خلال كل فترة برد، يعود الحديث «الموسمي» عن المشردين، الذين يسكنون الشارع، الذي يكون بكل أسف حديثا «محتشما» لا يتجاوز حدود «الهمس»، وحتى إن ارتفعت «حدّته» لعامل من العوامل، فالتعامل مع هذا الموضوع، الذي يمسّ الصغار والكبار، من الجنسين معا، الذين لم يجدوا حضنا يضمّهم، سوى الأرصفة؛ الجامدة جمود بعض القلوب أكثر من الإسفلت نفسه؛ الذين يفتقدون لدفء حقيقي، يكون مناسباتيا وظرفيا، مقترنا بفترة الشتاء، والذي يتم التعامل معه في كثير من الحالات بلغة الأرقام في التصريحات الرسمية، المرتبطة بعدد من تم نقلهم إلى مراكز للإيواء، وغيرها من التفاصيل «التقنية»، المفتقدة هي نفسها لكل دفء إنساني في علاقة بالفئة المتحدث عنها.
دفء، حاولنا في «الاتحاد الاشتراكي» قياس درجات حرارته، وبحثنا عن بعض ملامحه في عدد من المدن المغربية، ونحن نعدّ هذا الملّف في «الاتحاد الاجتماعي»، لكن وبكل أسف، لم نستطع ملامسة جوانب دافئة بشكل كبير، تبعث على الاطمئنان، لأن «حرارتها» ظلت ضعيفة بل ومتدنية مقارنة بحجم «برودة» الواقع، الذي يقسو على الأجسام المرمية هنا وهناك، في هذه الحديقة أو ذلك الزقاق، في هذه المحطة أو ذاك الورش، في الجبل وفي المدينة، بالشكل الذي تظل معه مبادرات محاولات التخفيف من وقعه على المشردين والمشردات، الصغار منهم والكبار، في كثير من الحالات محدودة الأثر، ولا تنجح في محو ما يكسو ملامحهم من علامات القهر.
قهر، تتعدد مستوياته، صحيا، على المستوى العضوي والنفسي، واجتماعيا، وإنسانيا، مما يجعل هذه الفئة من المواطنين تعيش على الهامش، وهو ما تؤكده المقالات التي أنجزها الزملاء أثناء إعداد هذا الملف، الذي نريده أن يساهم في لفت الانتباه لهذه المعضلة الإنسانية والاجتماعية التي تتجدد تفاصيلها كل موسم برد، وحافزا لتعبئة حقيقية للتكفل الشامل بهذه الفئة من المغاربة، التي تستحق هي الأخرى أن تعيش الكرامة بكل عناوينها.
البرد يقهر المشرّدين والألم يوحّدهم في غياب سياسات عمومية تتّسم بالاستمرارية
الكاتب : أعد الملف: وحيد مبارك
بتاريخ : 09/01/2024