نظرا لما للمعطيات الشخصية من أهمية بالنسبة للمقاولات من أجل الرفع من نشاطها التجاري وما يحمله من مخاطر إمكانية استعمال معالجة المعطيات الشخصية للأفراد ، فقد كان لزاما وضع إطار قانوني لضمان حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي للأفراد من خلال إصدار القانون رقم 08 / 09 بتاريخ 18 نونبر 2009 ، يقول رئيس المكتب الجهوي للودادية الحسنية للقضاة بالدار البيضاء في كلمته خلال ندوة نظمتها اللجنة الوطنية لمراقبة حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي بشراكة مع الودادية الحسنية للقضاة يوم الجمعة 24 نونبر الجاري، وذلك حول موضوع ” دور القضاء في تكريس حماية الحياة الخاصة والمعطيات الشخصية ” ، مضيفا أن إصدار القانون رقم 08 / 09 لم يكن كافيا لتحقيق الحماية المطلوبة، لذلك كان لابد من إحداث مؤسسة تسهر على التطبيق الفعلي لهذا القانون على أرض الواقع ، فجاء إحداث اللجنة الوطنية لمراقبة المعطيات الشخصية لتكريس الثقة الرقمية في المملكة، وكمؤشر يدل على انخراط المغرب في المنظومة الحقوقية وحقوق الإنسان . نفس المتحدث يضيف أن إصدار القوانين و إحداث لجان لتتبع تنفيذها وتلقي الشكاوي بشأن خرق الحياة الخاصة للأشخاص غير كاف لوحده لزرع الطمأنينة في نفوس المواطنين في غياب مراقبة قضائية لأن القضاء هو الذي يزرع الروح في النصوص والتشريعات القانونية ، لكن القرارات القضائية التي تناولت موضوع حماية المعطيات الشخصية تبقى محدودة ،يقول رئيس المكتب الجهوي للودادية الحسنية للقضاة ، إذا ما قورنت بنظيراتها في البلدان الأوربية ، فالقضاء الفرنسي أدان مسير صندوق التوفير الذي سلم معطيات الزبناء لشركة إشهار دون أن تكون لذلك علاقة بنشاط صندوق التوفير ، ثم أدان القضاء الفرنسي كذلك مسؤولا بنكيا قام بنشر لائحة سوداء لزبناء البنك ليطلع عليها التجار ، ومع كل ذلك يبقى المغرب أول بلد عربي يصدر قانونا حول المعطيات الشخصية وله هيأة مراقبة في هذا المجال.
الحسين أنيس الكاتب العام للجنة الوطنية لمراقبة حماية المعطيات الشخصية جاء في كلمته خلال هذه الندوة أنه كان من الضروري الكشف عن حصيلة أنشطة عمل اللجنة الوطنية بعد مرور خمس سنوات على إجبارية تطبيق القانون رقم 08 / 09 للسماح بتقييم وضعية حماية المعطيات الشخصية ببلادنا بصفة منتظمة ، قصد تحديد المكاسب التي يجب المحافظة عليها و للوقوف على المحاور التي يتعين تطويرها للمزيد من ترسيخ ثقافة حماية الحياة الخاصة. اللجنة الوطنية لمراقبة حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي ، يقول الكاتب العام ، قامت منذ سنة 2012 بتنشيط 112 ندوة تحسيسية ، وعقدت ما يناهز 215 اجتماعا ، و كانت تتلقى يوميا حوالي 20 مكالمة هاتفية للاستفسار حول مقتضيات القانون رقم 08 / 09 ، وخلال سنة 2014 قامت اللجنة ب 638 عملية مراقبة ، وبتنسيق مع السلطات القضائية قامت سنة 2016 بأول مسطرة حجز لمعدات تستعمل لمعالجة المعطيات الشخصية وإحالة أول ملف على القضاء . وبعد مرور خمس سنوات عن إجبارية تطبيق القانون 08 / 09 وصل مجموع عدد الشكايات التي توصلت بها اللجنة الوطنية ما يناهز 1600 شكاية و بإحالة 13 ملفا على القضاء و الذي بت في أربعة منها كلها ذات صلة بالصورة ، و ببرمجة 775 وصلة إشهارية بصرية وسمعية فكان لذلك وقع إيجابي ساهم في الرفع من وعي الأشخاص بأهمية حماية معطياتهم الشخصية وإدراكهم بأنهم يتوفرون على نفس الآليات المتوفرة على الصعيد الدولي في مجال حماية الحياة الخاصة . نفس المتحدث أكد أن المغرب شرع في وضع نواة فقه خاص به في مجال حماية المعطيات الشخصية وفي هذا الصدد قامت اللجنة الوطنية بإعداد 24 مداولة فقهية والإدلاء برأيها في عدة مشاريع قوانين واتفاقيات دولية في مجال اختصاصها .
اللقاء عرف تقديم أربعة عروض لمتدخلين من اللجنة الوطنية والسلطة القضائية. تمحور العرض الأول حول وضعية حماية الحياة الخاصة والمعطيات الشخصية بالمغرب بعد خمس سنوات من إجبارية تطبيق القانون رقم 08 / 09 والتحديات التي توجه اللجنة الوطنية في تنزيله ، وركز العرض الثاني على كيفية التنزيل الفعال للعقوبات المنصوص عليها في القانون ، وناقش العرض الثالث آليات رقابة القضاء في مجال حماية المعطيات الشخصية ، والعرض الرابع تم فيه تقديم نبذة عن النظام العام الأوربي الجديد لحماية المعطيات وتطبيقه على المؤسسات المغربية . وأجمع المشاركون في هذا اللقاء على أنه شكل مناسبة للتواصل مع هيأة القضاء التي تعتبر فاعلا أساسيا في تنزيل المقتضيات القانونية بصفة عامة ومقتضيات القانون رقم 08 / 09 المتعلق بحماية الأشخاص الذاتيين تجاه معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي بصفة خاصة ، ومناسبة كذلك لتعبئة جميع الفاعلين قصد الرفع من مستوى حماية الحياة الخاصة والمعطيات الشخصية ببلادنا، سواء تعلق الأمر بالتحسيس و التنديد بالخروقات و تطبيق العقوبات . وخلصت الندوة إلى إصدار مجموعة من التوصيات منها تطوير سبل التعاون بين اللجنة الوطنية والجهاز القضائي لاسيما في تفعيل العقوبات في حق المخالفين للقانون ، تنظيم ندوات تحسيسية مماثلة في باقي جهات المملكة ، ضمان يقظة دولية في مجال تتبع الاجتهادات القضائية من أجل حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي ووضعها رهن إشارة القضاء .
اللجنة الوطنية لمراقبة حماية المعطيات الشخصية : تسجيل 1600 شكاية وإحالة 13 ملفا على القضاء
الكاتب : لحسن بنطالب
بتاريخ : 29/11/2017