“واش الساعة الجديدة ولا القديمة”، تعود هذه الجملة الشهيرة لتطغى على النقاش بين المواطنين كل عام مباشرة بعد شهر رمضان، بسبب اعتماد التوقيت الصيفي (GMT+1) من جديد، وهو الذي بات يشمل كل أشهر السنة، باستثناء شهر الصيام، حيث تم الإعلان رسميا عن إضافة 60 دقيقة إلى الساعة القانونية للمملكة المغربية عند حلول الساعة الثانية صباحا من الأحد 6 أبريل 2025.
عودة العمل بالساعة الإضافية يثير جدلا كبيرا بين المواطنين، ما بين مؤيد ومعارض، علما بأن الفئة المعارضة هي التي تحضر آرائها بقوة في مختلف التصريحات وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، التي تجعل منها هذه الفئة فضاء للتنديد وللتعبير عن قلقها الكبير من هذا التغيير.
جدل مستمر
يرى المؤيدون أن اعتماد التوقيت الصيفي يساعد على تقليص استهلاك الطاقة ويمنح فرصة أكبر للاستفادة من ضوء النهار، كما أنه يتماشى مع التوقيت المعتمد في العديد من الدول الأوروبية، مما يسهل التعاملات الاقتصادية.
في المقابل، يعارض الكثيرون هذا التغيير، معتبرين أن العودة إلى GMT+1 تؤثر على الساعة البيولوجية، مما يسبب الإرهاق، ويؤثر سلبا على الصحة والإنتاجية، خاصة لدى التلاميذ والعمال الذين يضطرون للاستيقاظ مبكرا في ظلام الفجر، وتتم الاستعانة بالإنارة وهو ما يكذب الإدعاء الأول، مبرزين كيف أن فترة رمضان تكشف وبشكل واضح أن التوقيت العادي أكثر راحة ويناسب نمط الحياة المغربي بشكل أفضل.
تكيّف صعب
مع العودة إلى التوقيت الصيفي، سيتعين على المغاربة التأقلم مع هذا الوضع مجددا، وهو أمر صعب بالنسبة للبعض، خاصة خلال الأيام الأولى. ومن المتوقع أن تشهد مواقع التواصل الاجتماعي موجة انتقادات كما جرت العادة، مع مطالب بإلغاء الساعة الإضافية نهائيا.
ويرى عدد من المتتبعين بأن الكثير من المواطنون سيعتمدون عددا من الحلول في محاولة منهم للتخفيف من حدة تأثير الساعة الجديدة/القديمة، مثل إعادة ضبط مواعيد النوم تدريجيا قبل التغيير، لتقليل اضطراب الساعة البيولوجية، والتكيف مع أوقات العمل الجديدة من خلال تنظيم الروتين اليومي بشكل أفضل، في حين أن هناك فئة من المواطنين الذين لديهم أعمال حرّة لايغيرون بوصلتهم الزمنية حتى مع تغيير التوقيت، ويحرصون على أن تظل معاملاتهم المختلفة تتم وفقا لزمن “غرينيتش”.
آراء واختلافات
تفاعلا مع هذا الموضوع استقت “الاتحاد الاشتراكي” آراء عدد من المواطنين حول الموضوع، ومن بينها موقف عبد الله، وهو موظف في أحد القطاعات الوزارية، الذي أكد على أنه ضد العودة إلى الساعة الإضافية، موضحا بالقول “خلال رمضان، كنت أشعر براحة كبيرة في التوقيت العادي، وأرى أنه يناسبنا أكثر. العودة إلى التوقيت الصيفي يتسبب لي في اضطراب النوم والإرهاق في الصباح، خصوصا مع بداية اليوم المظلمة”، وأضاف المتحدث قائلا “ربما يكون لها فوائد اقتصادية، لكن ما الفائدة إذا كان المواطن يشعر بالتعب والإرهاق؟ أرى أن راحة الناس يجب أن تكون أولوية”.
من جهتها، شددت فاطمة وهي ربة بيت على أن هذا التغيير في التوقيت يؤثر على أبنائها أكثر من أي شيء آخر، مشيرة إلى أنه “في التوقيت العادي، كانوا يذهبون إلى المدرسة في ظروف مريحة، لكن بعد إضافة الساعة، يخرجون في الظلام ويعانون من النعاس. أنا شخصيا لا أحبذ هذا التغيير وأتمنى أن يبقى التوقيت كما هو في رمضان”. وفي ردّ فاطمة على سؤال الجريدة “هل في نظرك سوف يتأقلم المواطنون مع الرجوع للساعة الجديدة”؟ أجابت قائلة “طبعا سيتأقلمون، لأننا مجبرون على ذلك، لكن هذا لا يعني أن التوقيت مناسب لنا. في كل مرة نعود إلى الساعة الإضافية، يعاني الجميع في الأيام الأولى، وهذا يدل على أن التغيير ليس طبيعيا”.
عكس عبد الله وفاطمة، أبرز يوسف، وهو طالب جامعي، في تصريحه لـ “الاتحاد الاشتراكي” بأنه لا يجد مشكلة كبيرة في التوقيت الصيفي، مضيفا بالقول “بالعكس، أشعر أن النهار يصبح أطول، وهذا يسمح لي بالقيام بأمور كثيرة بعد الدراسة. في البداية يكون التغيير صعبا، لكن بعد أسبوع أو أسبوعين يعتاد الجميع”. وشدد يوسف قائلا “نعم أنا مع إرجاع الساعة لأنها تتماشى مع النظام العالمي وتساعد في تقليل الفارق الزمني مع الدول الأوروبية، وهو أمر مهم للاقتصاد والتجارة”.
تأقلم مع الترقب
هناك اختلاف واضح في وجهات النظر بين من يرفض العودة إلى الساعة الإضافية بسبب تأثيرها على الراحة والصحة، وبين من يرى بأن فيها فوائد اقتصادية وتنظيمية. ويبقى السؤال المطروح هل ستستجيب الحكومة للمطالب المتزايدة بإلغاء هذه الساعة أم أن المغاربة سيستمرون في التكيف معها رغم معاناتهم؟
- صحافية متدربة