أعربت الفنانة المغربية السوبرانو سميرة القادري عن سعادتها بالمشاركة في ملتقى الفجيرة الدولي للعود الذي تنظمه أكاديمية الفنون الجميلة تحت رعاية ولي عهد الفجيرة الشيخ محمد بن حمد الشرقي، من 9 إلى 11 يناير 2024.
وأوضحت، في تصريحات صحافية خاصة، أن حضورها هذه التظاهرة الكبرى يتخذ سمتين اثنتين، أولاهما المشاركة الشرفية بشكل استثنائي في عمل ضخم مفعم بالدهشة والمتعة والانبهار يحمل عنوان “رحلة زرياب”، وتتمثل السمة الثانية في حضور سميرة القادري بصفتها رئيسة لجنة “جائزة زرياب للمهارات” التي يمنحها “المجلس الوطني للموسيقى” في المغرب كل سنة للعازفين المهرة الذين أغنوا الساحة العربية بعطاءاتهم وبتشريفهم في العزف على آلة العود.
وبخصوص أوبريت “رحلة زرياب” قالت الفنانة المغربية إنها رحلة في الذاكرة والتاريخ، حيث يجري استحضار قامة من القامات، يتعلق الأمر بشخصية زرياب التي ألهمت الكثيرين، وليس فقط العرب، فالإسبان لحد الساعة ما زالوا يستحضرونها، لأنه لم يكن يهتم بالجانب الموسيقي فقط، بل كان أيضا رائدا جلب معه مجموعة من التقاليد في أساليب الحياة والحضارة.
وأضافت قائلة “أنا سعيدة اليوم كوني أحظى بهذا الشرف، حيث أؤدي إحدى الشخصيات بالأوبريت، التي هي لبنى القرطبية. ويعيدني هذا العمل إلى المسرح، خاصة وأنني خريجة المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي، ولو أن أعمالي الأوبرالية تحتوي على الأداء هي الأخرى.”
وأوضحت أن هذه الأوبريت عمل ضخم لأكاديمية الفنون الجميلة التي أنجزته بنوع من القلق الواعي في الاشتغال على المسرح بشكل حي، وليس مسجل وبمؤثرات صوتية أو غيرها، خاصة وأن الأكاديمية تضم الموسيقى والمسرح والفنون البصرية.
ولاحظت أننا “افتقدنا هذا النوع من الأعمال الأوبرالية أو “المسرح الغنائي”، من خلال استحضار شخصيات عربية والاشتغال على التراث، حتى لا يبقى الأدب العربي رهين الرفوف والمكتبات، ولكن إعادة الاشتغال عليه بشكل جديد، فمن بين مرامي هذا العمل استحضار زرياب حتى تتعرف عليه الأجيال الجديدة أكثر.”
وتابعت سميرة القادري “حينما خصص الملتقى دورة هذه السنة لزرياب، ففي ذلك اعتراف بالإضافة التي حققها في آلة العود وكذا في “دار المدنيات” بالأندلس، الذي يمكن اعتباره أول معهد موسيقي في إسبانيا، بل في أوربا برمتها، خاصة أنه ضمّ “القيّنات” أو المغنيات اللواتي أفضّل تسميتهنّ بالنساء العالمات، لأنهن وضعن الأسس الأولى لقواعد الموسيقى الأندلسية، بما فيها من موشحات وأدوار، طبعاً جاء علماء آخرون في ما بعد، ولكن بقيت بصمة زرياب في “دار المدنيات” بفضل قيّناته، خالدة إلى اليوم.”
وقالت كذلك “أنا سعيدة جدا بأن أؤدي دور إحدى القينات، وهي لبنى القرطبية، وأشد على أيدي القائمين على الأكاديمية على هذه المبادرة وهذا الوعي الجماعي، إذ جعلونا نحس بانتشاء خاص، ونحن نلتف حول عمل ضخم وعميق، انطلاقا من نص درامي اختزل شخصية زرياب في ثلاث لوحات دراماتورجية توفق بين الأداء التشخيصي والغناء، هو فعلا عمل صعب، لكن ثمة فريق للكتابة المسرحية وآخر للموسيقى، وهناك تنسيق وانسجام بينهما وعمل متواصل منذ حوالي سنتين، علما بأن الفنان الأستاذ علي عبيد الحفيتي، مدير الأكاديمية هو عرّاب هذا الحدث.”
وأفادت أنه بجانب أسماء عربية بارزة في آلة العود، تتمثل المشاركة المغربية في الموسيقار إدريس الملومي فارس العود الذي مثل المغرب في العديد من الحفلات الفنية العالمية، ثم الفنان الشاب يونس فخار الذي سيقدم عملا مميزا يشتغل فيه على الموسيقى الأندلسية المغربية، من خلال توظيف عود الرمل، وهي آلة مغربية تشكل استثناء في العالم العربي.
وأضافت أنه سيجري تكريم شخصية من الشخصيات الفنية البارزة، الراحل حسن ميكري الذي يعد مؤسّس “جائزة زرياب للمهارات” وأيضا مؤسس “المجلس الوطني للموسيقى” التابع لليونسكو. ومن ثم ـ تقول سميرة القادري ـ “أحضر الملتقى كذلك بصفتي رئيسة لهذه الجائزة التي يمنحها المجلس كل سنة ـ ومنذ 25 عاما ـ للعازفين المهرة الذين أغنوا الساحة العربية بعطاءاتهم وبتشريفهم في العزف. وأعطت أمثلة على الفائزين بها بكل من الفنانين ناصر شمة ومارسيل خليفة وفرات قدوري وخوان كرمونة ومصطفى مطر وغيرهم من المبدعين، معلنة أن الجائزة ستمنح هذه السنة للعازف والموسيقى العراقي خالد محمد علي.
وأبدت السوبرانو المغربية ابتهاجها بالالتفاتة التكريمية للموسيقار الراحل الفنان حسن ميكري من خلال حضور نجله نصر ميكري الذي قام مؤخرا بجولة في المسارح المغربية تكريما للتجربة الميكرية. وبالإضافة الى مشاركته الفنية في الملتقى، سيكون له تواصل مفتوح مع شباب أكاديمية الفنون بالفجيرة.
وأشارت إلى أنه في إطار التوأمة بين المجلس الوطني للموسيقى وأكاديمية الفنون بالفجيرة، وفي إطار الشراكة بين الملتقى الدولي للعود في تطوان ونظيره في الفجيرة، سيحضر الفنان الأستاذ عبد السلام الشيكي لتأطير ورشة خاصة بصناعة آلة عود الرمل. ومن ثم يشكل ملتقى الفجيرة الدولي للعود فرصة سانحة لتقديم الفن المغربي لمتلقّين آخرين في دولة الإمارات العربية المتحدة. وكشفت أنها تتوقع للملتقى أفقا كبيرا، لأنه قائم على استراتيجية وخطة عمل ووعي جماعي بأهمية المسرح الحي والموسيقى الحية.