات المتعلقة بتبديد أموال عمومية خلال فترة تدبيره للجماعة.
ووفق المعطيات التي حصلت عليها الجريدة، فإن مبديع تمت محاصرته منذ أول مثول له أمام الفرقة الوطنية للشرطة القضائية في نونبر 2020، بشبهة تفويت صفقات إلى مكاتب للدراسات.
وتفيد المعطيات نفسها، بأن صفقة للدراسات رقم 02/2015، التي كانت الغاية منها إجراء دراسات تقنية للتأهيل الحضري للمدينة، والتي فاز بها مكتب يدعى “BIECTRA” بمبلغ مالي قدره 24.960.000،00 درهم، كانت من بين الملفات التي حاصرت بها الفرقة الوطنية وكذا النيابة العامة الرئيس السابق لجماعة لفقيه بنصالح.
وجرت مواجهة مبديع بقيامه بتحويل مبلغ مالي مهم يقدر بحوالي 4.920.000،00 درهم إلى مكتب الدراسات المعني، وذلك بعد يوم من إصداره بصفته رئيسا لجماعة الفقيه بنصالح أمرا ببداية الخدمة.
وحاول مبديع تبرئة نفسه من ذلك، بحسب المعطيات المتحصل عليها، بذكره أن المكتب فاز بصفقة الدراسات في شتنبر 2014، غير أن المصادقة عليها من طرف سلطات الوصاية لم تتم إلا يوم 3 غشت 2015، ليتم بعدها بشهر (2 شتنبر) إصدار أمر ببداية الخدمة، وفي اليوم الموالي، قام مكتب الدراسات بوضع الدراسات الأولية لمشاريع التأهيل الحضري بالمصالح التقنية للجماعة.
وأضاف أن المكتب كان قد بدأ في إعداد الدراسات منذ عام، أي مباشرة بعد إعلان فوزه بالصفقة، متحملا مسؤوليته، بالرغم من أن السلطات لم تكن أشرت عليها بعد. وذكر مبديع أن هذا الأمر دفعه لأداء مستحقات مكتب الدراسات في اليوم الموالي لوضعه الدراسات الأولية بمصالح الجماعة.
كما تمت محاصرة المتهم بشبهة تبديد أموال عمومية باعتباره آمرا للصرف، من خلال إقصائه تجمع مكتبي الدراسات “NOVEC” و”SMEC” بطريقة اعتبرت مشبوهة وتعسفية، حيث إن الاقتراح المالي الذي قدمه التجمع لإنجاز دراسات الصفقة ناهز 19.896.000،00 درهم، أي بفارق حوالي 5.000.000 درهم عن المبلغ الذي فاز به مكتب “BIECTRA”.
ونفى مبديع، خلال مراحل التحقيق معه، انخراطه في أي تحيز لصالح المكتب المذكور، وعدم تلقيه أي مقابل، إلى جانب كونه لم يحضر اجتماع لجنة فتح الأظرفة لالتزاماته الحكومية كوزير حينها.
واعتبر مبديع أن مبلغ الأشغال المبرمجة في إطار الدراسات المتعلقة بالصفقة المذكورة، المحدد في 500.000.000 درهم، يبقى معقولا، موردا أن المبلغ يمثل نسبة 4 بالمائة من قيمة الأشغال، وهي نسبة معمول بها في احتساب الدراسات.
ويواجه محمد مبديع، الموقوف على ذمة التحقيق، أيضا متاعب عديدة من ضمنها تزوير محضر التسليم المؤقت لأشغال صفقة تتعلق بتهيئة الطرقات بالرغم من عدم إتمامها.
وحسب المعطيات التي حصلت عليها الاتحاد الاشتراكي، فقد تمت مواجهة مبديع، أثناء مراحل التحقيق معه، بالصفقة رقم 12/2006 التي أشرفت عليها شركة “RAHAB” بمبلغ قدر بحوالي 56.540.904 دراهم.
وتشير المعطيات نفسها إلى أن الشركة المذكورة لم تقم بإنهاء الأشغال في الآجال التعاقدية للصفقة، المحددة في 14 شهرا.
ووفق مصادرنا، فقد جرى تسليم الشركة النائلة للصفقة محضر التسلم المؤقت للأشغال بتاريخ 17 أبريل 2008، بينما راسل مكتب للدراسات، بتاريخ 19 ماي 2008، الرئيس محمد مبديع مؤكدا أن أشغال الصفقة متوقفة وتجاوزت الآجال المحددة، وأنها عرفت خروقات عدة.
حيث إن محمد مبديع قام، بصفته آمرا بالصرف، بأداء مبلغ الصفقة لفائدة شركة “RAHAB”، بالرغم من كون نسبة إنجاز الأشغال لم تتجاوز 43 بالمائة وفق إفادات مكتب الدراسات حينها.
وحاول مبديع، طوال التحقيق معه في هذه القضية، تبرير عدم إتمام الصفقة في الوقت المحدد لها، بمطالبة المواطنين بإنجاز بعض الأشغال رغم عدم برمجتها وسوء أحوال الطقس التي كانت تدوم أحيانا أشهرا.
ووفق ذات المعطيات فإن مبديع شدد على أن منح الشركة المعنية محضر تسليم مؤقت لانتهاء الأشغال يرجع إلى كون لجنة التتبع كانت تسعى إلى تفادي أي نزاع مع الشركة، وبالتالي بقاء الأوراش مفتوحة.
وقد جرى خلال مراحل التحقيق محاصرة مبديع بكون شركة “RAHAB” التي فازت بهذه الصفقة، تعود ملكيتها إلى زوجة صاحب شركة فازت فيما بعد بصفقات بمبالغ مهمة من جماعة الفقيه بنصالح، وعرفت خروقات تضمنها تقرير المفتشية العامة للإدارة الترابية، غير أن الوزير الأسبق نفى أي علاقة له بصاحب هذه الشركة.
ووجد محمد مبديع، الموقوف على ذمة التحقيق في ملف اختلالات تدبيرية وشبهة تبديد أموال عمومية، نفسه محاصرا بقضية صفقة نالت بموجبها شركة مبلغا قدر بـ 5.946.242,4 دراهم بسبب اعتمادها سعرا يفوق ما هو محدد في السوق.
وحسب المعطيات المتوفرة فإن التحقيقات التي عرفتها قضية الوزير السابق أبانت أن شركة اعتمدت مبلغ 140 درهما للمتر لأشغال “couche d’accrochage “،بينما لا يتجاوز ثمن هذه الأشغال في السوق 20 درهما.
ووقفت التحقيقات على أن فارق 120 درهما الذي استفادت منه هذه الشركة، مكّنها من الاستفادة من مبلغ مالي كبير.هذا الأمر وضع مبديع في قفص الاتهام بتبديد أموال عمومية وعدم الحرص على مالية الجماعة.
ولم يقتصر الأمر على ذلك، فقد تمت محاصرة مبديع أيضا بكون الشركة النائلة للصفقة لم تنجز ما يقارب نصف الأشغال المبرمجة ضمن دفتر الشروط الخاصة بالصفقة.
ونفى مبديع طوال أطوار التحقيق معه تسلمه أي مبلغ مالي أو تحيزه لفائدة هذه الشركة، مشددا على أنه لا يشك أيضا في أعضاء لجنة فتح الأظرفة.
وأوضح مبديع في تبريره لذلك أن أشغال اللجنة مرت في ظروف عادية ودون تحيز، كما أن العرض الذي قدمته الشركة كان العرض الوحيد وأن ثمنه الإجمالي يقل عن الكلفة التقديرية لصاحب المشروع.
كما كشفت التحريات التي تم إنجازها في القضية التي يتابع فيها الرئيس السابق لجماعة الفقيه بنصالح أن إحدى الشركات نالت صفقة للتهيئة رغم أنها لم تكن تصرح بالمستخدمين لدى صندوق الضمان الاجتماعي.
وأظهرت الأبحاث القضائية أن الصفقة رقم 27/2008 التي فازت بها شركة “La centrale routière” تبين من خلال محضر اجتماع لجنة فتح الأظرف أنها قدمت شهادة للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي تشير إلى كونها لا تصرح بأي مستخدم.
وحسب مصادرنا فإن نظام الاستشارة المتعلق بالصفقة المذكورة نص على أن المشاركة في طلب العروض يلزم المتنافسين بوجود منخرطين في الصندوق، ومصرح بهم بصفة منتظمة، إعمالا لمقتضيات قانون الصفقات العمومية.
واللافت في الأمر أن الشركة المذكورة لم يمض على تأسيسها إلا حوالي سنة ونصف السنة، الأمر الذي يثير التساؤل حول مدى توفرها على تجارب في مثل هذه الأشغال التي تهم الصفقة حيث نفى محاباته الشركة المذكورة، من خلال تأكيده على عدم وجود مقتضى قانوني يحدد عدد الأجراء الواجب التصريح بهم من طرف الشركات نائلة الصفقات.
وأكد أن الشركة المعنية عملت بعد مراسلتها من طرفه على التصريح بخمسة أجراء لدى صندوق الضمان الاجتماعي.
كما نفى علمه بعدم أقدمية الشركة، بالنظر إلى كونه لم ينتبه إلى تاريخ تأسيسها، لافتا في السياق نفسه إلى أن سنة ونصف السنة مدة تبقى كافية للتوفر على تجارب في المجال.


الكاتب : مصطفى الناسي

  

بتاريخ : 25/04/2024