الحبيب المالكي: تجاوب الحكومة مع تقارير لجنة مراقبة المالية العامة يؤسس لثقافة جديدة في مراقبة العمل الحكومي
فتيحة سداس تنبه إلى عدم استفادة الجماعات الفقيرة من صندوق التجهيز الجماعي
ترأس رئيس مجلس النواب الحبيب المالكي، أول أمس الثلاثاء 26/12/2017، جلسة عامة خصصت لمناقشة تقرير لجنة مراقبة المالية العامة حول صندوق التجهيز الجماعي.
وقال المالكي إن الجلسة عُقدت طبقا لمقتضيات النظام الداخلي لمجلس النواب، على إثر قرار مكتب المجلس بعقد جلسة عامة تخصص لمناقشة التقرير الذي أعدته لجنة مراقبة المالية العامة حول الموضوع.
وقبل الشروع في المناقشة، ذكر رئيس المجلس بأهمية دراسة التقارير المنجزة من طرف اللجنة المذكورة، والمتعلقة بمراقبة الإنفاق العمومي وتتبعه، مما سيساهم في تطبيق مجلس النواب لمنهجية جديدة ومتطورة تعتمد مراقبة النجاعة المالية وأسلوب الحكامة المعتمدة في تدبير البرامج والمشاريع، كما ذكر المالكي أن هذه الجلسة تأتي بعد جلسة أولى عقدت في الولاية السابقة
منذ إحداث لجنة مراقبة المالية العامة. وأكد رئيس مجلس النواب على الأهمية التي تحظى بها هذه التقارير، انطلاقا من كونها تستمد مصادر المعلومة والتحليل من آراء المجلس الأعلى للحسابات، ومداولات عضوات اللجنة وأعضائها، ورأي الحكومة، إضافة إلى أهمية التنصيص على التوصيات التي التزمت الحكومة بتفعيلها وفق مدة زمنية محددة. واعتبر المالكي أن تجاوب الحكومة مع أشغال اللجنة يؤسس لثقافة جديدة في مراقبة العمل الحكومي، وهي ثقافة مبنية على النتائج.
ووفقا للنظام الداخلي، أعطى رئيس مجلس النواب الكلمة لمقرر اللجنة من أجل تلاوة التقرير، الذي ركز فيه النائب على أهم التوصيات الصادرة عن أشغال لجنة مراقبة المالية العامة، متوقفا عند التقرير الذي أصدره المجلس الأعلى للحسابات. وتلا ذلك عروض الفرق النيابية والمجموعات، تم عرض الحكومة، وتعقيبات النواب.
ونبهت النائبة فتيحة سداس، في تعقيب على عرض الحكومة باسم الفريق الاشتراكي، إلى الحلقة الأضعف في مهام صندوق التجهيز الجماعي، مذكرة بجماعات الهامش التي لا تستفيد من هذا الصندوق، مطالبة بضرورة إعادة النظر في استراتيجية الاشتغال من أجل عدالة مجالية متكافئة ومتضامنة، وتوقفت النائبة عند تفاصيل المعاناة التي شكلت حصارا فعليا على بعض الجماعات التي لا تتوفر على أدنى المطالب في وجود طريق يفك العزلة عن دواويرها، كما أكدت على النظر في إشكالية الإطار الاستراتيجي للصندوق حتى يتمكن من الأخذ بعين الاعتبار التوجه الجديد للدولة المغربية لإرساء نموذج تنموي جديد يستجيب لمختلف حاجيات ومتطلبات المواطنات والمواطنين، وذلك عبر تقوية وتوسيع مواكبة الجماعات الترابية ذات الإمكانيات المحدودة وتمكينها من تمويل مشاريعها، خاصة تلك الجماعات القروية الفقيرة، التي من المفروض أن يعمل الصندوق على تيسير شروط حصولها على القروض.
وكانت سداس قد ألقت عرضا في الموضوع باسم الفريق الاشتراكي ضمن تدخلات الفرق النيابية، ونوهت بالعمل الكبير والمهم الذي يقوم به المجلس الأعلى للحسابات من خلال قضاته وأطره لتزويد المؤسسة التشريعية بمعطيات وملاحظات وتوصيات تساعد على القيام بدورها الرقابي في تدبير المالية العمومية، انطلاقا من قناعة الفريق الاشتراكي بأن أي إصلاح داخل الدولة يبتدئ بإصلاح ماليتها. وأضافت سداس» أن مالية صندوق التجهيز الجماعي تدبر وفق القوانين التي تنظم القطاع البنكي، مما يستدعي وضع مؤشرات واضحة لتقييم ومراقبة مدى نجاعة هذا الصندوق وحكامته «. مضيفة أن أهمية دور صندوق التجهيز الجماعي في المساهمة، ولو بشكل يسير، في بلورة المشروع التنموي الجديد عبر تحقيق العدالة المجالية وتمويل مشاريع تنموية داخل الجماعات الترابية، يجعلنا نؤكد ونلح على ضرورة حل كل الاختلالات المرتبطة بسعر الفائدة لتتمكن الجماعات الترابية التي تعاني من هشاشة كبيرة من إمكانية الاستفادة من موارده، وحتى يتسنى لهذا الصندوق القيام بالأدوار التي خلق من أجلها.
كما أكدت سداس على ضرورة الإصلاح الشامل للصندوق وجعله آلية حقيقية لدعم الجماعات الترابية التي تعيش تحت وقع العزلة والهشاشة ويتطلب من وزارة الداخلية، بصفتها الجهة الوصية، تحديد وانتقاء المشاريع المحالة على لجنة القرض التي يترأسها المدير العام لصندوق التجهيز الجماعي.
وتضمنت التوصيات البرلمانية، التي وافقت عليها الحكومة ممثلة بوزارة الداخلية، انفتاح الصندوق على منتوجات تمويلية أخرى، ومراجعة معايير وشروط تمويل المشاريع الاستثمارية التنموية ارتباطا بإعلان السياسة العامة للصندوق بعد تحيينها، مع تبسيط مساطر التمويل وتوحيدها، مؤكدة، أهمية الحرص على التدبير النشيط لخزينة الصندوق، وذلك من أجل تحسين مردودية توظيف فائضه والاستغلال الأمثل لتمويله.
كما أوصت اللجنة البرلمانية بإحداث آلية مختصة في مواكبة وتتبع المشاريع خلال مرحلتي تنفيذ وتقييم المشاريع الممولة، وبوضع مسطرة واضحة ومبسطة لمعالجة طلبات القروض وتيسير ولوج الجماعات الترابية إلى التمويل في آجال معقولة في كل المراحل، مع تحديد المسؤوليات بكل دقة لكل المتدخلين.
ودعت التوصيات إلى تطوير وتوسيع تغطية خدمات الصندوق على صعيد كل جهة استجابة لمتطلبات الجهوية المتقدمة، بغاية تقريب خدماته من الجماعات الترابية لتشمل أكبر عدد منها وفي مجالات اختصاصاتها ذات الصلة بتمويلات الصندوق، وكذا مواصلة خفض معدلات سعر الفائدة في إطار سياسة الصندوق لتمويل استثمارات الجماعات الترابية، مع أخذه بعين الاعتبار مجالاتها واختصاصاتها وطبيعة مشاريعها ومستوى التنمية فيها.
وفي عرضه باسم الحكومة، أكد الوزير المنتدب لدى وزير الداخلية نور الدين بوطيب، على أهمية التوصيات التي تمت بلورتها في تقرير اللجنة، والتي ستساهم لا محالة في تجويد تدبير الصندوق والرفع من مردوديته وفعاليته، وذلك في سياق الجهود المبذولة لتفعيل ورش الجهوية المتقدمة الرامي بالأساس لتعزيز دور الجماعات الترابية كفاعل متميز للنهوض بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية للمغرب.
وأكد الوزير أن صندوق التجهيز الجماعي بصدد إنجاز دراسة لإعداد مخطط استراتيجي للتنمية، لتعزيز دوره في مجال التنمية الترابية.
و بخصوص خفض سعر الفائدة، لفت الوزير المنتدب إلى أن الصندوق يحرص على خفض سعر الفائدة المطبق على قروض الجماعات الترابية، علما بأن نسب الفائدة التي يطبقها تظل رهينة بشروط تعبئة موارده والتي تبقى كلفتها مرتبطة، بشكل كبير، بشروط السوق المالية. أما بخصوص المواكبة والدعم والتقييم والتتبع، فقد أبرز الوزير أنه تم اعتماد توصية اللجنة المتعلقة بتكثيف اللقاءات التحسيسية للتعريف بالخدمات التي يقدمها الصندوق، موضحا أن هذا الأخير يعمل باستمرار من خلال تنظيم لقاءات دراسية وورشات عمل بمختلف جهات المملكة على التعريف بدوره لدى الجماعات الترابية مع تقديم وشرح مساطر منح القروض، وتعزيز القدرات التقنية والقانونية والمالية للجماعات الترابية، ومنح المساعدة التقنية للجماعات الترابية لإعداد مشاريعها وتمكينها من تمويل الصندوق.
وبشأن تدبير القروض، أشار بوطيب إلى أن الصندوق يعمل حاليا على دراسة جميع المساطر المعمول بها من أجل تحيينها وتبسيطها وتحديد آجال معقولة لدراسة الملفات، كما يحرص على مطالبة الجماعات المعنية بتقديم وضعيات تنفيذ المشاريع مدعومة بكشوفات الحسابات مؤرخة وموقعة من طرف الآمر بالصرف والمتدخلين الآخرين في إنجاز وتتبع الصفقة المتعلقة بالمشروع، وذلك طبقا للمقتضيات التعاقدية.