المؤتمر التاسع للجمعية المغربية لجراحة المسالك البولية بالمنظار تحت مظلة طبية-دينية

في قلب هذا اللقاء شخصية البروفيسور رضوان ربيع، الذي يجتمع فيه حب العلم وحب الوطن..

 

تميز المؤتمر التاسع للجمعية المغربية لجراحة المسالك البولية بالمنظار بلقاء طبي-ديني، حول الختانة وروح الأديان، الذي عرف مشاركة ممثلي الأديان وممثلي الطب.
ولقد نظمت ‏الجمعية المغربية ‏لجراحة ‏المسالك البولية بالمنظار، في إطار فعالياتها العلمية،‏ ‏مؤتمرها التاسع أيام 11، 12 و13 فبراير 2021 بجامعة محمد السادس للعلوم الصحية، ‏في الدار البيضاء.
المؤتمر الذي نظم تحت الرعاية السامية لجلالة الملك راعى الظروف الصحية الحالية التي تمر بها البلاد والعالم أجمع ، فتبنى المنظمون اعتماد تقنية التواصل عن بعد، وتم حصر عدد الحضور داخل قاعة المؤتمرات، في احترام تام للإجراءات الوقائية لجائحة كوفيد-19.
قد شكل هذا اللقاء العلمي فرصة للأطباء المغاربة العامين والاختصاصيين ‏للتكوين المستمر وتبادل التجارب مع خبراء عالميين في جراحة المسالك البولية وكذا اختصاص الفحص بالأشعة و اختصاص الأمراض السرطانية و ‏العلاج بالأشعة.
وعرف المؤتمر إلقاء محاضرات ‏في مواضيع ‏شتى، تهم سرطان الكلى، ‏سرطان البروستات، سرطان المثانة، وكذا تدارس المستجدات حول التضخم الحميد للبروستات، و علاج حصى الكلي، و أيضا الطرق الحديثة لعلاج المشاكل الجنسية و مدى تأثيرها على العلاقات الأسرية، كما سيكون هذا المؤتمر فرصة لتدارس الطب التجديدي و الخلايا الجذعية، و المكانة المتوخاة لعلاج أمراض تخص المسالك البولية خاصة و باقي الأمراض عامة. و سيختتم هذا اللقاء بإلقاء الضوء على أهمية الوقاية، و لاسيما في ظل جائحة كوفيد-19. و بالموازاة مع المحاضرات العامة، تم تنظيم ورشات عمل لتقديم تقنيات جراحية حديثة وقد اغتنم الدكتور رضوان ربعي المناسبة للاحتفاء بالرئيس المؤسس البروفيسور عبد العزيز معوني، الطبيب الشخصي لملك البلاد، وكانت المناسبة أيضا سانحة لأجل الوقوف أمام أرواح كل العالمين في محاربة الجائحة، الذين سقطوا في ساحة الشرف، ومناسبة لتحية الذين ما زالوا في خنادق المواجهة بإيمان واخلاص وتفان…

 

 

في قلب العمل الدؤوب للجمعية تقف شخصية علمية ووطنية لا تكل ولا تتعب، إنه البروفيسور رضوان ربيع .. وهو يعتبر بخبرته الممتدة على 25 سنة في المجال الطبي، أحد الآباء المؤسسين لجراحة المسالك البولية في المغرب، و أول مغربي يعالج أمراض البروستاتا عن طريق الليزر، و أول طبيب يستخدم الخلايا الجذعية لمجابهة السكري والشيخوخة، واحد الجراحين الأوائل الذين استعانوا بجراحة المسالك البولية الآلية ثلاثية الأبعاد…”
اليوم، و في سن 54 سنة، يرى في البروفيسور رضوان ربيع، أخصائي المسالك البولية البارز، المتخصص في الصحة الجنسية و مؤسس التجديد في المغرب، علاوة على العالم العربي و إفريقيا، الطبيب المنتظم على التجارب الأولى و السباقة في مجاله، و دو البصمة الواضحة في الاكتشافات العلمية و الطبية، كيف لا وهو شخصية لها إنجازات مهمة في مجال تخصصه، منها ما ذكرناه مسبقا، ومنها ما لا يتسع ذكره في هذا المقال، والذي تكفي الشهادات الدولية الإيجابية في حقه، ليظهر مدى أهمية البصمة المغربية في العالم، و منها بصمة البروفيسور رضوان ربيع العلمية و الطبية.
و ما بين عمله في الاستشارات الطبية، في العمليات الجراحية، و في الأبحاث العلمية، الأخيرة التي نشر منها ما يقرب من 160 دراسة علمية و طبية، علاوة على محاضراته عبر الإنترنت، فإن رضوان ربيع لا يرى فيه سوى رجل شغوف جدا بمجاله، لا يمل و لا يتعب ومنغمس بوضوح تام، في كل مجلد أو كتاب أو منشور علمي يرتبط بمجال تخصصه، غير أن كل انشغالاته لم تمنعه البتة، من استقبال فريق مجلة “باب”، في مكتبه الفخم و الراقي، المتموقع ضمن المستشفى الجامعي الدولي “الشيخ خليفة” في مدينة الدار البيضاء، الذي نظم مؤخرا المؤتمر التاسع لجراحة المسالك البولية، ما بين 11 و 13 من فبراير 2021 بحضور مختصين من الأطباء و رجال الدين المسلمين و اليهود، في لقاءات تفاعلية بتقنية التناظر المرئي.
يوصف البروفيسور ربيع، بصاحب القامة الطويلة والنحيلة، يعلوها شعر اسود ناعم، مرتديا بلوزته البيضاء الطاهرة و على وجهه ابتسامة بيضاء مشرقة، التقانا بها خلال استقباله لفريقنا الصحافي، بطبيعة الحال لفظيا و ليس جسديا للدواعي الصحية الحالية. و على الرغم من عشرات الجوائز، و الشهادات التقديرية الدولية، و الصور التذكارية رفقة شخصيات سياسية و طبية كبيرة، التي ملئت كل مكان في الحائط المعلقة عليه، غير أن البروفيسور ربيع لا يزال ببساطته المميزة، سمة لا يمتلكها إلى الرجال العظماء في مجالاتهم، و التي حطمت شيئا من الجمود في الحوار معه، وتحديدا في ما يخص المنجزات المحققة في مجال جراحة المسالك البولية في المغرب، والتي يستند أغلبها الى مشاركته العلمية و الطبية فيها، من خلال عمله كأستاذ وباحث في المجال.
يتمتع رضوان ربيع، بخبرة من 25 سنة في مجال عمله، وله قدرة كبيرة على مواصلة الحديث عن مجال عمله لساعات طويلة، بطلاقة و باللغات العربية و الفرنسية و الإنجليزية، أو كما نحب أن نصفه ب”ابن بطوطة” في مجال الطب. زار البروفيسور، العديد من البلدان خلال رحلاته، منها فرنسا و ألمانيا و اليابان، ناهيك عن كوريا و أستراليا و المملكة المتحدة و أمريكا… متنقلا بين الندوات و المستشفيات بها، و زارها في رحلته العديد من عواصم البحث الطبي الدولية. و في كل مرة يعود فيها إلى ارض الوطن، يأتي بابتكار جراحي أو اكتشاف علاج جديد، يضيفه الى معارف أطباء وطنه الأم، و له الفضل في ولوج جراحة المسالك البولية إلى المغرب سنة 2000، و التبخر الإنتقائي للبروستات (VPP) سنة 2013، وهي تكنولوجيا متقدمة توفر ميزات الراحة الفائقة و الأمان للمرضى، دون أن تكون ذات تكلفة مرتفعة عليهم.
بالرغم من تعدد وسائل عمله، إلا أن للبروفيسور رضوان ربيع، وسيلتان يرتاح لهما و تبديان على نفسه رضا كبير. الأولى إجراء العمليات الجراحية، في إطار قافلة طبية تنظمها سنويا، الجمعية الوطنية لأطباء المسالك البولية التي أسسها ويرأسها، و رحلاتها نحو القرى غير الساحلية، لتمكنهم من أفضل التقنيات الطبية في العالم، منها ما اعتمدته مؤسسات طبية مرموقة في اليابان و كوريا، يصرح البروفيسور قائلا: “بالنسبة لي، هي نشوة تصاحب لحظة قوية من تواجدي هنا”. الثانية، قدرته ولافتخار محاورنا، على “دمقرطة” و “إزالة الغموض” حول جراحة البروستاتا في المغرب، من خلال استخدام تقنية جراحة “التبخر الانتقائي للبروستات”، عملية أزالت خوفا كان يؤرق المرضى في الماضي، و لا تجبرهم على المكوث في المستشفى كذلك.
بالحديث عن ذكرياته، يبرز في ذهنه لقاؤه مع أسطورة الطب التجديد، مع الطبيب الأمريكي أنطوني أتالا، لقاء وحدث مهم في مسيرة مهنية من 25 سنة، لكون الطبيب الأمريكي رئيسا لقسم المسالك البولية في كلية “ويك فوريست” للطب، بولاية كارولاينا الشمالية، و الذي تمت استضافته في المؤتمر العربي 16 لجراحة المسالك البولية، الذي نظم في مدينة الدار البيضاء سنة 2019، هناك حيث توطدت علاقة الصداقة بين الطبيبين الجراحين، مازالت قائمة إلى غاية اليوم.
مازال حبه الأول، حبه الطبي بطبيعة الحال، متعلقا بشغفه بالدراسات حول الخلايا الجذعية، شغف سيظل معه إلى آخر عمره ويقول فيه: “إن الخلايا الجذعية هي مستقبل الطب. خلال العقود القادمة، سيختفي المفهوم الحالي لكل من الطب و تطبيقاته، و ستترك المكان للطب التجديدي و إمكانياته الكبيرة و المذهلة، و التي لا زلنا لن نكتشف جميع أبعادها، غير انها ستكون الحل المعجزة في مواجهة أمراض لا نملك القدرة حاليا على الشفاء منها، أمراض لا تقدم لها العلوم الآن سوى علاجات ترقيعية، على غرار أمراض السكري و الزهايمر و الشيخوخة و غيرها الكثير.. كما يمكن للخلايا الجذعية، أن تكون درعا قويا في مواجهة الأمراض المؤثرة على النظام المناعي من قبيل كوفيد-19”. من حديثه، يظهر بأن البروفيسور لا يؤمن بالمستحيل، وأن هذا اللفظ غير حاضر في قاموسه الطبي.
و يعقب قائلا: “في الكثير من الأحيان، عند تجربتي لهذا العلاج أو تلك الطريقة في المغرب، يقال لي ماذا ستفعل بها هنا؟، لا مستقبل لها على ما يبدو؟، لن يطول حضورها و ستندثر سريعا، و غيرها من الجمل المحبطة.. لكنها لا تؤثر بي لأن مساعي أكبر من هذه الجمل. إن ما أقدمه رفقة عودتي الى المغرب من تقنيات جديدة، تمثل بالنسبة لي تحديا لإنجاحها في وطني، و دليلا دامغا لكل محبط و مشكك في مقدرتي على تجاوز ه\ه التحديات، و كسر حاجز المستحيل ليصبح ممكنا”. ينضاف إلى ما سبق، تكوعه الدائم لتجربة كل تقنية جديدة و مفيدة، لإثبات إمكانية نجاحها و مساعدتها للمرضى على الشفاء، و لإيمانه بمبدأ وحيد “العطاء الجيد يبدأ من الذات”، مبدأ يستمر في تطبيقه بالرغم من تجاوزه لسن الخمسين سنة، فقط في سبيل العلم و المرضى المغاربة.
ويردف قائلا: “لتجربة مدى مقاومة الخلايا الجذعية للشيخوخة، تطوعت لحقني ببعض منها في وجهي، كما قمت توصية مرضاي بتجربة هذه التقنية، لذلك أنا على علم بما أقوم به”. في الغرفة المجاورة لمكتبه في المستشفى الجامعي، إحدى مريضاته تهم بالذهاب إلى المنزل، بعد عملية ناجحة لها، معقبا بالقول حولها: ” لقد كانت تعاني من اضطرابات في الذاكرة. لذلك، قمنا بحقنها ببعض الخلايا الجذعية التي ستأخذ مكان الخلايا القديمة التي تراجع أداؤها بمرور الزمن. و للمصادفة، فقد طلبت سيدة من عائلة المريضة، أن تتلقى نفس العلاج كقريبتها، وذلك لإعجابها بهذه التقنية المتطورة”. والمثير للإعجاب، أن نجاح هذه التقنية بلغ الشرق الأوسط، حيث أجرى البروفيسور رضوان، نفس الجراحة لعملاء من الإمارات العربية المتحدة.
خلال جولته ، في المركز الاستشفائي للطب التجديدي، الذي يشرف عليه محورنا، ولجنا قاعة العلاجات حيث يشرف على المرضى من قبل فريق علاجي متخصص، يضم أخصائي في التجميل واخصائي في أمراض النساء و أخصائي في الأمراض الجلدية، للوصول إلى نتيجة الشفاء التام، في غرفة ملونة بالأصفر والبرتقالي، ألوان الفرح و السرور كما يصفها البروفيسور، ألوان قد لا تخفف عليه ثقل المسؤولية الطبية التي يحملها دائما، غير انها و رفقة مزاجه المرح و ضحكته الطفولية، قد تخفف شيئا ما من الضغط النفسي الذي يلحقه، علاوة على علاقاته المتشعبة مع عائلته و أبنائه، الذين هم سنده و داعميه الأوائل في الحياة.
يعقب حول عائلته قائلا: “من الصعب جدا، عندما تكون أخصائيا صحيا معروفا و لك جمهورك في المجال، علاوة على مرورك بمثل هذه الفترة الصعبة صحيا، أن توازن بين حياتك المهنية وحياتك الأسرية. إن الجزء الأصعب في كل هذه الجلبة، هو التوجه إلى المنزل ليلا، خوفا من إيصال الفيروس الى أحبائك دون قصد. لكن، و الحمدلله، أنا محظوظ لكون عائلتي محبة و متفهمة، و تمنحني دعمها بكل طاقتها، و تشجعني على المضي قدما في عملي”. على ذكر العائلة، لم تسلك نفس الطريق الدراسي سوى واحدة من بناته الاربع، التي توجهت الى جامعة محمد السادس للعلوم الصحية، في حين أن البكر تخرجت من كلية لندن للاقتصاد، و الثالثة ستكون على موعد مع شهادة الباكالوريا، و الأخيرة ستلتحق بالتعليم الابتدائي. يقول فيهن بنبرة مازحة “لطالما كانت إحداهن، تتفاخر بتوجهها لدراسة الطيران، على أختها الأخرى التي اختارت مهنة الطبخ، ولما ستوفره هذه المهنة من مميزات كبيرة لها. غير أن الحال اختلف الآن، إذ يبدو أن الطاهية ستهزم قائدة الطائرة”.
يردف قائلا: “لقد تغيرت الأحوال، بقدوم فيروس كوفيد-19، الذي غير العديد من النماذج العملية على مستوى العالم، والدي غير نظرتنا في العديد من الأمور و المناحي الحياتية، وساعدنا في التمييز بين ما هو أساسي و ما بين هو ثانوي في حياتنا ككل. لذلك،، لم تكن الجائحة الوبائية سيئة الى تلك الدرجة، بيد أنها قدمت لنا دروسا و مواعظ عظيمة”، رؤية واقعية نابعة من مهنتي و تجربتي في الحياة.

ملحوظة: الورقة تم الاعتماد فيها على الوثائق التي قدمتها الجمعية عن المؤتمر..

 

 


الكاتب : إعداد : المهدي المقدمي

  

بتاريخ : 22/02/2021

أخبار مرتبطة

  بالنسبة لقارئ غير دروب بالمسافات التي قطعها الشعر المغربي الحديث، فإنّه سيتجشم بعض العناء في تلقّي متن القصائد الّتي

« القصة القصيرة الجيدة تنتزعني من نفسي ثم تعيدني إليها بصعوبة ، لأن مقياسي قد تغير ، ولم أعد مرتاحا

أكد على أن تعامل الحكومة مع القطاع ومهنييه يساهم في اتساع دائرة الغموض والقلق   أكد ائتلاف يضم عشر جمعيات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *