عن دار فضاءات للنشر بعمان الأردن، صدرت طبعة جديدة من كتاب «الشفاهي والكتابي في الشعر العربي المعاصر» للشاعر صلاح بوسريف. وكما يرى بوسريف، في هذا الكتاب الذي كان سابقا على أطروحته «حداثة الكتابة في الشعر العربي المعاصر»، فالشعر، اليوم، شرع في نماذج عربية محددة، في وعي الكتابة، كشرط شعري، في مقابل الشفاهة التي ارتبطت ب»القصيدة»، مفهوما وبناء. فالبنية الأم، في «القصيدة»، كما يرى، هي الصوت، ليس باعتباره دالا من دوال الشعر، بل الدال المهيمن على الشعر، بما فيه من شفاهة وقابلية للإنشاد، ما يجعل «القصيدة»، حتى في أغلب نماذج وأمثلة الشعر المعاصر، منبرية، رغم ما حدث فيها من استبدال لعناصر بأخرى، بنوع من مساومة الماضي، على مستوى الوزن، لاعلى مستوى الإيقاع، الذي لم يرق إلى الوعي الكتابي، وما للصفحة كدال شعري، وليست مجرد حامل، أو أداة، بما فيها من دوال لسانية وغير لسانية، ومن صمت وفراغ ورسم وبياض وحذف وتثيبت، من دور في هذا الوعي، في مقابل استمرار الماضي في الحاضر، في عدم التمييز بين الكتابة والتدوين، تدوين الصوت، بنقله من اللسان إلى الورق.
الأفق الذي هجس به المشروع الشعري لصلاح بوسريف، ملامحة الأولى ظهرت، في ديوانه الأول «فاكهة الليل»، وفي كتابه النظري «مضايق الكتابة، مقدمات لما بعد القصيدة». وكتاب «الشفاهي والكتابي في الشعر العربي المعاصر»، هو حلقة من حلقات هذا المشروع – الأفق، الذي فيه يذهب بوسريف، نحو ما صار يسميه، في سياق حداثة الكتابة، بالشعر الآخر، الذي يكون فيه النص بديل الخطاب الذي هو مفهوم ارتبط بالشفاهة والتلفظ، لا بالكتابة التي هي نسج، كما في مفهوم النص، أوالعمل الشعري، الذي هو بديل القصيدة، بما هي شفاهة وغناء، والعمل باعتباره بناء ملحميا متشابكا ومركبا، فيه تتصادى الأصوات والدوال، وتتداخل الضمائر، في إطار بناء سردي حواري، هو انعكاس لنص يقرأ، لا لنص ينشد، أو يكتب بالوعي المنبري الخطابي.
«الشفاهي والكتابي في الشعر العربي المعاصر» للشاعر صلاح بوسريف في طبعة جديدة
بتاريخ : 31/08/2022