«العزيز الفنان الكوريغرافي الباذخ لحسن زينون، شاء لك قدرك الشخصيّ الزاخر أن توقف اليوم رقصك الطويل بين حلبات الوجع القديم، وباحات الذاكرة الموشومة، ومرافئ الاغتراب البلجيكيّ، وجروف الاختبارات المغربية التي واجهتَ فيها باكراً رعب الخطوط الحمراء التي رسمها في أجسادنا ولغتنا وأرواحنا تاريخ ذهنيّ رهيب من المحاذير والموانع. لكنّ الذي ناداك منذ البدء كان أعلى وأقوى من الحدود التحريميّة التي اصطدمتْ بها حساسيتُك الفنّية المبكّرة. وكان أن عبرتَ بصبر المغرم بحرّية روحه، واستماتة المؤمن بمشروعية حلمه، ما لا يُحصى من الخذلانات والمخاطر لكي تكون ما صِرته بعد كفاح مرير، أي ذلك الفنان الراقص المجدّد لامتدادات الجسد وآفاق لغاته غير المسموعة سوى من طرف المتصوفة السالكين في معارج الأشواق. لأن الجسد أرواح وجغرافيات تواقة لتلك «الارتماءات الفرحانة» التي وصف بها مالارمي كلاًّ من الحُبّ والشعر. وأنت كنت وستظلّ شاعراً فذّاً في كلّ ما أنجزته من كوريغرافيات وتوثيقات للرقصات وإخراجات فخمة لأشرطة ضمختها بمسك رهافتك وحصافة رؤيتك. قال الخبر إن نزيف الدماغ أدخلك غيبوبة لم تستفق منها. لكنني أفضّل أن أفكر بأنك نمت ما وراء «الحلم المحظور»، وأنك حين قالوا إنك رحلتَ، إنما خرجت من عمق نومك لتدخل الحلم الكبير غير المحظور، الحلم الذي يمكن فيه لـ»أمير الصحراء»، كما سمّتك الفنانة إيزابيل أدجاني، أن يستأنف الرقص الذي كان هواه الأعظم».
الكاتب والمترجم المغربي محمد الشركي: سيد «الارتماءات الفرحانة»
بتاريخ : 18/01/2024