مغربية تشرح كيف واجه الأطباء كورونا في سويسرا
هكذا هم المغاربة في الشدائد والأزمات،يقفون وقفة رجل واحد،تتعدد مبادراتهم الإنسانية،وتتحرك فيهم روح التآزر والإخاء التي تراكمت جيلا بعد جيل وعبر قرون.
في هذه الجائحة التي غزت العالم بأسره ،ولم تفرق بين الأمم المتقدمة اقتصاديا وتكنولوجيا، وبين الأمم الأخرى ،تفتقت العبقرية المغربية، ورأينا تعدد هذه المبادرات، انطلاقا من صاحب سيارة الأجرة الصغيرة، الذي لم يركن سيارته بعدما كلفه فاعل خير التقاه صدفة، وكان بالإمكان أن يدخل إلى منزله دون أن يراقبه أحد، لكنه اختار نقل الناس بدون مقابل إضافي، إلى من وضع أسطول سياراته رهن إشارة مرضى القصور الكلوي مع السائقين، إلى من اقتنى معدات طبية كسلاح لجيشنا الأبيض حتى يجابهوا هذا العدو المتخفي في ميدان المعركة، أي المستشفيات، وهلم جرا.
هذا التسابق في فعل الخير والتضامن وتغليب روح المواطنة، لم يقتصر على مغاربة الداخل، بل تعداه إلى مغاربة العالم، حيث انصبت المبادرات في بلدان المهجر وفي البلد الأم على حد سواء.
في هذا الباب، تقول المواطنة المغربية المقيمة بالديار الأمريكية هدى بناني لجريدة الاتحاد الاشتراكي، التي لقبها الناس بعدة ألقاب، نظرا لتفاعلها مع الحالات الاجتماعية، والتي تعددت وتنوعت بتنوع الحالات التي تطرق باب قلبها.
كل ذلك تقول هدى بناني، لا أنتمي لأي مؤسسة جمعويةمحددة ،بل أنا أمد يد العون للمحتاج في سبيل الله، وبوازع وطني وإنساني، ولا أبتغي من وراء ذلك جزاء ولاشكورا من أي أحد، فكل مانعمله، ومثلي كثيرون هو من باب المواطنة الحقة التي تربينا عليها، فأنا سليلة عائلة مقاومة، منحت الغالي والنفيس من أجل تحرير الوطن، وما نفعله ،ومهما كان مستواه وقيمته، فلن يصل إلى ماقدمه أسلافنا من تضحيات، حيث وصل الأمر إلى فداء الوطن بالروح والدم.
هذه القناعة ،تضيف هدى بناني، سلوك ترعرعت عليه، وكبر معي بالإضافة إلى ظروف عيشي خارج أرض الوطن أيضا.
المبادرات هي عبارة عن مساعدات طبية و إنسانية للطبقات الهشة، التي لا حول و لا قوة لها (الله يرحم ضعفنا) سواء في بلدي الأم المغرب الحبيب أو في بلدي الروحي الولايات الأمريكية المتحدة التي لن أنكر فضلها علي.
هدى بناني ، التي تعيش ببلد العم سام، تقف إجلالا، لكل من قدم المساعدة من أجل إدخال البسمة إلى قلب إنسان ولو بكلمة حسنة،وتخص بالذكر الإطارات التي مكنتها من توزيع مساعدات في العديد من المناطق بالمغرب في دفعة أولى ،وتوزيع مساعدات في دفعة ثانية، تقول هدى بناني، إننا في المهجر نسير على خطى ملكنا الذي فضل حياة شعبه على الاقتصاد، وهذا جعلنا نفتخر أمام العالم أجمع، وهو ماتناقلته وسائل إعلامية عالمية.
ففي بلاد المهجر، نحن دائما نساند بعضنا البعض و خاصة مع فاجعة covid 19 و في شهر العبادة و الغفران، إذ نعمل كل ما في وسعنا لضمان قفة رمضان للكثير من المحتاجين.ومن المبادرات الأخرى الموجهة إلى أرض الوطن، المساهمة في تمكين بعض مواطنينا المحتاجين للقيام بعمليات جراحية مسعجلة،ومن هنا نشكر كل الأطباء المغاربة الذين تفاعلوا معنا، وقاموا بإجراء هذه العمليات الجراحية، رغم هذه الجائحة.
بالطبع تضيف هدى بناني، هناك تنسيق أيضا مع شبابنا بأمريكا و بكندا وفرنسا ولا ننسى السفارة المغربية و القنصلية المغربية بالولايات المتحدة الأمريكية التي لم تبخل علينا بمجهوداتها .
ودعت بناني، المغاربة، مناشدة فيهم ،غيرتهم وحبهم للوطن، أن يلتزموا بالإجراءات الاحترازية التي تبنتها بلادنا بما في ذلك الحجر الصحي، وهي الإجراءات التي جنبت بلادنا الكوارث، التي- لاقدر الله-كانت ستحصد آلاف الأرواح، كما حصل في دول متقدمة اقتصاديا وعلى مستوى المنظومة الطبية، فالبقاء في المنازل خير دواء ووقاية، في هذا الوقت لهذا الداء، حتى نترك المجال مفتوحا للطواقم الطبية المدنية والعسكرية بكل مكوناتها ورجال الأمن والدرك والقوات المساعدة والسلطات بكل أصنافها وأيضا الصحافيين والإعلاميين ،الذين أشكرهم جميعا على روحهم الوطنية العالية ،للقيام بدورهم الوطني بحكم أنهم في الجبهة الأمامية، وبهذا نكون جميعا قد ساهمنا في الانتصار على هذا الوباء الفتاك.
الفاعلة الجمعوية رشيدة شلال،أوضحت لجريدة الاتحاد الاشتراكي، أنه مع تفشي فيروس كورونا المستجد بالديار الأمريكية وخاصة في نيويورك التي تعتبر بؤرة لهذه الجائحة وتحولت إلى مدينة أشباح، وجد العديد من المغاربة أنفسهم وجها لوجه أمام تداعيات هذا الوباء، حيث تعددت المبادرات من طرف المغاربة ،حتى يكونوا في الموعد مع الإيقاع الذي فرضه هذا الواقع الجديد، تقول رشيدة شلال،إن الاهتمام انصب بالدرجة الأولى على العائلات الأفراد المقيمين بنيويورك،الذين فقدوا وظائفهم، ونظرا للغلاء الذي أصبح واقعا،مما جعل هذه الفئة غير قادرة على ضمان قوت يومها ،وتوضح رشيدة شلال،أن بعض المغاربة وجدوا أنفسهم أيضا عرضة لهذا الفيروس التاجي،وكان عليهم لزاما أن يخضعوا أنفسهم للحجر الصحي، من هنا بدأت الفكرة من أجل مساعدة المحتاجين، من خلال توزيع مواد غذائية وأغراض منزلية، بالإضافة إلى اقتناء مواد غذائية للمتضررين من فيروس كورونا.
مجهودات كبيرة قام بها ثلة من المغاربة الذين يؤمنون بقيم التضامن، كما هو معروف عن المغاربة أبا عن جد،وهي نابعة من المواطنة الحقة ولو كنا خارج أرض الوطن الأم، حيث انصبت المبادرات على فئات عدة، منهم المغاربة الذين فقدوا أعمالهم،ونعني هنا المغاربة المقيمين في الولايات المتحدة الأمريكية،ولايتوفرون على الوثائق التي تخول لهم الاستفادة من إعانات الدولة،حيث وجدوا أنفسهم غير مستفيدين من الإعانات،كما استهدفت المبادرات
كل زوجة مغربية فقدت زوجها بسبب فيروس كورونا، بالإضافة إلى الطلاب الجامعيين المقيمين بدور الجامعات و الذين طلب منهم مغادرتها، فئة أخرى لاحول ولا قوة لها، بعدما وجدت نفسها في مأزق، ويتعلق الأمر بالسياح المغاربة،حيث يجتهد إخوتهم المغاربة في إيجاد مأوى لهم وتمكينهم من التغذية .
المبادرات الإنسانية التضامنية لم تقتصر على إخوتنا بالولايات المتحدة الأمريكية الذين هم في حاجة إلى التضامن، بل امتدت هذه الخطوة إلى الوطن الأم، المغرب،من خلال مساعدة الفقراء والمعوزين،حيث يتم تكليف البعض في المغرب بهذه العملية، بعد إرسال الأموال إليهم لهذا الغرض، طبعا كل هذا، يتم بنكران ذات، وبإيمان وبطريقة جماعية، مع توزيع أدوار بين جميع الذين يؤمنون بهذه القيم النبيلة ،وهذه المبادرات عمت جميع أنحاء الولايات المتحدة الأمريكية.
من الولايات المتحدة الأمريكية، إلى سويسرا ،تنقل لنا المغربية سعاد رويحة ممرضة متخصصة في الأمراض الباطنية بأكبر مستشفى جامعي بجنيف، والتي وجدت نفسها في الصفوف الأمامية لمحاربة فيروس كورونا المستجد، الأجواء هناك وكيف يتم التعامل مع هذا الوباء.
تقول سعاد رويحة لجريدة الاتحاد الاشتراكي، سجلنا وفاة العشرات من المواطنين بهذا الوباء، بالإضافة إلى شفاء العديد ممن أصيبوا، وكانت الإصابات في البداية نتيجة عدم فهم كيف ينتقل هذا الوباء، لكن بعد ذلك، تأقلم الجميع مع هذا الواقع الجديد،والتزموا بالإجراءات التي قدمت لهم، وأوضحت أنه في البداية كان هناك نقص في الكمامات والآليات الطبية،بحكم أن لا أحد كان مهيئا لذلك، لكن تم تجاوز هذا النقص من بعد.
في جنيف حيث اشتغل،هناك العديد من المستشفيات الجامعية التي تم تخصيصها لمرضى كوفيد 19،وقد تم اختيار العمل بالتناوب بالنسبة للطواقم الطبية، إذ يمكن للمرء أن يشتغل بالليل وأيضا يمكن أن يشتغل بالنهار وفق الجدول الذي وضع لهذه المعركة، ولايقتصر الاشتغال والعمل في المستشفى جامعي واحد، إذ هناك تناوب في هذا المجال والاشتغال في كل المستشفيات بشكل دوري.
ولمجابهة هذه الجائحة تشير سعاد رويحة، إلى أن المستشفيات التي كانت مخصصة مثلا للأمراض المزمنة تم تخصيصها لمرضى كوفيد 19،كما هناك مستشفى كبير خاص بمعالجة التداعيات النفسية لهذا الوباء، كما تم توقيف العطل على جميع المنتسبين إلى قطاع الصحة، والاستعانة بالمتقاعدين،الذين عرضوا خدماتهم بشكل طوعي،وتوضح سعاد رويحة، أن المواطنين السويسريين الذين يتميزون بانضباطهم، ساهموا بشكل كبير في تقديم المساعدات المالية مخصصة لهذا الفيروس
كوفيد 19،لم يقتصر على إصابة المواطنين فقط، بل امتد أيضا إلى الطواقم الطبية، حيث أصيب العديد منهم، لكن لحد الساعة، لم تسجل أي حالة وفاء والحمد لله.
من أجل توفير كل شروط العمل، تم أيضا تأمين التغذية للطواقم الطبية ليل نهار، بل حتى في الأيام التي تصادف بعض الاحتفالات، يتم توزيع كميات كبيرة من الشوكولا والهدايا.
وعن الأدوية المستعملة في معالجة فيروس كورونا، تقول سعاد رويحة، يتم استعمال الكلوروكين ،الذي استعمله المغرب أيضا، مع أدوية أخرى تستعمل في علاج نقص المناعة السيدا، لكن ليس هناك دواء موحد ومحدد، بل يتم التعامل مع كل حالة على حساب ملفه المطلبي، لكن يبقى الأكثر عرضة لهذا الوباء ومضاعفاته، المسنون، ومن يعانون من السمنة والأمراض التنفسية والأمراض المزمنة، ومن يغادر غرفة الإنعاش توضح سعاد رويحة، يخضعون للراحة التامة وإعطائهم الأكل عبر “العرق “.
وتنصح رويحة المغاربة الالتزام بالتعليمات وبالحجر الصحي، وفي حالة الاضطرار استعمال الكمامة الواقية، وحين يلج إلى المنزل، يقوم بالتنظيف، ويعيش حياته بشكل طبيعي بدون هوس، خاصة وأن المرأة المغربية معروفة بالنظافة، واستعمال جافيل من قديم الزمان، كما تنصح المغاربة بعدم الإكثار في الإنصات إلى الأخبار المتعلقة بوباء كورونا، حتى تبقى المعنويات مرتفعة، ولاحظت سعاد رويحة أن أغلب الذين أصيبوا بفيروس كورونا بسويسرا،وفق ما اطلعت عليه رفقة الطاقم الطبي المشرف على علاجهم، والذين هم متصالحون مع ذواتهم، وقلوبهم بيضاء كما نقول، يتماثلون للشفاء بسرعة،لأن مناعتهم قوية. كما تدعو المغاربة، إلى زرع الفرح داخل البيوت.
وكشفت أن هناك أخبارا حصرية يتوصلون بها كل يوم ثلاثاء على إثر الاجتماع الذي يعقده اللجنة المكلفة بهذه الجائحة، ومن القرارات التي من المنتظر تفعيلها إن سارت الأمور وفق ماهو مخطط له، هو رفع الحجر بشكل تدريجي، من أجل إعادة الحياة إلى طبيعتها، حيث من المنتظر أن تفتتح المدارس الابتدائية أبوابها يوم 11ماي 2020،على أن يضم الفصل الواحد من 8إلى 10تلاميذ عوض 26تلميذا وتدبير فترات الاستراحة، على أساس أن يرفع الحظر تدريجيا يوم 27ماي، على الأطباء ليعودوا إلى عياداتهم، وعلى مهن الترويض والحلاقة والتدليك والمتاجر الكبيرة…
ونوهت سعاد رويحة بالإجراءات التي اتخذها المغرب وهنا تقول، أنقل شهادات الطواقم الطبية زملائي في العمل، سويسريين وفرنسيين ،فهم منبهرون بالمغرب،لأنه تعامل بذكاء مع هذه الجائحة، حيث أقدم على اتخاذ إجراءات وقائية واحترازية استباقية، وفاجأ العالم بأسره،وعبر هؤلاء عن إعجابهم بما قام به المغرب، الذي أعطت سياسته المتخذة في هذا الباب أكلها، ولم تستطع دول عظمى فعل ذلك وهذا شرف لنا جميعا، يبقى على المغاربة أن يلتزموا بالحجر الصحي، حتى يمكن القضاء على هذا الوباء الفتاك في أقرب وقت ممكن.