قررت وزارة الصحة والحماية الاجتماعية انتداب لجان لدعم المستشفيات العمومية تقنيا وإداريا ومواكبة تدخلات أطرها لتجويد الخدمات الصحية المقدمة للمرضى، وهي الخطوة التي جاءت على إثر اندلاع شرارة الاحتجاج ضد المرفق الصحي العمومي، التي انطلقت في أكادير بتنظيم وقفتين احتجاجيتين أمام مستشفى الحسن الثاني، والتي رافقتها احتجاجات «افتراضية» على مواقع التواصل الاجتماعي وأخرى ميدانية في مناطق مختلفة، حيث عمل العديد من المحتجين على نقل معاناتهم وكشف الاختلالات التي تعرفها مجموعة من المؤسسات الصحية، حسب تصريحاتهم والشعارات التي رفعوها.
وإذا كانت وزارة الصحة والحماية الاجتماعية قد واجهت هذا «الغضب الشعبي» من المستشفيات العمومية باتخاذ هذا القرار إلى جانب القيام بإعفاء عدد من المسؤولين، فإن مسؤوليتها تبقى واضحة بشكل كبير في واقع حال عدد من هاته المؤسسات، المفتقدة للحكامة الجيدة في التدبير، إما لخصاص متعدد الأبعاد أو لتقصير وإهمال وأشياء أخرى، وهو ما يجعل المتتبعين يطرحون علامات استفهام بخصوص دوافع «تعطيل» القانون 08.22 وعدم تعميم تنزيل المجموعات الصحية الترابية، التي لا تزال حبرا على ورق، باستثناء الجهة «النموذج» بطنجة تطوان الحسيمة، التي تم تعيين المسؤول الأول عنها في وقت سابق، والتي من المنتظر أن تشرع عمليا في أداء مهمتها مطلع الشهر المقبل، حيث تم تقسيم ترابها إلى «فضاءات» تتصدر قائمتها تطوان، بالرغم من الإشكالات الكثيرة التي تتخبط فيها، إذ عرفت هاته الخطوة عدة انتقادات تتعلق بالخصاص في الموارد البشرية، وطبيعة الأداء، وإشكالية المردودية، فضلا عن إقصاء بعض الفئات المهنية التي من المفروض أن تكون شريكا أساسيا في التدبير.
ويرى عدد من الفاعلين الصحيين بأن تدارك هذا التأخير والقيام بالتنزيل السليم للمجموعات الصحية الترابية مع توفير كل إمكانيات العمل لها، من شأنه أن يقلّص من هامش الخلل، وأن يساعد على استرجاع المستشفيات العمومية للحكامة المفتقدة، بضبط مسالك العلاج، من خلال المهام والوظائف، انطلاقا من المراكز الصحية وصولا إلى المستشفيات الجامعية، مرورا بالمؤسسات الاستشفائية الإقليمية والجهوية، خاصة وأن من بين هاته المستشفيات من يتوفر على مركبات جراحية لكنها مشلولة أو أن مردوديتها جدّ ضعيفة، لافتقادها إما للأطباء الأخصائيين أو لضعف عدد الأطقم الصحية بشكل عام، في الوقت الذي تتم فيه إحالة المرضى على المستشفى الجامعي الذي من المفروض أن يقدم خدّمات صحية من المستوى الثالث.
ويؤكد عدد من المهتمين بالشأن الصحي على أن هذا القطاع لا يمكن أن يسير بقدم واحدة، لكنه يجب أن يظل قاطرة الصحة في بلادنا، وهو ما يستدعي تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص، التي يجب أن تكون الواضحة وعلى أسس عقلانية، أخذا بعين الاعتبار أن هذا الأخير يستقطب أكثر من 80 في المئة من المؤمّنين، حسب التصريحات الرسمية، وأن يتم العمل على تدارك الهفوات التي تفرمل عجلة الصحة، إذ من غير المقبل أن يتم تشييد كلية للطب والصيدلة بأكادير في 2016 بينما المستشفى الجامعي وإلى غاية اليوم لم يفتتح أبوابه، وبالتالي وجب تسريع آليات خلق التوازن بين التكوين والممارسة، وإشراك الفرقاء الاجتماعيين في كل خطة تمكّن من تطوير هذا القطاع والرفع من جاذبيته ومردوديته.
الجاهزية والقدرة على مواجهة التحديات تطرحان علامات استفهام كبيرة .. هل تسرّع احتجاجات المستشفيات تنزيل المجموعات الصحية الترابية؟

الكاتب : وحيد مبارك
بتاريخ : 23/09/2025