العبقري إيلون ماسك وازدهار سوق السيارات الكهربائية 

هل أوشكت نهاية ديناصورات النفط ومحطات البنزين أن تتحقق على يد نيزك السيارات الكهربائية، بروجيكت تايتن و محطات الشحن السريع؟

استفاق العالم في 7 من يناير الماضي، على إعلان اقتصادي مثير للاهتمام، يكمن في أن إيلون ماسك، العبقري الفذ وصاحب شركة «تيسلا»، المنتجة لسيارات تيسلا الكهربائية وذاتية القيادة، من أمثال موديلات «3» و «إكس» و «واي» و الشاحنات الكهربائية، الأخير زحزح «جيف بيزوس» الرئيس التنفيذي و مالك شركة «أمازون»، من مرتبة أغنى رجل في العالم لسنة 2020، هذا بحسب تقييم «بلومبرغ بليونير انديكس»، الذي يشرف على ترتيب أغنى 500 شخصية عالمية بحسب الثروة، إذ ناهزت ثروة العبقري المجنون 194.8 مليار دولار، اي بأكثر من 9.5 مليار دولار من جيف بيزوس، مع ارتفاع لسهم شركته يقرب من 7.9%.
إن الارتفاع الصاروخي، سواء في قيمة سهم شركة تيسلا، أو مع الزيادة الواضحة في قيمة ثروة إيلون ماسك، يدفعه لدخول ملعب اقتصادي لا يضم سوى حفنة صغيرة من الأثرياء، دخول سببه في الأساس نشاطه خلال العقود الأخيرة من توليه رئاسة الشركة، وأدى إلى تقلبات واضحة في تصنيفات الثروة العالمية في الآونة الأخيرة. لقد برز هذا التحول الدراماتيكي في التوجهات الاستثمارية العالمية، مع بزوغ فجر العبقري الجنوب إفريقي (مكان الازدياد) ايلون ماسك، وفي ما يبدو أنها أسرع نوبة صناعة للثروة في العالم، خاصة مع الارتفاع غير المسبوق في سعر سهم تيسلا، بنسبة 743% في العام الماضي بسبب الأرباح الثابتة.
ينضاف إلى ما سبق، إدراج الثري إيلون ماسك، بجل ثروته الحالية المتجاوزة ل165 مليار دولار، في مؤشر «إس و بي 500» أو «S&P 500»، وهو مؤشر للأسهم يضم أكبر 500 شركة مالية أمريكية من بنوك ومؤسسات مالية، انطلق العمل به سنة 1957 وليبلغ ارتفاعا تاريخيا سنة 2014 بلغ 2000 نقطة، إد أدى إدراج شركة تيسلا في المؤشر الأمريكي المرموق إلى تهافت مجنون على أسهمها، من جل المستثمرين النشطين والصغار في وول ستريت، ولتحقيقها لأكثر من 23.900% منذ طرحها العام الأولي في عام 2010، بما في ذلك تقسيم أسهم شركة السيارات الكهربائية بنسبة 5 مقابل 1 في العام الماضي.
إن القفزة التي يعرفها سهم الشركة الأمريكية، لاتزال تتوسع شيئا فشيئا في الهوة التنافسية، بين الشركات المصنعة للسيارات (العاملة بالبنزين تحديدا) و العبقري الامريكي و شركته، باعتبار أن القيمة السوقية مجتمعة لكل من «تويوتا» اليابانية و «جينرال موتورز» الامريكية، و «هيونداي» الكورية الجنوبية و مجموعة «فولكسفاغن» الالمانية، بالكاد تعادل نصف القيمة السوقية لشركة «تيسلا» الأمريكية (إلى حدود كتابة المقال)، علاوة على أن إنتاج الشركة من السيارات الكهربائية، قد بلغ السنة الماضية ما يزيد قليلا عن 500 ألف سيارة، مقارنة بما تم بيعه من قبل كل من شركة «فورد» و «جينرال موتورز»، مع قيمة سوقية تتجاوز 773 مليار دولار أمريكي، أي أكبر من حصة الشبكة الاجتماعية «فايسبوك».
علاوة على ما سبق، فإن مشاركة «لاري ايليسون» على سبيل المثال، ولمن لا يعرفه فهو مؤسس شركة «اوراكل» الأمريكية، عملاقة تطوير و توفير نظم إدارة البيانات، و المتخصصة في تطوير البرمجيات و الاستشارات التقنية، تلك المشاركة بنسبة 2% في رأس مال تيسلا، ستمكن لاري ايليسون من دخول قائمة أغنى 175 شخصا في العالم، وقد يحتل فيها مرتبة جيدة من ترتيب العشرة الأوائل، إن اضفنا اسهمه في شركة اوراكل كذلك. لا يخفى على المتابعين، ان صعود إيلون ماسك و شركته التاريخي، كان نتيجة لبعض الهفوات و التصريحات الخارجة عن المألوف، بشكل غير مباشر و على غرار ما قام به في 2018، من قراره دفع غرامة بقيمة 20 مليون دولار للجنة الاوراق المالية و البورصات الامريكية للتنحي عن منصبه، بعد تغريدته الشهيرة المشجعة على اقتناء سهم الشركة ب420 دولار مقابل «استثمار دائم و مضمون» فيها، حركة تراجع عنها بعد انتقادات لاذعة لاحقته طويلا.
في عدة مناسبات، تحسر ايلون ماسك بعيدا عن تغريداته الخارجة عن المألوف، و التي تذكرني شيئا ما بتغريدات الرئيس الامريكي السابق دونالد ترامب، من كونه «فقيرا ماديا و ماليا»، و قد يكون هذا صحيحا، فجل ما يمتلكه من قيمة صافية في ثروته يرتبط اساسا بأسهم شركاته، من بينها «تيسلا» للسيارات الكهربائية التي و بحسبه لا توفر اية ارباح مباشرة له، علاوة على اقتحامه السياحة والانترنت الفضائيين عبر شركة «سبايس إكس»، إضافة الى شركة «ذي بورينغ كومباني» الخاصة المكلفة بتطوير نظام التنقل السريع المستقبلي «هايبر لوب». غير انه، صرح مسبقا، بان «الزخارف المادية» للثروة لا تهمه كثيرا (ألم اقل لكم بان تعليقاته اشبه بما يصرح به ترامب عادة)، وان الغرض من ثروته تمكين البشرية من تطوير حضارتها بطريقة اسرع و اكثر كفاءة !!
حتى مع الصعود الصاروخي الملحوظ لشركة تيسلا، وانتقال مالكها من ولاية كاليفورنا الى تكساس، من اجل الاستفادة من الغياب التام للضريبة على الدخل، إلا ان جيف بيزوس كان يتفوق لوقت قريب و بفارق خطوة على إيلون ماسك، لولا طلاقه من زوجته السابقة، اضطر بسببه الى نقل ربع حصته في أمازون الى طليقته «ماكنزي سكوت»، زيادة على تبرعه خلال السنة الماضية، بحوالي 680 مليون دولار للأعمال الخيرية. عثرات من حسن حظ ماسك، ساهمت في نمو حصص كل من «تيسلا» و «سبايس اكس» المالية و السوقية، مساهمة في تفوق ايلون ماسك على غريمه بيزوس للمرة الاولى، علاوة على تجاوز مشاكل تيسلا التقنية و الصناعية لسيارة «موديل 3».
بالحديث عن اسطول سيارات تيسلا، فلم تكن صناعتها و تحديدا «موديل 3»، بالمأمورية السهلة و اليسيرة بالنسبة لماسك في الايام الاولى للشركة، فكما يعلم المتابعون لأخبار الشركات الضخمة، فإن تيسلا و الى حدود سنة 2019، كانت تعيش جحيما حقيقيا مع سلسلة «موديل 3»، باعتبارها السلسلة الابرز في اسطول سياراتها، و الخيار الرخيص و الاسهل للحاق بركب ممتلكي سيارات الشركة. يعود السبب في هذا الجحيم، الذي استمر من سنة 2017 الى 2019، الى المشاكل التقنية و الصناعية التي أخذت في الظهور على بعض السيارات، منها حادثة «السائق الذاتي» التي اودت بحياة سيدة في 60 من عمرها في امريكا، بعد توقف تام للنظام الآلي دون معرفة السبب.
عاش ايلون ماسك، على اثر حوادث مشابهة و غيرها من المشاكل، منها المتعلقة بنظام «الفرملة الآنية الذاتية» او ب»شحن بطاريات السيارات»، أياما سوداء ادت به الى اتخاد قرار ببيع الشركة، متوجها الى عملاق التكنولوجيا و البرمجة «أبل». غير ان «تيم كوك»، الرئيس التنفيذي للتفاحة التقنية (آبل) لم يحضر الاجتماع (تفادى حضوره بالاحرى)، وهذا من حسن حظ إيلون ماسك، في صفقة كان ليعرض فيها عشر شركته للاستحواذ عليها خلال فترة ضعفها سنة 2017، قبل ان تتجاوز الازمة سنة 2019، و تعلن عن منتوجها الجديد شاحنة «سايبر تراك» و «موديل Y»، والزيادة في الطلبات الدولية على سيارات تيسلا بجميع فئاتها، سواء في بعض الدول الأوروبية ك»النرويج» او في آسيا و تحديدا «الصين»، السوق المتلهف دائما لاقتناء سيارات الشركة.
بالحديث عن «آبل»، فإن الإشاعات تروج نيتها المنافسة في سوق السيارات الكهربائية وذاتية القيادة، أخبار متداولة منذ سنة 2015 وإلى غاية اليوم. تاتي هذه الأخبار، عقب إعلان ايلون ماسك عن دعم سياراته ببطاريات «فوسفات حديد-ليثيوم»، بطارية قابلة للشحن بخلية ثانوية، ذات عمر افتراضي طويل ومعدل سحب للطاقة ممتاز، يتم تزويد بعض سلاسلها بها في الصين، كما ان ماسك قد اعقب بهذا الخصوص (حول سيارة آبل) قائلا : «من الجيد ان تتوجه آبل للاستثمار في القطاع. لكن، يجب أن تعلم بان صناعة السيارات،أاعقد بكثير من صناعة الهواتف و الساعات الذكية»، وفي أخرى قائلا : «لربما قد تتحول آبل إلى مقبرة لسيارات تيسلا».
أ بعض الأخبار المتناقلة، لاسيما مقال حصري لوكالة «رويترز» الإخبارية، بأن آبل تستهدف إنتاج أولى سياراتها الكهربائية ذاتية القيادة بحلول سنة 2024، في مشروع يعرف بالاسم الرمزي «بروجيكت تايتن»، بدأ العمل الرسمي عليه منذ سنة 2014 من قبل قيدوم آبل «دوغ فيلد»، على رأس فريق من 190 شخصا مكلفا بتطوير المشروع، بحسب ما ذكره عضوان في الفريق رفضا ذكر اسميهما، للعمل على سيارة موجهة للعموم تتمتع بقدرة كاملة على القيادة الذاتية، ومن المرجح أيضا أن توجه للاستغلال كسيارة أجرة ذاتية القيادة، تستعين بتصميم خاص من قبل آبل للبطاريات. وبحسب المتحدثين، سيساهم التصميم الجديد للبطاريات، في الخفض من تكلفة إنتاج البطاريات الكهربائية، وزيادة المدى الذي تقطعه السيارة في الشحنة الواحدة، غير أن الطريق ليست بالسهلة على الشركة، فمنافستها تيسلا في شخص إيلون ماسك لم تبدأ في جني أرباح من سياراتها إلا بعد 17 سنة من العمل الشاق، غير أن المتحدثين من الفريق يقولون : «إن الشركة الوحيدة، التي تمتلك أكبر قدر من الموارد، لتتمكن من صناعة هذه السيارة هي آبل، غير أن المهمة أعقد من صناعة هاتف ذكي». ينضاف إلى ما سبق، جهلنا بالجهة المسؤولة عن تجميع السيارة، علاوة على عدة معلومات تخص المشروع على العموم.
إن تهافت الشركات التقنية باختلاف توجهاتها التسويقية، على قطاع السيارات الكهربائية وذاتية القيادة، مرده في الأساس النمو الواضح في سوق وسائل التنقل العاملة بالكهرباء. ففي ورقة بحثية تنشرها «منظمة الطاقة الدولية»، وتحديدا في نسختها لسنة 2020، أكدت المنظمة الدولية بأن سوق التنقل المستند إلى النفط، كان يوفر 92% من الحاجيات النهائية للمستخدمين خلال العقد الماضي، غير أن التوجه التسويقي والتفضيلي للمستخدمين، بدأ ينحرف شيئا فشيئا نحو السيارات أو وسائل النقل المعتمدة على الكهرباء منذ سنة 2010، منتقلة أي الأرقام من 17 أالف سيارة في العالم سنة 2010، الى ما يفوق 7.2 مليون عربة سنة 2019، معظمها في الصين وأوروبا و الولايات المتحدة، غير أن النسبة السوقية للقطاع لاتزال في حدود 1% من جل السيارات في العالم.
من جهة اخرى، تذكر نفس الوثيقة، بأن التوجه نحو التنقل الكهربائي، قد بدأ بالفعل في إثبات نفسه منذ سنة 2020، كبديل قوي ومتجدد لوسائل النقل المستندة إلى النفط، تحديدا مع ارتفاع نسب التلوث من غاز ثاني اوكسيد الكربون في الصين، والتي أقرت عملها على خطة للتغيير نحو التنقل الكهربائي، ممتدة منذ سنة 2015 وإلى غاية أفق سنة 2040، في حين أن دولا أخرى تهدف للاعتماد الكلي على السيارات الكهربائية في أفق سنة 2050، آخذين في الحسبان بأن سوق السيارات الكهربائية العالمي في سنة 2019، قد ولد 90 مليار دولار وزيادة بنسبة 13% في رقم المعاملات، وأن 47% من السيارات الكهربائية المباعة حول العالم في نفس السنة تتجول في الصين لوحدها، و 25% في أوروبا و 20% في الولايات المتحدة الأمريكية.
بالانتقال إلى سنة 2020، وبالرغم من أزمة فيروس كورونا، الملقية بظلالها على قطاعات عدة، بلغت مبيعات السيارات الكهربائية زيادة بنسبة 43% وعدد 3 ملايين سيارة حول العالم، إذ تجاوزت تيسلا مبيعات فولكسفاغن الألمانية ب500 ألف وحدة، وتضاعفت المبيعات على العموم في كل من اوروبا والصين، بحسب موقع «  EV-volumes.com» السويدي. يردف نفس الموقع، بأن مبيعات البطاريات والسيارات الهجينة، قد زادت بنسبة 4.2% عالميا مقارنة ب2.5% سنة 2019، كما أن الصين لاتزال في الصدارة العالمية، تلحق بها ألمانيا والمملكة المتحدة في حين أن الولايات المتحدة تتراجع شيئا ما سنة 2020، ومن المتوقع أن يصدر أكثر من 150 موديلا جديدامن الفئتين سنة 2021.
بالعودة إلى تيسلا وإيلون ماسك، ومساعيه سواء بشكليها المباشر وغير المباشر، لتوجيه المستخدمين لاقتناء السيارات الهجينة والكهربائية، فإنه يبدو من الجلي بأن رغبته تفوق نشر استبدال السيارات الحالية بنسخها الصديقة للبيئة، بل تتعدى ذلك إلى طموحه للقضاء التام على سوق النفط و البنزين عموما، ويظهر ذلك بحسب مقال في جريدة «فاينينشال بوست»، يتحدث عن التفوق الواضح لشركة تيسلا الامريكية، على نظيرتها النفطية «إيكسون» العريقة، من حيث القيمة السوقية المرتفعة لتيسلا، التي تعادل الآن 201 مليار دولار، مقابل 185 مليار دولار ل»إيكسون»، في اكتساح واضح للطاقات البديلة على الطاقات الاحفورية بالنسبة للمستخدمين.
وللتذكير، فإن «إيكسون» او «إيكسون موبايل»، هي ثاني أكبر شركة طاقة في العالم، وأكبر شركة نفط في النصف الغربي للولايات المتحدة، بعد الإعلان عن «أرامكو» السعودية أواخر السنة الماضية، غير أن ارامكو أيضا تعيش نفس الخطر، بعد ان خفضت شركة آبل هوة التقييم الى 150 مليار دولار أمريكي، بعد ان كانت حوالي 750 مليار دولار وقت الطرح العام الاولي للشركة السعودية، قبل ستة اشهر من الآن. ينضاف إلى ما سبق، معاناة شركة إيكسون المالية، بسبب انخفاض قيمتها السوقية الى 185 مليار دولار امريكي، من أسوأ انهيار في أسعار النفط الخام في التاريخ.
بالنسبة ل»أرامكو» السعودية، فالأمر سيان بينها و بين «إيكسون» الامريكية، إذ لم تسلم كذلك من بطش إيلون ماسك و شركته بسوق السيارات العالمي، حيث عبر ايلون ماسك في وقت ما من سنة 2018، وبصريح العبارة في مقال ل»بلومبيرغ» عن رغبته في «تحطيم صناعة النفط الدولية»، تهديد باتت شركات كبيرة تحس بازدياده كل يوم، غير انه أعقب قائلا «رغبتي هي الدمج بين الصناعتين، وتمكين تيسلا من خبرة صناعة النفط»، إذ ياتي هذا التعقيب بعد كشفه عن نية التعاون مع المملكة السعودية، فمن الصعب بحسب كاتب المقال، التفكير في بديل مناسب آخر، معقبا بان المباحثات بين الطرفين سارية مند أكثر من عامين.
إن هجمات ايلون ماسك، على القوى الكبيرة القابضة على سوق النفط العالمي، لا يأتي فقط في شكل تصريحات صحفية هنا و هناك، أو ما جاء في رسائل الإيميل المسربة، والتي وصف فيها رغبة العديد من الجهات العلمية في القضاء على تيسلا خصوصا الشركات المهيمنة على قطاع النفط، بل يستند في الأساس إلى السياسة الإعلانية لشركة تيسلا، و التي يركز فيها على مدى قوة منتوجاتها في مواجهة منافساتها العتيقة –منازل ببطاريات و سيارات رياضية ذات تسارع هائل- إذ يحرص على تحديد الكيفية التي تساعد بها منتجاته العالم، على التحرر من القيود الطاقية الحالية، و الانتقال إلى الطاقة المستدامة و الصديقة للبيئة (عصفوران بحجر واحد)، كما أن الترويج لفكرة أن أموال النفط، وضعت فقط لتكون ورقة في مواجهته، قد شجعت العديد من المستخدمين (الشباب)، على اختياره في هذا الصراع العصري. لا يمكننا، وبكل صراحة، أن نقيس الغلبة لطرف ما على الآخر حاليا، بسبب التعليقات التي تحمل معان مختلفة وتفهم من كل جهة بطريقتها الخاصة، فعلى سبيل المثال ايلون ماسك، الذي يهدد تارة بالقضاء على قطاع النفط لكنه تارة أخرى يحبذ النظر إلى إيجابياته ويرى فيه حلا للمستقبل، علاوة على رغبة أرامكو السعودية في الاستثمار في شركته، ليتجه إلى التأسيس لموقع «pravduh.com»، كمنصة حرة تمكن الصحافيين والناشرين من تصحيح التأثير المفسد لأموال النفط، بعيدا وإن أخدنا في الاعتبار أن معظم أكبر المعلنين في العالم، هم شركات النفط الدولية.
من المعروف، بأن بعض شركات النفط العالمية، قد مارست ضغوطا مطولة وقاسية، من أجل حماية قوتها
وأعمالها من الشركات أو الجماعات التي تتبنى نهج تيسلا. ومن المعروف أيضا، دفعها لسياسات تغيير المناخ بعيدا عن طاولات الحوار والتنظيم الصارم، غير أن بعض أعظم الابتكارات و مصادر التمويل للحلول المناخية، جاءت من قبل شركات النفط، من بينها بطارية «ليثيوم – أيون» في قلب جميع سيارات تيسلا، تكنولوجيا طورها لأول مرة كيميائي في شركة إيكسون سنة 1970، كما الحال بالنسبة لمحطات الشحن السريع لتلك السيارات، و التي تشرف عليها شركات نفطية كبيرة من قبيل «رويال دوتش شيل بي-ال-سي»، «إينجي إس-أ» و «ستاتويل أسا». ينضاف إلى ما سبق، استثمارات لجهات نفطية في تيسلا، من بينها «صندوق الثروة السيادية النرويجي» الذي أنشاته الثروة النفطية في ذلك البلد، والذي استحوذ على 0.48% من تسلا في نهاية سنة 2017، ناهيك عن استثمارات الحكومة السعودية، ما سيوسع في أفق سنة 2030، صندوق الثروة السيادية للمملكة للسيطرة على 2 ترليون دولار.
من الواضح، ومن المنطقي كذلك، أن جزءا من أموال أرباح شركات النفط العالمية، ستجد طريقها لا محالة إلى خزنة او رأس مال شركة «تيسلا» الأمريكية، والتي من المتوقع كما ذكرنا مسبقا، أن تكون الرابح الأكبر في سوق من المتوقع أن تبلغ مبيعاته 30 مليون سيارة بحلول 2030، مقابل 1.1 مليون سيارة العام الماضي، بحسب ما ذكرته «بلومبرغ نيو-إنرجي فاينانس»، إذ من شان هذا الارتفاع ان يعجل باستلام أكبر منتج للنفط لزمام أمور أكبر شركة لصناعة السيارات الكهربائية في العالم. هذا هو نوع التأثير الغامض الذي قد يكون إيلون ماسك قد صاغه ك»تهديد لشركته»، غير أن الأبحاث في تطوير بطاريات السيارات (الهجينة و الكهربائية)، و الاستثمارات المالية من عائدات النفط في رؤية ماسك المستقبلية، بدأت تبدو كأنها مؤامرة خفية النتائج و مبهمة المعالم و لكنها واسعة الانتشار في هذا السوق الواعد.


الكاتب : ترجمة : المهدي المقدمي

  

بتاريخ : 29/03/2021