حسن نصر الله كان موجودا بعمق 30 مترا تحت الأرض
أمريكا تؤكد: لم نتلق
إنذارا مسبقا بشأن العملية
الحريري: الاغتيال عمل جبان مدان جملة وتفصيلًا من قبلنا
اغتال طيران الاحتلال الإسرائيلي، في عملية قصف بطائرات F35 الأمريكية وباستخدام ما يقارب 2000 رطل من المتفجرات، حسن نصر الله، زعيم حزب الله اللبناني والرجل الأشرس الذي طالما أزعج الاحتلال وشكل له كابوسا ثقيلا لا فكاك منه على مدار أكثر من ثلاثة عقود.
وذكرت إذاعة جيش الاحتلال أن «طائرات من السرب 69 أسقطت نحو 85 قنبلة خارقة للتحصينات، تزن الواحدة منها طنا، في عملية اغتيال نصر الله بينما ذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» العبرية أن «الجيش أسقط نحو 80 طنا من القنابل على مكان تواجد نصر الله بالضاحية الجنوبية».
وقال حزب الله، أول أمس السبت، في بيان على منصة «تلغرام»، إن «سماحة السيد، سيد المقاومة، العبد الصالح، انتقل إلى جوار ربه ورضوانه شهيدًا عظيمًا قائدًا بطلًا مقدامًا شجاعًا حكيمًا مستبصرًا مؤمنًا، ملتحقًا بقافلة شهداء كربلاء النورانية الخالدة في المسيرة الإلهية الإيمانية على خطى الأنبياء والأئمة الشهداء».
من جهته، أكد الرئيس الأمريكي جو بايدن، أنه لم يكن لديهم علم مسبق بالهجوم الإسرائيلي لاستهداف الأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصر الله، أمس الجمعة. بينما قال وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن: «لم نتلق إنذارا مسبقا من إسرائيل بشأن عمليتها في بيروت، ولم نكن ضالعين في الهجوم». مضيفا: «ينبغي تجنب حرب شاملة، والدبلوماسية تظل السبيل الأمثل والأسرع للحل».
من جانبها أكدت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون)، أن الولايات المتحدة لم تشارك في عملية قصف ضاحية بيروت الجنوبية، ولم يكن لديها أي علم مسبق بها.
وأشار البنتاغون إلى أن الوزير أوستن، كان يتحدث مع نظيره الإسرائيلي يوآف غالانت عبر الهاتف حين كانت إسرائيل تشن ضربتها في الضاحية الجنوبية لبيروت.
نتنياهو يعلق
على اغتيال نصر الله
بعد تنفيذ عملية الاغتيال، عقد رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، مساء أول السبت، مؤتمرا صحفيا للتعليق على عملية اغتيال الأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصر الله، وقال إن «تصفية نصر الله هي الشرط الأساسي لعودة مواطنينا إلى ديارهم وإعادة المخطوفين»، مضيفا أنه «ليس حزب الله فقط بل محور إيران وأذرعها كلهم خاب أملهم»، على حد قوله.
وتابع قائلا: «مهمتنا لم تنجز بعد والأيام القادمة ستحمل المزيد»، مشددا على أنه «ليس هناك مكان في إيران أو الشرق الأوسط، لن تصل إليه ذراعنا الطويلة».
وأكد نتنياهو أن اغتيال نصر الله كان خطوة ضرورية نحو تغيير توازن القوى في الشرق الأوسط، وكان شرطا أساسيا لتحقيق إسرائيل لأهدافها في الحرب.
وأردف قائلا: «عندما يرى السنوار أن نصر الله غير قادر على مساعدته، فإن ذلك سيسهل إعادة الأسرى»، واصفا هذه الأيام بأنها «عظيمة ونحن في نقطة تحول تاريخية ومصممون على مواصلة ضرب أعدائنا، وأمامنا كثير من التحديات خلال الأيام القادمة».
وكان نتنياهو قد رد أمس الجمعة، على سؤال عما إذا كانت محاولة اغتيال حسن نصر الله نجحت أم لا بالقول: «انتظروا».
من جانبه، قال الخبير العسكري الإسرائيلي رون بن يشاي في تقرير نشرته صحيفة «يديعوت أحرونوت» إنه «من الصعب تحديد مدى تأثير اغتيال نصر الله على وضع المفاوضات للإفراج عن الأسرى»، موضحا أن «القضاء على نصر الله يزيد من احتمال نشوب حرب إقليمية قد يستفيد منها زعيم حركة حماس يحيى السنوار».
وتابع بن يشاي: «في هذه الحالة لن يتسرع السنوار في الموافقة على صفقة الأسرى»، معتقدا أن «تصفية نصر الله ستزيد فعليا من فرص تجديد الجهود الفعالة للتعامل مع الأسرى، خاصة أنها تزعزع الأوراق وتدفع جميع أطراف الحرب المتعددة الساحات إلى إعادة النظر في مواقفهم وإعادة تقييم مصالحهم».
ورجح أن يؤدي هجوم بيروت إلى منعطف استراتيجي قد ينهي الحرب، مضيفا أنه إذا كانت الولايات المتحدة تريد تعزيز المفاوضات من أجل إطلاق سراح الأسرى، فإنها تحتاج إلى خلق تهديد حقيقي لإيران الآن حتى لا تفكر حتى في إشعال حرب إقليمية من خلال هجوم مباشر على إسرائيل.
إيران تدعو لاجتماع طارئ لمجلس الأمن
أما إيران فقد دعت إلى عقد اجتماع طارئ لمجلس الأمن الدولي، على خلفية هجمات الاحتلال الإسرائيلي في لبنان، التي أسفرت عن استشهاد حسن نصر الله.
وجاء في بيان للبعثة الإيرانية لدى الأمم المتحدة، أن «جمهورية إيران الإسلامية تدين بحزم هذه الأعمال العدوانية الجبانة. ونظرا للعواقب الخطيرة على السلام والأمن في المنطقة وعلى الساحة الدولية، تدعو جمهورية إيران الإسلامية مجلس الأمن لإدانة أعمال إسرائيل بشكل واضح وحازم».
وأضاف البيان، أنه «إضافة إلى ذلك، تدعو إيران مجلس الأمن إلى عقد اجتماع طارئ لبحث العدوان الإرهابي الإسرائيلي والفظائع المستمرة التي يرتكبها النظام الإسرائيلي في لبنان والمنطقة بأسرها».
وأكد الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، وقوف إيران إلى جانب لبنان ومقاومته ضد الاحتلال الإسرائيلي.
بدورها، أدانت دول عربية اغتيال حسن نصر الله، على يد الاحتلال. وأعلنت الحكومة اللبنانية، السبت، الحداد ثلاثة أيام بدءا من الاثنين، مؤكدة أن يوم تشييع حسن نصر الله (الذي لم يحدد الحزب موعده بعد) سيكون «يوم توقف عن العمل».
وفي العراق، وجه رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، السبت، بإعلان الحداد العام في جميع أنحاء العراق لثلاثة أيّام، بعد أن نعى نصر الله، معتبرا اغتياله «جريمة واعتداء آثما يؤكد تعدي الكيان الصهيوني كلّ الخطوط الحمر»، وفق بيانين للحكومة.
وأعلنت دمشق، الحداد ثلاثة أيام، وأدانت خارجية النظام السوري، «العدوان الإسرائيلي الذي أسفر عن استشهاد حسن نصر الله»، وفق وما نقلته وكالة الأنباء الرسمية للنظام.
وقدم رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، ومنظمة التحرير الفلسطينية تعازيه إلى حزب الله «باستشهاد» أمينه العام حسن نصر الله، والحكومة اللبنانية بـ»ضحايا العدوان الإسرائيلي»، وفق ما أفادت به وكالة الأنباء الرسمية الفلسطينية «وفا».
وقال وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، إن الاحتلال الإسرائيلي يتحمل مسؤولية «التبعات الكارثية لعدوانه» على لبنان.
وكتب الصفدي على منصة إكس: «نحمّل إسرائيل المسؤولية الكاملة عن التبعات الكارثية لعدوانها على لبنان الذي تشنه وحشيا من دون أي رادع قانوني أو إنساني».
وأوضح: «في الوقت الذي تواصل فيه إسرائيل عدوانها على غزة وتصعيدها الخطير في الضفة الغربية، ندين عدوانها على لبنان وخرقها سيادته وقصفها عاصمته وقتلها مواطنيه وتهديدها أمنه واستقراره».
وعبر الصفدي عن تضامن بلاده مع لبنان، ومع شعبه الشقيق وهو يواجه هذا العدوان ويلملم جراحه، كما أكد وقوف الأردن معه ومع سيادته وأمنه واستقراره وتماسكه وسلمه.
إلى ذلك، أجرى أيمن الصفدي، اتصالا هاتفيا مع رئيس الحكومة اللبنانية، نجيب ميقاتي.
وأبلغ ميقاتي أن الملك عبدالله الثاني وجّه بـ»تقديم أي مساعدات طبية يحتاجها القطاع الطبي اللبناني لمعالجة من المواطنين اللبنانيين الذين أصيبوا في عملية التفجير الجماعي في لبنان».
وأكد الصفدي «وقوف الأردن مع أمن لبنان وسيادته واستقراره، وتضامنه معه ومع الشعب اللبناني».
وقال مفتي سلطنة عمان، الشيخ أحمد الخليلي: «ساءنا كثيرا نعي الأمين العام لحزب الله، بعدما كان شجى في حلق المشروع الصهيوني مدةً تزيد على ثلاثة عقود»، داعيا إلى «تثبيت المقـاومة في لبنان وفلسطين، واتحاد المسلمين على كلمة سواء».
وتقدمت اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية في بيان «بأحر التعازي لحزب الله اللبناني باستشهاد أمينه العام الشيخ حسن نصر الله».
أما «حماس»، فقالت، في بيان عبر حسابها على منصة «تليغرام»: «تنعى حركة المقاومة الإسلامية (حماس) إلى شعبنا الفلسطيني وأمتنا العربية والإسلامية وأحرار العالم استشهاد سماحة السيّد حسن نصر الله، الأمين العام لحزب الله، الذي ارتقى شهيدا مع ثلة من إخوانه القادة، في معركة طوفان الأقصى وعلى طريق القدس، وإسناد شعبنا الفلسطيني ومقاومته الباسلة في مواجهة العدو الصهيوني».
وأضافت: «نتقدم بخالص التعازي والمواساة والتضامن إلى الشعب اللبناني الشقيق والإخوة في حزب الله والمقاومة الإسلامية في لبنان»، مشيرة إلى أنها تدين «بأشد العبارات هذا العدوان الصهيونيّ الهمجي واستهداف مباني سكنية، في حارة حريك بالضاحية الجنوبية لبيروت، ونعد ذلك عملا إرهابيا جبانا، ومجزرة وجريمة نكراء، تُثبت مجددا دموية ووحشية هذا الاحتلال».
وشددت على أن هذه الجريمة تثبت أيضا أن الاحتلال هو «كيان مارق مستهتر بكل القيم والأعراف والمواثيق الدّولية، وبات يهدّد بشكل سافرٍ الأمن والسّلم الدّوليين، في ظل الصمت والعجز والتخاذل الدولي».
وحمّلت حركة حماس «الاحتلال الصهيوني المسؤولية الكاملة عن هذه الجريمة البشعة وتداعياتها الخطيرة على أمن واستقرار المنطقة، كما أن الإدارة الأمريكية تتحمل المسؤولية باستمرار دعمها لهذا الاحتلال سياسيا ودبلوماسيا وعسكريا وأمنيا واستخباريا».
إلى ذلك، نعى الزعيم الدرزي وليد جنبلاط، الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، الذي اغتالته قوات الاحتلال الإسرائيلي بغارة على الضاحية الجنوبية لبيروت.
وقال جنبلاط في تدوينة: «انضم السيد حسن نصر الله ورفاقه إلى قافلة الشهداء الطويلة على طريق فلسطين».
وأضاف: «أتقدم بالتعزية من حزب الله وجمهوره كما أحيي أرواح المدنيين الأبرياء».
بدوره، علق رئيس الوزراء الأسبق، وزعيم تيار «المستقبل» سعد الحريري على اغتيال نصر الله، أحد أبرز خصومه السياسيين خلال العقود الماضية.
وقال الحريري إن «اغتيال السيد حسن نصر الله أدخل لبنان والمنطقة في مرحلة عنف جديدة. إنه عمل جبان مدان جملة وتفصيلًا من قبلنا، نحن الذين دفعنا غاليًا من أحبتنا حين صار الاغتيال بديلًا للسياسة».
وأضاف: «رحم الله السيد حسن وأخلص التعازي لعائلته ورفاقه. اختلفنا كثيرًا مع الراحل وحزبه والتقينا قليلًا لكن كان لبنان خيمة الجميع، وفي هذه المرحلة البالغة الصعوبة تبقى وحدتنا وتضامننا الأساس».
وأردف الحريري: «لبنان يبقى فوق الجميع. فوق الأحزاب والطوائف والمصالح مهما كانت. وتخفيف معاناة شعبنا وأهلنا من كل المناطق أولوية وطنية، لا حزبية ولا طائفية ولا فئوية. والحفاظ على لبنان وطنًا لكل أبنائه لا يتم إلا بوحدتنا جميعًا. المطلوب الآن من الجميع التعالي فوق الخلافات والأنانيات للوصول ببلدنا إلى شاطئ الأمان».
من جهته، حذّر الجيش اللبناني، أمس الأحد، المواطنين من مخططات ينفذها الاحتلال الإسرائيلي لبث الانقسام في أوساط اللبنانيين، وذلك في أعقاب اغتيال أمين عام حزب الله، حسن نصر الله، في ضاحية بيروت الجنوبية.
ودعا الجيش في بيان له إلى الحفاظ على الوحدة الوطنية وعدم المساس بالسلم الأهلي، ووصف المرحلة الحالية بـ»الخطيرة والدقيقة من تاريخ وطننا، حيث يعمل العدو الإسرائيلي على تنفيذ مخططاته التخريبية وبث الانقسام بين اللبنانيين».
وقالت قيادة الجيش: «على أثر إمعان العدو الإسرائيلي في اعتداءاته الإجرامية التي أسفرت عن استشهاد السيد حسن نصر الله، تهيب قيادة الجيش بالمواطنين الحفاظ على الوحدة الوطنية وعدم الانجرار وراء أفعال قد تمس بالسلم الأهلي».
وتابعت: «تستمر قيادة الجيش في اتخاذ التدابير الأمنية اللازمة، والقيام بواجبها الوطني للحفاظ على السلم الأهلي».
ودعت «المواطنين إلى التجاوب مع هذه التدابير، والعمل بمقتضى الوحدة الوطنية التي تبقى الضمانة الوحيدة للبنان».
من الشخص الذي زوّد «إسرائيل» بمعلومات عن نصر الله؟
أكدت صحيفة «لو باريزيان» الفرنسية، التي نقلت عن مصدر أمني لبناني، قوله إن «جاسوسا إيرانيا قام بتزويد إسرائيل، بجُملة معلومات مهمّة، أبرزها موقع حسن نصر الله، وهو ما قاد إلى اغتياله، الجمعة».
وأوضحت الصحيفة الفرنسية أن: «الجاسوس الإيراني، هو من أبلغ إسرائيل بوصول حسن نصر الله إلى الموقع، التي تم فيه اغتياله»، فيما لم تكشف في الوقت نفسه، عن هوية من وصفته بـ»الجاسوس الإيراني».
وفي السياق نفسه، أبرزت الصحيفة الفرنسية، أن «الاجتماع الذي حضره حسن نصر الله، ونائب قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، عباس نيلفوروشان، كان يضم 12 مسؤولا، رفيع المستوى في حزب الله».
وأشارت الصحيفة نفسها، إلى أن دولة الاحتلال الإسرائيلي، قد «انتظرت بدء الاجتماع، لتنفيذ الغارة التي استهدفت مقرّهم في الضاحية الجنوبية»؛ مبرزة: «نصر الله كان يصطحب معه في سيارته يوم عملية اغتياله، كل من نائب قائد فيلق القدس في لبنان، وبأنه كان موجودا بعمق 30 مترا تحت الأرض لحظة الاغتيال».
من جهتها، قالت صحيفة «عصر ايران»، عبر تقرير، أن «حسن نصرالله لم يستشهد بسبب القنابل التي تم إلقائها المكان الذي كان فيه؛ بل إنّه استشهد بسبب المتسلّلين من الخونة».
وأضافت الصحيفة الإيرانية: «تم اغتيال حسن نصر الله، بنفس الطريقة التي مكّنوا بها الاحتلال الإسرائيلي، في الماضي، من موقع قاسم سليماني في العراق»؛ مردفة: «لاحقا أعطوا إحداثيات إسماعيل هنية، أيضا، في طهران، والآن هاهم يمكّنوهم من مكان السيد في لبنان».
أما صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية، فكانت قد أكدت، عبر تقرير لها، السبت، أن «القرار بشنّ الضربة، قد اتّخذ في يوم الهجوم نفسه، أي الجمعة، حيث القادة الإسرائيليين كانوا يعتقدون أن أمامهم وقتا قصيرا فقط، قبل أن ينتقل نصر الله إلى موقع آخر».
ونقلت الصحيفة، عن خمسة مسؤولين في دولة الاحتلال الإسرائيلي، قولهم إن «الهجوم على قلب الضاحية في بيروت الجمعة وقع بعد أن وردت معلومات استخباراتية تفيد بوصول نصر الله إلى اجتماع مع قيادات الحزب في مجمع تحت الأرض»، بحسب زعمهم.
كما أنها نقلت عن مصدر إسرائيلي آخر، قوله إنه «قد تمر أسابيع حتى تتضح الصورة لدى إسرائيل قبل أن تكون قادرة على تحديد ما إذا كان مسؤولون آخرون في الاجتماع قتلوا أيضا بفعل الهجوم».