الدولة تعيد ترتيب محفظتها العمومية وتبسط رقابتها المالية على 760 مؤسسة وشركة تابعة لها

البرلمان يصادق على قانون إطار يعيد النظر
في هيكلتها و حكامتها ومراقبتها المالية

 

هل انتهى زمن الفوضى في تدبير المؤسسات والشركات العمومية التي أصبح بعضها يسير كجزر معزولة عن الرقابة الحكومية؟ وهل تستعيد الدولة سلطتها الرقابية الكاملة على شبكة عنكبوتية تتكون من 225 مؤسسة عمومية و43 مقاولة عمومية و492 شركة تابعة أو ذات مساهمة عمومية، تتحكم جميعها في ميزانية استثمارية ضخمة ناهزت 82 مليار درهم هذا العام؟
ذلك ما يجيب عنه مشروع القانون-الإطار رقم 50.21 المتعلق بإصلاح المؤسسات والمقاولات العمومية الذي أطلقته الحكومة بتوجيهات ملكية سامية وصادق عليه مجلس النواب أول أمس الخميس.
إعادة هيكلة المؤسسات والمقاولات العمومية، وتحسين حكامتها، وتشديد المراقبة على ماليتها بالصرامة اللازمة.. تلك هي الأهداف الرئيسية التي جاء من أجلها هذا القانون الذي خضع لمساهمات وتعديلات البرلمان ونوقش مع العديد من الهيآت الوطنية وكذا مع العديد من الأطراف المعنية، خصوصا توصيات اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي وخلاصات التقرير الصادر عن المجلس الأعلى للحسابات سنة 2016 وتوصيات المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي. والتي أكدت على أن تدبير القطاع العام لا بد وأن يعتمد على مؤسسات ومقاولات عمومية تتمتع بالاستقلالية في اتخاذ القرار موازاة مع وضع إطار يضمن الانسجام والانخراط في سياسات الدولة ويضمن ربط المسؤولية بالمحاسبة.
وحسب وزير الاقتصاد والمالية الذي قدم عرضا أمام البرلمان فإن الإصلاح يتوخى عموما توطيد الدور الاستراتيجي لقطاع المؤسسات والمقاولات العمومية في التنمية الاقتصادية والاجتماعية ليساهم في تسريع التحول الهيكلي وتعزيز خطة إنعاش الاقتصاد الوطني. ويهدف هذا الإصلاح في الرفع من الفعالية والكفاءة الاقتصادية والاجتماعية للمؤسسات والمقاولات العمومية من خلال معالجة الاختلالات الهيكلية التي تعيق تطورها وتحقيق أكبر قدر من الانسجام والتكامل بينها وتعزيز الشراكات مع القطاع الخاص وباقي مكونات المجتمع. ويحدد مشروع هذا القانون-الإطار الأهداف الأساسية التي يجب تحقيقها وكذا المبادئ المؤطرة لهذا الإصلاح ومنها، على وجه الخصوص، استمرارية المرفق العام وقابليته للتغيير والملاءمة، والشفافية والمنافسة الحرة، والمحافظة على الحقوق المكتسبة والربط بين المسؤولية والمحاسبة، والتخصيص الأمثل للموارد العامة بالإضافة الى إشراك مختلف الأطراف المعنية.
وبناء على هذا القانون ستتم إعادة هيكلة المؤسسات والمقاولات العمومية، من أجل عقلنة المحفظة العمومية وإحداث هيئات قوية ذات بنية مالية مستدامة وكذا ترشيد الموارد المالية للدولة والاستفادة من اندماج الفاعلين العموميين. كما أنه من الضروري إدخال مرونة تسمح باختيار نوع عملية إعادة الهيكلة الأكثر ملاءمة، دون إغفال إمكانية نقل المقاولات العمومية إلى القطاع الخاص إذا ثبت أن ذلك أفضل للاقتصاد الوطني.
ولتحسين حكامة المؤسسات والمقاولات العمومية سيتم الاعتماد على تعميم آلية التعاقد كوسيلة لترسيخ حسن الأداء وثقافة التدبير القائم على النتائج. وقد تم تكريس التعاقد متعدد السنوات في جميع العلاقات سواء بين الدولة والمؤسسات والمقاولات العمومية أو داخل هذه الهيئات أو مع مسؤوليها. وكما تعلمون، فإن آلية التعاقد أبانت عن نجاعتها في قيادة وتنفيذ وتتبع وتقييم العديد من الأوراش الكبرى أو عمليات إعادة الهيكلة المتعلقة بأهم المؤسسات والمقاولات العمومية في قطاعات متعددة كالطرق السيارة والسكك الحديدية والطاقة والنقل الجوي. كما سيم في نفس الاتجاه ضبط عملية إحداث المؤسسات والمقاولات العمومية عن طريق وضع معايير صارمة وإرساء قواعد واضحة لهذا الغرض.
وعلى مستوى المراقبة ستخضع مهام وأنشطة المؤسسات والمقاولات العمومية للتقييم الدوري الذي يعتبر آلية مهمة في عقلنة المحفظة العمومية، حيث يمكن هذا التقييم من إعادة النظر في مهام بعض المؤسسات العمومية أو أنشطة بعض المقاولات العمومية أو في نمط حكامتها أو تموقعها أو إعادة هيكلتها على أساس التوصيات الصادرة والتي قد تصل، في بعض الحالات، إلى حل بعض المؤسسات العمومية أو المقاولات العمومية وتصفيتها. كما ستعمل الحكومة وفق هذا القانون على تحديث المراقبة المالية للدولة، حيث سيتم إرساء منظومة جديدة للمراقبة المالية للدولة تتوخى الفعالية والتركيز على حسن أداء المؤسسات والمقاولات العمومية واستباق ومعالجة مخاطرها وتدعيم استقلاليتها على مستوى التسيير، موازاة مع تكريس الربط بين المسؤولية والمحاسبة.
وتشكل الوكالة الوطنية المكلفة بالتدبير الاستراتيجي لمساهمات الدولة ومواكبة أداء المؤسسات والمقاولات العمومية الفاعل المحوري لإصلاح القطاع العام. وقد تمت المصادقة على مشروع القانون المتعلق بإحداثها خلال المجلس الحكومي هذا الصباح والتي تم الإعلان عن خطوطها العريضة في خطاب العرش المجيد بتاريخ 29 يوليوز 2020.
وقد وعدت الحكومة بتنزيل هذا القانون-الإطار من خلال نصوص تشريعية وتنظيمية خاصة تمكن من تنفيذه تدريجيا، وذلك عبرمحطات قادمة للتشاور المكثف مع البرلمان من أجل تنزيل وتفعيل الإصلاح خاصة عبر النصوص التشريعية والتنظيمية المذكورة التي يجب وضعها في هذا الإطار. كما ستكون لنا فرصة أخرى للتشاور والاطلاع على المراحل المنجزة بخصوص هذا الموضوع المفصلي والاستراتيجي بمناسبة دراسة مشاريع قوانين المالية السنوية.


الكاتب : عماد عادل

  

بتاريخ : 10/07/2021

أخبار مرتبطة

كشف مرصد العمل الحكومي عن فشل الحكومة في محاربة الفساد والاحتكار، وعدم العمل على الحد من تداعيات الأزمة الاقتصادية على

  تحت شعار «بالعلم والمعرفة نبني الوطن»، تم زوال يوم الاثنين 22 أبريل 2024 ، افتتاح أشغال المؤتمر 21  ل»اتحاد المعلمين

يعود ملف ممتلكات الدارالبيضاء ليطفو من جديد على سطح الأحداث، خاصة وأن المدينة تتهيأ لاستقبال حدثين مهمين على المستوى القاري

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *