موضوع ندوة علمية عن بعد نظمتها كلية الحقوق بأكادير
نظمت ماستر المنظومة الجنائية والحكامة الأمنية وفريق البحث قانون الأعمال والاستثمار بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بجامعة ابن زهر بأكادير، مساء يوم السبت 9 ماي 2020، ندوة علمية عن بعد حول موضوع :»التقاضي عن بعد أية ضمانات للمحاكمة العادلة»بمشاركة عدد من الأساتذة القضاة والباحثين الأكاديميين والمحامين من مختلف هيئات المحاماة بالمغرب.
عرفت الندوة، التي أدارها وسير أشغالها عن بعد الدكتور أحمد قيلش، منسق ماستر المنظومة الجنائية والحكامة الأمنية وفريق البحث قانون الأعمال والاستثمار بكلية الحقوق بأكادير، إقبالا واسعا وسجلت رقما غير مسبوق في عدد المتتبعين لمجرياتها، نظرا لأهمية الموضوع من جهة ووزن المشاركين فيها من جهة ثانية..
وفي مداخلة له أكد ذ. الهيني(محام بهيئة تطوان)أن المحاكمة عن بعد توفر جميع ضمانات المحاكمة العادلة، موضحا في هذا السياق، أن الرقمنة تطرق باب العدالة لدخولها من بابها الواسع وبالتالي لا محيد عن اعتماد التقاضي الرقمي مستقبلا بعد زوال هذه الجائحة، التي فرضت شروطا احترازية تجنيا لانتشار فيروس كورونا المستجد، ومن أبرزها إجراء محاكمات عن بعد وفق شروط تقنية وعادلة تضمن الحقوق لكافة المتقاضين.
بينما ذهب ذ. صباري ( نقيب سابق ومحام بهيئة مراكش)إلى أن المحاكمة عن بعد لا يجب أن تخرج عن ما تضمنه قانون المسطرة الجنائية والدستور ،لأن من شأن خرق هاته المقتضيات ترتيب البطلان بقوة القانون.
أما ذ .العربي جنان(محام بهيئة أكادير) فقد اعتبر مسألة التقاضي عن بعد لا اختلاف حول مشروعيتها القانونية والواقعية لكن الاختلاف ينصب حول كيفية اعتماد هذا النظام بدون أجرأته وتوضيح دقيق لكيفية تنزيله، منبها إلى كون حضور المتهم أمام المحكمة لا يمكن أن يستوي مع حضوره خلف شاشة التصوير.
وفي هذا الشأن لاحظ أن تبني هذا النظام فيه حماية أحادية فقط للمتهم دون الالتفات لتوفير نفس الحماية للقاضي والمحامي وكاتب الضبط، متسائلا ألا يعد حضور الهيئة القضائية والدفاع وكتابة الضبط للمحكمة نوعا من أنواع المجازفة بصحتهم؟
ومن جهته قال ذ.زنون( أستاذ زائر بالمعهد العالي للقضاء):إن نظام المحاكمة عن بعد مؤسس دستورا وقانونا و تفرضه نظرية الضرورة والمصلحة التي ترمي إلى ضمان سيران الإجراءات القضائية والأخذ باستمرار عمل المرفق العام.
في حين ذهب ذ.الغيام(أستاذ زائر بكليات الحقوق ومستشار لدى محكمة الاستئناف بالحسيمة)إلى أن المس بضمانات المحاكمة العادلة غير قائم أساسا مادام أن الهيئات القضائية تؤسس لقاعدة خيار المتهم في أحقيته للمحاكمة عن بعد من عدمه، مؤكدا في الوقت ذاته أن المحاكمة عن بعد شرعت لمصلحة المتهم لا للاعتداء على الحق في المحاكمة العادلة. مضيفا أن السلطة القضائية بتبنيها للتقاضي عن بعد تجسد مفهوم تحقيق الأمن القضائي بتجلياته الواسعة في ضرورة توفير أمن صحي للسجناء بعدم إحضارهم للمحاكم تفاديا لمخاطر اصابتهم بالوباء مع ضمان حقهم في المحاكمة بجميع شروطها وضمانتها المتعارف عليها دوليا ودستوريا، ولا
مجال للبطلان أو حتى الارتكان لمقتضيات المادة 751من قانون المسطرة الجنائية لأنها خارجة عن السياق من أساسه. موضحا أن قانون حالة الطوارئ الصحية أفرز إعادة ترتيب الحقوق بجعل الحق في السلامة الصحية يتسيد على كل حق، ويرتقي به لدرجة يمكن اعتباره من مقومات النظام العام الصحي منوها بمجهودات المجلس الأعلى للسلطة القضائية في هذا الباب.
وفي السياق ذاته أكد الأستاذ الغيام أنه لا مجال للقول بالمجازفة بالقاضي والمحامي وهيئة كتابة الضبط من خلال عقدهم للجلسات طالما أن المقررات المتخذة بهذا الشأن يراعى فيها تطور الحالة الوبائية، بيد أنه بمجرد تسجيل إصابات لنزلاء بأحد المؤسسات السجنية كان من الضروري اتخاذ تدابير عاجلة لحمايتهم، باعتبارهم أولى بالحماية من غيرهم، لكون الوباء الخفي تسلل إليهم دون غيرهم(أي للساكنة السجنية)، معتبرا أن من شأن عدم حضورهم المادي ضمان حماية لهم أولا و حماية لباقي مكونات العدالة ثانيا.
وختم مداخلته بقوله إن اليوم هو مدعاة حقيقية للافتخار بجميع المقررات والتدابير المتخذة تحت القيادة الرشيدة لجلالة الملك محمد السادس ، ولا يجب تبخيس المجهودات التي يقوم بها كل من المجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة ووزارة العدل في انخراطهم القوي لمحاربة الوباء، فبدل أن نبحث عن نواقص كل مبادرة ما يتعين إيجاد حلول حقيقية لها، والتي لن تخرج عن تعزيز ضمانات المحاكمة العادلة و تدعيم حقوق الدفاع بقضايا الجائحة بانخراط الجميع في مثل هذه التدابير الوقائية.
هذا وأكد الدكتور أحمد قيلش أن النقاش الحاصل اليوم حول ضمانات المحاكمة العادلة بنظام التقاضي عن بعد أو اعتماد منصات التقاضي يستدعي منا توفير منصات أكاديمية الكترونية تفاعلية مع كل القضايا التي تهم العدالة.
مضيفا أنه إذا كانت هناك من حلول وتوصيات بهذا الشأن فيجب أن تنصب أساسا حول تقوية أدوار كل المتدخلين بالعملية القضائية والإشادة بالمجهودات المبذولة، وفي نفس الوقت لما لا أن تطعم ضمانات المحاكمة العادلة بإلزامية المحامي بقضايا الجائحة إلى جانب توفير وسائل حمائية أكثر للقضاة وهيئة كتابة الضبط أثناء أدائها للواجب الوطني بهاته الفترة الاستثنائية التي تعيشها بلادنا.