البنيوية والشعر

 

ما الأكثر بعدا عن الشعر من برود العناصر الكيمياوية؟ رغم ذلك كان رومان جاكوبسون ينوي جيداً ـ وهو شغوف بالشعرـ التوفيق بين خصائص العقل المرهف والعقل الهندسي.
في عام 1912، انخرط جاكوبسون في الحركة المستقبلية الروسية التي تقول بأن يكون الشكل مقصوداً في ذاته؛ وكان عمره 16 سنة. وجمعته صداقة بالشاعرين فلاديمير ماياكوفسكسي وفلمير خْلبنكوف، وكذا مع الرسام كازيمير ماليفيتش فساهم في تأسيس «الأوبوياز» L’Opoyaz ، وهي جمعية أدبية اتجهت إلى دراسة اللغة الشعرية ، بسان ـ بيترسبورغ.
ومع الشكلانيين رفض النقد الأدبي وأراد التأسيس لعلمٍ متخصص بالخطابات الجمالية. ويتذكر جاكوبسون بعد مرور سنوات: «إنني كنتُ لأفكر أكثر فأكثر في بنية الفن اللفظي وفي سؤال العلاقة بين الشعر واللغة. (…) وكنتُ أقول لأبي، عالم الكيمياء الذي كانت تدهشه انشغالاتي، إن الأمر يتعلق بالبحث عن المكونات الأخيرة في الزمن للغة والحفر على نسقٍ مناظر للتصنيف الدوري للعناصر الكيميائية (1)».
لقد قادته القوة الإيحائية للأشكال اللغوية (الإيقاعات البطيئة أو السريعة، الصوتيات الكريستالية والخشنة على الأذن…) إلى إيجاد فوارق مرهفة في أطروحة اعتباطية العلامة: « إن موضوع الشعرية (la poétique) هو قبل كل شيء الإجابة عن السؤال:» ما الذي يجعل من رسالة لفظية عملاً فنياً؟ « (…) تُعْنَى الشعرية بقضايا البنية اللسانية (…) ملامح عديدة تنتمي ليس فقط إلى علم اللغة، ولكن إلى مجموع نظريات العلامات، بتعبير آخر إلى السيميولوجيا ( أو السيميوطيقا) العامة.» (2)
وسيؤثر منهج جاكوبسون على كُـتّاب مثل نيقولا ريوي (« اللغة والموسيقى والشعر، 1927) وجيرار جُنيت ( « أساليب» ، 5 أجزاء ، 1966ـ 2002) أو أيضاً تزفيتان تودوروف («شعرية النثر»، 1976 ).
إن تحليل قصيدة «القِطَطُ» (3) لشارل بودلير، والذي هو من توقيع جاكوبسون وكلود ليفي شتراوس يساق غالباً كمثالٍ للتحليل البنيوي.


الكاتب : بقلم: كارين فيليب ترجمة: بيسان بنميمون

  

بتاريخ : 07/04/2017