التوصل إلى الاتفاق بإسقاط القضية الجنائية ضد زعيم المتمردين : تمرد قوات «فاغنر» على الجيش الروسي يسرق أنظار العالم

اتجهت أنظار العالم، أول أمس السبت، إلى روسيا حيث أعلنت قوات فاغنر شبه العسكرية التمرد على الدولة، والسير نحو العاصمة موسكو، للإطاحة بوزير الدفاع سيرغي شويغو، لكن لم يلبث أن انتهى التمرد بأسرع مما كان متوقعا.
وراقب العالم التطورات في روسيا بعد خطاب الرئيس بوتين الذي وقف إلى جانب مؤسسة الجيش، وأعلن أن تمرد «فاغنر» خيانة تستحق العقاب، وأصدرت دول عديدة بيانات حول ما يجري في روسيا.
ونشرت وزارة الدفاع الروسية صورة للجنود الروس بعنوان «التماسك والوحدة»، وذلك عقب فترة وجيزة من إعلان التهدئة مع قوات «فاغنر».
سحب القوات «حقنا للدماء»

وكان مكتب رئيس بيلاروسيا قد أعلن في اليوم نفسه عن قبول قائد مجموعة «فاغنر» يفغيني بريغوجين، اقتراح لوكاشينكو وقف تحركات مقاتلي المجموعة في روسيا، واتخاذ مزيد من الخطوات لتهدئة التوترات.
وقال المكتب، في بيان، إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أطلع صباح اليوم، نظيره البيلاروسي على الوضع في جنوب روسيا مع مجموعة «فاغنر»، واتفقا على العمل المشترك.
وأضاف البيان أن رئيس بيلاروسيا قام بالاتفاق مع نظيره الروسي على إجراء محادثات مع رئيس «فاغنر» يفغيني بريغوجين.
وأوضح أن المفاوضات مع بريغوجين استمرت طوال اليوم، ونتيجة لها، تم التوصل إلى اتفاقيات بشأن عدم جواز ارتكاب مذبحة دموية على أراضي روسيا.
وقبل بريغوجين، وفق البيان، اقتراح لوكاشينكو بوقف حركة الأفراد المسلحين التابعين لشركة «فاغنر» على أراضي روسيا، واتخاذ المزيد من الخطوات لتهدئة التوترات.
واختتم البيان بالقول إنه في الوقت الحالي، «يوجد خيار مقبول ومريح تماما لحل الموقف، مطروح على الطاولة، مع ضمانات أمنية لمقاتلي «فاغنر».
تفاصيل حول الاتفاق

من جانبه، أعلن مؤسس فاغنر اتخاذه قرارا بسحب مقاتليه إلى معسكراتهم تجنبا لسفك الدماء الروسية.
وكشف الكرملين ومكتب الرئيس البيلاروسي، تفاصيل من الاتفاق، وهي كالآتي:
– رئيس مجموعة «فاغنر» سينتقل إلى بيلاروسيا وسيتم إسقاط القضية الجنائية ضده.
– لن يتم مقاضاة مقاتلي المجموعة الآخرين تقديراً لخدماتهم.
– الوحدات القتالية في «فاغنر» التي لم تتورط بالتمرد قد يتم توقيع عقود جديدة معها من قبل موسكو.
وأضاف الكرملين «تجنّب النزف كان أكثر أهمية من معاقبة الأشخاص، ولا نعرف أين يوجد بريغوجين الآن».
بدورها، قالت وزارة الدفاع الروسية في بيان مقتضب إن عددا كبيرا من مقاتلي «فاغنر»، أدركوا خطأهم وتوجهوا بطلب من القوات الروسية للحصول على المساعدة وضمان سلامتهم.
في سياق متصل، وصلت قوات كبيرة من المقاتلين الشيشانيين إلى مشارف مدينة روستوف التي أعلنت «فاغنر» السيطرة عليها.
وأظهرت مشاهد مئات الآليات العسكرية، المحملة بمقاتلي «قوات أحمد» الشيشانية، بعد انطلاقها من كتائبها باتجاه روستوف.
وقال الرئيس الشيشاني رمضان قديروف، إنه سيقف بكل قوته مع القوات المسلحة الروسية في «إخماد التمرد» الذي قامت به «فاغنر».
وتعد «قوات أحمد» الشيشانية التابعة للرئيس رمضان قديروف، هي الجهة المسلحة الوحيدة التي أعلنت دعمها العسكري للجيش الروسي في مواجهة فاغنر، علما أن قديروف قال في تصريح سابق إن «رئيس الشيشان وجنود الشيشان جميعهم مستعدون للتضحية من أجل الرئيس بوتين من أجل الدفاع عن روسيا».
من جانب آخر، دخل البطريرك كيريل، بطريرك موسكو وعموم روسيا على خط الأزمة، وأعلن اصطفافه إلى جانب الرئيس فلاديمير بوتين.
وقال كيريل في بيان، إنه «يدعم وحدة الصف ويدعم جهود الرئيس فلاديمير بوتين»، مؤكدا أن أي محاولة لبث الفتنة في البلاد تعد «أفظع جريمة ترتكب بلا مسوّغ».
وتابع: «اليوم، فيما يقاتل أشقاؤنا ويسقطون على الجبهات وهم يؤدون واجبهم بإيثار، يبذل الأعداء قصارى جهدهم لتدمير روسيا.. أي محاولة لبث الفتنة في البلاد تعد أفظع جريمة ترتكب بلا مسوّغ».
وأضاف: «أناشد من حملوا السلاح بأيديهم ومستعدون لتصويبه على أشقائهم، التفكير مرة أخرى… في مواجهة التهديد المشترك، يجب الحفاظ على وحدة الفكر والتغلب على أنانية الطموحات الشخصية».
واعتبرت روسيا البيضاء، الجارة الحليفة لروسيا، أن التمرد «هدية» للغرب، محذّرة من أنه قد يتحول إلى «كارثة».
ونقلت الخارجية عن بيان لمجلس الأمن القومي: «أي تحريض، أي نزاع داخلي في الدوائر العسكرية أو السياسية، في مجال المعلومات أو المجتمع المدني، هو هدية إلى الغرب مجتمعا». أما رئيس لاتفيا المنتخب إدغارس رينكيفيكس، فقد أعلن أن بلاده عززت أمن حدودها إثر التمرد في روسيا ولن تسمح بدخول المواطنين الروس إلى أراضيها.
وكتب في تغريدة: «تتابع لاتفيا من كثب مستجدات الوضع في روسيا.. عززنا الأمن عند الحدود ولن نصدر تأشيرات أو نسمح بدخول مواطنين روس يغادرون روسيا بسبب الأحداث الراهنة».
وكانت لاتفيا أوقفت اعتبارا من العام الماضي منح الروس تأشيرات دخول إلى أراضيها، إلا أنها كانت تسمح باستثناءات لغايات إنسانية.
كذلك، أعلنت رئيسة وزراء إستونيا كايا كالاس، عن تعزيز «أمن الحدود»، داعية رعاياها إلى «عدم السفر إلى أي مكان» في روسيا
موسكو تحذر الغرب

في سياق متصل، حذرت وزارة الخارجية الروسية من أي تدخل للغرب في الصراع مع «فاغنر».
وذكرت الوزارة في بيان أن «محاولة العصيان المسلح التي حدثت في بلادنا تلاقي رفضا حادا لدى المجتمع الروسي، الذي يدعم بقوة الرئيس فلاديمير بوتين».
وأضافت أن «تطلعات المتآمرين المغامرة تهدف إلى زعزعة استقرار الوضع في روسيا، وتقويض وحدتنا، وتقويض جهود روسيا الاتحادية الهادفة إلى ضمان أمن دولي موثوق».
وأكدت الخارجية أن «العصيان يصب في مصلحة أعداء روسيا الخارجيين»، محذرة الدول الغربية من أي تلميح إلى استخدام محتمل للوضع الروسي الداخلي لتحقيق أهدافها المتعلقة بمعاداة روسيا.
وأعرب بيان الخارجية عن الثقة في أن «الوضع سيجد حلا في المستقبل القريب، مؤكدا أن أهداف وغايات العملية العسكرية الخاصة (في أوكرانيا) سيتم تحقيقها بالكامل».
يذكر أن وزير الخارجية الأمريكي أنطونيو بلينكن أجرى، بعد إعلان قائد فاغنر تمرده على الجيش الروسي، مباحثات حول التطورات في روسيا، مع نظرائه لدى مجموعة الدول الصناعية السبع، ومع الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية جوزيب بوريل.
وفي تغريدة له عبر حسابه على تويتر، قال بلينكن، إن الولايات المتحدة ستعمل «بتنسيق وثيق مع الحلفاء والشركاء» فيما يتعلق بالتطورات التي تشهدها روسيا.
وأضاف أنه أجرى في هذا الإطار، مباحثات مع نظرائه لدى مجموعة السبع، ومع بوريل.
وشدد المتحدث باسم الخارجية ماثيو ميلر ،على أن الأوضاع المستجدة «لا تغيّر شيئا» بالنسبة إلى الدعم الذي توفره واشنطن وحلفاؤها لأوكرانيا.
وكان متحدث باسم الرئاسة الأمريكية أكد في وقت سابق أن البيت الأبيض يراقب الوضع في روسيا، مشيرا إلى أن الرئيس جو بايدن أطلِع على ما يجري.
وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي آدم هودج: «نراقب الوضع وسنتحدث مع حلفائنا وشركائنا» بشأن التطورات.
بدورها، أعلنت دول أوروبية أنها تراقب عن كثب تطورات الأحداث في روسيا. وقالت رئيسة وزراء إيطاليا جورجيا ميلوني، في بيان، إن «العدوان ضد أوكرانيا يتسبب في زعزعة الاستقرار داخل الاتحاد الروسي». كما حث وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاجاني، عبر تويتر، مواطني بلاده في روسيا على توخي الحذر.
وقال الرئيس البولندي أندريه دودا، على تويتر، إنه أجرى مشاورات مع رئيس وزرائه ووزير الدفاع والدول الحليفة بشأن الوضع.
وأوضح: «تجري مراقبة مجرى الأحداث خارج حدودنا الشرقية باستمرار».
من جانبه، أكد الرئيس الروماني كلاوس يوهانيس، مجددا أنهم على اتصال دائم مع الدول الحليفة ويراقبون عن كثب تطور الوضع في روسيا.
ووصفت إليانا يوتوفا نائبة الرئيس البلغاري، الوضع بأنه «مقلق للغاية»، وفقا لوكالة أنباء «بي تي إيه» الحكومية.
وقالت: «لا يمكننا حتى الآن التكهن كيف سيؤثر هذا على بلغاريا وما سيكون تطور الأحداث من الآن فصاعدًا»، مضيفة أنه «من السابق لأوانه التكهن بما سيحدث». وتعليقًا أيضًا على الأمر، قالت وزيرة الخارجية الفنلندية، إلينا فالتونين، «الوضع في روسيا متوتر حاليًا بسبب التمرد المسلح الذي بدأته فاغنر»، وفقًا للإذاعة العامة.
وأضافت أن «المنافسة على النفوذ مستمرة منذ زمن طويل. الوضع غير واضح ويتطور بسرعة».
واكتفى حلف «الناتو»، على لسان المتحدثة باسمه، بالقول إن التحالف «يراقب الوضع». بينما أكد رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال، أن التكتل القاري «يراقب عن كثب الوضع في روسيا. على تواصل مع القادة الأوروبيين والشركاء في مجموعة السبع». وقال: «واضح أن هذا شأن داخلي روسي»، مشددا على أن دعم دول الاتحاد لأوكرانيا «لا يتزعزع».
أما رئيسة الحكومة الإيطالية جورجيا ميلوني فرأت أن ما يجري «يظهر كيف أن الاعتداء على أوكرانيا يتسبب في عدم استقرار في روسيا أيضا».
وحض رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك «جميع الأطراف على تحمّل مسؤولياتهم لحماية المدنيين». وأضاف أنه على تواصل مع قادة الدول الحليفة «في ضوء تطوّر الوضع. سأتحدث إلى بعضهم (…) الأهم بالنسبة إلينا هو أن يتصرف جميع الأطراف بمسؤولية».
وقال وزير الخارجية التشيكي يان ليبافسكي: «أرى أن إجازتي الصيفية في القرم تقترب»، في إشارة إلى شبه الجزيرة التي ضمتها روسيا من أوكرانيا عام 2014.
من جهتها قالت وزيرة الدفاع التشيكية يانا سيرنوشوف: «وأخيرا بتنا ندرك ما تعنيه روسيا بعملية عسكرية خاصة»، في إشارة إلى التسمية التي أطلقها بوتين على دخول قواته إلى أوكرانيا. وأضافت: «بعد 16 شهرا من الحرب على أوكرانيا، روسيا تشنّ حربا على روسيا. لم نفاجأ. هذا تقليد هناك. الحروب الفاشلة تنتهي بإعدام القيصر، بفوضى وحرب أهلية بإشراف المتلصصين. تهانينا».
واعتبرت وزيرة الدفاع البلجيكية لوديفين ديدوندر أن الوضع في روسيا «خطر» وقيد المتابعة «لتبيان ما سيكون أثره على النزاع» في أوكرانيا.
وحذر المستشار النمسوي كارل نيهامر من مخاطر «الأسلحة البيولوجية، الكيماوية، والنووية» في حال غرقت روسيا في فوضى شاملة.
وأكد وزير الخارجية السويدي توبياس بيلستروم أن «الحكومة تتابع عن كثب الوضع في روسيا. الوضع خطر».
وأعلنت وزيرة الخارجية النرويجية أنيكن هويتفيلدت أن بلادها تتابع «عن قرب الوضع الدراماتيكي في روسيا وهي على تواصل وثيق مع السفارة في موسكو».
ونصحت الخارجية رعاياها بعدم السفر إلى روسيا، كما فعلت بلغاريا.
ودعت الخارجية الدنماركية رعاياها في روسيا الى «البقاء في الداخل (منازلهم)، الصبر، والاطلاع على ما يجري» من وسائل الإعلام الروسية.
بدوره، صرح وزير الخارجية الإستوني، مارجوس تساكنا: «نحن نراقب الوضع في روسيا عن كثب ونحن على اتصال وثيق مع حلفائنا»، كما حث المواطنين على تجنب السفر إلى روسيا.
وتعليقا على التطورات في روسيا أيضا، قال وزير الخارجية الليتواني، غابريليوس لاندسبيرغيس، على تويتر: «نحن لسنا مشتتين. نرى بوضوح الفوضى. إن الهدف، كما كان دائمًا، هو النصر والعدالة لأوكرانيا. حان الوقت الآن».
وقالت وزيرة الخارجية الألمانية ، أنالينا بيربوك، على تويتر، إننا نراقب التطورات منذ مساء الجمعة، ونحن على اتصال وثيق بشركائنا الدوليين.
وأضافت: «يجب على المواطنين الألمان في روسيا أن يلتزموا بالتأكيد بتعليمات السفر والسلامة».
أما الرئاسة الفرنسية، فقد علقت على الأمر، وقالت لقناة TF1 العامة: «يتابع الرئيس إيمانويل ماكرون الموقف عن كثب بينما نواصل التركيز على دعم أوكرانيا».
إلى ذلك، اعتبر الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، أن تمرّد مجموعة فاغنر دليل على ضعف روسيا وعدم الاستقرار السياسي فيها.
وكتب على وسائل التواصل: «ضعف روسيا واضح. ضعف واسع النطاق. وكلما أبقت روسيا قواتها ومرتزقتها على أرضنا، واجهت مزيدا من الفوضى والألم والمشكلات لاحقا». واعتبر أن روسيا «اختارت الدعاية لإخفاء ضعفها وحماقة حكومتها، والآن بلغت الفوضى حدا لم يعد بإمكان أحد الكذب بشأنها».
من جهتها رأت نائبة وزير الدفاع غانا ماليار أن التمرد «فرصة» لبلادها.
وكتبت عبر «تليغرام»: «يقاتلوننا لكنهم يدمرون أنفسهم. ما معنى ذلك بالنسبة لنا؟ فرصة»، مؤكدة أن أوكرانيا تواصل عملها حتى تحقيق «النصر».
من جانبه، دعا الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في اتصال مع نظيره فلاديمير بوتين، السبت، إلى تحكيم المنطق في روسيا، مبديا استعداده للعمل على إيجاد «حل سلمي» للأزمة.
وأورد بيان للرئاسة التركية أن أردوغان «شدد على أهمية التصرف من خلال تحكيم المنطق»، وأنه «قال إننا، في تركيا، على استعداد لتأدية دورنا لإيجاد حلّ سلمي للأحداث في روسيا في أسرع وقت».
وأكد في بيان أن بوتين أطلع أردوغان على «الوضع في البلاد المرتبط بمحاولة التمرد المسلّح»، مشيرا إلى أن الرئيس التركي الذي واجه محاولة انقلاب عام 2016، أعرب عن «دعمه الكامل لكل الإجراءات المتخذة» من نظيره.
(وكالات)

 


بتاريخ : 26/06/2023