وضع المجلس الأعلى للسلطة القضائية الحماية الجنائية للطفل في صلب دورة تكوينية افتتحت، أول أمس الاثنين بالرباط، لفائدة قضاة الأحداث وقضاة النيابة العامة المكلفين بقضايا الأحداث.
وتندرج هذه الدورة التي تقام حول موضوع «الحماية الجنائية للأطفال بين الآفاق القانونية والإكراهات البنيوية»، في إطار برنامج طموح يروم دعم قدرات القاضي المكلف بحماية الأحداث، وتعميق النقاش حول الإشكاليات القانونية والعملية التي يثيرها هذا الموضوع.
كما تهدف الدورة التي تنظم بتعاون مع رئاسة النيابة العامة وصندوق الأمم المتحدة لرعاية الطفولة (يونسيف) وبتمويل من الاتحاد الأوربي، إلى تحديد إسهامات القضاء في مجال حماية الأحداث، وكذا رصد مجالات تدخل القاضي المكلف بالأحداث، وتوحيد العمل القضائي بين محاكم المملكة بخصوص الإشكالات المثارة، فضلا عن تقديم توصيات بخصوص مشروع قانون المسطرة الجنائية في ما يخص مؤسسة القاضي المكلف بالأحداث.
وفي كلمة بالمناسبة، وقف الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية محمد عبد النباوي عند مكانة الطفل في النموذج التنموي الجديد الذي أكد على شمولية حقوق الطفل، وعلى الترابط الجدلي بينها، وكذا على المكانة المركزية لقضايا الطفولة في السياسات التنموية، وفق الرؤية الملكية السامية.
واعتبر عبد النباوي هذه الدورة التكوينية محطة أساسية لترسيم الجهود ومأسستها في إطار التعاون والشراكة بين منظمة اليونيسف والمجلس الأعلى للسلطة القضائية، من أجل التكامل وتبادل الأفكار وتقاسم المعلومات والتجارب والممارسات حول الإشكاليات العملية والقانونية والحقوقية المرتبطة بقضاء الأحداث.
وأبرز، من جهة أخرى، جهود المملكة في تعزيز آليات صيانة حقوق الأطفال وحمايتها، من أبرزها القضاء المختص بقضايا الأحداث، الذي هو ضامن لحق ولوج الأطفال إلى عدالة تكفل احترام جميع حقوقهم وإعمالها بفعالية، واحترام الخصوصية الشخصية والأسرية وسلامة الطفل وكرامته، ومراعاة مصلحته الفضلى.
وأشاد في هذا الصدد، بالعمل الدؤوب الذي يقوم به القضاة المكلفون بقضايا الطفولة في مختلف محاكم المملكة، من أجل تفعيل كافة الضمانات وملاءمتها مع واقع متغير ومعقد يثير الكثير من الصعوبات. «مما يجعل التجربة المغربية في مجال النهوض بقضاء الأطفال، تجربة متميزة».
ومن جهته، أكد الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض رئيس رئيس النيابة العامة الحسن الداكي أن الاهتمام بوضعية الأطفال يعد، اليوم، أحد أبرز دعامات التنمية الشاملة للبلدان التي لا تستقيم إلا بالتنشئة السليمة للطفولة وتوفير الحماية من كافة الأخطار والانتهاكات التي قد تمسها من جهة وتحصينها من جهة أخرى من مسببات الانحراف والجنوح كآفة اجتماعية ذات أبعاد متعددة نفسية ومجتمعية وتشريعية أيضا.
وشدد الداكي على حرص النيابة العامة على تفعيل جميع الصلاحيات التي يمنحها لها القانون، مفيدا بأن من أولويات رئاسة النيابة العامة تتبع سير عملها لضمان حق الأطفال في الولوج إلى العدالة وتمكينهم من المساعدة القانونية والقضائية في أفق إعادة إدماجهم.
وأورد أن هذه المؤسسة سخرت لبلورة هذا الحق عددا من شراكاتها مع المجتمع المدني، لاسيما المرصد الوطني لحقوق الطفل والعصبة المغربية لحماية الطفولة ومع المنظمات الدولية المعنية بالموضوع على رأسها منظمة اليونسيف.
كما ذكر بأن رئاسة النيابة العامة تضع ضمن أولوياتها، كذلك، تعزيز قدرات قضاتها المكلفين بقضايا الطفولة وتجويد أدائهم، وحرصت منذ تأسيسها على استثمار كل المبادرات والبرامج لتطويرها وقد كان آخرها برنامج «تعزيز قدرات قضاة النيابة العامة في مجال حقوق الإنسان «، والذي شمل محورا خاصا بحقوق الطفل.
وبدورها، أشادت ممثلة منظمة اليونسيف بالمغرب جيوفانا باربيريس بتنظيم هذه الدورة التكوينية لفائدة القضاة المكلفين بقضايا الأحداث، مبرزة أهمية المقاربة «الشمولية الدامجة لعدة قطاعات» لتحقيق الحماية الجنائية للأطفال.
وقالت إن إشراك الجميع والشراكة بين مختلف الفاعلين المعنيين، سيمكنان من تنفيذ مشروع إصلاح العدالة الذي يباشره المغرب، مشيرة إلى أن حماية حقوق الطفل تشكل جانبا هاما من هذا الإصلاح.
وفي ختام هذا الحفل، تم التوقيع على مذكرة تفاهم بين المجلس الأعلى للسلطة القضائية ومنظمة اليونسيف، تهدف إلى تعزيز روابط الشراكة والتعاون بين الهيئتين، وتقديم الدعم التقني في مجال حماية حقوق الطفل.
المجلس الأعلى للسلطة القضائية يضع الحماية الجنائية للطفل في صلب دورة تكوينية
بتاريخ : 14/07/2021

