الكاتب الأول للحزب، في افتتاح أشغال المؤتمر الوطني التاسع للشبيبة الاتحادية : ذ. إدريس لشكر: مؤتمر الحزب كان جوابا تنظيميا من أجل وحدة وصلابة الحزب، ولكن مؤتمر الشبيبة يجب أن يكون جوابا عن الاتحاد الاشتراكي في القادم من السنوات

هذا المؤتمر يجب أن يكون بمثابة تمرين تنظيمي وسياسي وفكري وقيمي يؤهل لمؤتمر الاتحاد الاشتراكي القادم

 

 

 

الأخوات والإخوة ضيوف مؤتمر الشبيبة الاتحادية، شبيبة الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية،
الأخوات والإخوة أعضاء المكتب السياسي والأطر الحزبية في المؤسسات المنتخبة وفي الأجهزة التنظيمية جهويا وقطاعيا ومحليا،
الأخوات والإخوة أعضاءالمكتب الوطني للشبيبة الاتحادية،
الأخوات والإخوة المؤتمرات والمؤتمرين،

الحضور الكريم.
أجدني، وأنا أقف أمامكم في هذا المحفل الشبيبي الاتحادي، موزعا بين مشاعر كثيرة، فيها النوستالجيا لأزمنة التأسيس لهذا التنظيم الاتحادي الشبيبي، وقد كان كاتبكم الأول من نواته الأولى، وفيها الاعتزاز بهذا الشباب الاتحادي الأصيل الذي يواصل حمل مشعل التحرير والاشتراكية والتقدمية، وفيها الأمل بأن الغد سيكون أفضل، وبأنه لا خوف على الفكرة الاتحادية، التي ستبقى منارة تهدي خطواتنا نحو وطن للجميع ومن أجل الجميع.
وهو ما جسده شعار مؤتمركم حرية، كرامة، مساواة؛
كذلك هي مناسبة لتجديد الترحم على أخواتنا وإخواننا الذين رحلوا لدار البقاء، مع الدعاء لمن سبقونا بعزم وتفان، وما زالوا على العهد، بطول العمر ودوام الصحة والعافية.

أيتها الأخوات، أيها الإخوة،
لعلنا من الأحزاب القليلة جدا، التي تعرف تجديدا لنخبها وقياداتها، عبر التدرج في الأجهزة الحزبية، التي هي بمثابة حاضنات لصناعة القيادات والنخب، ليس للحزب فقط، ولكن للوطن أولا وأخيرا.
ولكم أن تتأملوا في أسماء عضوات وأعضاء المكتب السياسي، وباقي الهياكل المجالية والموازية، لكي تعرفوا كيف ساهمت ولا تزال الشبيبة الاتحادية، في ضمان الاستمرارية للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، عبر ضخ دماء في مختلف هياكله، متشبعة بقيم الاتحاد الأصيلة، ومنفتحة على أسئلة الراهن وتحولاته ومتغيراته.
ولذلك نقول: إن الشبيبة الاتحادية اليوم هي صورة الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية غدا.
إن الوعي بهذه المعادلة، كفيل بأن تجعلوا المستقبل هو عنوان هذه المحطة التنظيمية.
إنكم لا تساهمون في إنجاح مؤتمرفقط، بل أكثر من ذلك؛ إنكم تبنون مستقبل حزب.

أيتها الأخوات، أيها الإخوة.
ليس من قبيل الكلام المكرور، أن نقول إن مؤتمركم ينعقد في ظرفية صعبة، فنحن نعيش زمن اللايقين، زمن سقوط كثير من المسلمات، زمن اللامتوقع.
فليس ثمة معارك يمكن القول إنها قد حسمت، ولا يجوز الركون إلى الاطمئنان الخادع، على كل المستويات السياسية والاقتصادية والثقافية والبيئية.

الأخوات، الإخوة،
أمام بلادنا تحديات كبرى،
تحدي حسم معركة الوحدة الترابية، حتى نتفرغ لاستكمال أوراش التنمية والدمقرطة.
وأمامنا كذلك تحديات عالم ما بعد جائحة كورونا، حيث صعد الأمن الطاقي، والأمن الغدائي، والأمن الصحي إلى مصاف الأولويات الوطنية، حتى في البلدان المتقدمة صناعيا وعسكريا واقتصاديا وتكنولوجيا.
هي تحديات، تفرض على الجميع الابتعاد عن الصراعات الهامشية، والمصالح الفئوية والشخصية، والأنانيات، والشعبويات، والاقتناع أننا في مركب واحد، يفترض أن يوصله الجميع إلى بر النجاة.
وهي تحديات من جهة أخرى، تؤكد أن مسار التنمية يجب أن يكون مستداما، وأن يفكر بمنطق مستقبلي يستحضر حقوق الأجيال القادمة في العيش الكريم، بسلام وأمن ورفاه.
ومن هنا أهمية المراهنة في حزبنا على شبيبتنا.

أيتها الأخوات، أيها الإخوة:
إن ما يقع في العالم، يظهر قصور الاختيارات النيوليبيرالية، التي قادت البشرية إلى كوارث التغيرات المناخية، والحروب، ونهب الدول الفقيرة، والتبعية عبر سياسات الاستدانة، والإرهاب والجريمة العابرين للقارات.
وهي فرصة لانبعاث التيارات الاشتراكية والتقدمية والإنسية من أجل عالم آخر ممكن، تتقلص فيه الفوارق الطبقية والمجالية، وتتراجع فيه الأصوات اليمينية المتطرفة، ونزوعات التشدد والإقصاء، وتتساوى فيه النساء والرجال على أرضية المساواة الكاملة.
ويجب أن يبقى، وأن يضل لحزبنا ولشبيبتنا دور في نهوض الحركات الاجتماعية الديموقراطية وطنيا وإقليميا ودوليا.

الأخوات، والإخوان:
وبالتالي فيجب أن نكون واضحين في انحيازنا للطبقات المتضررة من سياسات تفقير الأغلبية، مع استمرار أقلية في مراكمة أرباح ريعية، دون أدنى مساهمة في بناء اقتصاد وطني منتج للثروة وفرص العمل.
وبهذه الخلفية الديموقراطية الاجتماعية نحاكم السياسات العمومية التي تنهجها الحكومة الحالية، ولكم كنا نأمل ولو أننا في موقع المعارضة، أن يكون الجهاز التنفيذي في مستوى اللحظة المفصلية الصعبة التي يمر منها الوطن والعالم، ولكن للأسف خاب أفق انتظارنا.
وحين نتحدث عن خيبة الأمل، فليس ذلك من باب المزايدات التي ألف الناس أن تنهجها المعارضات في مواجهة الأغلبيات، ولكنها خيبة أمل يتقاسمها معنا المواطنات والمواطنون.
ولعلكم تتذكرون أنه في الأيام الأولى لتشكيل الحكومة، كنا قد صرحنا أننا سننهج سبيل المعارضة الوطنية الاقتراحية الإيجابية لوعينا بالوضعية الصعبة، وتتذكرون أن البعض كان يتهمنا بأننا ننهج معارضة ناعمة. رغم أن صوت الاتحاد الاشتراكي كان الأقوى في الجلسات العامة للبرلمان، وأشغال اللجن، ومواقف أجهزته وتصريحات قياداته وعمل مناضليه.
لكن للأسف، لم تكن الحكومة في مستوى المسؤولية، ولا في مستوى الظرفية الاستثنائية، ولا في مستوى ما يمكن أن نسميه فترة “السماح” التي تمتعت بها من طرف باقي الطيف الحزبي، ومن طرف الإعلام كذلك، فانتهجت للأسف خطابات متعالية، وسياسات قائمة على الهروب إلى الأمام، واختيارات لا يتوفر فيها حتى الحد الأدنى من التلقائية.
لقد غابت المقاربة التشاركية حتى داخل الحكومة، مما أنتج لنا قرارات متعارضة، ولا تحكمها أي استراتيجية، فكان طبيعيا والحال هذه أن يكون موقف الحكومة من المعارضة موقفا إقصائيا.ومتجاهلا لكل مبادراتها، سواء ذات الطبيعة السياسية أو التشريعية.
إن بلادنا في حاجة ماسة إلى حكومة منصتة، ومتجاوبة، ومبادرة، ولها رؤية واضحة على المستويين المتوسط والقريب، وهو ما تفتقده هذه الحكومة التي لا زالت تعيش في اللحظة الانتخابية، من خلال تصريحات وزرائها، إذ تكثر من آليتين خطابتين: آلية التسويف بالوعود، وآلية التبرير بظرفي الجفاف والوضع الحالي.
وعليه فإننا في الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، وعبر مؤتمركم هذا، نعيد تأكيد ما عبر عنه بيان المكتب السياسي (01/09/2022)،ندق ناقوس الخطر، ونقول بكل الوضوح الممكن: مستعدون من موقع المعارضة المسؤولة التعاون مع الحكومة في كل ما يخدم مسارات تنزيل السلم الاجتماعي بما يحفظ كرامة المواطنين، ويعين الطبقات المتضررة من الوضع الحالي على الخروج من عنق الزجاجة، ولكن في الوقت نفسه، فإننا لن نتوانى عن فضح كل سياسات التسويف وخدمة المصالح الشخصية على حساب معاناة أوسع الجماهير الشعبية، وسنتصدى بكل الحزم الممكن لاستمرار الوضع الحالي، فالمسؤولية عندنا كما تعني تفهم الأوضاع الصعبةـ فإنها كذلك تعني الجرأة في مواجهة سياسات العبث والالتفاف.
كما لا يجب أن ننسى أننا حزب باختيارات تقدمية وحداثية واضحة، ولذلك فنضالنا من أجل الحريات الفردية والجماعية، ومن أجل التحرر ومقاومة كل النزوعات المنغلقة، هو نضال مستمر وهو محدد من محددات هويتنا الاتحادية، وأنتن وأنتم شابات وشباب الحزب مطوقات ومطوقون بأمانة الدفاع عن المساواة الكاملة بين النساء والرجال في القوانين والواقع والمناصب والتمثيليات والسياسات، ولا عذر لكم ولا لكن إن تراجعتم عن هذه الاختيارات أو أخضعتموها للمساومة، ولن ترهبنا أصوات التكفير والتغليط والاتهامات المغرضة.

أيتها الأخوات، أيها الإخوان
ينتظرنا عمل كبير من أجل الإسهام إلى جانب كل القوى المجتمعية والسياسية والنقابية والجمعوية في الانتصار لقضيتنا الوطنية، ولا أحتاج إلى تذكيركم بالأدوار التي لعبتها الشبيبة الاتحادية في هذا الإطار.
لكنكم كذلك، تعلمون أن الأزمة الطاقية الكونية، للأسف استثمرها جيراننا في مزيد من محاولات خلق العراقيل أمام بلادنا في سعيها لإقناع المنتظم الدولي بجدية ومصداقية المقترح المغربي بمنح أقاليمنا الجنوبية حكما ذاتيا في إطار السيادة الوطنية الكاملة.
ولذلك، فإن من أولى الأولويات عندنا، هي تعبئة كل مواردنا البشرية والتنظيمية والإعلامية التي نتوفر عليها في حزبنا، من أجل أن نكون رواد وطليعة الدبلوماسية الموازية، وأن نستثمر كل علاقاتنا الخارجية، ونبني أخرى، من أجل أن نكون جزء متينا من جدار صد مناورات خصوم وحدتنا الترابية.
ولعل موقعنا في المعارضة البرلمانية، قد يكون ورقة إيجابية، إذا أحسن استثمارها، لبيان أن قضية الصحراء المغربية هي قضية دولة ووطن ومجتمع وشعب بمختلف تياراته ومناطقه وأجياله.
إن قضية الوحدة الترابية من قضايا السيادة، وحين نقول إنها من قضايا السيادة، فهذا لا يعني كما يفهم البعض النزوع إلى الانتظارية، والاكتفاء بالمبادرات التي تقوم بها الخارجية مستلهمة التوجيهات السديدة لصاحب الجلالة، بل يعني أنها من القضايا التي ليست موضع خلاف ومنازعة بين المؤسسات، ولا بين التنظيمات، ولا بين سائر التعبيرات المجتمعية.
ولذلك فإن الإجماع الوطني على مغربية الصحراء، وعلى ضرورة استرجاع كل شبر من الوطن، يجب ترجمته عمليا في خلق مبادرات مدنية وحزبية وشبيبية، داخليا وخارجيا للمساهمة في الطي النهائي لهذا الملف، والترافع في كل المنتديات الإقليمية والدولية دفاعا عن الحق الوطني.
وهذا يقتضي العودة لتملك هذا الملف داخل تنظيماتنا، وخصوصا الشبيبية، ولم لا التفكير في مرصد الوحدة الترابية، الذي تكون من مهامه تجميع الوثائق ووضع الدراسات بكافة الخلفيات القانونية والأنتروبولوجية والتاريخية والسياسية التي يجب وضعها في خدمة الترافع عن السيادة المغربية على كل الأرض المغربية.

أيتها الأخوات، أيها الإخوان
وأنتم تعقدون مؤتمركم، لا شك أن قضايا الشباب ستستأثر باهتمامكم، وأحب بهذه المناسبة أن أنبه إلى التراجع الفظيع للفضاءات الشبابية التي كانت بمثابة الحاضنات للإبداع والتربية على المواطنة والحقوق والحريات، من قبيل دور الشباب والأندية السينمائية والجامعات الشعبية التي كانت مشروعا اتحاديا رعاه الأخ السي محمد الكحص، ولكن أقبره الذين توالوا على تسيير وزارة الشباب والرياضة، ولقد كانت تلك التجربة المتميزة واحدة من الخطوات الاستبقاقية لمقاومة فكر التطرف من جهة، ومد التفاهة من جهة أخرى.
ولأن المناسبة شرط، وتفاعلا مع الحادث الأليم الذي أودى بحياة طالبين من جامعة محمد الأول بوجدة، اللذين قضيا رحمهما الله بمضاعفات الحريق الذي تعرضا له، كما تعرض له آخرون في الحي الجامعي، وبعد الترحم عليهما، وتقديم العزاء الصادق لعائلتيهما، يجب أن نفتح ملف الأحياء الجامعية.
إن هذه الأحياء التي يدبرها شؤونها رجال سلطة خلافا لباقي المؤسسات الجامعية، تعيش أوضاعا غير مقبولة، فمن جهة لا يتم تغيير مدبريها إلا بعد مرور سنوات طويلة، بخلاف التغييرات التي تقع في دواليب رجال السلطة، بل إن الحركة الانتقالية السنوية لا تطالهم، ولقد كانت هذه الأحياء محط تقارير للمجلس الأعلى للحسابات، بما فيها الحي الجامعي لوجذة مسرح الأحداث المأساوية للأخيرة، وهي تقارير وقفت على اختلالات كثيرة في طرق التدبير، وفي نقص الخدمات، وغيرها مما كان ينبغي التدخل العاجل، من أجل حق طلبتنا في إقامة بحد أدنى من الظروف التي تساعد في التحصيل الأمثل مع احترام كرامة الطالبات والطلبة.
ولذلك أعتقد أن من بين القضايا التي يجب أن تهتم بها الشبيبة الاتحادية إلى جنب كل التعبيرات المدنية الحداثية والديموقراطية هو تأهيل الفضاءات الشبابية وتعميمها على سائر التراب الوطني، خصوصا في البوادي والأحياء المهمشة، وذلك لمساعدة شبابنا وشاباتنا على اكتساب قيم التنوير والتفتح والوطنية، ومواجهة كل خطابات التطرف والإحباط والعدمية والانتهازية.

أيتها الأخوات، أيها الإخوان.
لا تفوتنا الفرصة دون أن نهنى قيادة الشبيبة الاتحادية على مختلف الأدوار التي لعبتها خلال هذه المرحلة.
لقد كانت بصدق من أوراقنا الرابحة خلال المحطة الانتخابية، كما كانت مساهمة بقوة في الحفاظ على وحدة وتماسك الأداة الحزبية خلال هذه المرحلة.
ولقد انتصرت ببصيرتها لخيار الوحدة الحزبية، دون أن تفرط في طابعها النقدي الخلاق، ولكن دون أن تنزع إلى ممارسات مغامراتية أو طفولية.
وأملنا أن تستمر الشبيبة الاتحادية محتضنة للحوار الخلاق، والنقد الذاتي البناء، وحماية الحزب وإرثه، واحتضان شابات وشبان البلاد التواقين للحرية والمساواة والعدالة الاجتماعية، ومشتلا دائما لصناعة النخب الوطنية أولا، والحزبية ثانيا.
وكما قلت لكم في مؤتمرنا الأخير، فإن التشبيب والتأنيث يجب أن يكون من عناوين هذه المرحلة، فكما ندعو لجعل الأداة الحزبية مختبرا للمناصفة، فإننا كذلك سنكون داعمين لكل القوى الشبابية في الحزب، وأملنا أن ننجح في بناء علاقات اتحادية أخوية على قاعدة الإنصات المتبادل: بين النساء والرجال، بين المركز والأطراف، بين الأجيال، بين القيادة والقواعد.

أيتها الأخوات والإخوة:
قبل أيام كنت أفكر، فيم يمكن أن أوصي به شبيبة الحزب؟ ما الذي يمكن أن أقدمه لهم كخلاصة من تجربة حزبية طويلة راكمتها في هذا البيت الاتحادي؟
وبإمعان التفكير، واستحضار لحظات كثيرة خلال السنوات الأخيرة، وجدتني بدوري قد استفدت من شابات وشباب في هذا الحزب، سواء بملاحظاتهم أو كتاباتهم أو استشاراتهم أو تنبيهاتهم، وأحيانا حتى بصمتهم.
فخلصت إلى أن جيلي يمتلك خبرات وتجارب، وأن جيلكم يمتلك كذلك خبرات تنقصنا، وأن المستقبل هو لهذا الحوار بين جيل المناشير وجيل الثورة الرقمية، لكي نستطيع بناء توليفة تزاوج بين القيم والمصالح، بين عناوين الهوية ومفردات الإبداع.

أيتها الأخوات والإخوة:
لقد كان مؤتمر الحزب الأخير جوابا عن الراهن، جوابا تنظيميا من أجل وحدة وصلابة الحزب، وجوابا سياسيا عن مرحلة ما بعد انتخابات 8 شتنبر 2022، ولكن مؤتمركم يدب أن يكون جوابا مستقبليا، جواب عن الاتحاد الاشتراكي في قادم السنوات،
هذا المؤتمر يجب أن يكون بمثابة تمرين تنظيمي وسياسي وفكري وقيمي يؤهل لمؤتمر الاتحاد الاشتراكي القادم، الذي لي اليقين التام أنه سيكون محطة أساسية لتصدر المشهد الحزبي والسياسي، لأنه لا مستقبل للأوطان في المرحلة المقبلة إلا عبر البدائل الديموقراطية الاجتماعية، ولذلك ليس غريبا أن تكون التوجيهات الملكية في خطب السنوات الأخيرة متجهة نحو منحى تحصين البلاد اجتماعيا بالدرجة الأولى.
ولذلك يطيب لي أن أقف عند شعار مؤتمركم: حرية، كرامة، مساواة.
إنه شعار قد يبدو للوهلة الأولى، وكأنه محاكاة لشعارات ما يسمى بالانتفاضات التي حدثت في منطقتنا سنة 2011، والذي كانت حركة 20 فبراير تعبيرها المغربي، وقد كانت مساهمة شبية الحزب من خلال اتحاديو 20 فبراير متميزة، لجهة الدفاع عن ضرورة التغيير في إطار الاستقرار والحوار والتفاوض النبيل، والتجاوب الإيجابي مع التفاعل الملكي الخلاق. فلم يركب شبابنا صهوة المغامراتية التي أغرقت بلدانا أخرى في بحر الدماء والتقسيم والطائفيات المقيتة، ولم يجبن عن الانخراط في حراك شبابي سلمي مدني، ومحاولة التأثير من داخله لصالح تقوية المكاسب الديموقراطية والمحافظة على الاستقرار،
ولذلك أتعجب ممن ولم ينخرط لا في الدينامية الشبابية التي أمر أتباعه بالانسحاب منها تحت طائلة العقوبات التنظيمية، ثم بعد ذلك قطف الثمار، مدعيا أنه من حفظ الاستقرار واستقرار النظام، وهو لم يكن إلا متفرجا، وبعد ذلك تفاوض تفاوضا غير نبيل على حساب الديموقراطية والحريات، ولا داعي للتذكير بما حصل إثناء المداولات حول الدستور.
الأساس، هو أنني أعتبر شعاركم : حرية كرامة مساواة، هو استئناف لشعار الاتحاد الاشتراكي عند التأسيس الذي هو: تحرر اشتراكية ديموقراطية.
فالحرية معادل موضوعي للتحرر، والكرامة معادل للاشتراكية، والديموقراطية معادل للمساواة.
إنه شعار يختزل الخيارات الاجتماعية الديموقراطية الحداثية، بمعنى الوضوح الإيديولوجي المتجسد في الانتصار للمطالب المشروعة للشباب والنساء والطبقة المتوسطة والفقيرة.

أيتها الأخوات، أيها الإخوان.
أتمنى لأشغال مؤتمركم كامل التوفيق، وستجدون دائما الدعم والسند مني، ومن كل عضوات وأعضاء الأجهزة القيادية الحزبية وطنيا وجهويا ومحليا.
ولا أخفيكم أن لحظات مؤتمرات الشبيبة الاتحادية تشكل لي دائما لحظات للنقد الذاتي والمساءلة واختبار اختياراتنا. إنها ترمومتر حقيقي لقياس درجة صحة الحزب وسلامته.
قدمت من الشبيبة الاتحادية وهي فكرة لم تتأسس بعد، وساهمت رفقة أخوات وإخوان صدقوا ما عاهدوا الله والوطن والحزب عليه في تأسيس هذه الشبيبة في ظروف صعبة أمنيا وسياسيا وحزبيا، واليوم أخاطب عضوات وأعضاء الشبيبة وقد اشتد عودها، وأنا مطوق بأمانة الكتابة الأولى.
لذلك لا يسعني في الختام إلا أن أقول:
أنتن وأنتم ورثة المشروع الاتحادي الكبير، ولي كامل الثقة فيكم.

 


بتاريخ : 29/09/2022