الصحيفة الألمانية «دي فيلت»: تسجيلات صوتية بين «حزب الله» والبوليساريو لزعزعة استقرار الصحراء المغربية

أصبحت ميليشيا البوليساريو أكثر فائدة لطهران منذ أن وقع المغرب على «اتفاقيات إبراهام» للسلام مع إسرائيل، مقابل اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بمغربية الصحراء

خلال محادثة هاتفية، ناقش ممثل حزب الله «المزعوم» ومبعوث البوليساريو إمكانية شن هجمات مشتركة على إسرائيل مع حماس وحزب الله والجزائر وإيران

 

أكدت الصحيفة الألمانية «دي فيلت»، وفق معلومات استقتها من أجهزة سرية، أن هناك عينا متربصة بالصحراء المغربية، حيث تتشكل هناك ميليشيا يتحدث قادتها عبر الهاتف عن خطط مستقبلية ذات صدى في المنطقة.
وكما يتضح من التقارير الواردة من أجهزة الاستخبارات الغربية والمحققين المختصين في تتبع الحسابات المالية، والتي تمكنت «دي فيلت» من استشارتهم (بشكل حصري)، فقد قامت طهران بتوسيع شبكتها الدولية في السنوات الأخيرة. وهكذا، لم تعد إيران تدعم المنظمات الشيعية والسنية فحسب، بل أيضا منظمات أخرى، وفضلا عن الإسلام الأصولي.
ومن بين المنظمات التي تدعمها إيران، حسب ما أكدته “ديفلت”، هناك جبهة البوليساريو، وهي ميليشيا مدعومة من الجزائر، مقرها في مخيمات اللاجئين في “تندوف” في جنوب الجزائر. حيث تعتبر هذه الحركة الانفصالية نفسها الممثل الحقيقي للسكان الأصليين في الصحراء، أو الشريط الصحراوي الذي يمتد على طول ساحل المحيط الأطلسي.
وأضافت الصحيفة الألمانية أن المغرب قطع علاقاته مع إيران في عام 2018، بسبب دعمها لجبهة البوليساريو، حينها قال وزير الخارجية المغربي “ناصر بوريطة” إن “حزب الله أقوى ميليشيا في إيران، فقد أرسلت ممثلين عسكريين إلى جبهة البوليساريو، وزودهتم بالأسلحة ودربهتم على خطط حرب المدن”.
وأضافت أنه “ تم تزويد أعضاء البوليساريو في الصحراء بصواريخ أرض جو وطائرات بدون طيار من قبل طهران، وأقام حزب الله- حليف إيران- معسكرات في الجزائر يدرب فيها مقاتلي البوليساريو”.
وبينما نفى قادة جبهة البوليساريو وحزب الله على حد سواء هذه الاتهامات، ذكر المغرب إن لديه “ملفا موسعا يحتوي على تقارير مفصلة وصور أقمار صناعية لاجتماعات بين ممثلي حزب الله والبوليساريو في الجزائر”، وأيضا “أن إيران ساعدت في ترتيب اجتماعات بين جبهة البوليساريو وحزب الله من خلال سفارتها في الجزائر”، فإن ممثلا عن جبهة البوليساريو ادعى، في العام الماضي، «أن إيران، من خلال الجزائر، تزودهم بطائرات بدون طيار من طراز «كاميكازي» لاستخدامها ضد المغرب»، حسب ما ذكرته الصحيفة الألمانية.
وأفادت “دي فيلت” أن تقارير استخباراتية جديدة، تمكنت من الاطلاع عليها، تؤكد اتهامات المغرب. وهكذا، تحتوي هذه التقارير، على ملفات تسجيلات ونصوص لمحادثات هاتفية بين ممثل البوليساريو وعميل يقدم نفسه على أنه مسؤول عن حزب الله في “كوت ديفوار”. ويتعلق الأمر من جانب البوليساريو بـالمدعو “مصطفى محمد لمين الكتاب”، وهو ضابط اتصال البوليساريو في سوريا ومسؤول عن الشرق الأوسط.

العميل والوسيط يستفسران عن وضع المنطقة!

ففي محادثة مسجلة في 23 أكتوبر، بعد حوالي أسبوعين من الهجوم على إسرائيل، استفسر العميل عن الوضع مع “لمين الكتاب”، حيث أجاب رجل البوليساريو: “الحمد لله. الشباب متفائلون بانتصار المقاومة والإجراءات ضد اليهود لكي نتغلب عليهم في كل مكان”، معقبا: “وكذلك، أرى أن المقاومة تشتعل في كل مكان، فها هي قد اندلعت في غزة، ويمكن أن تندلع في الجولان (…) وفي الجنوب (ربما يقصد لبنان) وفي “مزارع شبعا”، وسوف تندلع أيضا في الصحراء المغربية، وستكون هناك مقاومة موحدة.. الجميع سيطلقون النار (على إسرائيل) كل من مكان مختلف”.
وخلال المحادثة، ناقش ممثل حزب الله “المزعوم” ومبعوث البوليساريو إمكانية شن هجمات مشتركة على إسرائيل مع حماس وحزب الله والجزائر وإيران.
وعرض “لمين الكتاب” دعم جبهة البوليساريو، غير أنه يشير إلى أن مواردها ليست كافية بعد لمهاجمة “السفارة الإسرائيلية” في المغرب، على سبيل المثال. وفي مقابلات أخرى، دعا إلى مزيد من الدعم من لدن حزب الله وإيران.
وفي وقت سابق من هذا العام، كشفت “دي فيلت” عن وجود شبكة حوالة مالية تعمل من إسبانيا ومخيمات تندوف في الجزائر، وتحافظ على اتصالات وثيقة مع البوليساريو وإيران ولبنان وحزب الله. للتذكير، فـ”الحوالة” هي طريقة قديمة لتحويل الأموال دون المرور عبر البنوك القانونية. فعلى سبيل المثال، يدفع الشخص مبلغ X على شكل حوالة مالية في بيروت، ثم يقوم هذا الأخير بإبلاغ التابع له في الجزائر، الذي يدفع المبلغ للمستفيد هناك، دون أن يكون المال قد انتقل.
وتتوازن المخزونات النقدية من “الحوالات” في أوروبا وأفريقيا والشرق الأوسط مع بعضها البعض، أو إذا لزم الأمر، عن طريق تهريب النقود أو المجوهرات أو الساعات الفاخرة..
وهكذا تخفي إيران، مساعداتها المالية لحزب الله وحماس، وربما أيضا لجبهة البوليساريو، بمساعدة شبكات الحوالة الدولية التي يصعب السيطرة على تدفقاتها المالية.

البوليساريو.. بيدق إيران
في الصحراء

لطالما هاجمت إيران، بمساعدة وكلائها في المنطقة، الدول العربية التي- من وجهة نظر الأصوليين- تعتبرها “غربية للغاية” وقريبة من إسرائيل. وقد أصبحت ميليشيا البوليساريو التي تعادي المغرب، أكثر فائدة لطهران منذ أن وقع المغرب على “اتفاقيات إبراهام” للسلام مع إسرائيل، مقابل اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بمغربية الصحراء، وهكذا أصبحت الدولة الواقعة في شمال إفريقيا متربص بها ومحور المحاولات الإيرانية لزعزعة استقرار المنطقة.
وأكدت الصحيفة الألمانية أن جبهة البوليساريو، تسلح نفسها باستمرار في معركتها ضد المغرب. إذ أطلقت قبل أسبوعين من الآن صواريخ على مناطق سكنية في مدينة “السمارة” في الصحراء، مما أدى إلى مقتل رجل وجرح ثلاثة آخرين، وفقا للسلطات المغربية التي تشتبه في أن لجبهة البوليساريو يدا في ذلك.
وقالت “دي فيلت” إن هذا الهجوم تزامن مع شروع حماس بإطلاق صواريخ قصيرة المدى على جنوب إسرائيل، وهي تصل الآن (مقذوفاتها) إلى قلب إسرائيل، كما تمكنت قواتها الخاصة من خداع المخابرات الإسرائيلية.
وذكر مصطفى محمد لمين الكتاب، مبعوث البوليساريو إلى الشرق الأوسط: “أن هذه الحرب، هي حرب جهاد ومقاومة ضد الاحتلال وضد المشروع الصهيوني”، كما يقول في تسجيل المحادثة الهاتفية في 23 أكتوبر، معقبا “للمقاومة ثمن من حيث الخسائر، ونحن نعلم أن هذه الحرية ستأتي بثمن باهظ، وسنقدم التضحيات والشهداء، وفي النهاية سننتصر”.

حلفاء إيران ما بعد
طوفان الأقصى..

وذكرت الصحيفة الألمانية أنه منذ بداية حرب غزة، “تنافس أعداء إسرائيل مع بعضهم البعض في فرض نبرة التهديدات، كما تدخل البعض بنشاط لدعم حماس. فمن جهة، تطلق منظمة «حزب الله» اللبنانية الصواريخ على إسرائيل بشكل يومي تقريبا، في حين حاول الإرهابيون التسلل إلى البلد عبر الحدود الشمالية. وكان لا بد من إخلاء المجتمعات الإسرائيلية القريبة من الحدود مع لبنان». وتابعت: “وردت أخبار عدة، من كون نشطاء سوريين تقدموا لدعم القتال ضد إسرائيل، كما أعلن الحوثيون في اليمن رسميا الحرب على إسرائيل واستهدفوا جنوب إسرائيل بصواريخ بعيدة المدى وطائرات بدون طيار، والتي أسقطتها سفينة عسكرية أمريكية في وقت سابق. أما في العراق، فتهاجم «الميليشيات الشيعية» القواعد العسكرية الأمريكية».
ووجاء في التقرير أن “البرلمان الجزائري صوت بشكل جماعي لصالح الحرب ضد إسرائيل. وحتى في أعماق أفريقيا، تبتهج الميليشيات بالهجمات على إسرائيل وتقدم الدعم لأعدائها. كما تؤكد الأخبار المتداولة، أن إيران وراء كل هذه الأنشطة».
وختمت «ديفلت» تقريرها بالقول إن «لقد نسج النظام الشيعي شبكة عالمية من الميليشيات التي يدعمها بالأسلحة والمال والتدريب، ويستخدمها في المقابل في استراتيجيته الإرهابية المباشرة ضد الغرب بشكل عام، والولايات المتحدة وإسرائيل بشكل خاص».
إلى ذلك، قالت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية، إن الولايات المتحدة بعثت برسالة تهديد إلى إيران وحزب الله في حالة فتح جبهة أخرى ضد «إسرائيل» أو إصابة مواطنين أمريكيين في الهجمات التي تشنها الجماعات الموالية لها في المنطقة، وفق مسؤولين نقلت عنهم الصحيفة.
وأضافت الصحيفة، أن الجيش الأمريكي نشر غواصة نووية مع 154 صاروخ كروز في الشرق الأوسط بشكل غير عادي على خلفية التهديدات.
وبين تقرير الصحيفة، أن “الولايات المتحدة أكدت في رسالتها استعدادها للتدخل عسكريا ضد إيران وحزب الله إذا فتحت جبهة ثانية في الحرب ضد إسرائيل أو إذا أضرتا بمواطنين أمريكيين”.
وأكدت، أن المسؤولين في إدارة بايدن نقلوا الرسالة إلى طهران وعدد من الدول بما في ذلك تركيا، من خلال مسؤولين إقليميين، مشيرة إلى أن وزير الخارجية الأمريكي بلينكن التقى بنظيره التركي هاكان فيدان في أنقرة.
وفي ذات السياق أكدت “قناة 12 العبرية” أن “بايدن يدعم تل أبيب ويحذر أي جهة تفكر في استغلال الوضع لإيذاء إسرائيل”.
وأوضحت أن “خطاب التهديد من واشنطن يأتي في الوقت الذي يستمر فيه الحشد الهائل للقوات في منطقة الشرق الأوسط، وقد أعلنت القيادة المركزية الأمريكية أن الغواصة النووية من طراز أوهايو دخلت مجالها في الشرق الأوسط”.
وأفادت بأن غواصات الجيش الأمريكي التي تعمل بالطاقة النووية واحدة من أكثر الأسلحة الاستراتيجية تقدما وسرية، ونادرا ما يكشف الأمريكيون علنا عن مواقعها.
وأشارت إلى أنه على الرغم من التهديدات الصريحة من الفصائل المسلحة في العراق، فقد زار وزير الخارجية الأمريكي بغداد والتقى برئيس الوزراء محمد شياع السوداني.
وخلال عطلة نهاية الأسبوع، نشرت البحرية الأمريكية صورا مشتركة لحاملتي الطائرات “دوايت آيزنهاور” و”جيرالد فورد” في شرق المتوسط خلال مناورة مشتركة مع سفن البحرية الإيطالية.
والأحد وصل وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، إلى بغداد، في زيارة غير معلنة، وحذر في تصريحات من توسيع الصراع على خلفية الحرب الدائرة في غزة بينما تتزايد الهجمات على القواعد التي تستضيف قوات أمريكية في العراق وسوريا.
وحذر وزير الخارجية الأمربكي “الجماعات الموالية لإيران من استغلال حرب غزة لمهاجمتنا، نخبر الحلفاء والشركاء بضرورة عدم توسع الصراع”.


الكاتب : ترجمة وإعداد: المقدمي المهدي

  

بتاريخ : 11/11/2023