كتاب «حياكة (خياطة) الزمن السياسي في المغرب: خيال الدولة في العصر النيوليبرالي..» للباحث والجامعي محمد الطوزي كتاب رفيع وتوثيقي وجد جريء في تقديم أطروحته العميقة حول الدولة المغربية. وهو عمل طويل النفس تطلب من الباحث والمفكر محمد الطوزي ورفيقته في العلم والتنقيب التاريخي بياتريس هيبو، ثلاثين سنة من العمل تخلله البحث الميداني والحوارات والقراءات في الوثائق والاحداث إلخ… ونزعم أن في الكتاب أطروحة متكاملة وبنيوية لتاريخ الدولة فيها عناصر لم يسبقه إليها أحد، حسب ما اطلعنا عليه من مقاربات بشكل متواضع طبعا وطبعا.
إن التحكم في الزمن، كما نرى مسألة ملتبسة، اذ أن السلطان سيد الزمن ولا شك، ولكنه في الوقت ذاته عبدٌ للزمن الديني. وهذا الأخير يخضع لتقنين دقيق إلى درجة أن السلطان لا يمكنه أن يفوت صلاة العيد، في حين يمكنه أن يلغي سفرا الى الخارج أو اتخاذ قرار بعمل ما أو تأجيل آخر في آخر لحظة ، أي يمكنه، تعليق الزمن.. لمدة كافية لكي تصير الشروط أفضل لإصدار التعيينات أو الإخضاع أو العقاب. والعبودية للزمن الديني لم تختف كما تبرز ذلك ذلك إجبارية عودة محمد السادس إلى البلاد في وقت رمضان أو الأعياد الدينية. كما أن الطابع التعسفي التحكمي للسلطان ليس مطلقا، بحيث أن هناك معايير ونقط ارتكاز تتيح لمحيطه معرفة ما سيقوم به ومتى، كما أن الطابع التعسفي هذا يتأثر سلبا بتعدد الأزمنة، ولاسيما تراكب التعددية الزمنية، الزمن الديني والفلاحي والقمري مع أزمنة المخزن…
بيد أن تعددية الزمن هاته، تتيح للسلطان اللعب بهذه الأزمنة.
هذه الفنون (الهندسات) ستوضع على المحك، بحيث أن سلطات الحماية ستتلاءم معها، بل ستقوم بإعادة ابتكارها ووضع فنون (هندسات) عليها في الوقت ذاته… وهي هندسات وفنون حكم خاصة بتصورات الاستعمار ..، وهي عملية غالبا ما يتم تحليلها باعتبارها بداية لثنائية قد تكونُ تُميزُ المغرب حاليا..