شغل الموت تفكير الإنسان منذ بدء الخليقة، وساهمت العديد من العلوم والمعارف الإنسانية والفكرية الفلسفية، في الكشف عن بعض حقائقه وخباياه، كما ساهمت مجموعة من الرّوائع الأدبية في إضاءة عوالمه، ولكن مع ذلك يظل «الموت» تلك الحقيقة الحتمية، التي ما زالت تُرهب الإنسان، وتثير في نفسه الكثير من الأسئلة القلقة المتعلقة بالوجود والعدم.
في ملف هذا العدد (43)، اختارت مجلة «ذوات» أن تفتح موضوع الموت انطلاقا من عنوان يحمل سؤالا إشكاليا: «الموت.. حقيقة حتمية أم تطبيع وصناعة؟»، تحاول فيه مناقشة إشكالاته المتنوّعة في الثقافة الإنسانية بعامة، والثقافة العربية الإسلامية خصوصاً، ثُمّ كيف يعيشه الإنسان العربي والمسلم، ويتجسّد عنده من خلال حالات الفقد والغياب والشّعور بالنهاية الحتمية؟ وما هي أسباب التطبيع اليومي مع الموت؟ وما هي الرّوافد الأساسية لصناعة الموت؟وهكذا، يضم ملف العدد (43) من مجلة «ذوات»، الصادرة عن مؤسسة «مؤمنون بلا حدود للدراسات والأبحاث»، والذي أعده الباحث والناقد المغربي عبد اللطيف الوراري، وقدم له بمقال يحمل بعنوان: «الأنثروبولوجيا التاريخية للموت: كيف يعيش الإنسان العربي والمسلم حالات الفقد؟»، مجموعة من المقالات لكتاب وباحثين من العالم العربي، الأول للشاعر والناقد المغربي عبد السلام المساوي تحت عنوان «الموت والثقافة..»، والثاني للباحثة السورية يسرى وجيه السعيدبعنوان «إشكالية الموت في الديانات السماوية والأرضية: دراسة تحليلية»، والثالث للباحث والأكاديمي المغربي عبد الإله البريكي بعنوان «الموت والحقيقة الصوفية»، والرابع للباحث المصري محمود كيشانه بعنوان «صناعة الموت: قراءة في تفكيك العقل المتطرف»، والخامس للأخصائية المغربية في الأنثروبولوجيا وعلم الاجتماع نعيمة شيخاوي، بعنوان «المقاربة السوسيولوجية للموت انتحاراً»، ثم مقال للباحث والأكاديمي المغربي خالد العروسي تحت عنوان «الموت بين الرفض أو القبول» من ترجمة الباحث المغربي حسن أوزال. أما حوار الملف، فهو مع الباحث والأكاديمي العراقي خزعل الماجدي، الذي يرى أن أسئلة الموت الواخزة لا يجيب عنها سوى العلم، ولكنه يجيب عنها ببطء وتأنٍّ، لأن إجابته صحيحة وقابلة للتطور حسب تطور الوعي العلمي والبحث العلمي وأدواتهما. أما أسئلة المخيال الجماعي، فلا توجد إجابات عنها في كل الأديان.
وبالإضافة إلى الملف، يتضمن العدد (43) من مجلة «ذوات» أبوابا أخرى، منها باب «رأي ذوات»، ويضم ثلاث مقالات: «المجدُ للحكاية» للكاتبة والروائية الفلسطينية حزامة حبايب، و»استتيقا الموت أو الصورة الجنائزية» للباحث المغربي عز الدين بوركة، و»ثورات الربيع العربي وجماعات الإسلام السياسي؛ ثورة مصر أنموذجا» للأكاديمية المصرية هويدا صالح؛ ويشتمل باب «ثقافة وفنون» على مقالين: الأول للباحث العراقي عامر عبد زيد الوائلي بعنوان «شاعريّة الموت في الخطاب الشعري العربي»، والثاني للباحث المغربي حسن لشقر، بعنوان «دينامية الكتابة السردية ومكرها لدى القاص جمال بوطيب».
وفي باب «سؤال ذوات»، يطرح الإعلامي المغربي نزار الفراوي سؤال الموت والكتابة على مجموعة من الكتاب العرب، وفي «باب تربية وتعليم» تقدم الكاتبة والباحثة السورية أدونيس غزالة مقالا حول «التربية.. من الصّبر إلى الاتساع»، فيما تقدم الباحثة المغربية في علم الاجتماع هاجر لمفضلي قراءة في الكتاب الجماعي «الوفيات والموت مقاربات تاريخية وأنثروبولوجية «.