الدكتور زهير الرازي لـ « الاتحاد الاشتراكي» : الجهاز الهضمي من أكثر المناطق المهددة بالسرطان

 

يعد الجهاز الهضمي جهازا مهما وحيويا نظرا للوظائف الديناميكية والدقيقة التي يؤديها داخل جسم الإنسان، ويمتد من الفم لينتهي عند فتحة الشرج، فهو المسؤول عن استقبال الأطعمة عبر عملية الهضم التي تفكك العناصر المغذية وتمتصها وتنقلها إلى المجرى الدموي، كما يقوم بالتخلص من كل الفضلات والسموم خارج الجسم.
ولكي نتعرف أكثر على هذا الجهاز الحيوي وعن أبرز أنواع السرطانات الشائعة التي قد تصيبه، حاورنا في جريدة الاتحاد الاشتراكي الدكتور زهير الرازي، وهو طبيب متخصص في أمراض الجهاز الهضمي والكبد، لكي يقربنا أكثر من الأخطار المحدقة بجهازنا الهضمي، وقد اعتبره الدكتور زهير الرازي الجهاز الحيوي الوحيد المسؤول عن هضم الأغذية، حيث يحول جزيئات الغذاء المعقدة والكبيرة إلى جزيئات صغيرة قابلة للامتصاص، ويتألف الجهاز الهضمي من مجموعة من الأعضاء التي تقع في القناة الهضمية، وهي أعضاء متصلة ببعضها البعض مشكلة أنبوبا ملتويا يمتد من الفم لينتهي عند فتحة الشرج.
في السياق ذاته، يؤكد الدكتور زهير الرازي أن الجهاز الهضمي من أكثر المناطق المهددة بالسرطان بعد التغيرات الخبيثة التي قد تصيب الأعضاء المكونة للجهاز الهضمي، وتتضمن المريء، المعدة، الأمعاء الدقيقة، الأمعاء الغليظة، الشرج، ويتم تشخيص المرض من خلال تقنية الفحص بالمنظار التي يقوم بها أخصائي الجهاز الهضمي في عيادته الطبية أو في مصحة إذا احتاج المريض للتخدير.
1. سرطان المريء.. الأعراض وسبل العلاج:
يمكن للسرطان أن يلمس كل أعضاء الجهاز الهضمي لا قدر الله، بدءا من المريء، حيث يقول د. الرازي بأن أغلب حالات السرطان التي تصيب هذا العضو يتم القيام فيها بأخذ الخزعة الأولى عبر الفحص المنظري الذي يقوم به الطبيب المتخصص في عيادته، حيث تمكن هذه الخزعة من تحديد نوع السرطان بعد التحليل المخبري الذي تخضع له العينة في ما بعد.
ومن أعراض سرطان المريء الشائعة حسب د. الرازي نجد صعوبة البلع، ويصاحب ذلك صعوبة بلع كل أنواع اللحوم والخضروات بخلاف السوائل التي تمر عبر المريء بكل سهولة خاصة أن الورم لا يغطي كل مجال مرور الطعام، ومع مرور الوقت دون علاج أو تدخل طبي يصل المريض إلى مرحلة صعوبة البلع الشامل وهي حالة متقدمة في سرطان المريء بحيث يصاحب كل ذلك مجموعة من الأعراض: كالقيء أو وجود دم فيه، إضافة إلى الآلام الشديدة في العضو نفسه وفقدان الوزن بشكل سريع، ويمكن تصنيفها بأنها أعراض متقدمة للمرض.
أما بخصوص مسببات هذا المرض، فترتفع احتمالية الإصابة به حسب د. الرازي دائما، بعد بلوغ الستين من العمر، إضافة إلى عاملي: التدخين واستهلاك الكحوليات بشكل مفرط، ما يزيد من فرص الإصابة بهذا المرض اللعين بعشر مرات مقارنة مع الآخرين الذين لا يستهلكون هذه المواد، إضافة إلى الإصابة بأمراض مزمنة قد تتسبب في هذا النوع من السرطان، كمرض الارتجاج المعدي وهو عبارة عن سائل معدي يسبب التهابا مزمنا للمريء وينتج عنه خلل في نسيج العضو ذاته، ويتحول إلى سرطان إذا لم يتم معالجته وأخذ البروتوكول العلاجي الخاص به، أيضا نجد أن السمنة من أبرز مسببات الإصابة بأمراض السرطان عموما، كذلك يضيف د. الرازي بأن التعرض للعلاجات الإشعاعية التي يخضع لها مرضى السرطانات المختلفة قد تكون لها تبعات في ما بعد، كما أن استهلاك الأطعمة التي تحتوي على نسب عالية من المواد الحافظة تزيد بدورها من فرص الإصابة بسرطان المريء وكل أنواع السرطان، وكملاحظة دقيقة يقدمها د. الرازي فإن هذا النوع من السرطان يصيب الرجال أكثر من النساء، إضافة إلى العامل الوراثي الحاسم كذلك في تنامي فرص الإصابة بالمرض وبكل الأمراض المزمنة… ويبقى التشخيص السريري كشكل من أشكال الوقاية والعلاج المبكر هو الحل الوحيد لاكتشاف المرض في بدايته ما يضاعف فرص النجاة منه في المستقبل. لهذا، وجب على كل من يعاني من الأعراض السابقة أن يراجع الطبيب الاختصاصي في الجهاز الهضمي بشكل فوري ودون تأخير.
2. سرطان المعدة.. الأعراض وسبل العلاج:
قد يصيب سرطان المعدة حسب د. الرازي دائما، أي جزء من المعدة، وقد يمتد إلى خارجها (المريء والأمعاء الدقيقة) ويعتبر د. الرازي أن هذا النوع من السرطان أكثر شيوعا عند الرجال بحكم استهلاكهم أكثر للتدخين والكحول، إضافة إلى الالتهابات المزمنة التي قد تصيب المعدة وقد تتحول في ما بعد، لا قدر الله، إلى أورام خبيثة إذا لم يتم مراجعة الطبيب وعلاجها في البداية كالإصابة بقرحة المعدة، التي قد تتحول إلى سرطان المعدة في ما بعد، ومن بين الأعراض اللاحقة بهذا النوع من المرض نجد الآلام الشديدة على مستوى البطن، فقدان الشهية، إضافة إلى القيء الذي يحتوي على الدم أو محلول أسود، ولون براز يكاد يكون أسودا، وكذا فقدان الوزن واصفرار الجلد وبياض العين، وأيضا فقر الدم الحاد وعسر البلع لأن المعدة تعجز عن أداء مهامها الوظيفية نظرا لصعوبة ولوج الأطعمة من المعدة إلى المعي الدقيق.
ويكتشف سرطان المعدة دائما حسب د. الرازي، عبر تقنية الفحص بالمنظار كذلك، التي يعتبرها د. الرازي الأداة الذهبية في تشخيص جميع أمراض الجهاز الهضمي بدقة وبسرعة، ويتم أخذ الخزعة من المعدة التي تخضع بدورها للتشريح المجهري الذي يقوم بتصنيف هذا المرض، إضافة إلى التصوير التشخيصي scanner الذي يكشف عن مدى محدودية المرض أو انتشاره خارج العضو المصاب، ما يحدد مساره العلاجي بين الجراحة إذا كان مقتصرا على المعدة فقط، أو العلاج الكيميائي والإشعاعي إذا تفاقمت الحالة.
وفي حالة صعوبة البلع يتم اعتماد تقنية القالب، والتي تخلق ممرا حسب د. الرازي، لمرور الطعام إلى الأمعاء، وهي عبارة عن علاج تكميلي في مسار الاستشفاء، إضافة إلى جرثومة المعدة التي تبث علميا أن لها دورا حاسما في الإصابة بسرطان المعدة، لهذا فمن الضروري تشخيص وجود هذه الجرثومة وأخذ البروتوكول العلاجي الخاص بها ومتابعة الطبيب الاختصاصي بشكل دوري للتأكد من العلاج النهائي منها.
3. سرطان المعي الدقيق/ الغليض.. الأعراض وسبل العلاج:
رغم اختلاف أعراض هذا النوع من المرض نجد دائما أن الآلام الشديدة تتركز في جانب ما من البطن أو أحيانا وسط البطن أو في السرة، وقد يكون مصحوبا بإمساك شديد، إضافة إلى إفرازات من الدم التي تؤكد أن المرض يكون قريبا من المخرج، كذلك نجد بعض الحالات التي تعاني من الإسهال الحاد، إضافة إلى فقدان الوزن وفقر الدم الحاد وفقدان الشهية، ويتم فحص المعي الغليض بواسطة المنظار كذلك، والذي يتحدد عبره في ما بعد، نوع السرطان وتحديد الطريقة العلاجية المناسبة له.
ويضيف د. الرازي بأن سرطانات الجهاز الهضمي يمكن تفاديها والعلاج منها بالكشف المبكر مشددا على أن المراقبة الطبية المستمرة خير سبيل للوقاية منها خاصة لدى كل من لديه صلة قرابة عائلية بمريض سابق مصاب بالسرطان.
ويختتم د. الرازي بأن المنظمة العالمية لاختصاصيي أمراض الجهاز الهضمي تؤكد أنه بعد بلوغ سن 45 سنة بالنسبة للرجال أكثر، يجب القيام بإجراء تقنية الفحص بالمنظار على مستوى الفم أو المخرج خاصة أن أغلب حالات سرطان المستقيم تزيد فرص الإصابة بها بعد سن 45 سنة، حتى ولو لم تكن هناك أي أعراض لابد من إجراء الفحص بالمنظار كآلية من آليات الحماية والوقاية والمراقبة الطبية الآمنة التي تمنحنا فرصا كبيرة في النجاة والحياة معا.

الدكتور زهير الرازي، طبيب متخصص في أمراض الجهاز الهضمي


الكاتب : حاورته: إيمان الرازي

  

بتاريخ : 05/08/2022