الطرب المغربي المهاجر إلى مصر بين النجاح المخطوف والفجائعية المدمرة

تهاجر الحيوانات بحثا عن الماء والكلأ، فيما هجرة الطيور مسافات نحو المناخات من أجل البقاء، أما بالنسبة لسميرة وليلى وجنات وعبد الفتاح وحفيظ ودنيا وزينة، فإن الدوافع مختلفة تماما. إنها رحلة البحث عن الشهرة.
هكذا، وبعد مرحلة هجرة بعض الفنانات والفنانين المغاربة نحو الخليج، وهو ما يعرف بمرحلة «خلجنة» الأغنية المغربية، جاءت مرحلة المصرنة، أو التمصير باختيار بلد الكنانة في رحلة بحث عن أنماط موسيقية متنوعة ومختلفة. وذلك بهدف برغماتي بالأساس، يتعلق بتوسيع قاعدة المشاهدين، ورفع منسوب الشهرة الفنية للأصوات الغنائية عبر نقلها خارج الحدود الجغرافية لبلد المنشإ والبحث لها عن موطئ قدم من المحيط إلى الخليج .
ولأن مصر بلد الريادة والسيادة في مجال الغناء واللحن تأليفا وإبداعا، علاوة على كونها أرض مغرية خصبة ومعطاء فهي مهد الموسيقى الشرقية التي تتسم بالثراء اللحني، فقد أمست الوجهة المفضلة، أغرت العديد من نجوم الفن الغنائي، وشكلت نقطة جاذبية لبعض الأصوات المغربية التي وجدت ملاذها ومتعتها هناك.
وسرعان ما غرست التجربة حبالها الصوتية عميقا في تراث الكنانة، وأنبتت ذبذبات خالدة لمقامات مركبة تتميز عن فن موسيقى شمال إفريقيا، وحصدت الكثيرمن النجاح الفني، وحظيت برقصة جماهيرية كبرى بعد الترويج لها على نطاق واسع، وبأقل تكلفة، لا سيما بعد فترة ركود شهدها المجال الفني المغربي.
كانت تجارب شخصية غنية حقق فيها البعض مكاسب ونجاحا منقطع النظير، فيما طفت على سطح البعض عدد من الأزمات المادية والتقنية والمشاكل الصحية الكثيرة، كجلطة بالمخ وذبحة صدرية، وشلل مرحلي.حالة «المطربة جميلة عمر بوعمرت «ليلى غفران»
ونستحضرهنا على سبيل الحصر، 6 فنانين مغاربة صنعت مصر شهرتهم كليا أو جزئيا، انطلاقا من عزيزة جلال سميرة سعيد حفيظ الدوزي عبد الفتاح الجريني دنيا باطمة، زينة الداودية الأمر الذي فجر بركان أسئلة بالنسبة لجمهور وعشاق الأغنية المغربية فيما إذا كانت تجربة هؤلاء الذين اختاروا شوطا مغايرا لأصواتهم تخليا عن الأصل والهوية المغربية، مقابل ضخ منسوب الشهرة عربيا. أو مغامرة شخصية تدخل في إطار حرية الفنان الشخصية لتنويع أنماط إيقاعاته الموسيقية.
وشكل اللغط الكبير الذي رافق هذه الهجرة حدثا مثيرا للجدل على السوشل ميديا في السنوات الأخيرة. إذ فيما اعتبر البعض هجرة الأصوات المغربية قيمة مضافة نوعية تغني المسار الفني لهؤلاء، رآى البعض الآخر، في مجرد التحليق خارج الحدود نجاحا في حد ذاته، بالنظر لاتساع قاعدة الشهرة التي انتقلت من الجمهورالمغربي إلى الجمهور العربي.
ومن بين الأغاني التي حققت نجاحا ملحوظا «الزمن بيدور» للفنانة المغربية دنيا باطمة خريجة برنامج «عرب أيدل» حيث لقيت ترحيبا كبيرا من طرف الجمهور المصري، الذي اعتبر أن المغنية المغربية نجحت بشكل كبير في أداء اللون المصري الشعبي. لكن المغنية دنيا بطمة، ترى أن الغناء باللهجة المصرية، كان حبها الدائم، وكانت اللهجة المصرية حاضرة دائما ضمن برنامج الحفلات والسهرات الغنائية التي تحييها. كما أنها ومنذ الطفولة، تربت على سماع وأداء الأغنية المصرية. من هنا كان اختيارها لأغنية شعبية لكسب رضى وعطف الجمهور المصري والعربي.
وعلى نفس المنوال، سارت الفنانة الشعبية زينة الداودية التي طالت شهرتها، وحبست أنفاس جماهير واسعة داخل المغرب وخارجه، لا سيما أدائها لفن الراي والشعبي المغربي، حيث طرحت أغنية باللهجة المصرية بعنوان «أنا لو» وهوالعمل الفني الذي جمعها بالمطرب المصري عصام كاريكا.
وتمضي قافلة الهجرة الفنية الشرعية ما بين الاستقرار في لون غنائي واحد داخل الحدود. وما بين التنوع والانتقال بين التجارب والمقامات الموسيقية في أقطار العالم العربي وغيره كالهند وإسبانيا مثلا، في سعي حثيث نحو الذيوع والانتشار الجماهيري على أوسع نطاق.علما أن تنويع التجارب الغنائية والانتقال بين الأنماط الموسيقية والمقامات المركبة، ليس متاحا للجميع. وهي تقتصر على من يرغب في توسيع دائرة جمهوره، وله كامل الحق عبر البحث عن الايقاعات التي تلائم ذبذباته في أي مكان، وقد لا يعتبر الكثير ذلك انتقالا، بل تنوعا وإغناء للتثاقف الحضاري في جانبه الإبداعي والموسيقي.
ثمة من يعتقد أن معانقة الجمهور العربي والترويج للأغنية المغربية هو ما دفع عددا من الفنانين المغاربة إلى التعاقد مع شركات إنتاج مصرية، وفي مقدمتهم الفنان حفيظ الدوزي، الذي طرح أعماله بعد تعاقده مع شركة «مزيكا» المصرية. الدوزي يرى في تجربته «خطوة جديدة في مسيرته الفنية وفرصة كبيرة لمعانقة الجمهور العربي الكبير، ويعتبر هذا التعاون «خير دليل على المكانة التي تحتلها الأغنية المغربية في الساحة العربية والعالمية».
كما أن الفنان فريد غنام بدوره قد انتهى من تسجيل عدد من الأعمال الفنية بالعاصمة المصرية، ويتعلق الأمر بديو غنائي يجمعه بالفنانة المصرية سما الحلبي باللهجة المغربية واللغة الإسبانية.»كما يشارك الفنان المغربي ذاته، الملقب بـ ”فراولة”، مع الفنانة مي كساب في أغنية جديدة تحمل اسم «ببساطة»، سيتم طرحها ضمن أغاني ألبومها الجديد».
وإذا كانت موجة الهجرة الفنية للمغاربة نحو بلد الكنانة انطلقت بشكل محبوب ومغر وجذاب مع المطربة الكبيرة عزيزة جلال ، مرورا بالديفا سميرة سعيد وجنات.. فإن محطة المطربة المغربية جميلة عمر بوعمرت «ليلى غفران» الحاصلة على الجنسية المصرية اتسمت بالأزمة والفجائعية. بدأت ليلى غفران مسيرتها الفنية في منتصف الثمانينيات وحققت نجاحاً واسعاً تحديداً في الفترة الواقعة ما بين 1988 وحتى عام 1998، وكانت المطربة الأشهر في فنادق القاهرة والإسكندرية بعد توقيعها عقد تعاون فني مع شركة زوجها السابق في ذلك الوقت إبراهيم العقاد، إلا أنها ولأسباب قاهرة اختفت عن الساحة الفنية لفترة من الوقت وأصبحت حفلاتها الغنائية قليلة جدا نظراً لعدم وجود أعمال جديدة حيث لم يصدر لها خلال 5 سنوات سوى ألبوم واحد حمل عنوان «ساعة زمن».
وتجمع المصادر المهتمة بحياة النجوم في مصر أن ليلى تزوجت للمرة الأولى من المنتج إبراهيم العقاد الذي أنتج لها العديد من الأعمال، رزقت منه بابنتها هبة، لكنهما انفصلا لاحقاً، تزوجت بعدها من المطرب العراقي فؤاد مسعود، الذي يكبرها سنا، وهو الذي غنى لها أغنيته الشهيرة «ليلى يا ليلى»، رزقت منه بابنتها نغم. وفي عام 2005، تزوجت من المخرج أنس دعية، الذي كان في عمر ابنتها، إذ كان يصغرها بحوالي ثلاثة عقود، لمدة عامين وانفصلا في نهاية 2007. زواجها الرابع كان من رجل الأعمال المصري إسماعيل خورشيد، وبعده اقترنت برجل الأعمال أدهم محمد، ولم يدم اللقاء طويلا فكان الانفصال. تزوجت بعد ذلك برجل الأعمال مراد أبو العينين، وانفصلت عنه عام 2015 حيث ترددت معلومات عن أن السبب يعود لرغبتها في العودة إلى الفن ورفض زوجها لهذا الأمر».
لكن على الرغم من هذه الأزمات والمشاكل الكثيرة في حياة ليلى، إلا أن الأزمة الفاجعة في حياتها مقتل ابنتها عام 2018  حيث تعرضت لوعكة صحية، بعدما أصيبت بما يعرف طبيا بـ «الضغط الصامت»، ودخلت على أثرها المستشفى بعدما وصل ضغطها إلى 280، وتعرضت في نفس الوقت لتصلب في الشرايين وجلطة بالمخ وذبحة صدرية، ما جعلها تصبح مشلولة لأربعة أشهر.» وفق المصادر ذاتها.


الكاتب : القاهرة: عزيز باكوش

  

بتاريخ : 20/12/2021