تواصل انتشارها في صفوف المراهقين والشباب والأسر توجه نداءات استغاثة لحماية فلذات أكبادها
تعيش العديد من الأسر المغربية حالة هلع كبيرة بسبب اتساع رقعة انتشار مخدر البوفا، الذي بات في متناول كل الفئات والشرائح الاجتماعية، خاصة الهشّة منها، بعد «غزوه» للأحياء الشعبية واقترابه من الأطفال واليافعين والشباب أكثر فأكثر. مخدر أصبح حديث المجالس الخاصة والعامة، تشنّ عليه المصالح الأمنية حربا كبيرة خلال الأسابيع الأخيرة، متعقبة آثاره في مختلف الدروب والأحياء، من أجل وضع اليد على مروجيه وتقديمهم للعدالة، حيث سبق وأن أكد وزير الداخلية أنه تم تسجيل 200 قضية ما بين فاتح يناير 2020 ونهاية شهر ماي 2023 تتعلق بهذا المخدر، وجرى توقيف 282 شخصا إلى جانب حجز ثلاث كيلوغرامات من «البوفا».
ويشكّل انتشار «البوفا» تهديدا أمنيا واجتماعيا واقتصاديا وكذا صحيا، سواء على مستوى الصحة النفسية والعضوية، وهو ما أكّده البروفيسور هاشم تيال في تصريح لـ «الاتحاد الاشتراكي»، الذي أوضح بأن هذا المخدر هو عبارة عن بقايا الكوكايين التي تتم إضافة مجموعة من المواد السامة إليها، مما يجعل منه مادة خطيرة متى تم إدخالها إلى الجسم عبر آلية الاستنشاق، تسببت في أضرار على أكثر من مستوى.
وأبرز الخبير في الصحة النفسية والعقلية في تصريحه للجريدة أن تأثير «البوفا» يكون سريعا، فهو يسري في الجسم بسرعة أكبر من تأُثير الكوكايين، لكن فعاليته سرعان ما تتلاشى ولا تدوم مدة أطول، مما يجعل الشخص يصبح مدمنا عليها ويبحث عنها بكل الطرق. وأكد البروفيسور تيال أن مستعمل هذا المخدر يحسّ بسعادة غريبة وبحالة فرح غير مسبوقة، ويشعر حين يتعاطاها بأنه قوي الشخصية ويتوفر على طاقات مختلفة، بالإضافة إلى فقدان الشعور بالخوف والإحساس بالتميز مقارنة بالغير، فضلا عن أعراض وأحاسيس أخرى قد يعيشها البعض كالانفعال والغضب السريعين، قلة النوم، الدوخة، الارتعاش، اجتفاف في الفم، ضيق في التنفس، وهي تدفع بالمدمن إلى القيام بردود فعل خطيرة، وبأعمال عنف، وممارسات إجرامية غير عابئ بعواقبها وتبعاتها.
وشدّد الفاعل في مجال الصحة النفسية على أن الإدمان على «البوفا» يؤدي إلى تداعيات على الصحة النفسية والعقلية للمدمن، تتوزع ما بين الانهيارات العصبية، العنف، البارانويا والأوهام، الابتعاد عن الواقع، حالات الصرع، مشاكل في النوم وغيرها، إضافة إلى تبعات عضوية، تتمثل في مشاكل على مستوى القصبة الهوائية، نقص الأوكسجين في الدم، صعوبات التنفس، عدم انتظام دقات القلب، نوبات قلبية وسكتات قد تؤدي إلى الموت، نوبات في الدماغ خاصة إذا ما تم الإقبال على هذا المخدر بالموازاة مع استهلاك أنواع أخرى من المخدرات.
ونبّه البروفيسور تيال إلى أن السعر المنخفض لـ «البوفا» مقارنة بالكوكايين، والتي يتراوح ثمنها ما بين 50 و 100 درهم، هو ما يجعلها في المتناول، مشددا على أن المراهقين أكثر عرضة لها، في بحثهم عن أحاسيس معينة خاصة في سن المراهقة، محذرا من أن التخلص منها بعد إدمانها لا يكون سهلا، فهو يتطلب مجهودات جبارة والاستشفاء لأسابيع متعددة، مؤكدا على أن الوضع خطير ولا يجب التعامل معه باستهانة. ودعا الخبير في الصحة النفسية والعقلية في تصريحه لـ «الاتحاد الاشتراكي» الآباء والأمهات إلى الانتباه للتغييرات التي قد تقع على أبنائهم، وضرورة مصاحبتهم وتقديم النصح لهم، لأن العلاج من الإدمان يكون صعبا، مؤكدا في نفس الوقت على ضرورة تعبئة كافة مكونات المجتمع والمصالح المختصة في محاربة الجريمة، وتكثيف الجهود لمواجهة انتشار هذا المخدر، خاصة في الوسط المدرسي للحيلولة دون ارتفاع أعداد المدمنين.