على دور النشر إصدار عناوين معينة في نسخ للجيب
مع حلول فصل الصيف، تنتعش المبادرات الرامية إلى النهوض بالقراءة عبر العالم، سيما في صفوف الناشئة، تماما مثلما يشيع تبادل قوائم الكتب التي تحبذ قراءتها خلال هذه الفترة من السنة ضمن ما يسمى «قراءات الصيف».
في هذا الحوار، يجيب الكاتب والأديب المغربي عبد المجيد سباطة عن خمسة أسئلة لوكالة المغرب العربي للأنباء عن خصوصية قراءات الصيف، ومدى شيوع هذا التقليد بالمغرب، وكذا عن مقترحاته للنهوض بفعل القراءة في صفوف الناشئة خلال هذه الفترة التي تصادف العطلة السنوية.
دأب العديد من الأدباء وكبريات المجلات والملاحق الثقافية للصحف عبر العالم على اقتراح قوائم كتب ضمن ما يسمى «قراءات الصيف» عند حلول هذا الفصل. ما مدى شيوع هذا التقليد في المغرب؟
الواقع أن فكرة ربط القراءة بالصيف قديمة جدا، وفيما يتعلق بالسياق العربي، قرأت مؤخرا في مقال نشر على صفحات جريدة عربية، أن عباس محمود العقاد تحدث عن قراءات الصيف في مقال كتبه قبل سبعين سنة، لكن هذا «التقليد» انتشر في السنوات الأخيرة، عبر الصفحات الثقافية أو المجلات المتخصصة في العالم الغربي، حيث تقدم قوائم خاصة بالقراءات المناسبة لفصل الصيف، وتتضمن في مجملها روايات «خفيفة» إما رومانسية أو تشويقية بوليسية، وهي ممارسة تسويقية تلاقي نجاحا منقطع النظير في دول تعتبر أن القراءة فعل لا غنى عنه، صيفا أو شتاء.
أعتقد أن بعض الصحف الوطنية كانت سباقة لإعداد صفحات بعنوان «قراءات الصيف» أو «فسحة الصيف»، تستعرض من خلالها بعض المناسبة لهذا الفصل، وإن كنت أعتقد أن وسائل التواصل الاجتماعي قد استلمت زمام الأمور حاليا، فتعددت القوائم السنوية أو الشهرية لعدد كبير من القراء، فتضاعف الإقبال على بعض العناوين، وتسابق الجميع على «استعراض» المقروئية، ورغم بعض الانتقادات، إلا أن فعل القراءة بحد ذاته لا يمكن إلا أن يحظى بالتشجيع والاحتفاء.
يترادف فصل الصيف مع ارتفاع في درجات الحرارة والعطل التي تخصص عادة للسفر والاستجمام، هل يمكن في نظرك الجمع بين الثنائي «القراءة» و»الصيف»؟
لا أرى أي تعارض بين ارتفاع درجة الحرارة والإقبال على القراءة، ففعل القراءة لمن انغمس فيه يبقى يوميا، ولا علاقة له بتغير الفصول، ربما فقط تتغير نوعية المقروء حسب مزاج كل قراء، أضف إلى ذلك أن العطل الصيفية المرتبطة بالتنقل المستمر نحو وجهات أخرى يفرض اختيار نسخ جيب مناسبة، وهو ما تفطنت إليه بعض دور النشر الغربية، فزامنت إصدار عناوين معينة في نسخ الجيب مع دخول فصل الصيف بالتحديد، ليكون التخطيط بذلك تجاريا ومرتبطا بواقع ومتطلبات السوق.
ما هي طبيعة الكتب التي ترى أنها تلائم أجواء الصيف وتوفر قراءة ممتعة ومفيدة؟
كما أسلفت، لا أجد فرقا في المطالعة بين الصيف والشتاء، مع بعض الاستثناءات في اختيار العناوين، ما يجعلني أتجنب كتبا بعينها خلال فصل الصيف. ارتبطت قراءة الأعمال الطويلة في مخيلتي مثلا بالمقعد الوثير أو الفراش المريح تحت جبال من الأغطية اتقاء للبرد، كما لا أتصور قدرتي أيضا على قراءة أعمال دوستويفسكي خلال فصل الصيف، كما سأعجز عن الصعود إلى قمة جبل توماس مان السحري صيفا، لكن هذا اختيار أو مزاج شخصي لا علاقة للعبقريين الروسي والألماني به، كما تدفعني أحيانا رغبة خفية في تأجيل قراءة بعض الأعمال اللاتينية، لماريو بارغاس يوسا أو غابرييل غارسيا ماركيز، أو حتى خوليو كورثاسار، وغيرهم من رواد جيل البوم اللاتيني إلى الصيف، وقد تكون لأجواء أعمالهم الساحرة علاقة ما بذلك.
ما هي مقترحاتكم لإشاعة تقليد «قراءات الصيف» سيما في صفوف الطلبة والتلاميذ؟
أعتقد أن تشجيع الطلبة والتلاميذ على القراءة مرتبط بالسنة كاملة، وليس فقط فصل الصيف، ولكن هذا لا يمنع من تخصيص مبادرات للعطلة، تتضمن ورشات للقراءة، فردية كانت أو جماعية، سواء كان ذلك حضوريا، كما دأبت على ذلك بعض الجمعيات المهتمة بفعل القراءة، أو افتراضيا، بمبادرات محمودة من بعض المهتمين بنشر ثقافة المطالعة، مثل مبادرة «الرواية المسافرة»، التي تختار شهريا رواية للقراءة، ثم تستضيف كاتبها في نقاش افتراضي غني ومثمر، كما تحيي المراسلة الكلاسيكية، التي تهدف إلى تناقل نسخة واحدة من كتاب معين بين قراء من مختلف المدن والمناطق المغربية، خاصة تلك التي يتعذر وجود مكتبات فيها.
كما أذكر في سنوات مراهقتي أن مبادرة من وزارة الثقافة والشباب قد وفرت خياما لروايات الجيب في الشواطئ، وأظنها لقيت استحسانا في حينه، وربما تكررت في ما بعد بصيغ مختلفة.